ما هي الآلية التي تفقد فيها أجسامنا الوزن عند الالتزام بحمية قليلة السعرات الحرارية؟

4 دقيقة
ما هي الآلية التي تفقد فيها أجسامنا الوزن عند الالتزام بحمية قليلة السعرات الحرارية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ AtlasStudio

يتفق الجميع على أن إدارة الوزن والتخلص من الوزن الزائد هي أحد أساسيات الحياة الصحية، وبينما تبدو معادلة تحقيقها بسيطة وتتجلى بالحد من السعرات الحرارية إضافة إلى تحفيز حرقها من خلال التمرين، فإن خسارة الوزن، وخاصة الأوزان الشديدة، تكون أكثر تعقيداً من ذلك.

يساعد فهم كيفية استجابة جسمك لجهود إنقاص الوزن في وضع توقعات واقعية لرحلتك، كما يساعدك في المحافظة على النتائج التي حققتها، إذ تتسبب الدراية غير الجيدة بالآلية التي يفقد فيها جسمنا الوزن في اكتساب الوزن مرة أخرى لأننا ببساطة لا نعلم كيف تتم الإدارة المستدامة للوزن. وحتّى نتحكم بزمام الأمور ونوجه رحلتنا في فقدان الوزن بالاتجاه الصحيح، علينا فهم بعض النقاط الأساسية.

كيف يستجيب الجسم للحمية المخفّضة للوزن؟

أدمغتنا ذكية وعلينا ألا نتوقع أن تُرسل إشارات للأنسجة لحرق الشحوم المخزنة بمجرد بدء الحمية دون أن تراوغ في البداية، فما الذي يحدث حقاً عندما نبدأ بحمية غذائية لإنقاص الوزن؟

  • ينخفض معدل الاستقلاب في البداية لتخزين الدهون

كلما واظبنا على ممارسة التمارين الرياضية أو قللنا في تناول السعرات الحرارية في البداية، أصبح معدل الاستقلاب أبطأ من أجل الحفاظ على الوزن الحالي. وهذا يرجع إلى أن جسم الإنسان قد تطور ليخزن الطاقة تحسباً لحدوث مجاعة مفاجأة، وهذا ما يُعرف بـ"التعويض الاستقلابي" لأجل حفظ الطاقة.

اقرأ أيضاً: هل نحتاج حقاً إلى 3 وجبات طعام في اليوم؟

  • تُرفع الراية الحمراء وتُطلق هرمونات الجوع

التعويض الاستقلابي ليس الاستراتيجية الوحيدة التي يطبّقها الجسم لمنع فقدان الوزن، حيث تؤدي هرمونات الجوع، الليبتين والغريلين، دوراً مهماً أيضاً. يُفرز الليبتين وهو الهرمون المسؤول عن الشعور بالشبع من الخلايا الشحمية عند الشعور بالامتلاء، ويؤدي فقدان الخلايا الشحمية أثناء خسارة الوزن إلى تراجع مستويات الليبتين ويقل بذلك الشعور بالشبع. من جهة أخرى ترتفع مستويات هرمون الغريلين الذي يحرض الشعور بالجوع عند خسارة الوزن ما يزيد من حاجتنا لتناول المزيد من الطعام. 

  • دماغك يطالب بالمكافأة

بالإضافة إلى التمثيل الغذائي والهرمونات، تحارب البنى العصبية في الدماغ فقدان الوزن أيضاً. وبعد بدء الحمية المخفّضة للوزن يصبح الطعام يمثل مكافأة أكبر للدماغ، كما يصبح الجزء من الدماغ الذي ينظم "تقييد الطعام" أقل نشاطاً، ما يتطلب المزيد من الطعام حتى نشعر بالشبع حيث يصبح الشخص أقل وعياً بالكمية التي يتناولها.

كيف تعزز عملية فقدان الوزن وتحفّزها؟

يمكن أن تساعد بعض الاستراتيجيات البسيطة مثل جعل البروتين عنصراً أساسيّاً في الوجبات أو بدء ممارسة تمارين الحرق في إنقاص الوزن، الأهم هو السعي لتحقيق أهداف معتدلة في البداية وتطويرها تدريجياً تجنباً لمخاطر الحلول السريعة وقصيرة المدى وعلى رأسها عودة اكتساب الوزن بسرعة. إليك أهم النقاط الأساسية التي تعزز من خسارة الوزن وتجنبنا عودة اكتسابه مجدداً:

  • السيطرة على مستوى السكر في الدم: يزيد تناول الكربوهيدرات من مستوى السكر في الدم ومدى الارتفاع هذا يعتمد على المؤشر الغلايسيمي للمادة المتناولة، فهو الذي يحدد تأثير الطعام على مستويات السكر في الدم. يتم تفكيك الأطعمة ذات المؤشر الغلايسيمي المرتفع بسرعة ما يؤدي إلى حدوث زيادة سريعة في نسبة السكر في الدم، يتلوها انخفاض سريع. يساهم هذا التقلب السريع والحاد في مستوى سكر الدم بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري والبدانة وأمراض القلب.
  • التقليل من القهوة: صحيح أن القهوة تحتوي على الكافيين الذي يرفع من معدل الاستقلاب، إلا أنها ترفع أيضاً من مستوى هرمون التوتر "الكورتيزول" في الجسم، والذي بدوره يعبث بتوازن واستتباب طاقة الجسم، فعندما يتحرض التوتر يشعر الجسم بالخطر ويقلل من معدل الاستقلاب من أجل الحفاظ على الطاقة.
  • تجنب تقييد السعرات الحرارية بشكل مفرط: تقييد السعرات الحرارية المفرط يعيق فقدان الوزن بدلاً من مساعدته، حيث يمنع الجسم من حرق الدهون بشكل فعّال. فعندما يشعر الجسم بالجوع المفاجئ يفعّل آلية دفاعية ويصبح عالي الكفاءة في استخدام الطاقة المتاحة له. كما يبدأ بحماية مخزون الدهون ويستمد الطاقة من العضلات والأنسجة الخالية من الدهون بدلاً من ذلك، ما يؤدي إلى فقدان النسيج العضلي. وبناءً على ذلك ينخفض معدل التمثيل الغذائي ما يؤدي إلى إبطاء فقدان الوزن.
  • بناء كتلة عضلية: قد يُهيَئ لنا أن بناء العضلات يعني زيادة الوزن، إلا أن معدل التمثيل الغذائي يزداد عند الأشخاص الذين لديهم كتلة عضلية أكبر، إذ تحرق العضلات دهوناً وسعرات حرارية أكثر كلما نمت.
  • تنظيم أوقات الوجبات وعدم إهمال أي منها: من المهم أن تخطط لوجباتك مسبقاً وأن تكون جاهزة في أوقاتها حتّى لا تسمح لنفسك باللجوء لقطعة حلوى عندما تكون جائعاً كحل سريع.
  • شرب الماء وتناول الخضار والفاكهة: في رحلتك لإنقاص الوزن، اجعل من الخضروات والفواكه رفاقك الدائمين.
  • تجنب استهلاك الكحول: فهو غني بالسعرات الحرارية ولا يُعزز الشعور بالشبع بالشكل الذي تقوم فيه الأغذية الغنية بالألياف بذلك على سبيل المثال.

اقرأ أيضاً: 10 أطعمة ومشروبات تعيق خسارة الوزن حتى لو كنت تمارس الرياضة

عادات تبطئ من عملية فقدان الوزن

يمكنك أن تقوم بكل الخطوات الصحيحة لفقدان الوزن ومع ذلك تجد أن وزنك ثابت، والسبب هو مجموعة من العادات التي تدمر الجهود المبذولة. لا تحتاج فقط إلى الانخراط في عادات صحية لفقدان الوزن، بل يعتبر التوقف عن العادات غير الصحية أو الحد منها مهماً أيضاً. ومن العادات التي تبطئ من عملية فقدان الوزن نذكر:

  • الإفراط في التمرين: من النتائج العكسية التي يتسبب بها الإفراط في التمرين التعب والإرهاق إضافة إلى زيادة فرص الإصابات والتي تكون معيقة على المدى الطويل، فكلما أفرطنا في القيام بالشيء قلت رغبتنا تجاهه، لذلك اجعل من التمرين شيئاً تتطلع إليه وليس واجباً.
  • التقييد المفرط للسعرات الحرارية: لا يعتبر التقييد الشديد خطة ذكية، فسرعان ما تجد نفسك تأكل بيتزا كاملة تقريباً في جلسة واحدة بنهم يائس، لذلك يُنصح بالتقليل من السعرات الحرارية تدريجياً والتركيز على الأغذية ذات الكربوهيدرات الجيدة.
  • عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم: النوم لفترات قصيرة يحفز الشهية، ويجعلنا نتوق للكربوهيدرات والأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية لتعويض الحرمان من النوم. 
  • الأكل أثناء مشاهدة التلفاز أو تناول الطعام غير الواعي: تجعلنا هذه العادة السيئة نتناول أضعاف ما نحتاجه، فعندما يتشتت انتباه الدماغ عن عملية تناول الطعام يتأخر إفراز هرمونات الليبتين.
  • استهلاك الكحول بشكل مفرط: الإفراط في استهلاك الكحول يعني الإصابة بتشحم الكبد والذي بدوره يؤثر على عملية التمثيل الغذائي. كما تتحول الطاقة الموجودة في المواد الكحولية إلى كربوهيدرات وتُخزن الدهون كدهون في البطن.
  • استخدام الطعام كمكافأة: إحدى العادات غير الصحية التي يواصل الكثير من الناس الانخراط فيها هي ربط الأطعمة بالعواطف، الطعام ممتع لكنه في النهاية وقود وليس مكافأة.

ما هي المدة التي يستغرقها الجسم للاستسلام للحمية وفقدان الوزن؟

إذا كنت تحاول إنقاص وزنك فالاتساق هو المفتاح حتّى عندما تشعر أن التقدم بطيء، وعلى الرغم من أن أسبوعاً واحداً من الحد من تناول الطعام يبدو طويلاً، فإن الجسم يتطلب وقتاً أطول من ذلك لملاحظة آثار العمل الشاق.

تكمن المشكلة في أن فقدان الوزن الأولي، والذي نراه على الميزان، لا يكون فقداناً للدهون، وإنما فقداناً للماء المُحتبس، فالتقليل من الكربوهيدرات والملح يُفقدنا عدة أرطال بسرعة ونشعر حالاً بأننا أقل انتفاخاً، ولكنه وزن سريع الاكتساب من جديد بعد العودة لنمط الحياة السابق لاتباع الحمية.

اقرأ أيضاً: لماذا يحدث ترهل الجلد بعد خسارة الوزن؟ وكيف يتم تجنبه؟

إذاً ستلاحظ نقصاناً في مؤشر كتلة جسمك منذ الأيام الأولى إلا أنه رقم غير دقيق، ويبدأ فقدان الدهون من نهاية الأسبوع الثاني بشكل وسطي. يستغرق الأمر عادةً 4 أسابيع حتى يلاحظ الآخرون أنك فقدت الوزن و6-8 أسابيع لتلاحظ أنت ذلك. اعتمد قياس محيط خصرك أو قس كيف تشعر بملابسك خلال الأسابيع الأولى ولا تعتمد على الميزان فحسب.

المحتوى محمي