إن أخذك لغفوة صغيرة منتصف النهار يبدو تصرفاً متساهلاً جداً منك. فبينما يعمل الناس بجد أو يعانون مع الأعمال المنزلية الشاقة، تكون أنت غارقاً في أحلامك الوردية. وسواء كان الأمر يستغرق بضع دقائق أو دورة كاملة من نوم حركة العين السريعة (التي تدل على الاستغراق في النوم)، فهل يصح الاستغناء عن القيلولة؟
لكن القيلولة ليست سهلة دائماً تصل إليها بعدّ بعض الخراف ذات الصوف المجعد. فأحياناً، لا يمكن أن يغلبك النعاس، أو تدخل في نوم عميق، فيبدو الاستيقاظ وكأنه مقاومة لمن يشدك من ثقب أسود. ولا عجب أن ينقسم العلماء حول الفوائد الصحية لقيلولة بعد الظهر.
قد يقترح الأصدقاء وأفراد العائلة نصائح للحصول على نوم أفضل، ولكن ماذا يقول العلم عن القيلولة؟ وكيف يمكنك القيام بها بشكل أفضل؟ إليك بعض المعلومات المدعومة بالأدلة.
الآثار الصحية للنوم في منتصف النهار
في الحالة النموذجية، سوف يحصل الجميع على ثماني ساعات كاملة من النوم. سنستيقظ جميعاً كما نتصور أن أسلافنا كانوا يفعلون ذلك من قبل، بدون منبه، بالاعتماد فقط على أشعة الشمس الوردية لضوء الشمس المبكر وتغريد الطيور لتعيدنا إلى عالم اليقظة. لكن هذا نادراً ما يحدث.
في الولايات المتحدة، يعمل 15 مليون أميركي في الورديات الليلية، مما يعرضهم لخطر أكبر لجميع أنواع الأمراض، بما في ذلك السمنة ومرض السكري. وويعاني العمال في النهار من مشاكلهم الخاصة، بما في ذلك الأرق، وضعف إدارة الوقت، والنوم غير العميق. ولا يساعد الضوء الاصطناعي، لا سيما الضوء الأزرق الذي يضيء هواتفنا، على ذلك، فهو يشجعنا على البقاء بعيداً جداً عما فعله أسلافنا المحبون للشموع.
وبطبيعة الحال، فقد تم الإعلان عن التحكم بالنوم على مدار اليوم كأحد حلول مشاكل النوم. وتبيع الشركات الناشئة كبسولات خاصة في مكان العمل تسمح للموظفين بأخذ قيلولة لمدة 20 دقيقة في المكتب مع خصوصية نسبية. وقد تم البحث في جوجل عن عبارة "هل يمكنني القيام بقيلولة في العمل؟" 39 مليون مرة. والنتائج هي في الغالب نصائح حول كيفية القيام بالقيلولة، مع بعض النصائح القانونية حول ما إذا كان يمكنك طلب قيلولة في المكتب (أو على العكس، إذا كان يمكنك طرد موظف يقوم بقيلولة).
ومع ذلك ، تشير بعض الأبحاث إلى أن القيلولة يمكن أن يكون لها جانب مظلم، حيث تقترن القيلولة الطويلة في النهار بزيادة خطر الوفاة، لا سيما من أمراض الجهاز التنفسي، وفقاً لدراسة طولية أجريت في المملكة المتحدة، تبحث في عوامل مثل العمر والوزن والدخل. لكن هذه الدراسة، التي أثارت الكثير من القراء في عام 2014، أظهرت ارتباطاً، وليس علاقة سببية. وبينما لا يزال هناك الكثير من الأبحاث التي يتعين القيام بها، يرى الخبراء أنه بدلاً من القيلولة المسببة للأمراض، من المحتمل أن الأشخاص الذين تتطور لديهم حالات تنفسية يأخذون قيلولة أكثر. وقد وجدت دراسات مماثلة ارتباطات مع قضايا صحية أخرى. فعلى سبيل المثال، كان احتمال أن يأخذ اليابانيون المسنون قيلولة منتظمة أكبر إذا كانوا يدخنون أو يعانون من الأرق، من بين عوامل صحية أخرى. ولم تتسبب القيلولة في حدوث هذه المشاكل، في حد ذاتها، ولكن لم يبدُ أنها تعمل على إصلاحها.
إن مثل هذه الدراسات تعقِّد مفهوم القيلولة على أنه علاج شامل، لكن الأبحاث الأخرى أظهرت فوائد عديدة للقيلولة، وخاصة القصيرة منها. على سبيل المثال، على مدار اليوم، تتضاءل بشكل طبيعي قدرة الأشخاص على الاستجابة للمؤثرات، مثل بريد إلكتروني من زميل عمل. وأظهرت دراسة أجريت عام 2014 في مجلة "الطبيعة - العلوم العصبية" أن الأشخاص الذين أخذوا قيلولة في منتصف النهار لمدة 30 دقيقة توقف لديهم هذا الانخفاض في التركيز، بينما عكس أولئك الذين ناموا لمدة 60 دقيقة بعض التدهور في ذلك اليوم. وقد أظهرت دراسات مختلفة آثاراً إيجابية أخرى للقيلولة. وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب، يبدو أن القيلولة تساعد على صرف الانتباه عن التجارب السيئة. ويمكن أن تساعد القيلولة طياري الخطوط الجوية وطاقم الطائرة على تجاوز ورديات العمل المرهقة مع بقاء حالتهم الذهنية سليمة نسبياً. وأظهرت دراسة صغيرة على عامة السكان انخفاضاً في حساسية الألم بعد غفوة في منتصف النهار.
فقط قل لي كيف أقوم بالقيلولة!
إليك شعارك الجديد: "اجعلها قيلولة موجزة". فبينما يحلف كل شخص تعرفه على رقم سحري محدد لمدة القيلولة (7 دقائق! لا، 17 دقيقة!)، فإن مؤسسة النوم الوطنية تقول ما يلي: "إن قيلولة قصيرة- لنقل إنها 20 دقيقة، يمكن أن تساعد في تحسين المزاج، والانتباه، والأداء"، دون آثار جانبية كالترنح.
عندما تستلقي نائماً في تلك الدقائق العشرين، فقد يصعب عليك النوم، حتى لو كنت متعباً حقاً. لتساعد نفسك، حاول محاكاة ظروف الليل. قم بتخفيض الضوء باستخدام قناع أو ستائر تعتيم أو كبسولة للنوم في مكان عملك، إذا كان هناك سبب غريب يجعل مكتبك يستفيد من القيلولة أثناء العمل.
إذا كنت لا تزال غير قادر على إقناع جسمك بأنه حان وقت النوم، حاول الاستماع إلى بعض الموسيقى قبل أن تنام. وقد أظهرت إحدى الدراسات التي نشرت في طبعة عام 2017 من دورية "'طب النوم" أن الاستماع إلى الموسيقى قبل القيلولة ساعد المرضى على النوم لمزيد من الوقت المخصص للقيلولة. وكانوا أيضاً أكثر انتباهاً بعد الاستيقاظ من أولئك الذين ناموا دون الاستماع إلى الموسيقى.
هل تشعر برغبة في التجربة؟ جرب القيلولة بعد شرب القهوة. فقد أظهرت العديد من الدراسات أنك إذا شربت الكافئين قبل قيلولة قصيرة من 15 إلى 20 دقيقة، فسوف تستيقظ أكثر نشاطاً من المعتاد، لأن الكافيين يستغرق حوالي 20 دقيقة ليبدأ مفعوله. وكما جاء في موقع Vox الإخباري: القيلولة مع شرب القهوة أفضل من الاختيار بين القهوة والقيلولة. "
مهما فعلت، لا تحاول الاستعاضة عن نوم المساء بالقيلولة. فبالرغم من أن لها الكثير من الفوائد، فإن 20 دقيقة من نوم الظهيرة لا تقارن براحة ليلة طيبة.