قد تضيف سموماً إلى طعامك عند إضافة البهارات والتوابل. هذا ما وجدته دراسة جديدة من مجلة "تقارير المستهلك" (Consumer Reports)، حيث عُثر على مستوياتٍ عالية من الرصاص والزرنيخ والكادميوم في ثلث الأعشاب والتوابل المجففة التي تم اختبارها.
اختبر الباحثون 15 نوعاً من التوابل الشائعة، بما في ذلك الفلفل الأسود والكمون ومسحوق الزنجبيل والأوريجانو والبابريكا. ووجدوا أن 40 من أصل 126 منتجاً تم اختباره يحتوي على ما يكفي من المعادن الثقيلة لاحتمال أن تشكل تهديداتٍ صحيةٍ للأطفال. ولم تخضع أي من منتجات الزعتر والأوريجانو للاختبار، بينما احتوى 31 منتجاً على مستويات عالية من الرصاص تجاوزت الحد الأقصى للكمية التي يجب أن يستهلكها أي شخص في اليوم الواحد.
وبحسب جيمس إي روجرز، مدير أبحاث واختبارات سلامة الأغذية في مجلة "تقارير المستهلك"، الإفراط في تناول التوابل ليس ضرورياً للتعرض لتلك المعادن الثقيلة. إذ كان استهلاك ثلاثة أرباع ملعقة صغيرة فقط يومياً من بعض التوابل كافياً لإثارة القلق.
وأضاف روجرز أن التوابل لا تشكل سوى مصدر واحد محتمل للتعرّض للمعادن الثقيلة، إذ تم العثور على معادن ثقيلة ضارة مثل الرصاص والزرنيخ في الماء والطلاء وبعض أغذية الأطفال. ويمكن أن تكون هذه مشكلةً كبيرةً لنمو الأطفال، ذلك لأنهم قد يتعرضون للعديد من مصادر هذه المعادن الثقيلة دون إدراك.
التسمم بالمعادن الثقيلة
وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، ليس هناك مستوىً "آمن" للرصاص في الدم، فحتى الآثار الصغيرة للرصاص يمكن أن تؤثر سلباً على ذكاء الطفل وقدرته على الانتباه والإنجاز الأكاديمي.
وبعد أن وجدت دراسة حديثة أن أكثر من نصف أطفال الولايات المتحدة فقط لديهم مستويات ملحوظة من الرصاص في دمائهم، خفّض مركز السيطرة على الأمراض عتبة التسمم بالرصاص لدى الأطفال. وأطلق العديد من المبادرات لتشجيع الآباء على فحص مستوى الرصاص في الدم لدى أطفالهم إذا اشتبهوا في وجود خطر التعرّض البيئي له.
قالت كيلي كريسنا جونسون-أربور، مديرة الطب في مركز السموم الوطني الأميركي: "يؤثر الرصاص على أعضاء متعددة في جسم الإنسان، ويمكن أن تكون له أعراضٌ خطيرة حقاً على البشر. والأطفال أكثر عرضةً لتأثيرات الرصاص من البالغين".
لسوء الحظ، كان الرصاص مجرد واحد من مجموعة المعادن الثقيلة التي تم اكتشافها في التوابل، إذ وجد باحثو مجلة "تقارير المستهلك" أيضاً آثاراً للزرنيخ والكادميوم في العينات التي اختبروها.
وحالها حال الرصاص، قد يكون لهذه المعادن الثقيلة عواقب صحية وخيمة، إذ يرتبط التعرض طويل الأمد للزرنيخ بحالاتٍ طبية ليست حميدة مثل اضطرابات الجلد وزيادة خطر الإصابة بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم وأنواع عديدة من السرطان.
كما يمكن لتناول الكادميوم أن يسبب تهيج المعدة والقيء والإسهال، ويُعرف أيضاً بكونه أحد العوامل المسببة للسرطان. بالإضافة إلى ذلك، فإن التعرّض للكادميوم مرتبطٌ بمشاكل الكلى وأمراض العظام التي تسبب آلاماً بالغة.
ما هي التوابل المَشوبة بالمعادن؟
أنشأت مجلة "تقارير المستهلك" جدولاً بنتائج الاختبار لإظهار مستوى المخاوف من العلامات التجارية المختلفة. ولا يوجد نمط واضح لنوع التوابل أو العلامات التجارية الأكثر عرضةً للتلوث. كما لا يبدو أنه يهم ما إذا كان المنتج يحمل علامة "عضوي" أم لا.
على سبيل المثال، تم الإبلاغ عن جميع عينات الفلفل الأسود بأنها "لا تدعو للقلق". لكن عينات الكمون كانت مختلطة. إذ تم إدراج الكمون المطحون العضوي من إنتاج شركة (Trader Joe) على أنه "مثير لبعض القلق" بينما تم تسجيل الكمون المطحون العضوي من إنتاج شركة (Simply Organic) على أنه "لا يدعو للقلق".
بسبب القيود المفروضة على الموارد والوقت لدى الباحثين، تمكنوا من اختبار 15 نوعاً فقط من التوابل. لذا، ستكون هناك حاجةٌ لإجراء اختباراتٍ مستقبلية لتحديد مستويات المعادن الثقيلة في الأصناف والعلامات التجارية التي لم يتم اختبارها في الأصل.
قد يكون هناك رصاصٌ موجودٌ في التربة، ويمكن أن يصل إلى التوابل أثناء عملية النمو. وفي بعض الأحيان، يمكن للآلات المستخدمة في طحن التوابل أن تحتوي على معدن الرصاص. ويمكن أن يتكسر أو تتناثر ذراتٌ منه أثناء تلك العملية، وبالتالي، يلوث التوابل. كما أنه يمكن استخدام الرصاص في إضافة وزن أو لون لتوابل معينة.
وبحسب الباحثين، فإن التوابل ذات الألوان الزاهية؛ مثل الكركم، ومسحوق الفلفل الحار، والفلفل الحلو، هي تلك التي يُرجح أن تحتوي على الرصاص كعامل تلوين. إذ وجد اختبار "تقارير المستهلك" عينة واحدة على الأقل من الكركم ومسحوق الفلفل الحار والفلفل الحلو التي تحتوي على مستوياتٍ مرتفعة نسبياً من المعادن الثقيلة.
كيفية تجنب التعرّض للرصاص في التوابل
منذ سبعينيات القرن الماضي، قلل العمل باللوائح الفيدرالية الأميركية المتعلقة بالبنزين والطلاء من التعرّض للرصاص، لكن الناس لا يزالون عرضةً له إذا كانوا يعيشون في منازل تم بناؤها قبل عام 1978، أو من مصادر أخرى؛ مثل التوابل.
الوقاية هي أفضل طريقة لتجنب استهلاك المعادن الثقيلة. لكن قد لا يعرف المستهلكون أي التوابل خالية من الرصاص، لأن هذا غير مدرج في ملصقات الأطعمة. قد يساعدك الاطلاع على جدول مجلة "تقارير المستهلك" أثناء التسوق في متجر البقالة.
حاول اقتناء التوابل التي أظهر الاختبار أنها تحتوي على كمياتٍ أقل من المعادن الثقيلة، والتوابل المزروعة محلياً في تربة خالية من الرصاص آمنة للاستهلاك. وإذا سافرت، لا تحضر بهارات من الخارج. إذ يمكن أن تحتوي على معادن ثقيلة وملوّثات أخرى، لأن نظام سلامة الغذاء قد يختلف من بلدٍ لآخر.
كما يجب على الأشخاص الذين يعتقدون أنهم تعرّضوا للرصاص أو غيره من المعادن الثقيلة التحدث إلى أحد مقدمي الرعاية الصحية. وبالنسبة للأطفال، تكمن علامات التعرّض في تأخر النمو ومشاكل السمع وآلام البطن والإمساك. أما بالنسبة للبالغين، قد تكون الأعراض غامضةً للغاية، مثل الصداع الخفيف أو التعب أو ارتفاع ضغط الدم.
لكن على أية حال، إن اختبارات الدم موجودة لتحديد ما إذا كان الفرد قد تعرّض للرصاص. وحتى بعد إجراء فحص الدم، قد يكون من الصعب تحديد مصدر التعرّض، لكن بمجرد أن تعرف من أين أتى، عليك التخلص منه. هذا هو الشيء الأكثر أهمية.