من الهام جداً أخذ الدواء بشكلٍ منتظمٍ كما تم وصفه. في الحقيقة، تشير الدراسات إلى أن مشكلة المرضى الذين لا يأخذون أدويتهم كما وُصفت لهم –تُعرف هذه المشكلة باسم عدم الالتزام أو عدم الاتباع- تكلّف نظام الرعاية الصحية الأميركي حوالي 289 مليار دولار سنوياً، و تؤدي إلى حوالي 10% من انشغالية المشافي.
يقول نايتيش شاودري، الطبيب والبروفسور في مدرسة هارفارد الطبية، والذي يعمل على هذه المسألة: "بدون مبالغة، يعتقد معظم الناس بأن هذه مشكلةٌ هامةٌ تعاني منها الصحة العامة". وأحد الأسباب الشائعة لعدم التزام المرضى بأدويتهم هي النسيان، بحسب شاودري.
خلال عقدٍ من الزمن، قدمت عدة شركاتٍ حاويات الحبوب الذكية لمحاولة التعامل مع هذه المسألة، وآخر ما أُطلق من هذه الحاويات الذكية هي بيلسي، التي تمتلك غطاءاّ ذكياً يمكن الاتصال به عبر تقنية البلوتوث. مثل سابقيها، تهدف بيلسي لمعرفة متى قمت بفتح وإغلاق حاوية الحبوب، حيث تسمح بمراقبة أخذك للدواء في مواعيده. ترتبط الحاوية بتطبيقٍ على الهاتف الذكي، حيث يرسل تذكيراً بموعد الدواء، ويمكن أن يرسل رسالةً نصيةً أو اتصالاً هاتفياً إذا لم يستجب المريض للتنبيه الأولي. يتناسب الغطاء نفسه مع الأدوية التقليدية وحاويات الفيتامينات، وهو يعطي إشارةً ضوئيةً ويصدر ضجيجاً عندما يحين موعد الدواء.
بالطبع يمكنك خداع النظام بفتح وإغلاق الغطاء بدون تناولك للدواء، لكن يقول جيف ليبرون، المدير التنفيذي والمؤسس لشركة بيلسي: "ليست تلك هي المشكلة"، فبيلسي مخصصةٌ للأشخاص الذين يريدون أخذ أدويتهم لكنهم ينسون ذلك كثيراً. يمكن للمستخدم اختيار مشاركة معلومات تناول الدواء مع شخصٍ آخر، حيث يمكن لابن المريض الكبير في السن أن يتلقى تحذيراً إذا لم يقم والده أو والدته بأخذ الدواء. وتهدف بيلسي أيضاً إلى معالجة مشكلة الجرعات الدوائية المتكررة بالخطأ، حيث يستطيع المستخدم استعمال التطبيق لمعرفة فيما إذا تناول الدواء أم لا (من خلال التحقق من فتح الغطاء)، وسيعطي الجهاز تحذيراً إذا تم فتح الحاوية مرةً أخرى.
لا تنسى أن تتذكر
لمعرفة مدى إمكانية مساعدة أجهزة التذكير للمرضى بأخذ أدويتهم بانتظام؛ قام شاودري مؤخراً بإجراء دراسةٍ على عشرات آلاف المرضى الذين يحتاجون إلى دواءٍ بانتظام ضمن حالاتٍ محددةٍ مثل ارتفاع الضغط والإحباط. ركّز الباحثون على المرضى غير الملتزمين سابقاً بأدويتهم. حددت التجربة فيما إذا ساعدت أجهزة التذكير على تحسين التزام الأشخاص بالدواء أم لا. ضمن هذه التجربة: كان يُرسل إلى بعض الأشخاص واحدٌ من ثلاثة أجهزة تذكيرٍ خفيفة التقنية: حاوية حبوبٍ تحوي حجراتٍ بحسب أيام الأسبوع، أو غطاء حاويةٍ بمؤقتٍ رقمي، أو نظاماً بمفاتيح تشير إلى أخذ الدواء أم لا.
بالنسبة لنتائج التجربة، لم يلحظ الباحثون اختلافاً إحصائياً بين المجموعات التي أُرسلت إليها أجهزة التذكير وبين التي لم يُرسل إليها. مع ذلك، لم ينكر شاودري نهائياً دور التكنلوجيا في هذا المجال، حيث قال: "أعتقد بأن التكنولوجيا ستكون حتماً جزءاً من حل هذه المشكلة، لكن ليست التكنولوجيا وحدها هي الحل الكامل والشامل".
ليست بيلسي هي المنتج الوحيد للتذكير ومتابعة الأدوية. هناك منتجٌ آخر يدعى آدهير تيك، وهو حاوية حبوبٍ ذكيةٍ لا تتطلب وجود هاتفٍ ذكي، فهو جهازٌ غير مرتبطٍ مع المستخدم المباشر. وفقاً للمؤسس والمدير التنفيذي للشركة جوش ستاين، مستخدمو آدهير تيك هم من كبار السن بمتوسط عمر 70 سنة. يعمل آدهير تيك بالتعاون مع شركات الصيدلة التي تنتج الأدوية لمعالجة الأمراض، كالسرطان والإيدز. وإذا نسي مريضٌ ما إحدى الجرعات (الأمر الذي يتحدد من خلال فتح الحاوية) ولم يأخذ الدواء حتى بعد تذكيره، فسيقوم آدهير تيك بإعلام الصيدلية التي أعطت الدواء. وهناك أنظمة حاويات تذكيرٍ أخرى، مثل Vitality GlowCap, SMRxT.
في نهاية المطاف، توجد خيارات تذكيرٍ متعددة في السوق، من أبسط إلى أعقد تكنولوجيا، لكن وبحسب شاودري، ما زالت نتائج هذه الأجهزة في المختبر. يقول شاودري: "نحن لا نزال ننتظر الدليل على جدوى مثل هذه الأجهزة". وهناك مسألةٌ أخرى ذات صلة، وهي أن الأجهزة التي يمكن للمستهلكين شراؤها مباشرةً قد تذهب إلى الأشخاصٍ الأقل حاجةً إليها. يقول شاودري: "إنها تجذب الأشخاص الأقل حاجةً إليها، فهم أكثر أناسٍ اندفاعاً واهتماماً وتعلقاً بالتكنولوجيا". لذا، قد يكون جهاز بيلسي حلاً لمن يشتريه فقط، لكنه ليس حلاً شافياً للمشكلة بشكلٍ عام. يقول شاودري: "نحن بحاجةٍ إلى إيجاد الحلول التي يمكن إيصالها للجميع، والتي يمكن نشرها على نطاق واسع". يقول ليبرون، من بيلسي، بأنهم "متحمسون لتصحيح المسألة بشكلٍ أعم"، ويشير إلى أن النسيان هو المشكلة الأساسية التي يحاولون معالجتها. وهم يرون أن بيلسي أشبه "بمدربٍ شخصيٍ" لمتابعة الدواء.
النوبة القلبية الخطرة
تقول إريكا سباتز، طبيبة القلب والبروفسور المساعد في كلية الطب بجامعة ييل، بأنه حتى في حالات النوبات القلبية الشديدة، لا يواظب كثيرٌ من المرضى على جميع أدويتهم بعد الحدث. وتقول: "هناك ما لا يقل عن 20 % من المرضى الذين لا يتناولون جميع أدويتهم القلبية كما هو محدد".
لكن تشير سباتز إلى أن المسألة تتعدى مجرد نسيان المرضى لتناول أدويتهم، وتقول: "إن سبب عدم تناول الأشخاص لأدويتهم هو أمرٌ معقدٌ حقاً". طبعاً، النسيان هو مشكلةٌ مهمة، لكنه ليس المشكلة الوحيدة. وتقول: "إذا لم نبدأ بالتحدث مع المرضى حول المسألة، فلن نعلم أبداً لماذا لم يأخذوا أدويتهم كما وُصفت لهم". يمكن أن تشمل هذه الأسباب القلق حول التكلفة، أو حتى الخوف من آثار الدواء اليومي على الجسم؛ خصوصاً عندما تكون الحالة لمرضٍ مزمنٍ مثل ضغط الدم المرتفع. تقول سباتز: "الأسباب متنوعةٌ، ومعقدةٌ".