صرنا نعلم جميعاً -بفضل إصابة البحارة بآفات جلدية- أهمية الحصول على كميات كافية من فيتامين «سي». لا يتطلب الأمر كميات كبيرة من الفيتامينات كي يحصل الجسم على كفايته؛ إذ تكفي مستويات منخفضة من بعض هذه العناصر لتفادي الإرهاق والوهن.
لم يعد نقص الفيتامينات في البلدان المتقدمة مشكلة خطيرة؛ نتيجة تنوع الأنظمة الغذائية، والأطعمة المُعدَّلة الغنية بالعناصر الضرورية، لكن هناك استثناءات. فقد وصفت دراسة حديثة نُشِرت في دورية «حوليات الطب الباطني» كيفية إصابة فتى بالعمى نتيجة نقص فيتامين «ب»، رغم أن نظامه الغذائي يحتوي بالأساس على البطاطس، والخبز الأبيض، ولحم الخنزير المُعالَج. معظمنا لا يعيش كلياً على الوجبات السريعة، وهذا يعني أن العواقب الوخيمة المترتبة عن اتباع نظام غذائي سيئ تظل غالباً بعيدة عن الأنظار. لذلك جمعنا بعض أغرب النتائج الناجمة عن قلة الفيتامينات في الجسم.
إذا شعرت بالارتياب قليلاً مع نهاية المقال من أنك تعاني نقص الفيتامينات، فتخطى قائمة المُكمّلات الغذائية، وتفقّد الدليل الشامل للحصول على العناصر الغذائية كلها من الطعام.
نقص حمض «البانتوثينيك»
تحتوي جميع الأطعمة التي نتناولها على كميات من حمض «البانتوثنيك». هذا يعني أن قلة قليلة فقط من الناس تعاني نقصاً في هذا الحمض. ومعظم ما نعرفه عن أعراض هذا النقص مصدره أسرى الحرب العالمية الثانية، هذا لإعطائك فكرة عن مدى ندرة هذه الحالة.
وأعراض هذا النقص فظيعة؛ إذ تتخدر أطرافك جميعها، وتشعر بإحساس حارق، وستكون مضطرباً سريع الغضب، وتشعر بالتعب، وسيعاني جهازك الهضمي اضطرابات مثل التشنجات، والقيء؛ حسب ما أفادته المعاهد الوطنية للصحة. تشير بعض السجلات إلى الفتور بوصفه أحد الأعراض؛ نتيجة مستويات الطاقة المنخفضة. ويلعب حمض «البانتوثنيك» الذي يعرف أيضاً باسم «فيتامين ب 5» -وفيتامينات «ب» الأخرى- دوراً هاماً في الدورة الكيميائية المسؤولة عن إنتاج الطاقة داخل الخلايا، وتؤثر نقص مستوياته سلباً على مختلف وظائف الجسم.
نقص فيتامين «ب 12»
على الرغم من أن النقص الحاد في مستويات «ب 12» أمرٌ نادر الحدوث اليوم، فإن النباتيين قد يكونون أكثر عرضة للإصابة به؛ لأن مصدره أساساً المنتجات الحيوانية، وحالات النقص الطفيفة قد تمر دون ظهور أعراض، لكن حالات النقص الخطيرة يمكن أن تؤدي إلى مشكلات عصبية سببها مشكلة إنتاج الطاقة التي ذكرناها آنفاً. ومن بين أعراضه: الاكتئاب، وفقدان الذاكرة، وتغير الحالة المزاجية، وصعوبة المشي، إضافة إلى مشكلات الجهاز الهضمي؛ مثل: الإسهال، أو الإمساك، واضطرابات المعدة.
إن النقص الحاد في مستويات فيتامين «ب 12» يقلل من عدد خلايا الدم الحمراء إلى مستوًى خطير، ويتسبب في العديد من الأعراض المذكورة أعلاه، إلى جانب حدوث النوبات، واضطرابات التبوُّل، والنزيف المعوي، ويسمى هذا النقص فقر الدم الخبيث؛ لأنه يسبب كذلك انخفاضاً كبيراً في مستويات الحديد في الدم.
نقص الثيامين
ويُعرف أيضاً باسم فيتامين «ب 1»، ونقص هذا الفيتامين ليس شائعاً في الدول المتقدمة، لكنه للأسف شائع في أماكن أخرى لدرجة أن له اسماً خاصاً به؛ إنه مرض «بيري بيري - Beriberi».
ينقسم هذا المرض إلى نوعين: رطب وجاف، ويؤثر النوع الرطب في الجهاز القلبي الوعائي، ويؤثر النوع الجاف في الجهاز العصبي، بالإضافة إلى أن هناك نوعاً أكثر حدة يصيب الأطفال.
وأعراض مرض «بيري بيري» الرطب: ضيق في التنفس، وتورم الساقين، أما بيري بيري الجاف فتشبه أعراضه أعراض نقص فيتامين «ب»؛ إذ يعاني المصاب من تنميل في الأطراف، وارتباكاً، وصعوبةً في تحريك الساقين.
ونتجنب هذا المصير في البلدان المتقدمة عن طريق تقوية الأرز بالمغذيات، وتتضمن العملية التقليدية لغربلة الحبوب إزالة غلافها الخارجي حيث يوجد الثيامين كله، ولم تكن هذه مشكلة قبل ظهور تقنية معالجة الأرز؛ إذ تناول الجميع حبوباً كاملة، لكنه انتشر بعد أن أصبحت تقنيات معالجة الأرز شائعة في أواخر القرن التاسع عشر، وحالياً تُقوي الدول الغنية الأرز بالثيامين الذي يزال مع القشرة الخارجية، ولا تتمكن الدول الأخرى من اتخاذ الإجراء ذاته.
نقص فيتامين «ب 6»
ينبغي أن يكون ملمس اللسان في الحالة العادية خشناً، لكن نقص الفيتامين «ب 6» يؤدي إلى الإصابة بالتهاب اللسان الضموري، وهي حالة يصبح فيها سطح اللسان ناعماً لامعاً، وقد يؤدي أيضاً إلى الإصابة بالتهاب الملتحمة -أو ما يعرف باسم «العين الوردية»- والطفح الجلدي في ثنايا الجلد، وقرحة الفم، والارتباك، وآلام الأعصاب، والنعاس الشديد.
يمكن أن يؤدي إدمان الكحول، ومرض السكري إلى نقص في مستوى فيتامين «ب 6»، لكن هذه الحالات تظل نادرة؛ إذ لا تؤدي وحدها إلى حدوث نقص في مستوياته. إذا عانيت نقصاً في فيتامين «ب 6» فهذا غالباً يعني أنك تعاني مشكلات صحية أخطر.