يتناول ما يقرب من 55 ألف مستهلك بالغ في الولايات المتحدة حلوى الميلاتونين المطاطية الشائعة بهدف تحسين جودة النوم؛ لكن من المحتمل أنهم يتناولون كمية من الميلاتونين أكبر مما تصرح به ملصقات هذه المنتجات. وجدت دراسة نُشرت تحت فئة الرسائل البحثية بتاريخ 25 أبريل/ نيسان 2023 في مجلة الجمعية الطبية الأميركية (the American Medical Association) أن 88% من المكملات التي اختُبرت كانت ملصقاتها تقدم معلومات خاطئة.
تُعقّب الدراسة الجديدة على تقرير أصدرته مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) في عام 2022 حول الارتفاع المقلق في معدل تناول الأطفال للميلاتونين خلال العقد المنصرم.
تناول مفرط للميلاتونين
الميلاتونين هو هرمون يُركّب طبيعياً في عمق الدماغ بالغدة الصنوبرية، يُطلق هذا الهرمون في مجرى الدم ويسهم في تنظيم دورات النوم الطبيعية في الجسم. يُعدّ الميلاتونين دواءً في اليابان وكندا والمملكة المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي؛ ما يعني أن تناوله يتطلب الحصول على وصفة طبية. تعدّ إدارة الدواء والغذاء الأميركية الميلاتونين مكملاً غذائياً؛ ولكن الشركات المصنعة ليست مطالبة بالحصول على موافقة هذه الإدارة لتصنيع منتجات الميلاتونين، أو بتقديم بيانات السلامة المتعلقة بها.
اختبر فريق من الباحثين من مركز "كامبريدج هيلث ألاينس" الصحي (Cambridge Health Alliance) في ولاية ماساتشوستس الأميركية وجامعة مسيسيبي، 25 نوعاً مختلفاً من مكملات الميلاتونين في الدراسة الجديدة. وفقاً للمؤلفين؛ اختار الفريق أول 25 منتجاً من منتجات حلوى الميلاتونين المطاطية المدرجة في قاعدة بيانات المعاهد الوطنية للصحة لدراستها، وذوّب قطع الحلوى ثم قاس كمية الميلاتونين ومركب الكانابيديول (cannabidiol) والمكونات الأخرى فيها.
اقرأ أيضاً: صحية ولذيذة: حلويات صديقة لمرضى السكري
احتوت أغلبية المنتجات المختبرة على كمية من الميلاتونين أكبر بـ 20% أو 30% أو 50% من الكمية المدرجة على الملصق، واحتوت 4 أنواع فقط على كمية أقل من الكمية الواردة على الملصق من الميلاتونين، وكانت معدومة في أحدها.
احتوى 22 نوعاً من هذه الأنواع على كمية من الميلاتونين أكبر أو أقل بنسبة 10% من الكمية المدرجة على الملصق، وصُنفت هذه الأنواع على أنها "موصوفة على نحو غير دقيق".
بيّنت ملصقات 5 أنواع أن هذه الأنواع تحتوي على الكانابيديول؛ ولكن كانت نسبة هذا المركب أكبر مما ذُكر على الملصقات. وفقاً لإدارة الدواء والغذاء: "حالياً، من غير القانوني تسويق الكانابيديول بإضافته إلى الأطعمة أو تصنيفه على أنه مكمل غذائي".
قال أستاذ الطب في مركز "كامبريدج هيلث ألاينس" الصحي والمؤلف المشارك في الدراسة الجديدة، بيتر كوهين (Pieter Cohen)، لشبكة سي إن إن الإخبارية (CNN): "احتوى أحد المنتجات على كمية من الميلاتونين أكبر بنسبة 347% من الكمية المذكورة على الملصق".
قال المدير والرئيس التنفيذي لمؤسسة مجلس التغذية المسؤولة التجارية (Council for Responsible Nutrition)، ستيف مستر (Steve Mister)، لصحيفة "واشنطن بوست" استجابة للدراسة الجديدة، إن منتجات شركات المكملات الغذائية يجب أن تحتوي على نسبة "100% على الأقل من الجرعة المحددة على الملصق. ليس غريباً أن تكون النسب أعلى قليلاً من تلك التي تنص عليها الملصقات. لذلك على سبيل المثال؛ قد تجد أحد مكملات الميلاتونين ينص ملصقه على أنه يحتوي على 3 مليغرامات من هذه المادة، وهو يحتوي في الواقع على 4 مليغرامات منها".
اقرأ أيضاً: ما هي الأطعمة التي تحفّز الشعور بالشبع أكثر من غيرها؟
الآثار الجانبية المحتملة لاستخدام الميلاتونين
كان الميلاتونين أكثر المواد التي ذُكرت في المكالمات المتعلقة بالأطفال إلى مراكز مكافحة السموم الأميركية في عام 2020، وتشمل الآثار الجانبية المحتملة لاستخدام الميلاتونين لدى الأطفال النعاس والصداع والتهيّج وزيادة التبول في الفراش أو التبول عموماً في ساعات المساء.
قال اختصاصي طب الرئة والنوم والرعاية الحرجة في ولاية إنديانا الأميركية ونائب رئيس لجنة السلامة العامة التابعة للأكاديمية الأميركية لطب النوم، أديل ريشي (M. Adeel Rishi) لموقع بوبساي في يوليو/ تموز 2022: "من الضروري، خصوصاً بالنسبة إلى الأطفال، عدم استخدام الميلاتونين من دون استشارة طبيب الأطفال أو طبيب النوم.
الجرعة الموصى بها للأطفال أقل بكثير من تلك الموصى بها للبالغين، ويمكن أن تُصاب بجرعة زائدة إذا تناولت أي مادة بكميات مفرطة. على الرغم من أن هذه المشكلة أثارت الاهتمام بالفعل في العامين الماضيين فقط، فنحن نعلم أن استخدام الأطفال للميلاتونين في ازدياد حتى قبل جائحة كوفيد-19".
اقرأ أيضاً: كم يمكن لمريض السكري أن يتناول يومياً من الخبز؟
يشدد خبراء نوم الأطفال الآخرون بأهمية التركيز على ممارسات النوم الصحي وعادات النوم السليمة قبل بدء تناول الميلاتونين (ممارسات النوم الصحي هي ممارسات سلوكية وبيئية تهدف إلى تحسين جودة النوم، طُورت في أواخر سبعينيات القرن الماضي لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من الأرق الخفيف إلى المعتدل على النوم). تضمنت الرسالة البحثية الجديدة أيضاً تحذيراً للآباء ينص على أن منح حلوى الميلاتونين المطاطية للأطفال يمكن أن يؤدي إلى "تناول كميات لا يمكن التنبؤ بها" من هذه المادة.