هل سبق وأن استيقظت في اليوم التالي لممارسة التمارين الرياضية وتساءلت عن الذنب العظيم الذي ارتكتبه لتستحق هذا الألم الشديد في العضلات نحن نتحدث عن ذلك الألم الذي يمكن أن ينجم عن عدة أسباب، ومعرفة الأمور التي من شأنها أن تساعدك على علاج ذلك بأفضل شكل، وإيجاد سبل للوقاية من حدوث ذلك في المستقبل.
ما هو هذا الألم؟
يقول توماس بريكنر، وهو رئيس فريق الأطباء لعدد من الألعاب الرياضية في جامعة نورث كارولينا: "هناك ألم عضلي قد ينجم عن التدريب على رفع الأثقال على سبيل المثال، والذي يمكن أن يسبب ما نسميه ألم العضلات المتأخر، وهو نوع من الألم المنتشر في العضلات. وعادةً ما يبدأ بعد يوم أو يومين من البدء بتمارين جديدة، أو بتمارين رياضية لست معتاداً عليها."
ألم العضلات المتأخر هو ذلك النوع الذي يحدث في اليوم التالي بعد البدء بالتمارين الرياضية أو الركض لأول مرة منذ عدة أشهر، أو محاولة رفع الأثقال لأول مرة. وعلى الرغم من أنه قد يسبب الشعور بعدم القدرة على الحركة إلا بالكاد، إلا أنه يمكنك مدّ ذراعيك إذا لزم الأمر حتى عندما تسوء الحالة كثيراً.
ويحدث ألم العضلات المتأخر بسبب الإصابات المجهرية المنتشرة في العضلات بحد ذاتها والالتهاب الذي ينتج عنه. (من الخرافات الشائعة أنه ينتج عن تراكم حامض اللاكتيك. حيث أن حمض اللاكتيك يسبب الشعور بالحرقة الشديدة خلال آخر حركة من التمرين أو عندما تكون العضلات على وشك التعرض للقوة، ولكن يمكن للجسم التخلص منه من الدم خلال بضع دقائق.)
ويقول بريكنر: "عادة ما يكون ألم العضلات المتأخر هو نوع من عدم الراحة في العضلات بحد ذاتها والذي يكون منتشراً إلى حد ما، ولكن الألم عادة ما يكون من النوع الخفيف ولا تخسر [العضلات] عادةً الكثير من حركتها". ويقول أيضاً بأنه لا يحدث عادةً الكثير من التورم في المنطقة. فعلى سبيل المثال، إذا قمت بإجراء بعض تمارين العضلة ذات الرأسين في اليوم السابق، فقد تصبح تلك العضلة مؤلمة، ولكنك ستبقى قادراً على مدّ المرفقين.
كيف يمكنني جعل الألم يتوقف؟
بالنسبة لألم العضلات المتأخر، فإن بعض أنواع التمارين الرياضية قد تسبب الألم أكثر من غيرها، وخاصة التمارين التي تشمل ما يسمى بالتقلصات غير المركزية - أي تلك التي تسبب استرخاء العضلات وتقلصها في نفس الوقت. وهناك طريقة جيدة لتصور ذلك من خلال تخيّل القيام بوضعية القرفصاء (سكوات)، حيث تبدأ العضلات رباعية الرؤوس في الفخذين بالتمدد كلما قمت بخفض جسمك، ولكنها تتقلص أيضاً حتى لا تنخفض بسرعة كبيرة. كما أن الركض نزولاً يمكن أن يسبب هذا أيضاً، كما يقول بريكنر.
وعادةً ما يزول هذا النوع من ألم العضلات من تلقاء نفسه في غضون يومين. ولكن عندما تشعر بشدته، فهناك خطوات يمكنك إجراؤها لتشعر بحال أفضل ريثما يزول الألم، وقد تسمح للعضلات بالشفاء بشكل أسرع أيضاً. إذ يقول بريكنر بأن شرب كمية كافية من السوائل مهم للغاية. حيث أن خلايا العضلات تحتاج إلى الماء لترميم الأنسجة التالفة بشكل صحيح من خلال تركيب البروتين. ويقول بأنه إذا كان الشخص جريئاً، ويمكنه فعل ما يسمى بالحمّام التبايني – أي التبديل بين حمام دافئ وحمام بارد - فيمكن أن يكون ذلك مفيداً أيضاً. وتؤدي الحمامات التباينية إلى فتح وإغلاق الأوعية الدموية، مما ينجم عنه "تأثير المضخة" والذي يقلل من الألم والالتهاب في المنطقة. وليس من الخطأ أيضاً تدليك العضلات المؤلمة بشكل لطيف، حيث أظهرت الأبحاث بأنه يقوم بتفعيل الجينات التي تقلل من الالتهاب وكذلك تنشيط الجينات المنتجة للميتوكوندريا.
متى يكون الأمر أكثر خطورة؟
يعتبر ألم العضلات المتأخر موجعاً، ويمكن أن يفسد عليك أنشطتك اليومية. ولكن يجب أن تبقى قادراً على القيام ببعض الأشياء، وإن كان ببطء أكبر. ولكن، إذا كنت غير قادر على مدّ ذراعك بعد بضعة أيام من ممارسة تمارين العضلة ذات الرأسين، فمن المحتمل أن يكون الوقت قد حان لمراجعة الطبيب. ويقول بريكنر بأن ذلك هو علامة على انحلال العضلات المخططة الهيكلية، والذي يعدّ إصابة شديدة للعضلات نتيجة التمرين المفرط. إذ أن الإفراط في التمارين يمكن أن يتسبب فعلاً بموت الخلايا العضلية. وعندما تموت الخلايا، فإنها تطلق السموم في مجرى الدم، والتي يمكن أن تسبب انعدام حركة العضلات المسؤولة، بالإضافة إلى الصلابة والتورم، وتحرير الميوغلوبين إلى الكلى، والذي يمكن أن يجعل البول يبدو دموياً، وهذا أمر غير جيد.
ويقول بريكر: "يذهب الكثير من الناس ويمارسون التمارين الرياضية بقوة ويعتقدون بأن ألم العضلات هو أمر طبيعي، ويحدث بشكل عادي جراء التمارين. ولكن قد لا يكون الأمر كذلك. فقد يكون ناجماً عن انحلال العضلات المخططة الهيكلية، وهو نوع غير طبيعي من ألم العضلات. وإذا كان لديك وعي حول ذلك، فهذا أمر مهم جداً". هذا الانحلال نادر الحدوث، ولكن إذا كان عانيت من صلابة شديدة في العضلات، وألم وتورم يترافق مع بول بلون أحمر أو بني، فمن الأفضل أن تراجع الطبيب أو تتوجه إلى غرفة الطوارئ.
هل يمكنني الوقاية من إصابة العضلات بالألم أصلاً؟
يمكن لأي شخص أن يقع ضحية ألم العضلات، سواء كان لاعب كرة سلة حاصلاً على لقب البطولة أو مجرد شخص يصعد على الدرج. كل ذلك يتناقص عند عدم إجهاد نفسك كثيراً، وخاصة إذا كنت لا تزال حديث العهد فيما يتعلق بالتمارين الرياضية.
ويقول بريكنر: "أرى هذه الحالة عند الرياضيين في كثير من الأحيان"، وكثيراً ما يكونون بأجساد رائعة ومن رياضيي الدرجة الأولى، ولكن ربما عادوا للتو من عطلة الشتاء أو الصيف وقاموا بالكثير من تمارين الرفع على القضبان المعلقة، بشكل أكثر مما قاموا به خلال أسابيع أو أشهر. ويقول بأنه على الرغم من أن أجسادهم رائعة، إلا أنهم قاموا بالإفراط في ذلك، والنتيجة هي ألم العضلات.
إذاً كيف لك أن تعرف كيف تتجنب الإفراط وبالتالي قضاء الأيام القليلة المقبلة وأنت تشعر بأنك متصلب كاللوح الخشبي؟ في المرات القادمة عندما تريد إجراء تمارين رياضية جديدة، يجب أن تشعر بأنه يمكنك أن تقوم بالتمرين بشكل أصعب قليلاً إذا أردت ذلك. ويوصي بريكنر من أجل حمل الأثقال باختيار الوزن الذي لا يسبب لك التعب. فالوزن الذي تحمله يجب أن يجعلك تعتقد بأنه يمكنك أن ترفع أكثر من ذلك خلال المرات الأولى. أما بالنسبة للعدائين المبتدئين، فيقول بريكنر بأنه إذا لم تكن تركض من قبل، فابدأ بذلك يوماً بعد يوم، وربما عليك محاولة شيء مثل الركض لمسافة كيلو متر ونصف ثم المشي لمسافة كيلو متر ونصف لزيادة المسافة بشكل تدريجي.
ويقول: "تحدث كل هذه الأمور تقريباً لأن الشخص يدخل في البرنامج بسرعة كبيرة دون تدريب الجسم عليه".
بالإضافة إلى عدم إجهاد نفسك في المرحلة الأولى، قد يفيدك شرب كمية كافية مناسبة من السوائل وتناول التغذية الملائمة للتمارين التي تقوم بممارستها (الكربوهيدرات للتمارين الرياضية الهوائية مثل الجري، أو البروتين لرفع الأثقال). كما أن الإحماء والتبريد ضروريان لحماية نفسك من الإصابة، كما يقول بريكنر.
ويقول: "يمكن أن يحدث ألم العضلات عند أفضل الرياضيين المدربين، ويمكن أن يحدث عند الرياضيين الأقل تدريباً. وأعتقد بأنه يمكن أن يحدث لأي شخص، ولكن الوقاية - بغض النظر عن خلفية الشخص – تكون بأن تبدأ بالقليل بأي نشاط لست معتاداً عليه."