"ليكن طعامك هو دواؤك، ودواؤك طعامك" هذا ما قاله الطبيب اليوناني أبقراط، والملقب بأبو الطب الحديث، منذ قرون عديدة، واليوم أثبت العلم الحديث أنه كان على حق. تهدف معظم الأنظمة الغذائية حالياً إلى الوقاية من الأمراض المرتبطة بالأغذية غير الصحية، فإذا اتبعت نظاماً غذائياً صحياً، ستحمي نفسك من الأمراض، وتفقد بعض الكيلوغرامات. هذه هي الميزة الأساسية لنظام داش الغذائي، والذي لم يتم التصويت له كثاني أفضل حمية غذائية لعام 2022 في موقع "يو.إس. نيوز آند وورلد ريبورت" عن عبث، بل لدوره في علاج مرض ضغط الدم والوقاية من السكتات القلبية. فما هي حمية داش؟
حمية داش الغذائية
حمية داش (DASH)، هي اختصار لـ"الأساليب الغذائية لوقف ارتفاع ضغط الدم"، بمعنى آخر هي نظام غذائي يساعد في علاج ارتفاع ضغط الدم والوقاية منه. تم تقديم نظام داش لأول مرة عام 1997، بعد إجراء دراسة بحثية نُشرت في دورية "نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين" (The New England Journal of Medicine) لتحديد استراتيجية غذائية لخفض ضغط الدم.
يتضمن النظام الأغذية الغنية بالبوتاسيوم والكالسيوم والمغنزيوم، وهي العناصر اللازمة لضبط ضغط الدم، مثل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون ومنتجات الألبان قليلة الدسم، في حين يتجنب الأغذية الغنية بالصوديوم (الملح)، والدهون المشبعة، والسكريات المضافة، مثل اللحوم الدهنية والألبان كاملة الدسم والزيوت الاستوائية، والمشروبات المحلاة بالسكر والحلويات. فيكف تعمل حمية داش؟
اقرأ أيضاً: كيف يمكن علاج ارتفاع ضغط الدم سواء كان حقيقيّاً أو وهميّاً؟
كيف تعمل حمية داش على تخفيف ضغط الدم؟
إن الحد الطبيعي للضغط الدم في الجسم هو 120/80 ميلليمتراً زئبقيّاً، وفي حال ارتفاعه عن ذلك يعاني الفرد من ارتفاع ضغط الدم. في حمية داش الغذائية، يتجنب المريض الأغذية الغنية بالملح؛ لأنه يتسبب في احتفاظ الجسم بالماء، ما يزيد من الضغط المطبق على جدران الأوعية الدموية، فيرتفع ضغط الدم. كما يمكن للدهون المشبعة أن ترفع من نسبة البروتين الدهني منخفض الكثافة "الكوليستيرول الضار" في الدم، والذي قد يتراكم على جدران الأوعية الدموية مسبباَ تضيقها، فتقل نسبة الدم الوارد إلى أعضاء الجسم حتى يصاب المريض بنوبة قلبية. أو قد تزيد الدهون المشبعة من الدهون الحشوية المحيطة بالأعضاء الرئيسية، فيزيد ضغط هذه الأعضاء على الكلى، ويزداد بالتالي ضغط الدم
أثبتت الدراسة التي نُشرت في دورية "إن إم سي دي" (NMCD)، أنه يمكن لحمية داش خفض ضغط الدم لمن يعاني من ارتفاعه، حتى لو لم يحد من تناول الملح، إلا أنها أشد تأثيراً وأكثر فعالية لدى تقييد الصوديوم، حيث تتضمن حمية داش خفض كمية الصوديوم المتناولة إلى أقل من 2300 ميلليغراماً في اليوم، أي ما يعادل ملعقة ملح صغيرة.
اقرأ أيضاً: الكلى والهرمونات: إليك أعراض وأسباب ارتفاع ضغط الدم المفاجئ
فوائد حمية داش الغذائية
تتميز حمية داش بمحتواها من الفواكه والخضروات والألياف والحبوب، لذا فهي تحمل العديد من الفوائد الصحية للجسم بالإضافة إلى خفض ضغط الدم، ومنها:
تساعد حمية داش في إنقاص الوزن
غالباً ما ينصح الأطباء المرضى المصابين بارتفاع الضغط، بفقدان الوزن، بسبب العلاقة الطردية ما بينهما، وفقاً للدراسة التي نُشرت في "مكتبة كوكرين" (Cochrane Library)، تبين أنه يمكن لحمية داش أن تقلل من كمية السعرات الحرارية المتناولة، نظراً لاستبعاد العديد من الأغذية الغنية بالدهون والسكريات المضافة.
الوقاية من السرطان
وفقاً للدراسة التي نُشرت في دورية "أبحاث في العلوم الطبية" (Journal of Research in Medical Sciences)، يمكن لنظام داش الغذائي أن يقلل من مخاطر الإصابة ببعض أنواع السرطان مثل سرطان القولون والمستقيم والثدي.
يحمي نظام داش من الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي
أشارت الدراسة التي نُشرت في "المجلة الأوروبية للتغذية" (European Journal of Nutrition) إلى أنه يمكن لحمية داش الغذائية أن تقلل من فرص الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي بنسبة 81%.
الوقاية من مرض السكري
يمكن لحمية داش أن تقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2، ومن خلال تحسين مقاومة الإنسولين، وفقاً لما أشارت له الدراسة التي نشرت في دورية "تقارير ارتفاع ضغط الدم الحالية" (Current Hypertension Reports).
اقرأ أيضاً: ما هو النظام الغذائي الذهني ” Mind Diet “؟
تقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب
ترتبط حمية داش بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 20%، وبالسكتة الدماغية بنسبة 29%، في الدراسة التي نشرت في دورية "التغذية" (Nutrition).
الحصص اليومية الموصى بها في نظام داش الغذائي
تختلف الحصص اليومية الموصى بها في نظام داش الغذائي باختلاف الاحتياجات اليومية من السعرات الحرارية. وعلى سبيل المثال، بالنسبة لمن يحتاج إلى 2000 سعرة حرارية باليوم، يمكنه تناول الحصص التالية من كل مادة غذائية وفقاً لموقع مايوكلينك الطبي:
- الحبوب: يجب تناول ما بين 6-8 حصص يومية من الحبوب، بحيث تتكون الحصة الواحدة من شريحة خبز، أو 28 غراماً من الحبوب الجافة، أو نحو 120 غراماً، ما يعادل نصف كوب، من الحبوب المطبوخة أو الأرز أو المعكرونة.
- الخضار: يجب تناول 4-5 حصص من الخضار يومياً، بحيث تعادل الحصة الواحدة للخضار الورقية الطازجة نحو 240 غراماً أو كوب واحد، أو 120 غراماً من عصير الخضار.
- الفواكه: يجب تناول 4-5 حصص في اليوم من الفواكه سواء الطازجة أو المعلبة، أو المجمدة، حيث يمكن تناول حبة فواكه متوسطة الحجم كحصة واحدة، أو ما يعادل 120 غراماً من الفاكهة المعلبة أو المجمدة، أو من عصير الفواكه.
- منتجات الألبان القليلة الدسم: يجب تناول 2-3 حصص موزعة على مدار اليوم الواحد، بحيث يمكن شرب كوب من الحليب أو الزبادي في الحصة الواحدة، أو نحو 40 غراماً من الجبن.
- اللحوم والدواجن والأسماك الخالية من الدهن: يجب تناول 6 حصص يومية منها، بحيث لا تزيد الحصة الواحدة على 28 غراماً من اللحوم الحمراء المطبوخة أو لحم الدجاج أو السمك، أو بيضة واحدة.
- المكسرات والبذور والبقوليات: يجب تناول 4-5 حصص على مدار الأسبوع، بحيث لا تزيد الحصة على 80 غراماً، مثل ملعقتي زبدة فول سوداني، أو ملعقتي طعام من البذور، أو نحو 120 غراماً من البقوليات المطبوخة.
- الدهون غير المشبعة أو الزيوت: يوصى بتناول 2-3 حصص في اليوم. على سبيل المثال، يمكن تناول ملعقة صغيرة من الزيت النباتي في الحصة الواحدة، أو ملعقة مايونيز، أو ملعقتين من تتبيلة السلطة.
- الحلويات والسكريات المضافة: لا يجب أن تتجاوز الخمس حصص في الأسبوع، حيث يمكن تناول ملعقة مربى أو جيلي، أو كوب من عصير الليموناضة.