دراسات علمية: السجائر الإلكترونية تضر القلب وتسبب السكتة الدماغية

3 دقائق

ربما سمعنا عن الضجة والأخبار المثارة عن الآثار الصحية للسجائر الإلكترونية، إلا أنّ معظم الأبحاث التي أُجريت كانت تركّز على دورها في التسبب بالحالات المرضية التي ظهرت مؤخراً والمرتبطة بأمراض الرئة الحادّة المختلفة. وتواصلُ كلٌّ من إدارة الغذاء والدواء ومركز مكافحة الأمراض التحقيق في هذه الحالات، وتشير أحدث النتائج إلى أنها مرتبطةٌ بمركّب أستيتات فيتامين "E" الموجود في منتجات الفيبينج المُقلّدة المحتوية على القنّب.

بالرغم من استمرار هذه التحقيقات، يعمل الباحثون أيضاً على التحقق من الآثار غير الملحوظة والتي يمكن أن تتسبب بها منتجات السجائر الإلكترونية الأصلية والخالية من النيكوتين على الصحة، وذلك مقارنةً بأثر تدخين السجائر التقليدية.

تُوصف السجائر الإلكترونية بأنها البديل الصحّي للسجائر العادية، إلا أن الأبحاث الحديثة تُظهر أن لها آثاراً جانبية خطيرة على الصحة. فقد خرجت دراستان جديدتان؛ باستنتاجٍ مفاده أنّ السجائر الإلكترونية تضرّ بصحّة القلب ووظيفته بشكلٍ عام.

يقول فلوريان رادر، مؤلف إحدى الدراستين والمدير المشارك لعيادة مرض اعتلال عضلة القلب الضخامي وأمراض الشريان الأورطي في معهد سميشت للقلب في مركز سيدارز الطبي في لوس أنجلوس: «يعد مصنعو السجائر الإلكترونية الناس بأن منتجاتهم بديلٌ صحي للتدخين العادي، وفي الواقع يستخدمها الكثير من المدخنين للتخلّص من التدخين، لكّن بحثنا يُظهر أنها قد تتسبب بالعديد من المشاكل المحتملة عند استعمالها على المدى الطويل».

من جانبها اتفقت نعومي هامبورج، رئيسة قسم البيولوجيا الوعائية في كلية الطب في جامعة بوسطن ومؤلفة الدراسة الثانية، على أضرار السجائر الإلكترونية وقالت: «هناك دراساتٌ تُشير إلى أنّ السجائر الإلكترونية ليست آمنة الاستخدام بسبب تأثيرها السلبي المحتمل على صحة الجهاز الوعائي».

قاس فلوريان رادر مستوى تدفّق الدم لدى 30 مشاركاً من البالغين الأصحاء؛ أثناء الراحة وبعد القيام بتمرين قبضة اليد، 10 منهم من غير المدخنين، و10 ممن يدخنون السجائر العادية، و10 ممن يدخنون السجائر الإلكترونية، وأختير تمرين قبضة اليد لأنّه يعمل على رفع ضغط الدم ومعدّل ضربات القلب، وهو تمرينٌ مناسبٌ على حد وصف رادر.

ازداد ضغط الدم بعد التمرين لدى الأشخاص غير المدخنين، وهي إشارةٌ على النشاط الطبيعي نظراً لأن القلب يضخ المزيد من الدم المؤكسد للعضلات لتقوم بوظيفتها، بينما كان ازدياد ضغط الدم لدى المدخنين العاديين أقّل بشكلٍ عام. أما لدى مدخني السجائر الإلكترونية، لم يظهر لديهم أي زيادةٍ ملحوظة في ضغط الدم على حد قول رادر. واستطرد: «لم يستجب القلب للجهد المبذول بزيادة تدفّق الدم. حيث يمكن أن يؤدي ضعف تدفّق الدم إلى تشكّل ترسباتٍ في الأوعية الدموية التي تتسبب بدورها في حدوث جلطات دموية وسكتات دماغية».

 يشير رادر إلى انّ الدراسة أجرت على عدد قليل من المشاركين فقط، ولم تحدد سبب تأثير السجائر الإلكترونية هذا. ويقول: «نعتقد أنّها تؤثر على قدرة الأوعية الدموية على التمدد والتوسع. في الواقع، كانت دراستنا لإثبات أنّ للسجائر الإلكترونية تأثيراً ما، وهي تُقدم الحافز لاستمرار الجهود والأبحاث للتدقيق في آثار السجائر الإلكترونية على تدّفق الدم».

إلا أنّ معدّل تدفّق الدم هو أحد المؤشرات فقط على صحّة القلب، وهناك مؤشراتٌ أخرى يمكن دراستها. إذ تناولت الدراسة الثانية مستويات بعض الدهون، التي تُسمّى اللبيدات، في دم مدخنّي السجائر الإلكترونية. تُعدّ اللبيديات، والتي تضمّ الكوليسترول، مؤشراً مهماً لصحة الجهاز الوعائي. فقد أظهرت الأبحاث السابقة أن تدخين السجائر التقليدية يؤثرُ بشكلٍ ما على مستويات الكوليسترول في الدم، لكن لم يُدرس تأثير السجائر الإلكترونية من هذه الناحية من قبل.

شملت دراسة نعومي هامبورج نحو 500 شخص، وقارنت مستويات كوليسترول الدم لدى غير المدخنين مع كّلٍّ من مدخني السجائر الإلكترونية، ومدخني السجائر التقليديين، والأشخاص الذين يدخنون كلا النوعين على حدّ سواء. وخلصت الدراسة إلى أنّ مدخني السجائر الإلكترونية لديهم مستوياتٌ أعلى من تركيز الكوليسترول الضار الذي يُرمز له اختصاراً بـ «LDL»، والذي يمكن أن يؤدي ارتفاع مستوياته في الدم إلى زيادة خطر احتمال حدوث مشاكل صحية خطيرة مثل السكتات الدماغية. تقول هامبورج: «هناك زيادةٌ حادّة في تراكيز قيم الليبيدات والتي ترافقت مع ازدياد خطر التعرض لمشاكل صحية في القلب والجهاز الوعائي».

لم تختبر الدراسة فيما لو كان تأثير تدخين السجائر الإلكترونية أسوأ مقارنةً بتدخين السجائر العادية من هذه الناحية. تقول هامبورج: «ركّزنا في الدراسة على المقارنة بين الأشخاص غير المدخنين مع المدخنين، في الواقع أشارت الدراسات السابقة إلى أنّ الأشخاص الذين كانوا يدخنّون ثم توقفوا عن هذه العادة قد عادت مستويات المخاطر الصحية المرتبطة بأمراض القلب لديهم بعد بضعة سنوات إلى مستوياتها الطبيعية. لذلك نريد أن نعرف إلى أي درجةٍ يمكن لشيء قد نفكّر به كبديلٍ للسجائر العادية أن يكون مساوياً لعدم تدخينها».

استطردت هامبورج: «لقد تعقّدت إمكانيات الاستقصاء عن أثر تدخين السجائر الإلكترونية كثيراً. فقد أُجريت دراسةٌ على مستويات الكوليسترول بين عامي 2013 و 2018، إلا أنّ ديموغرافيا المدخنين قد تغيرت بشكل كبير منذ ذلك الحين. لقد كان المشاركون في الدراسة والذين يدخنون السجائر الإلكترونية في الواقع يستخدمونها إلى جانب تدخين السجائر العادية غالباً، أو كانوا مدخنين سابقين للسجائر العادية، وليس واضحاً لدينا فيما إذا كان أثر السجائر الإلكترونية- بالنسبة لغير المدخنين سابقاً- قد يؤثّر على الشباب بنفس الطريقة. ما تزال الأبحاث مستمرةً لاستيضاح هذا الأثر. نريد أيضاً معرفة ما يحدث مع الأشخاص الذين ينتقلون من تدخين السجائر التقليدية إلى السجائر الإلكترونية أيضاً».

كما هو الحال مع مؤشر تدفّق الدم، لا يزال من غير الواضح كيفية تأثير تدخين السجائر الإلكترونية على مستويات الكوليسترول في الدم رغم أن المواد السامة الناتجة في أبخرة السجائر الإلكترونية قد يكون لها دورٌ ما. بالإضافة إلى ذلك يقول الباحثون إن الدراسات المستقبلية يجب أن تحدّد المدة الزمنية التي قد تدوم فيها الآثار السلبية على الجهاز الوعائي، وما مدى شدتها على المدى البعيد.

يقول رادر: «لا تزال النتائج التي توصلنا إليها أولية، لكنّها على الأقل يمكن اعتبارها إشارةً تحذيرية».

المحتوى محمي