النظام الغذائي المناسب لمرضى السكري في رمضان

4 دقائق

لا يخلو صيام مرضى السكري من المخاطر الصحية، لذلك يُجمع الأطباء والفقهاء على أن مرض السكري عذر شرعي للإفطار في رمضان، خصوصاً عندما يأتي في أشهر الصيف الحارة وساعات الصيام الطويلة. إلا أن قرار الصيام يعود إلى المريض نفسه، وكثير من السكريين يصرّون على صيام رمضان، وفي هذه الحالة لا بدّ للمريض من استشارة الطبيب لتحديد مدى سلامة الصيام بالنسبة له، وتوعيته بكيفية تدبير مرضه وإدارته لتجنب الاختلاطات التي يمكن أن تحدث خلال فترة الانقطاع عن الطعام والشراب.

ما هو مرض السكري؟

يعدّ السكري مرضاً مزمناً ويترافق مع ارتفاع نسبة الغلوكوز (السكر) في الدم، وله نمطان:

  1. سكري النمط الأول: يحدث عندما لا تتمكن غدة البنكرياس من إنتاج الكمية المطلوبة من هرمون الإنسولين اللازم لتفكيك الغلوكوز وضبط مستواه في الدم، أو لا تتمكن من إنتاجه على الإطلاق. ويوجد لدى 10% تقريباً من مرضى السكري، وعلى المصابين به أن يتلقّوا جرعات من الإنسولين يومياً طوال حياتهم.
  2. سكري النمط الثاني: ويحدث بسبب قصور إنتاج الإنسولين أو مقاومة الإنسولين؛ أي عدم قدرة خلايا الجسم على الاستخدام الفعّال للإنسولين الذي تنتجه غدة البنكرياس، فيتراكم الغلوكوز وترتفع نسبته في الدم وهذا ما يدفع البنكرياس إلى إنتاج المزيد من الإنسولين ما يؤدي في النهاية إلى إجهاد البنكرياس وتوقفه عن إفراز الإنسولين. وهذا النوع يوجد لدى 90% تقريباً من مرضى السكري.

وهناك أيضاً ما يعرف بالسكري الحملي، وهو ارتفاع سكر الدم لدى نساء حوامل لم يسبق أن شُخّص لديهن مرض السكري من قبل، ينجم عن ضعف استجابة الخلايا للإنسولين بسبب عوامل تتعلق بالحمل. وهو سكري وقتي يشفى عند الولادة.

اقرأ أيضاً: لكِ ولطفك: نصائح للمرأة الحامل في رمضان

ماذا يحدث لمريض السكري أثناء الصيام؟

بعد مرور 8 ساعات على تناول آخر وجبة طعام، يبدأ الجسم باستخدام الطاقة المختزنة للحفاظ على مستوى السكر الطبيعي في الدم، وهو أمر عادي عند الأشخاص السليمين. أما الأشخاص الذي يعانون من مرض السكري، فيعرضهم لمخاطر عدة تتمثل في انخفاض سكر الدم وخاصة إذا أهمل المريض وجبة السحور مع تناوله الدواء الخافض للسكر. أو حدوث التجفاف والخثرات بسبب نقص السوائل، أو ارتفاع مفرط في مستوى سكر الدم وحدوث الحماض الخلوني (الكيتوني) بعد تناول طعام إفطار غني بالسكريات المركزة، خصوصاً عندما يهمل المريض أخذ الإنسولين اعتقاداً منه أن لا حاجة له به ما دام ممتنعاً عن الأكل والشرب. كل ذلك يمكن أن يؤدي إلى مشاكل خطيرة لدى هؤلاء المرضى كالإغماء أو الغيبوبة بل وحتى الوفاة أحياناً.

اقرأ أيضاً: 50 عاماً من التجارب على الخلايا الجذعية تقود لأول حالة شفاء من السكري

ما هي الاحتياطات الصحية التي يجب على مرضى السكري اتباعها في رمضان؟

إن كان مريض السكري راغباً في صيام شهر رمضان، يجب أن يتبع الاحتياطات التالية:

  • استشارة الطبيب قبل الشروع بالصيام.
  • إجراء فحص ذاتي لمستوى سكر الدم بانتظام وبوتيرة أكبر من ذي قبل، وكذلك عند الشعور بأي اضطراب مفاجئ أو توعك خلال الصيام (ارتفاع حرارة، إقياء وغيرها).
  • تناول وجبات طعام متوازنة ومتنوعة تحتوي على كمية أكبر من الكربوهيدرات النشوية والأطعمة بطيئة الامتصاص.
  • التقليل من الأطعمة السكرية والدهنية.
  • عند الشعور بأعراض الجفاف (ضعف، خمول، قلة إدرار البول، ميل إلى النوم) يجب تناول الماء في الحال.
  • تناول الحساء والكثير من المشروبات الخالية من السكر أو الكافيين عند الإفطار لتجنب الجفاف.
  • عند الشعور بأعراض انخفاض سكر الدم (تعرق شديد، رعشة، ارتباك وتعثر في الكلام، تسارع في دقات القلب، دوخة، تشوش في الرؤية) فلا بدّ من إنهاء الصيام فوراً وأكل أو شرب ما يساعد على رفع مستوى سكر الدم.
  • لدى الشعور بأعراض ارتفاع سكر الدم (صداع، عطش شديد، جفاف في الحلق، قيء، كثرة تبول) ينبغي أخذ دواء السكري والتوجه إلى المستشفى على الفور.

اقرأ أيضاً: دليلك الأمثل حتى لا تشعر بالجوع في رمضان

نظام غذائي لمرضى السكري في رمضان

يجب على مريض السكري اتباع نظام غذائي مناسب في وجبة السحور ووجبة الإفطار، وفيما بينهما.

الأمور التي يجب على مرضى السكري مراعاتها خلال وجبة السحور

إن ساعات الصيام الطويلة تزيد من مخاطر انخفاض مستوى السكر في الدم، لذلك ينبغي تناول وجبة السحور قبل الفجر تماماً، وليس عند منتصف الليل، لتقليل مدة الصيام ومساعدة الجسم في الحفاظ على توازن مستويات السكر خلال الصيام. كما ينبغي تناول الكربوهيدرات النشوية التي تحرّر الطاقة ببطء، مثل الحبوب وأرز بسمتي والبقوليات والخضروات والفواكه. ولا بدّ من تجنّب الإفراط في تناول الطعام، والحرص على شرب الكثير من الماء.

الأمور التي يجب على مرضى السكري مراعاتها خلال وجبة الإفطار

ينبغي على مريض السكري تناول الأطعمة الصحية في كافة الأوقات، ولكن الأمر يصبح ضرورة ماسة في شهر رمضان. إذ أن الإفراط في الطعام، بالإضافة إلى تناول الأطعمة غير الصحية (مثل الأطعمة المقلية والأطعمة الغنية بالسكريات والدهون) بكميات كبيرة يؤدي إلى زيادة الوزن وإلى اضطراب مستوى السكر في الدم. فينبغي تناول الطعام باعتدال وشرب الكثير من السوائل الخالية من السكر وخصوصاً الماء.

اقرأ أيضاً: إليك النظام الغذائي الذي سيقيك من العطش في رمضان

الأمور التي يجب على مرضى السكري مراعاتها خلال صلاة التراويح

يمكن لصلاة التراويح أن تعتبر جزءاً من النشاط الفيزيائي لمريض السكري، كما يمكن أن تكون نشاطاً مجهداً له، وقد تؤدي إلى حدوث التجفاف أو انخفاض مستوى السكر في الدم. ولتجنب هذه المشكلات خلال صلاة التراويح، لا بدّ من تناول الأطعمة النشوية خلال وجبة الإفطار لأنها بطيئة الهضم، وشرب الكثير من الماء بعد الإفطار، واصطحاب زجاجة من الماء ودواء السكري إلى المسجد. ولا يُنصح بالرياضة المجهدة لمن يتناول الإنسولين أو خافضات السكر الفموية، ومن الأفضل للمرضى متابعة تمارينهم المعتادة خارج ساعات الصوم.

اقرأ أيضاً: الرياضة في رمضان: كيف يحافظ الصائمون على لياقتهم؟

ضرورة التثقيف الصحي

ختاماً، يُنصح بأن تُجرى للمشرفين الصحيين والموجهين الدينيين والمرضى ندوات تثقيفية عن الصوم لزيادة الوعي وتجنب حدوث المخاطر أو تخفيفها وذلك بزيادة فهم فريضة الصيام دينياً وصحياً عند مريض السكري من أجل صيام آمن، ولمعرفة المرضى الذين لا يستطيعون الصوم أو يصومون بصعوبة.

المحتوى محمي