يحسن التحمل البدني الأداء الرياضي، لكن دوره لا يقتصر على ذلك فقط، بل يسهم في تخفيف التوتر وتعزيز الذكاء والقدرات الإدراكية، وخاصة اتخاذ القرارات تحت الضغط. فالرياضة عموماً، وأنشطة التحمل خصوصاً، مثل الجري والسباحة والتدريب المتقطع عالي الكثافة، تعزز المرونة الفيزيولوجية والنفسية، وتدمج العناصر البدنية والمعرفية، ما يمكن الأفراد من العمل بفعالية واتخاذ القرارات في بيئات عالية الضغط.
كيف يمكن لتمارين التحمل البدني تعزيز القدرة على اتخاذ القرارات تحت الضغط؟
من المهم أن يكتسب الإداريون والموظفون مهارات تقييم المعلومات بسرعة وإصدار أحكام سليمة واتخاذ القرارات تحت الضغط، لما لها من عظيم الأثر على النتائج في المواقف ذات المخاطر العالية، مثل حالات الطوارئ الصحية، وأزمات الأعمال.
تظهر العلاقة بين قوة التحمل البدني والقدرة على اتخاذ القرارات في بيئات العمل عالية الضغط، فالقدرات البدنية العالية تعزز المرونة العقلية والأداء الإدراكي الأساسيين لاتخاذ قرارات فعالة في ظل الضغوط. وفي المقابل، عند مواجهة صعوبة في اتخاذ قرار في العمل فإن المشي أو حتى ممارسة التمارين الرياضية البسيطة مدة ثلاث دقائق يساعد على التحكم في التوتر ويزيد تدفق الدم والأوكسجين إلى الدماغ، ما يؤدي إلى تحسين القدرة على التركيز والتفكير بوضوح أكبر.
عموماً، تعزز الأنشطة البدنية القاسية، مثل التمرين عالي الكثافة، القدرة على اتخاذ القرارات تحت الضغط عبر عدة طرق:
تحسين أداء الدماغ
تحفز الأنشطة البدنية القاسية إفراز الدوبامين والنورأدرينالين الأساسيين لأداء وظيفة القشرة الجبهية والأداء الإدراكي وقدرات اتخاذ القرار، وتخفض التدهور المعرفي وتحسن الصحة المعرفية، بالإضافة إلى زيادة تدفق الدم والأوكسجين إلى الدماغ، ما يسهم في الحفاظ على الأداء الإدراكي في أثناء المهام المرهقة.
تساعد الرياضة أيضاً على تخفيف التوتر، وبالتالي تعزيز العمل واتخاذ القرارات تحت الضغط، فهي تنشط إنتاج النواقل العصبية المعروفة بالإندورفينات في الجسم، وتبعث شعوراً بالراحة، وتعزز مشاعر السعادة، وتخفف الإحساس بالألم. يمكن أيضاً لممارسة الرياضة أن تغير بنية الدماغ وتؤثر في تكوين الخلايا العصبية والمرونة العصبية، وكلاهما مهم في اتخاذ قرارات جيدة.
بالإضافة إلى ذلك، تعزز الأنشطة البدنية القاسية إدراك أهمية المثابرة والقدرة على التكيف، ما يمكن المدراء والموظفين من الحفاظ على تركيزهم واتخاذ قرارات سليمة تحت الضغط. يضاف إلى ذلك العوامل النفسية، فالدافع لمواصلة التمرين على الرغم من التعب والشعور بالجهد المبذول يمكن أن يزيد الفوائد الإدراكية الناتجة عن النشاط البدني.
اكتساب المرونة والتكيف مع الضغوط
إن تمارين التحمل البدني تنمي المرونة والقدرة على تحمل الضغوط والتكيف معها من خلال التركيز على العوامل التي يمكن التحكم فيها. هذه المرونة ليست ضرورية للنجاح الرياضي فحسب، بل تحسن مهارات اتخاذ القرار، حيث يتعلم الأفراد التعامل مع المواقف الصعبة بسهولة أكبر.
تساعد الرياضة أيضاً في تدريب أنظمة الجسم على الاستجابة المتناغمة مع التوتر، ما ينعكس إيجاباً على مختلف أعضاء الجسم، من القلب والأوعية الدموية إلى الجهاز الهضمي والجهاز المناعي، ما يمنحه وقاية من الآثار الضارة للتوتر.
اتباع نظام غذائي محدد
الغذاء المناسب جزء أساسي من تدريبات التحمل البدني، وضروري للحفاظ على مستويات طاقة عالية وأداء إدراكي جيد في أثناء الأنشطة المجهدة بدنياً. وفي الوقت نفسه، يعد هذا النظام الغذائي ضرورياً أيضاً لتعزيز قدرات اتخاذ القرار تحت الضغط.
اقرأ أيضاً: دليل عملي للمدير المشغول لتخطيط وجباته الأسبوعية بذكاء
طرق أخرى
تسهم الرياضة وتمارين التحمل البدني في تعزيز القدرة على اتخاذ القرار تحت الضغط، وذلك بعدة وسائل:
- تسهم تمارين اليقظة الذهنية والتحكم في التنفس التي يمارسها الرياضي في الحفاظ على التركيز وصفاء الذهن خلال المواقف العصيبة.
- بناء الثقة من خلال الممارسة وإظهار الالتزام بالأهداف والحفاظ على التركيز، وهي مهارات يمكن اكتسابها مع ممارسة قوة التحمل البدني.
- تمنح الرياضة فرصة للتأمل وتعزيز الطاقة والتفاؤل وتحسين المزاج، وبالتالي تعزيز التركيز والتفكير بصفاء ذهني وتنمية مهارات حل المشكلات واتخاذ القرارات في الأوقات جميعها.
- يتطلب اتخاذ القرارات تحت الضغط تعاوناً بين أعضاء الفريق، حيث يسهم تنوع وجهات النظر في فهم أشمل للظروف المحيطة، ويعزز الحلول المبتكرة.
باختصار، تفيد قوة التحمل البدني في تحسين الوظيفة الإدراكية والتركيز والانتباه، ما يساعد على اتخاذ قرارات أفضل، علاوة على تقليل التوتر والقلق والتعب، وزيادة مستويات الطاقة والدافع والإنتاجية، وتعزيز الحالة المزاجية والرفاهية العامة والإبداع. لكن يجب الحذر من الإفراط في الإجهاد البدني لتجنب آثاره السلبية المتمثلة في ضعف الأداء الإدراكي، وبالتالي ضعف القدرة على اتخاذ القرارات.
اقرأ أيضاً: 10 دقائق يومياً: تمارين رياضية سريعة تناسب جدول المدير المشغول
ختاماً، ينصح المدراء والموظفون بعدم تجاهل تأثير الرياضة وتمارين التحمل في جودة القرارات، وعليهم تخصيص 30 دقيقة يومياً في الصباح لممارسة التمارين الرياضية متوسطة الشدة لتحسين وظائف اتخاذ القرار على مدار اليوم.