حقائق غريبة حول تأثير الطعام الحار في صحتك

دراسة مفاجئة: تناول الأطعمة الحارة ربما لا يضرك على المدى البعيد

يتمتع كل شخص بقدرة مختلفة على تحمل الأطعمة الحارة أو الغنية بالتوابل، فالبعض يحب الحرارة الناتجة من تناول هذه الأطعمة بينما لا يستطيع البعض الآخر تحملها. لكن ما تزال الآراء العلمية حول تأثير الطعام الحار إيجابياً أو سلبياً في الصحة متباينة إلى حد كبير.

في شهر سبتمبر/أيلول عام 2023، توفي صبي يبلغ من العمر 14 عاماً بعد تناول الفلفل الحار ضمن تجربة تحدي الرقاقة الواحدة أو ما يسمى "ون تشيب تشالينج" (one chip challenge)، الذي انتشر على نطاق واسع عبر تطبيق تيك توك. يعتمد هذا التحدي على استخدام المنتج الذي يحمل اسم "ذي باكي ون تشيب" (The Paqui One Chip) والذي يحتوي فلفل كارولينا ريبر (Carolina Reaper) وفلفل ناغا فايبر (Naga Viper)؛ وهما من أشد أنواع الفلفل حرارة في العالم.

في الوقت الذي يحقق فيه مسؤولو الصحة في حادثة وفاة الصبي، سُحب بعض الرقائق الحارة التي تُستخدم في هذه التحديات من المتاجر.

بوصفي عالم أوبئة، أهتم بدراسة كيفية تأثير الطعام الحار في صحة الناس واحتمال تفاقم الأعراض المرتبطة بالأمراض المزمنة؛ مثل مرض التهاب الأمعاء. أنا مهتم أيضاً بدراسة كيفية تأثير النظام الغذائي؛ ويشمل ذلك تناول الأطعمة الحارة، في زيادة عمر الشخص أو نقصانه.

اقرأ أيضاً: ما النظام الغذائي الأمثل لمرضى التهاب المعدة؟

جاذبية الطعام الحار

يمكن أن تشير الأطعمة الحارة إلى الطعام الذي يحتوي الكثير من التوابل؛ مثل الكاري الآسيوي أو أطباق التكس مكس (Tex-Mex) أو الأطباق التي تحتوي فلفل البابريكا المجري. يمكن أن تشير أيضاً إلى الأطعمة ذات الحرارة الشديدة الناتجة من مركب الكابسيسين (capsaicin)، وهو مركب كيميائي موجود بدرجات متفاوتة في الفلفل الحار.

مع زيادة محتوى الكابسيسين في الفلفل، يزداد أيضاً تصنيفه على مقياس سكوفيل (Scoville) الذي يقيس شدة الطعم الحار.

يعطي الكابسيسين مذاقاً حاراً لأنه ينشط مسارات بيولوجية معينة لدى الثدييات؛ وهي المسارات نفسها التي تنشطها درجات الحرارة المرتفعة. يمكن أن يؤدي الألم الناجم عن تناول الطعام الحار إلى تحفيز الجسم على إفراز هرمونات الإندورفين والدوبامين. يمكن أن تؤدي هذه الإفرازات إلى الشعور بالارتياح أو حتى الشعور بالنشوة.

في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأماكن أخرى من العالم، ازداد عدد الأشخاص الذين يتناولون الأطعمة الحارة مثل أصناف الفلفل الشديدة الحرارة، أكثر من أي وقت مضى.

لا تُعد مسابقات تناول الفلفل الحار وتحديات الأطعمة الحارة المماثلة ظاهرة جديدة، على الرغم من أن تحديات الأطعمة الحارة أصبحت أكثر حدة، من حيث درجة حرارة التوابل المستخدمة في هذه التحديات وزيادة انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي.

التأثيرات الصحية القصيرة المدى

تتراوح التأثيرات القصيرة المدى لتناول الأطعمة الحارة من الشعور الممتع بالحرارة إلى الإحساس المزعج بالحرقة عبر الشفتين واللسان والفم. يمكن أن تسبب هذه الأطعمة أيضاً مشكلات مختلفة في الجهاز الهضمي كما تسبب الصداع والإقياء.

إذا كانت الأطعمة الحارة تسبب أعراضاً مزعجة عند تناولها؛ مثل الصداع النصفي وآلام البطن والإسهال، فمن الأفضل تجنب تناول تلك الأطعمة. على سبيل المثال؛ ربما تسبب الأطعمة الحارة هذه الأعراض لدى الأشخاص الذين يعانون أمراض التهاب الأمعاء.

بغض النظر عن تحديات الأطعمة الحارة، فإن تناول هذه الأطعمة يُعد جزءاً من نمط الحياة الطويل الأمد لكثير من الأشخاص في أنحاء العالم كافة؛ ويعود ذلك إلى تأثير العوامل الجغرافية والثقافية التي تحدد تفضيلاتهم الغذائية.

على سبيل المثال؛ ينمو الفلفل الحار في المناطق ذات المناخ الحار ما يفسر سبب استخدام العديد من الثقافات في تلك المناطق هذه الأطعمة الحارة في الطبخ. يشير بعض الأبحاث إلى أن الأطعمة الحارة تساعد في السيطرة على الأمراض التي تنتقل عن طريق الغذاء؛ ما يفسر أيضاً سبب تفضيل ثقافات معينة للأطعمة الحارة.

اقرأ أيضاً: احرص على تناول هذه الأطعمة مع بعضها تحقيقاً لأفضل فائدة غذائية

عدم توافق الآراء

درس علماء الأوبئة الغذائية المخاطر والفوائد المحتملة لتناول الأطعمة الحارة على المدى الطويل لسنوات عديدة. توصل هؤلاء العلماء إلى بعض النتائج المتعلقة بتناول الأطعمة الحارة وتأثيرها في الصحة؛ مثل الإصابة بالسمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان ومرض ألزهايمر وحرقة المعدة والقرحة والصحة النفسية والحساسية تجاه الألم والوفاة نتيجة أي سبب، التي تسمى أيضاً "الوفيات الناجمة عن الأسباب جميعها".

تشير هذه الدراسات إلى نتائج متباينة؛ إذ يرتبط بعض النتائج مثل حرقة المعدة بصورة أكبر بتناول الأطعمة الحارة. نظراً إلى تطور العلم واستمرار الأبحاث والاكتشافات؛ فإن بعض الخبراء أكثر يقيناً بشأن بعض هذه التأثيرات الصحية مقارنة بالتأثيرات الأخرى.

على سبيل المثال؛ يؤكد بعض الخبراء أن الأطعمة الحارة لا تسبب قرحة المعدة، بينما لا تبدو العلاقة بين تناول هذه الأطعمة والإصابة بسرطان المعدة واضحة تماماً.

عند مراعاة أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان وأسباب الوفاة الأخرى جميعها لدى عينة من الأفراد الذين خضعوا إلى الدراسة، هل يزيد تناول الأطعمة الحارة خطر الوفاة المبكرة أم يقلله؟

في الوقت الحالي، تشير الدلائل المستمدة من الدراسات السكانية الكبيرة إلى أن الأطعمة الحارة لا تزيد خطر الوفاة الناجمة عن الأسباب جميعها بين السكان بل ربما تقلل مخاطر تلك الوفيات.

على الرغم من ذلك، عند النظر في نتائج هذه الدراسات، يجب الانتباه إلى أن ما يأكله الناس هو جزء من مجموعة أكبر من العوامل المتعلقة بنمط الحياة مثل النشاط البدني ووزن الجسم النسبي واستهلاك التبغ والكحول؛ إذ يمكن أن تؤثر هذه العوامل في الصحة بصورة كبيرة أيضاً.

اقرأ أيضاً: الأعشاب والتوابل قد تحتوي على الرصاص والزرنيخ والمعادن الثقيلة الأخرى

من الصعب على الباحثين قياس العوامل المرتبطة بنمط الحياة والنظام الغذائي بدقة في الدراسة السكانية؛ ويعود ذلك جزئياً إلى صعوبة تذكر الناس للتفاصيل الدقيقة حول سلوكياتهم وعاداتهم الغذائية. يتطلب هذا الأمر كثير من الدراسات التي تُجرى على مدار سنوات عديدة للوصول إلى نتائج مؤكدة حول كيفية تأثير العامل الغذائي في جانب معين من الصحة.

ما يزال العلماء يجهلون سبب شعور كثير من الناس بالمتعة عند تناول الأطعمة الحارة بينما يفضل الآخرون عدم تناولها، على الرغم من وجود كثير من التكهنات المتعلقة بالعوامل التطورية والثقافية والجغرافية، بالإضافة إلى العوامل الطبية والبيولوجية والنفسية.

لكنّ الأمر الوحيد الذي يعرفه الخبراء، هو أن البشر هم الكائنات الحية الوحيدة التي تتناول الأطعمة الحارة، التي تسبب لهم الألم، لمجرد شعورهم بالمتعة عند تناولها.ذا كونفرزيشن

المحتوى محمي