ما هو الرفض الاجتماعي؟ ببساطة إنه نقطة انطلاق لتشكيل علاقات صحيّة.
أفكار رئيسية حول تعريف الرفض من قبل الآخرين
- يدفع المراهقون تكاليفَ اجتماعيةً باهظةً مقابل التواصل الاجتماعي في العصر الرقمي.
- انظر للرفض على حقيقته: فرصة للنضج واكتساب المرونة.
- تعلم استيعاب المعنى الحقيقي لكلمة «لا».
- اعتبر الرفض هديةً حقيقية.
هل تتذكّر الألم الكبير الناجم عن تعرّضك للنبذ والرفض الاجتماعي كمراهق؟ أنا أتذكر.
لا تدع الرفض الاجتماعي يحدد هويتك
أتذكر بوضوح كما لو كان بالأمس؛ اليوم الذي أخبرني فيه «تشارلز»؛ والذي اعتقدت أنه صديقي المفضل عندما كنت طالباً في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية في واشنطن العاصمة، أن المجموعة المكونة من 5 رجال كنت أخطط معهم لإنشاء صفحة الكتاب السنوي، قالوا له: «لسنا متأكدين من أننا نريد أن يتذكرنا الناس على أننا أصدقاء توني سيلارد».
التزمت بصحبة نفسي بعد هذه المحادثة، وتوقّفت عن بذل الكثير من الجهد لأصبح صديقاً لتلك المجموعة. بدلاً عن ذلك؛ بدأت بقضاء الوقت مع بعض الطلاب من هولندا والهند وإيران؛ والذين كانوا يرتادون مدرسةً دوليةً قريبة.
ما فاجأني ذاك الوقت هو أن الطلاب الأجانب لم يكونوا مكترثين بالألقاب الشائعة التي كنت أُوصف بها في مدرستي الثانوية (مثل «مهووس» أو «كثير المذاكرة»)، وكانوا أكثر اهتماماً بهويّتي كإنسان.
أصبحت قادراً على التكيّف مع الرفض الاجتماعي واستخدامه كوقود للنضج والتعامل مع الثقافات الأخرى التي ساعدتني على تحديد ذاتي مع مرور الوقت، وجعلتني أقضي أكثر من نصف عمري خارج البلاد وأتزوج امرأةً مكسيكية.
الرفض الاجتماعي يكون سريعاً وقاسياً على الإنترنت
لننتقل الآن بضعة عقود للمستقبل - إلى العصر الرقمي: حاول تخيّل الرفض المتزايد الذي يتعرّض له صغار السن حالياً من أقرانهم الذين ظنوا أنهم أصدقائهم عبر أوساط مثل تطبيقات الدردشة والبريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي.
إذا واجهت صعوبةً في تخيّل هذا السيناريو؛ خذ بعين الاعتبار تجربة «ديفيد مولاك»؛ وهو طالب في المرحلة الثانوية في سان أنطونيو - تكساس. تلقّى ديفيد رسائلَ نصيةً عديدةً من زملائه في الصف تحتوي على إهانات له ولشكله.
أقدم ديفيد على الانتحار في 4 يناير/كانون الثاني 2016. كتب أخوه الكبير «كلِف» على موقع فيسبوك: «رأيت الألم في عينيّ ديفيد منذ 3 ليالٍ عندما انضم إلى مجموعة للدردشة وتمّت السخرية منه ثم طُرد بعد دقيقتين. حدّق إلى الأفق لمدّة ساعة.. كنت قادراً على الشعور بألمه».
تخيل أنه بعد تعرضك للإهانة وإخبارك بأنك لا شيء وأنك غير مرغوب فيك كصديق، أن تجلس في المنزل بمفردك مثل ديفيد مولاك بدلاً عن أن تنغمس في بيئة اجتماعية من المراهقين الآخرين، كما كنت أنا - بعضهم في الواقع ودود تجاهك.
قد تكون هذه المبادرات الصغيرة من اللطف الإنساني، هي كل ما يتطلبه الأمر لتوفير المحفّز الذي تحتاجه لتجاوز المشاعر السامة المرتبطة بالشعور بالنبذ، والشعور ببعض مظاهر الثقة بالنفس والقوة الداخلية. لهذا السبب وجدت دراسة أجرتها وكالة المعاهد الوطنية للصحة أن ضحايا التنمر عبر الإنترنت يصبحون في وقت لاحق مكتئبين سريرياً أكثر من أولئك الذين يتعرضون للتنمر الشخصي.
غالباً ما تحدث حالات التنمر عبر الإنترنت هذه من خلال الرسائل الفورية من شخص تعرفه الضحية، وفي نصف المرات، يكون المصدر شخصاً من مدرسة الضحية.
اقرأ أيضاً: أسباب زيادة معدّلات الوحدة وكيفية التعامل معها
ظننت أنك صديقي!
المفاجئ هو أن المتنمّرين غالباً هم إما أصدقاء سابقون أو أصدقاء عدوانيون (أي التي تحتوي الصداقة معهم على الحب والعدوانية بنفس الوقت). بما أن حوادث التنمّر محرجة بالنسبة للضحية، وهي سبب لتقوية الموقف الاجتماعي بالنسبة للمتنمر؛ لا يتم التبليغ عن 90% من حالات التنمّر التي تقع في الواقع.
الخط بين المتنمّر والضحية يمكن أن يقول أقل وضوحاً مما قد تعتقد. في عينة من طلاب الصف السادس درستها «جانا جوفونين»؛ وهي عالمة نفس في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، كان 9% من الطلاب ضحايا للتنمّر، و7% منهم متنمرين، بينما لعب 6% من الطلاب الدورين معاً.
كل الطلاب الذين تعرّضوا للتنمّر عانوا من مشاكلَ دراسية وواجهوا تحدّيات في التأقلم مع زملائهم؛ وذلك بغض النظر عن دورهم (متنمّرون أو ضحايا).
في حين أن ضحايا التنمّر كانوا الأكثر تهميشاً اجتماعياً والأكثر اضطراباً عاطفياً في العينة؛ إلا أن المجموعة التي عانت من أكبر قدر من المشاكل الدراسية والسلوكية؛ ومن ضمنها التأقلم مع الآخرين، كانت مكونةً من الأفراد الذين كانوا يتصرّفون كمتنمرين وضحاياً.
هذه هي بعض الخسائر الاجتماعية التي يعاني منها المراهقون نتيجة للتفاعلات الاجتماعية في العصر الرقمي.
يجب علينا أن ندرك أن هذا لم يكن خيار المراهقين؛ إذ أننا قبلنا دون نقاش صعود بضعة شركات للتواصل الاجتماعي والعواقب المرتبطة بذلك؛ والتي تؤثّر على تنشئة أطفالنا. يجب علينا أن نتذكر أننا عندما نوجّه أصابع الاتهام لأحد ما (وهذا يشمل فيسبوك أو إنستغرام )، فإننا نتحمّل اللوم الأكبر بأنفسنا.
التعافي من الرفض الاجتماعي
على الرغم من أن الرفض يجرح بالتأكيد، والتنمّر يمكن أن يزيد الطين بلةً؛ يجب علينا أن نتذكّر أن الرفض والتقبّل هما عنصران لا يمكن الفصل بينهما في تعلّم تشكيل ما أدعوه بـ «العلاقات العميقة والمستدامة التي يسودها الحب» في الدورة التدريبية الجديدة التي أقيمها بعنوان «التعامل مع الوحدة».
إذا كنا نرغب في الدخول في معركة تشكيل العلاقات الاجتماعية &مع العلم أن قدرتنا على العيش والازدهار في الحياة تعتمد على ذلك- فعلينا أن نتعلّم كيفية استيعاب المعنى الحقيقي لكلمة «لا»؛ وهو أن ننتقل إلى الخيار الثاني ببساطة.
عندما يمنحك «صديقٍ» ما هبة الرفض الاجتماعي، لا تقبلها. انتقل إلى البحث عن العلاقات الأخرى التي تحتاجها؛ والتي يمكن أن تكون عميقةً ومستدامةً ويسودها الحب.