العلماء يختبرون حالة النوم لبلدة كاملة

2 دقائق

هذا المقال عبارة عن مقتطفات من كتاب "ليالٍ صاخبة" لمؤلفه بنيامين رايس

يقوم فريق من خبراء علم الحياة الزمني في ألمانيا برئاسة توماس كانترمان بإجراء تجارب لتحسين أنماط النوم على مجموعة من الناس وذلك في بلدة باد كيسينجن جنوب وسط ألمانيا، بهدف تعزيز حالة النوم الأمثل والاستجمام في الحياة اليومية.

تم تزويد سكان البلدة بجهاز مزود ببرنامج متطور يتعقب عدداً كبيراً من متغيرات حالة النوم: كالعمل والتمارين والنظام الغذائي والمزاج العام والجلوس أمام الشاشات والنشاطات الاجتماعية وغير ذلك. وكان الهدف هو الحصول على رؤية واضحة عن التفاعل بين علم الحياة الزمني والبنى الاجتماعية المتنوعة، وإيجاد حلول مبتكرة قابلة للتطبيق المباشر لمشاكل اضطراب النوم الجماعي.

وستستخدم هذه المعلومات في توجيه توصيات مثل:

- بدء ونهاية الدوام المدرسي اعتماداً على قياس فترات ذروة الانتباه لدى التلاميذ حسب الفئة العمرية

- توقيت علاج المرضى في المستشفيات بالتزامن مع الأوقات المثلى للشفاء عند المرضى ودرجات اليقظة القصوى عند القائمين على رعايتهم

- التغييرات التدريجية في شدة الإضاءة لمحاكاة الانتقال من الغسق إلى الفجر

- توزيع "ساعات منبه ذكية" سيتم توقيتها لتعمل خلال مدة 30- إلى 60 دقيقة بالتناغم مع أخف مراحل النوم.

وبالإضافة إلى ذلك فإن هذا البرنامج سيقوم بتوفير تغذية راجعة عن حالة النوم لدى السكان الذين يسعون إلى تعديل أنماظ نومهم اعتماداً على كمية المعلومات التي تم جمعها من أشخاص آخرين تعرضوا لتجارب مشابهة.

وقد تم وصف هذا المشروع بأنه أول "مدينة زمنية" في العالم، وهو مشروع طموح جداً فهو يسعى إلى تدارك مساوئ الحداثة باستخدام التقنية وتخطيط المدن والخبرات العلمية.

إن أسلوب الحياة الحديثة 24 ساعة / 7 أيام يؤدي إلى دخول الضوء في أوقات غير مثالية لدخوله وهذا يتعارض مع تزامن الإيقاعية اليومية للجسم وتوقيت النوم، وهذا يؤدي إلى اختلال في هذه الإيقاعية اليومية.

ولا تقتصر فوائد هذا المشروع على الأفراد بل تتعداه إلى كل البلدة ونظامها البيئى، فتقنيات الإضاءة الجديدة ستوفر الطاقة وتحد من انبعاث الكربون، بل ستصل منافعها إلى الحياة البرية، وسوف يستقطب تطوير "حديقة النجوم" على أطراف البلدة حيث يخفت الضوء نمطاً من السياحة يدعى سياحة السماء المظلمة، وسوف تصبح التجارة أكثر كفاءة وربحية، وسوف يساهم وجود فريق البحث في خلق مشاريع تجارية جديدة تتعلق بتقنيات علم الحياة الزمني.

ينقل مدير المشروع كانترمان عن زميله مايكل فايدن أن هدفه الأوسع هو "التفاف العمل حول البشر وليس التفاف البشر حول العمل".

وما يزال هذا المشروع في بدايته ولذلك فمن السابق لأوانه معرفة النتائج التي سيصل إليها وهل ستصبح التجارة أكثر كفاءة والأطفال أكثر ذكاء والمرضى أكثر صحة والطيور أكثر تغريداً والسكان أكثر سعادة. وبالرغم من كل هذا الطموح فإن مشروع "المدينة الزمنية" يبدو محاولة لإصلاح النوم والبيئة المحيطة به أكثر من إلغاء النظام القديم.

"المدينة الزمنية" هي شكل من أشكال التذكير بالحلول التقنية للتغير المناخي التي تعالج المشاكل التي أوجدتها التقنية نفسها كاحتجاز الكربون تحت الأرض بدلاً من توجيه المجتمع نحو التخلي عن الاعتماد على الكربون أو توجيهه للتخلي عن الربط بينه وبين التقنية.

يحاول خبراء علم الحياة الزمني المساهمون في المشروع إصلاح النوم المتقطع باستخدام بعض الوسائل والأسباب التي أدت إلى اضطرابه: كساعات المنبه، وشاشات الرؤية الكاملة، وأكوام البيانات والنصائح، والمخاوف المتعلقة بالإنتاجية، والقوانين الجديدة والأسباب الجديدة للقلق.

المحتوى محمي