، ونستعرض حيلاً مفيدةً في المطبخ، وسنستكشف أكثر الأفكار الخاطئة المتعلّقة بالطعام شيوعاً.
تتعرّض ملصقات المنتجات الغذائية التي تراها في المتاجر لتغيير جذري. بحلول شهر يناير/ كانون الثاني 2022، سيصبح إلزامياً التصريح للمستهلكين إذا كانت المنتجات معدّلةً وراثياً، أو إذا كانت تحتوي على مكوّنات معدّلة وراثياً، وذلك بفضل تفويض من الكونغرس. قد ترى هذه الملصقات في مجموعات مختارة من الأطعمة والمنتجات بدءاً من هذا العام.
قد يجعل نظام الملصقات الجديد الناس يتساءلون - كما فعلوا كثيراً في الماضي: هل الأطعمة المعدلة وراثياً آمنة؟ إليكم بما يُجمع عليه المجتمع العلمي حالياً حول هذا الموضوع.
الأطعمة المعدّلة وراثياً آمنة
أخبار سارّة: يوافق معظم خبراء أمن الطعام أن استهلاك الكائنات المعدّلة وراثياً -من النباتات إلى الحيوانات- هو أمر آمن بالنسبة للبشر.
وجدت الأكاديمية الوطنية للعلوم والهندسة والطب في مراجعة أُجريت عام 2016 لأكثر من 1000 دراسة أن المحاصيل المعدلة وراثياً لا تشكّل خطراً على صحة البشر.
في بيان صحفي، أعلنت الأكاديمية أنها «لم تعثر على أدلة دامغة تبين وجود اختلاف في المخاطر على صحة الإنسان بين المحاصيل المعدّلة وراثياً الحالية المتوفرة تجارياً والمحاصيل التقليدية».
توصلت كل من منظمة الصحة العالمية والجمعية الأميركية لتقدّم العلوم والمفوضية الأوروبية إلى نفس النتيجة. تعمل إدارة الغذاء والدواء الأميركية بشكل وثيق مع وكالة حماية البيئة ووزارة الزراعة الأميركية لتقييم أمان المحاصيل والمكونات المعدلة وراثياً الجديدة.
كما دخلت منظمة الصحة العالمية في شراكة مع منظمة الأغذية والزراعة لصياغة مجموعة من المعايير الغذائية وأفضل الممارسات التي تمثّل مبادئ توجيهيةً لتقييم أية مخاطرَ محتملة للمحاصيل أو الكائنات الحية الجديدة المعدلة وراثياً.
وفقاً لـ «ريتشارد غودمان»؛ أستاذ الأبحاث في جامعة نبراسكا-لينكولن، إن القضايا الرئيسية التي يقلق المستهلكون بشأنها هي نفسها التي كان الخبراء يحققون فيها خلال العقدين الماضيين. تشمل هذه القضايا «المشاكل الطبيعية المتعلّقة بالغذاء التي من شأنها أن تؤثر على سلامة الإنسان، وسلامة الحيوان، والحساسية، والسميّة».
قبل أن يدخل كائن حي له سمة معدلة وراثياً إلى السوق، يقوم الباحثون باختباره بشكل معمّق على مدى بضع سنوات. يتحقق العلماء من أن الحمض النووي المستخدم (أو الـ دي إن إيه اختصاراً، وسنشرح عنه أكثر أدناه) يعمل بشكلٍ صحيح ومستقر؛ مما يعني أنه لا ينتقل داخل صبغيّات الكائن الحي. بعد ذلك؛ يقومون بتقييم البروتينات التي ينتجها الكائن الحي والتحقق ما إذا كانت تتوافق مع مورثات مصدرها أو تُطابق تركيب مسببات الحساسية أو السموم المعروفة.
بالنسبة لبعض المنتجات؛ يُجري العلماء أيضاً ما يُعرف باسم «اختبار السمية على الجرذان»؛ والذي يتم إطعام عدد من الجرذان ضمنه، جرعةً عاليةً من البروتين المُركّب نتيجة التعديل الوراثي خلال فترة زمنية محددة لمعرفة ما إذا كان هناك أية آثار على صحتها. بالإضافة إلى ذلك؛ يقوم الباحثون أيضاً بإجراء دراسات غذائية لتقييم مستويات البروتين والكربوهيدرات والدهون للمنتج المعدل وراثياً، ويتم ذلك غالباً بالمقارنة مع منتج مماثل يتم إنتاجه بالطرق التقليدية.
ما هي آلية عمل التعديل الوراثي (الهندسة الحيوية)؟
عرّفت إدارة الغذاء والدواء الأميركية رسمياً الكائن المعدل وراثياً على أنه نبات أو حيوان أو ميكروب عُدّلت مادته الوراثية أو حمضه النووي بشكلٍ دقيق باستخدام التكنولوجيا لمنحه سمة جديدة. يتضمن هذا أيضاً نقل قسم من الحمض النووي من كائن حي إلى آخر. إحدى الأمثلة على ذلك هو عندما رُبطت مورّثة من بكتيريا «العصوية التورنجيّة» بالحمض النووي لنبات الذرة لخلق نوع مقاوم للحشرات من هذا النبات.
سنشرح الآن الطريقة التي تُعدّل فيها الكائنات الحية وراثياً. في الآلية التقليدية، يتم إدخال قطعة من الحمض النووي في الخلايا، أحياناً باستخدام «مسدس وراثي»، وأحياناً عن طريق نوع متخصص من البكتيريا يسمى «أغروباكتيريوم تومافاسينس». الآن يقوم الباحثون باختبار استخدام نظام «كريسبر/كاس9»؛ وهو نظام يستخدم الحمض النووي الريبوزي (آر إن إيه اختصاراً) لاستهداف وقطع أجزاء معينة من جينوم الكائن الحي. يُغرس الحمض النووي المضاف في هذه العملية في صبغيّات نوع الطعام الذي يتم تعديله. يمتلك هذا الحمض النووي المُدخل أدوات يمكن للكائن الحي استخدامها لتحويل الشيفرة الوراثية البسيطة (والتي هي في جوهرها مجرّد دليل إرشادي) إلى آر إن إيه، وأخيراً إلى بروتين.
يتحقق الباحثون من أن البروتين لا يشبه إلى حدٍ كبير عدداً من البروتينات السامة الموجودة في الطبيعة مثل سموم الحيوانات والحشرات، أو الريسين؛ والذي يوجد في حبوب الخروع غير المعالجة. كما أن العلماء يتحققون من أن البروتينات الجديدة لا تحتوي على أية مادة قد تؤدي إلى رد فعل تحسسي غير مرغوب فيه.
يراقب العلماء بعد ذلك الخلايا المعدلة عن كثب ليروا كيف تنمو. في النهاية، يتم اختيار نباتات معدّلة لاختبارها في المزارع. يقدّر غودمان أن هناك أكثر من 100 تعديل وراثي مختلف تمت الموافقة عليه من قبل الهيئات التنظيمية في الولايات المتحدة في محاصيل مثل الأرز والذرة وفول الصويا والشوندر السكري والكانولا وغيرها.
مع ذلك، فهناك نباتات معدّلة وراثياً مستثناة من لائحة وزارة الزراعة الأميركية؛ ومنها النباتات التي خضعت لتعديلات تمّت على مستويات منخفضة للغاية بحيث لا يمكن اكتشافها، أو لتعديلات تتضمّن إزالة مورّثة تعتبر جزءاً من جينوم النبات الأصلي أو تعديلها بشكلٍ طفيف. يحتاج جميع مطوري المحاصيل إلى تقديم طلب للحصول على استثناء من وزارة الزراعة الأميركية في تلك الحالات.
وفقاً لغودمان؛ التعديل الوراثي للنباتات يختلف نوعاً ما عن التعديل الوراثي للحيوانات. على سبيل المثال؛ يحتوي السلمون الأطلسي المعدّل وراثياً على عامل نمو من نوع آخر من السلمون. يقول غودمان: «استغرق الحصول على الموافقة لاستخدام هذا النوع من السلمون كغذاء أكثر من 22 عاماً، ونظر الخبراء إلى أمور مثل ما هي مصادر البروتينات الموجودة في أقسام مختلفة من السلمون».
أنواع مختلفة من التعديل الوراثي
يقارن غودمان بعض المنتجات المعدلة وراثياً؛ مثل البابايا المقاومة للفيروسات التي تم تطويرها في هاواي في التسعينيات، باستخدام شركات الطب الحيوي للتعديل الوراثي بهدف تعزيز المناعة أو تصحيح الطفرات المرتبطة بالأمراض لدى البشر. يقول غودمان: «لقد نجح ذلك، وهو دقيق وفعال جداً»، ويضيف: «هناك آليات يحاول العديدون تطبيقها على النباتات لها آثار تشبه آثار التعديل الوراثي».
يحاجج العديد من الخبراء أنه على الرغم من أن تقنيات التعديل الوراثي الحديثة استخدمت لأول مرة في السبعينيات؛ إلا أنها لا تختلف حقاً عن الطريقة التي كان البشر يهجّنون فيها النباتات والحيوانات بشكل تقليدي. في الواقع؛ يمكن اعتبار الطرق الحديثة نسخاً مسرّعةً وأكثر دقةً من التهجين التقليدي.
يقول غودمان: «كل شيء معدّل وراثياً»، ويضيف أيضاً أن الحمض النووي الدخيل على أجسامنا لا يدعو للقلق. على سبيل المثال: عندما تصاب بالفيروسات أو تموت الكائنات البكتيرية في أمعائك وتتحلل، يمكن للحمض النووي خاصتها أن يصبح حرّاً، «وسيتعامل جهازك المناعي مع ذلك» - كما يقول غودمان.
يمكن لبعض التعديلات الوراثية أن تزيد مدة صلاحية الطعام أو تجعل مذاقه أفضل؛ لكن البعض الآخر يمكن أن يخلق فوائد غذائية. مثال على ذلك هو الأرز الذهبي؛ والذي تم خلقه عن طريق إدخال مورثتين نباتيتين مختلفتين منحتا الأرز القدرة على إنتاج الـ «بيتا كاروتين» - وهو مركّب سلف لفيتامين «أ».
يقول غودمان: «الأشخاص الذين يأكلون الأرز في الغالب -خاصةً في البلدان الفقيرة أو التي لا يأكل سكانها الكثير من الخضار- يمكن أن يعانون من نقص فيتامين أ؛ مما يتسبب بمشاكل مناعية [و] مشاكل في الرؤية»، ويضيف: «إذا تناول الأشخاص الذين يعانون من نقص فيتامين أ هذا الفيتامين كمكمّل غذائي، فقد يتسبب ذلك في حدوث تسمم ما لم يتم ضبط الكمية المتناولة. إذا تناولت كمية كبيرة من البيتا كاروتين، فإنه يتراكم في في البول». بمعنىً آخر؛ يُعتبر الأرز الذهبي حلاً أفضل من مكمّلات فيتامين أ.
الأهم من ذلك -حسب قول غودمان- هو أن بعض الكائنات المعدلة وراثياً قللت من كمية المبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب التي تُستخدم على النباتات، ويضيف قائلاً: «ينتهي المطاف ببعض هذه المبيدات الكيميائية في المياه الجوفية وما إلى ذلك، إذاً أليست الكائنات المعدّلة شيئاً جيّداً؟».
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً