العواقب الخطيرة للإفراط في ممارسة التمارين الرياضية

4 دقائق
الإفراط في ممارسة الرياضة
shutterstock.com/ Day Of Victory Studio

كل 365.25 يوماً، عندما تكمل الأرض دورة كاملةً حول الشمس، تتاح لنا نحن البشر الفرصة لنضع خططاً سنويةً جديدةً؛ مثل أن نصبح أكثر لياقةً وصحّةً من قبل. كالعادة في شهر يناير/ كانون الثاني؛ تمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي بالنصائح حول كيفية تناول الطعام بشكل أفضل، وممارسة الرياضة بانتظام، وفقدان الوزن، والحفاظ على صحة جيدة. نشعر بأننا لا نُقهر بشكلٍ خاص في هذا الوقت من العام، مسلّحون بعزيمة ودوافعَ متجددة لنخلّص أنفسنا من عاداتنا السيئة؛ مثل قلة ممارسة التمارين ومشاهدة التلفاز أغلب الوقت. العام الجديد هو أيضاً الوقت الذي يبرز فيه حماسنا الزائد، وهو الوقت الذي نقوم فيه بالإفراط في ممارسة الرياضة لتعويض الوقت الذي ضيّعناه. يمكن أن يتسبب الإفراط في ممارسة الرياضة في إجهاد العضلات؛ خاصةً بعد فترة من الخمول، في حدوث اضطرابات ميكانيكية وكيميائية لأغشية الخلايا العضلية؛ مما يؤدي إلى انفجار خلايا العضلات.

أنا متخصصة في فيزيولوجيا التمرين وأخصائية في الطب الرياضي، أدرس حالات الانهيار المرتبطة بالتمارين الرياضية. مؤخراً؛ شهدت وسمعت عن الكثير من حوادث تمزق العضلات الهيكلية التي تسبب ضرراً في أجزاء أخرى من الجسم.

ليس الهدف من هذه المعلومات هو إخافة القارئ لدرجة يمتنع بسببها عن ممارسة التمارين الرياضية؛ بل يتمثل السبب الأساسي وراء تسليط الضوء على هذه الحالات في تذكير الرياضيين والمدربين والعوام بأن الاستجابة الفيزيولوجية المرغوبة لمحفزات التدريب تتطلب فترة من زيادة شدّة التمرين بشكلٍ تدريجي، بالإضافة إلى فترة مخصصة للتعافي تقع بين جلسات التدريب.

مقطع عرضي للكلى البشرية؛ والتي يمكن أن تصاب عندما تتمزق خلايا العضلات وترسل مواد كيميائية سامة إلى مجرى الدم.

أكثر من مجرد إصابات عضلية

المصطلح الطبي لتمزق الخلايا العضلية الهيكلية هو «انحلال الرُبيدات». عندما تتمزق خلايا العضلات أو تنفجر، يتم إطلاق محتوياتها في مجرى الدم؛ تشمل هذه المحتويات الخلوية الأنزيمات مثل الـ «كرياتين كيناز»، والكهارل مثل البوتاسيوم، والبروتينات مثل الميوغلوبين.

اقرأ أيضاً: انحلال الربيدات: دليلك لمعرفة سبب ألم العضلات بعد التمرين

الميوغلوبين، على وجه الخصوص، هو بروتين أحمر كبير يمكنه سد نظام فلترة الكلى، أو الأنابيب الكلوية. يمكن أن يتفكك الميوغلوبين إلى منتجات ثانوية سامة تضر بالكلى. في بعض الحالات النادرة؛ يمكن أن تؤدي زيادة نسب الميوغلوبين في مجرى الدم إلى تعطيل وظيفة الكلى تماماً - كما حدث مع أحد عدّائي الماراثون الذي يبلغ من العمر 27 عاماً؛ والذي توفّي بسبب الفشل الكلوي.

في دراسة أجريناها على سباحين جامعيين، اكتشفنا مجموعة من حالات انحلال الربيدات؛ إذ تم إدخال 6 من أصل 34 سباحاً إلى المستشفى بعد المشاركة في مسابقة لمدة 20 دقيقة أو نحو ذلك لمعرفة عدد المرات التي يمكنهم فيها إجراء تمارين مثل رفع الجسم بالذراعين ورفع الأوزان استناداً على المقعد وتمرين الضغط على المقعد. يبدو أن حالات «انحلال الربيدات المترافق مع الأعراض»، أو تلك التي تحتاج إلى علاج طبي، تتزايد داخل الفرق الرياضية الجماعية بمعدل ينذر بالخطر.

حتى الآن؛ حدثت 17 حالة من انحلال الربيدات بسبب الإفراط في ممارسة الرياضة مثل «القيام بالكثير بالتمارين في وقتٍ قصير وبسرعةٍ كبيرة جداً»، وتشمل هذه الحالات مجموعةً متنوعةً من الألعاب الرياضية؛ مثل كرة القدم الأميركية والسباحة واللاكروس وكرة القدم ورياضات المضمار وكرة السلة والكرة الطائرة وكرة القاعدة والكرة الطائرة والغولف.

عانت لاعبات كرة القدم في جامعة هيوستن من انحلال الربيدات بعد ممارسة التدريبات الشاقة.

الناس العاديون يتأثرون أيضاً

لكن ماذا عنا نحن الأشخاص العاديين الذين نحاول استعادة لياقتنا؟ أي نشاط بدني -سواء كان جديداً أو مفرطاً- يمكن أن يتسبب في الإصابة بانحلال الربيدات المترافق مع الأعراض. البستنة المفرطة، رفع الأثقال، الأنشطة من نوع «كروس فِت»، وحتى اختبارات اللياقة البدنية الروتينية الخاصة بالجيش يمكن أن تحفّز الإصابة بانحلال الربيدات المترافق مع إصابات في الكلى.

تم توثيق أكثر من 90 حالة من انحلال الربيدات حصلت بعد ممارسة ركوب الدراجة الهوائية، ودخل 119 طالباً في المدرسة الثانوية في تايوان إلى غرفة الطوارئ بعد أن جعلهم معلّمهم يكملون 120 عدّة من تمرين الضغط في غضون 5 دقائق، وبالتالي؛ يمكن أن يحدث تمزق الخلايا العضلية بعد ممارسة النشاط البدني المفرط أو غير المعتاد بـ 5 دقائق إلى 36 ساعة.

الجمع بين التدريب التدريجي وفترات التعافي المناسبة يسمح بحدوث تعديلات مفيدة على العضلات والقلب والأوعية الدموية وتكوين الجسم؛ مثل بناء العضلات وزيادة اللياقة البدنية وفقدان الدهون في الجسم. يؤكد بحثنا أن البدء بالتدريب تدريجياً لمدة أسبوعين بعد فترة من الخمول هو أمر حاسم لجعل أغشية الخلايا العضلية تتكيف تماماً مع الإجهاد المترافق مع التدريب.

يعد «انحلال الربيدات دون السريري»؛ أو الانحلال العضلي غير المترافق مع إصابات الكلى الحادة أو الأعراض المنهكة، من الحالات الشائعة، كما أنه يُعتبر استجابةً نموذجيةً للتدريب، ولا يتطلب علاجاً طبياً. مع ذلك، فإن ترافق التمارين الشاقة (خاصة بعد فترة من الخمول) مع ظهور العلامات أو الأعراض التالية في غضون يوم إلى يومين يتطلّب فحصاً طبياً مناسباً:

  • آلام عضلية شديدة لا تختفي بمرور الوقت.
  • تورم العضلات وصعوبة في الحركة.
  • غثيان أو قيء أو كلاهما.
  • تبوّل متقطّع، وتلوّن البول بلون غامق للغاية (مثل لون الكوكاكولا).

هناك عوامل خطر تزيد من احتمالية الإصابة بانحلال الربيدات بعد التمرين؛ وهي تشمل ممارسة الرياضة في الحر والجفاف أو الرطوبة العالية، والشرب بنهم، والاستهلاك المفرط للقهوة، والممارسات المتطرّفة المتعلقّة بالنظام الغذائي (نباتياً كان أم مرتفع البروتين)، وامتلاك سمة الخلايا المنجليّة. يمكن أن يصاب كل من الرجال والنساء بأعراض انحلال الربيدات؛ على الرغم من أننا نشهد المزيد من الحالات عند الرجال. تبدو عضلات الذراع الأصغر حجماً أكثر عرضةً للإصابة بالتمزق بعد 5-30 دقيقة من التمرين مقارنة بعضلات الرجل الأكبر حجماً لأسباب لا تزال غير واضحة.

على الرغم من أن انحلال الربيدات المترافق مع الأعراض لا يُعتبر شائعاً؛ إلا أن مشكلة ترافقه مع ممارسة التمارين يجب أن ينتبه لها الجميع لأن الحالات آخذة في الازدياد. نحن المدربون والعلماء والخبراء الصحيون نشجع الجميع على الاستفادة من التدريب المنتظم، مع ذلك، فإننا نحذر من الإفراط في ممارسة التمارين. يمكن الوقاية من انحلال الربيدات بشكل كامل من خلال الالتزام بالتدريبات الذكية والسليمة من الناحية الفيزيولوجية.

اقرأ أيضاً: ما الذي يحدث فعلاً عندما تُصاب بالتمزّق العضلي؟

المحتوى محمي