تساعد التمارين الرياضية في بناء العضلات؛ لكننا لا نعرف السبب وراء ذلك حقاً. قد يبدو الأمر بسيطاً؛ ولكن على الرغم من وجود عدد هائل من المقالات حول كيفية بناء ونمو العضلات؛ منها مقالات قسمنا الخاص التي يغطي العديد من الموضوعات تتعلق بالعضلات، فإن الأبحاث الفعلية المثبتة حول الآليات الخلوية التي تؤدي إلى نمو العضلات نادرة جداً.
مع ذلك؛ بدأت دراسة جديدة من جامعة «كامبريدج» في كشف هذا الأمر الغامض.
بروتين «التيتين» ونمو العضلات
يُعتقد عموماً أن بناء ونمو العضلات ينتج من إجهادها. عندما تطبق الجهد على جسمك، فإنه يستجيب من خلال بناء نفسه مرةً أخرى وبشكل أقوى؛ ولكن بدلاً من الإجهاد بشكل عام، فقد وجد الباحثون أن واحدةً على الأقل من الإشارات الرئيسية لنمو المزيد من العضلات، تأتي من بروتين ضخم يسمى «التيتين».
يلتف هذا البروتين حول خيوط الميوسين التي تتكون منها الألياف العضلية الفردية، وعندما تنقبض ألياف العضلات، يصبح جزء من التيتين مكشوفاً، وهذا الجزء لا يمكن أن يُكشف إلا إذا انقبضت هذه الألياف. يمكن لهذا الموقع المكشوف حديثاً أن يرتبط مع جزيء يسمى الفوسفات، وعندما يحدث ذلك، يُفعّل عدد كبير من التغييرات الكيميائية الحيوية الأخرى؛ ومن أهمها إشارات لتركيب بروتينات جديدة لبناء المزيد من العضلات.
إذاً فالفكرة بسيطة جداً: كلما زاد الوقت الذي تنقبض فيه العضلة أو زادت صعوبة عملها (أي ازداد الإجهاد المطبّق عليها)، سيزيد احتمال انكشاف موقع الارتباط الأساسي هذا في جزيئات التيتين. وكلما طالت مدة انكشاف هذا الموقع، زاد تحفيز المسالك التي تبني العضلات.
قام الباحثون الذين أجروا الدراسة سابقة الذكر، ببناء نموذج رياضي لاكتشاف المتغيرات التي من شأنها أن تسهم في نمو العضلات، في محاولة للتنبؤ بهذه العملية. استخدم الباحثون دراسات سابقةً حول الموضوع للتحقق من صحة النموذج، وأضافوا المزيد من المعلومات التي لا تتعلق ببروتين التيتين فقط؛ بل أيضاً عن طول السلاسل البروتينية، ومدة التعافي والاستقلاب الخلوي.
وجد الباحثون أنه من الممكن بالفعل وجود مستوى من النمو العضلي الأمثل. قال «يوجين تيرينتجيف»؛ أحد مؤلفي الدراسة، في تصريح: «في حين أن هناك بيانات تجريبيةً تُظهر نمواً مشابهاً للعضلات ناتجاً عن أحمال تبلغ أقل من 30% من الحمل الأقصى للجسم؛ إلا أن نموذجنا يشير إلى أن الأحمال بنسبة 70% هي طريقة أكثر فاعليةً لتحفيز النمو». عند تطبيق أحمال منخفضة جداً، لم يتم تنشيط بروتين التيتين بشكلٍ كافٍ، وبالمقابل؛ عندما تكون الأحمال مرتفعة للغاية، تكون العضلات منهكةً جداً لدرجة تمنعها من إرسال الإشارات بشكل صحيح.
إن هدف الباحثين النهائي هو إنشاء نسخة مخصصة من نموذجهم الرياضي من شأنها أن تأخذ في الحسبان الاختلافات بين الأفراد؛ مما يمكن أن يجعلك قادراً نظرياً على إدخال بعض المعلومات عن نفسك والحصول على توصيات للتمارين الرياضية خاصة بك. من المحتمَل أن يكون هناك طريق طويل لنقطعه قبل أن يتوفر هذا النوع من التنبّؤات على نطاق واسع؛ ولكن في الوقت الحالي تعد النتائج الجديدة توسيعاً مرحّباً به لمعرفتنا بكيفية عمل العضلات. على الرغم من أهمية التمارين الرياضية للصحة الجيدة؛ إلا أننا لا نعرف سوى القليل عنها بشكل مثير للصدمة، وهذه الدراسة تزيد على فهمنا قليلاً.
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً