لا شك في أن التكييف يسهل من العمل في الصيف، بل إنه أداة هامة للصحة العامة. ولكن تشغيل المكيف يزيد أيضاً من فاتورة الكهرباء، ويزيد من التلوث عن طريق استجرار المزيد من الكهرباء من محطات التوليد التي ستحرق المزيد من الوقود العضوي، كما أنه يزيد من حرارة الليالي الحارة.
إذا كنت من المهتمين بالبيئة، يمكنك أن تفكر بتركيب مصدر طاقة متجددة لمنزلك أو شراء الطاقة من المصادر المتجددة. ولكن سواء أكنت تهتم بالبيئة أو تكره فاتورة الكهرباء الكبيرة في نهاية الشهر، يمكنك أن تلجأ إلى طريقة سهلة لحل مشاكلك، وهي التقليل من استخدام التكييف.
عندما تكون خارج المنزل، حاول أن تنظم حرارة جسمك وتشرب الكثير من الماء. أما في الداخل، يوجد الكثير مما يمكن فعله لتخفيض الحرارة قبل أن تلجأ إلى تشغيل المكيف.
الحرارة والرطوبة
عندما تقرر الاستغناء عن التكييف، يجب أن تفكر بمعاملين هامين: الحرارة الكلية، والرطوبة. عند ارتفاع الحرارة، يلعب التعرق دوراً فعالاً للغاية في إعادة الجسم إلى حرارته الأساسية. وعند انتقال قطيرات العرق على البشرة من الحالة السائلة إلى الغازية، يسحب التبخر الحرارة من الجسم ويبرد الدم الذي يجري تحت البشرة، والذي يعود بدوره إلى داخل الجسم، ويخفض من حرارته الإجمالية.
غير أن رطوبة الهواء تبطئ من هذه العملية. ووفق مصطلحات علم الطقس، فإن الرطوبة هي مقدار بخار الماء الذي يمكن أن يحتويه الغلاف الجوي. وكلما ازدادت الرطوبة، قلت إمكانية تبخر العرق. وإذا تعطل نظام التبريد الطبيعي للجسم، سيصبح كل شيء أكثر حرارة. ولمزيد من الإغاظة والإزعاج، فإن الهواء الساخن أكثر قدرة على احتواء البخار من الهواء البارد، وبالتالي، فإن نسبة الرطوبة تزيد في الأشهر الحارة.
نستنتج إذاً أن أفضل وسيلة للتبريد هي دفع العرق للتبخر عن البشرة قدر الإمكان. ولهذا، يجب أن تبقي الهواء الجاف نسبياً في حالة حركة مستمرة حول الجسم، ويمكن لبنية منزلك أن تساعدك على تحقيق هذا.
استفد من بنية منزلك
إن تبريد الوسط المحيط يعتمد بشكل أساسي على التعامل مع الحمل الحراري، أي ميل الهواء الساخن للصعود إلى الأعلى. وأفضل طريقة لتبريد غرفة ما هي سحب الحرارة إلى الأعلى ثم إلى الخارج. إضافة إلى هذا، فإن نظام التهوية الجيد يمكن أن يتحكم أيضاً بالرطوبة، بحيث يطير هذا الشعور الدبق المقرف أيضاً إلى الخارج.
أولاً، ألق نظرة على بنية منزلك. إن الصيف الحار ليس بالمشكلة الجديدة بالنسبة لبناة المنازل، وقد تحوي المنازل القديمة على ميزات تصميمية يمكنك أن تستفيد منها. وعلى سبيل المثال، فإن المنازل الطولانية، التي يبلغ عرضها غرفة واحدة فقط وتستطيل نحو الخلف، يهب فيها نسيم عرضي عبر الأبواب الشبكية والنوافذ المفتوحة. يمكن للنسيم العرضي أن يسحب الهواء الحار، ويجعل جو المنزل أكثر راحة، كما يمكنك أن تحسن من هذا النسيم باستخدام المراوح الكهربائية (سنتوسع في هذه الفكرة لاحقاً). أما بالنسبة للمنازل التي تحيط بها رواقات مسقوفة ومفتوحة، فيمكن أيضاً أن تحافظ على درجة حرارة منخفضة نسبياً، حيث أن هذه البنية الخارجية تمتص ضوء الشمس المباشر، وتجنب الغرف الداخلية ارتفاع الحرارة.
في بعض الحالات، قد تكون البنى المخصصة للتبريد مسدودة. وعلى سبيل المثال، فقد بنيت القباب الصغيرة فوق المنازل القديمة لتعطي مجالاً لخروج الهواء الساخن. ولكن عندما قام البناؤون بتركيب نظام تهوية مركزية في المنازل القديمة، فمن المحتمل أنهم قاموا بتحويل هذه البنى إلى عليّات. وبالتالي، فإن فتح أية مساحات أو فوهات مسدودة في العلية قد يحسن من حركة الهواء بشكل ملحوظ.
احم نفسك من ضوء الشمس
تدخل نسبة كبيرة من الحرارة إلى المنزل عبر ضوء الشمس. يمكنك أن تتحكم بهذه الأشعة في كل غرفة باستخدام الستائر الداخلية أو الخارجية. أما إذا رغبت ببعض الإضاءة، يمكنك أن تفتح النوافذ أو الستائر التي لا تواجه الشمس مباشرة، وهو ما يسمح بدخول الضوء غير المباشر.
أيضاً، يجب أن تأخذ لون الجهة الخارجية من الستائر بعين الاعتبار. تعود رؤيتنا للون معين إلى انعكاس الطول الموجي الموافق له عن الجسم، وبما أن الحرارة تشع كضوء تحت الأحمر، فإن الألوان "الحارة" مثل الأحمر والبرتقالي والأصفر ستعكس الحرارة أكثر من غيرها.
بالطبع، لا يستمتع الجميع بالعيش مختبئين من ضوء الشمس مثل مصاصي الدماء. وإذا رغبت بالمزيد من ضوء الشمس المباشر، فكر باستخدام الزجاج الشمسي والنوافذ المعتمة بدلاً من الستائر. يمكن لهذا الزجاج المعالج أن يمتص أطوالاً موجية معينة من الإشعاع مع السماح بأطوال موجية أخرى بالدخول.
من الأساليب المفيدة الأخرى، إذا كنت من عشاق الاخضرار، استخدام النباتات المنزلية. تقوم أنواع معينة من النبات بالحصول على الماء عن طريق امتصاصه من الهواء المحيط، كالنباتات الجفافية مثل الصبار والألوة، والنباتات العصارية، أو النباتات الهوائية مثل البروميلية، أو أية نباتات لا تتطلب سقاية متكررة. إذا وضعت هذه النباتات قرب النوافذ، ستقوم بامتصاص جزء من الرطوبة مع حجب شيء من ضوء الشمس. ولكن لا تستطيع جميع النباتات أن تعيش في ظروف شديدة الحرارة، وبالتالي يمكنك أخذ نصيحة المختصين للحصول على النباتات المناسبة.
استخدم المراوح
لا تقوم المراوح بتبريد الهواء فعلياً، بل تحركه وحسب، وهو ما يساعد على التخلص من التعرق المتبخر حول الجسم، وبالتالي يجب أن توضع هذه المراوح بشكل يزيد من تدفق الهواء إلى أقصى حد ممكن. أولاً، ضع المراوح الكهربائية في النوافذ (إذا كانت مفتوحة) وحاول توجيهها نحو الأعلى قدر الإمكان. يجب أن تكون المروحة موجهة نحو الخارج لشفط الهواء الساخن من الداخل ودفعه إلى خارج الغرفة. إذا كان منزلك من طابقين، حاول أن تضع العدد الأكبر من المراوح في نوافذ الطابق العلوي، أو قم على الأقل بفتح القسم الأعلى من هذه النوافذ، بحيث تساعد الحمل الحراري على إزالة الهواء الساخن.
يمكنك أيضاً أن تستخدم المراوح السقفية، ويفضل أن تكون من النوع الذي يدور بعكس عقارب الساعة، وذلك للاستفادة من الحمل الحراري وحمل الهواء البارد إلى الأعلى.
إضافة إلى تحسين الحمل الحراري، يمكن للمراوح أن تستخدم لتوليد النسيم العرضي، وإذا كنت جالساً في وسط هذه التدفقات الهوائية، ستشعر براحة أكبر. ولتوليد النسيم العرضي، لا تفكر ببعدين فقط. يمكن أن تستخدم مروحة في الباب ومروحة في النافذة لتحريك الهواء، ولكن إذا وضعت هذه المراوح بشكل ذكي، ستقوم مروحة الباب بضخ الهواء البارد باتجاهك، وتقوم مروحة النافذة بسحب الهواء الساخن بعيداً عنك.
حاول أن تمضي بعض الوقت لتصميم "شبكة مراوح" في المنزل، وذلك لإبقاء الهواء في حالة حركة دائمة عبر الغرف، للحصول على تدفق مستمر.
إدارة الرطوبة
عندما ترتفع الرطوبة إلى حد مثير للتعاسة، يمكن استخدام عدة مزيلات رطوبة لجعل الغرفة أكثر راحة. في الواقع، فإن مزيل الرطوبة هو الجهاز الوحيد الذي يؤدي العمل، وعلى الرغم من أن جهاز التكييف قادر على إزالة الرطوبة أيضاً، فإن المبادئ العلمية تعيق عمله.
لامتصاص الماء من الهواء، يجب تخفيض حرارته إلى درجة التكثف، أي الحرارة التي ينتقل عندها الماء من الحالة الغازية إلى السائلة. يمكن للمكثفات في القسم الخلفي من المكيف أن تتبرد إلى ما تحت درجة التكثف، وهو ما يحدث بالضبط عندما ترى الماء يتقطر من المكيف. غير أن درجة التكثف ليست ثابتة، وتعتمد بشكل كبير على الرطوبة ودرجة الحرارة الخارجية. ويمكن أن نقول أن زيادة الرطوبة تعني اقتراب درجة التكثف من درجة الحرارة الخارجية، وعلى سبيل المثال، فإن درجة التكثف تساوي 21.67 درجة مئوية إذا كانت الحرارة الخارجية 26.67 درجة مئوية ونسبة الرطوبة 75%. ولكن إذا كانت نسبة الرطوبة 52%، تصبح درجة التكثف 15 درجة مئوية. وحتى لو تمكن جهاز التكييف من تخفيض الحرارة إلى هذه الدرجة، فسوف تصبح البرودة مزعجة إلى درجة الارتجاف.
إذاً، لا تعتمد على المكيف لسحب الرطوبة من الهواء، واستخدم مزيل الرطوبة لهذا الغرض، إلا إذا كان الجو شديد الحرارة، أو شديد الرطوبة، أو كان حظك في منتهى السوء بحيث تجتمع المصيبتان معاً.
أطفئ الأدوات المنزلية
عندما تلتهب حرارة الجو، من مصلحتك أن تقلل من مصادر الحرارة في منزلك. وفي المطبخ، لا تستخدم الفرن، بل حاول أن تطبخ الطعام في أدوات منفصلة، مثل القدر الكهربائية او المايكروويف، والتي لا تولد حرارة عالية. أو حاول الاقتصار على الطعام غير المطهو، مثل السلطات.
إضافة إلى الطبخ، توجد الكثير من الأدوات التي تصدر حرارة غير ضرورية. وعلى سبيل المثال، حاول أن تغسل الصحون يدوياً بدلاً من استخدام جلاية الصحون. وفي الحمام، لا تستخدم التجفيف الكهربائي وغير ذلك من الأساليب الحرارية للتجمل الشخصي، على الأقل لفترة الصيف.
اضبط توقيت استخدام التكييف
لن تؤدي كل هذه الحيل إلى تبريد المنزل بشكل مماثل لنظام تبريد منزلي أو مجموعة من المكيفات جيدة التوزيع، ولكنها ستجعل منزلك اكثر راحة، ويمكنك طبعاً أن تستخدم هذه الأنظمة مع التكييف، حيث أنها كفيلة بتخفيض حرارة المنزل بحيث يتطلب قدراً أقل من التكييف والطاقة.
عندما تقرر أخيراً تشغيل التكييف، احرص على استخدامه بفعالية. وفي البداية، سترغب في الحفاظ على البرودة، ويجب بالتالي أن تتأكد من عدم وجود تسريب في النوافذ، ويمكنك استخدام شريط مطاطي مخصص لمعالجة هذه التسريبات. وإذا كان يوجد في منزلك مرآب أو ممر داخلي مغلق، حاول أن تدخل وتخرج من المنزل من هذه الأماكن بدلاً من السماح للهواء البارد بالتسرب من الباب المطل على الخارج مباشرة.
وكما يميل الهواء الحار للصعود إلى الأعلى، يميل الهواء البارد للهبوط إلى الأسفل، ويجب أن تتحكم بهذه المسألة. وعلى سبيل المثال، يجب أن تغطي فتحات التدفئة السفلية في الغرف التي تحوي على التكييف بحيث لا يهبط الهواء البارد إلى القبو، كما يجب أن تتجنب إضاعة الطاقة على الغرف التي لا تحتاج للتحكم بحرارتها، وهذا يعني إغلاق أبواب غرفة النوم الإضافية الفارغة ومساحة التخزين أثناء تشغيل التكييف.
أما بالنسبة لأجهزة التكييف نفسها، فحاول اختيار أجهزة تتضمن نمط توفير الطاقة. تتوقف بعض هذه المكيفات آلياً عن العمل عندما يصل الهواء إلى درجة الحرارة المرغوبة، ويتمتع بعضها الأخر بموقتات يمكن معايرتها بحيث تتوقف عند حرارة أعلى، أو تنطفئ كلياً عندما يكون المنزل فارغاً من السكان.
إذا كان لديك نظام تهوية مركزي، فقم بتدعيمه بمنظم حراري ذكي مثل نيست. تقوم هذه الأجهزة الذكية بمراقبة عاداتك الحرارية مع مرور الوقت، ويمكن أن تعدل تدفق الهواء حتى توفر الطاقة.
سواء أكنت حريصاً على الكوكب، أو على الشبكة الكهربائية، أو على محفظتك، يمكنك أن تتجنب الحرارة الزائدة، بالاعتماد على قدر صغير من التكييف.