ستأخذ وجبة الفاصولياء على الخبز المحمص في بريطانيا شكلاً جديداً؛ حيث يخطط فريق من الباحثين لدمج الفول في الخبز الأبيض لجعله مغذياً أكثر ويدوم وقتاً أطول، وقد يصل المنتج الذي أطلقوا عليه اسم "الفول في الخبز المحمص" إلى متاجر المملكة المتحدة في السنوات القليلة القادمة إذا قررت إحدى الشركات تصنيعه.
الفول عنصر جديد في الأنظمة الغذائية
وفقاً لشركة كانتار غروب (Kantar Group) لتحليل البيانات؛ يتناول 96% من البريطانيين الخبز ويفضل 90% منهم استخدام الخبز الأبيض، وبالتالي فإن استخدام الفول العادي (Faba beans)؛ الذي يُعرف بالفول العريض أيضاً، بدلاً من فول الصويا يمكن أن يوفر للبريطانيين مصدراً سهل الهضم للبروتين والألياف والحديد الذين يفتقر إليهم البريطانيون في أنظمتهم الغذائية غالباً.
تقول الباحثة الرئيسية في المشروع وأستاذة التغذية البشرية في جامعة ريدينغ في بريطانيا، جولي لوفغروف (Julie Lovegrove) في هذا الصدد: "لقد اخترنا الفول لأنه غني جداً بالعناصر الغذائية"، وتضيف إن 11% من الشعب البريطاني فقط يستهلك كمية الألياف الموصى بها والتي تبلغ 30 غراماً يومياً.
اقرأ أيضاً: 5 أطعمة تحتوي على العناصر الغذائية اللازمة للبقاء على قيد الحياة
ووفقاً للوفغروف، فإن منتج خبز الفول الأولي يشبه الخبز الأبيض العادي: "يشبه الخبز الأبيض العادي تماماً من حيث الطعم والشكل باستثناء أن لونه أغمق قليلاً ولا ينتفخ مثل الخبز الأبيض، ولكننا ما نزال في المراحل الأولى من المشروع لذلك نحرص على أن نتغلب على هذه التحديات، والفريق مصمم على جعل المنتج أقرب ما يكون إلى الخبز الأبيض التجاري قدر الإمكان".
مصدر مستدام للبروتين
وفقاً للباحثين، فإن موطن الفول الأصلي هو إفريقيا وجنوب غرب آسيا، وبالإمكان زراعته بشكل مستدام وبتكلفة منخفضة في المملكة المتحدة. ويقول أستاذ علوم المحاصيل في جامعة ريدينغ وأحد الباحثين المشاركين في المشروع، دونال أوسوليفان (Donal O’Sullivan) في رسالة بإلكترونية أرسلها إلى مجلة العلوم للعموم، إن المصدر الأكثر استدامة للبروتين النباتي في المملكة المتحدة هو المصدر الذي يتطلب أقل قدر من المدخلات لإنتاج أكبر كمية من البروتين، وللفول في هذا الصدد البصمة الكربونية الأقل من بين الخيارات المتاحة جميعها.
تقول عالمة الأغذية والأستاذة الجامعية في جامعة ولاية أوهايو، يائيل فودوفوتز (Yael Vodovotz)، إن دقيق الصويا يدخل في الخبز الأبيض بنسبة 1 إلى 3% من أجل تفتيحه، ويُستخرج من فول الصويا. يقترح الباحثون الاستعاضة عن دقيق فول الصويا وربع كمية القمح المستخدمة بدقيق الفول، ويعتقدون أن ذلك سيؤدي إلى تخفيض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون من عملية الإنتاج بنسبة 11% مقارنة بالخبز المصنوع من القمح فقط.
هذا المشروع هو محاولة لتعزيز الإنتاج الغذائي المحلي المستدام، وقد دعمته حكومة المملكة المتحدة مالياً كما تقول لوفغروف. في الواقع، يتم استيراد معظم فول الصويا إلى المملكة المتحدة عبر المحيطات، ويأتي جزء كبير من الإمدادات من الولايات المتحدة حيث يُعتبر فول الصويا ثاني أهم محصول بعد الذرة، وصدّر المزارعون ما تصل قيمته إلى 27 مليار دولار منه في عام 2021. كان محصول فول الصويا قد أصبح موضوعاً للسياسة الخارجية نظراً لأهميته؛ حيث فرضت الصين، أكبر مستورد لفول الصويا من الولايات المتحدة، ضرائب المعاملة بالمثل على وارداتها من الولايات المتحدة عام 2018.
اقرأ أيضاً: كيف ستؤدي الأنظمة الغذائية المتشابهة إلى أزمات؟
ويقول المهندس الزراعي المتخصص في فول الصويا والأستاذ الجامعي في جامعة أركنساس، جيريمي روس (Jeremy Ross)، في رسالة بالبريد الإلكتروني لمجلة العلوم للعموم: "البصمة الكربونية لإنتاج فول الصويا في الولايات المتحدة منخفضة نسبياً؛ حيث يُزرع معظمه بعلاً، ولا يتم ري سوى أقل من 10% من إجمالي مزارعه".
على العكس من زراعة فول الصويا التي لا تزدهر في المملكة المتحدة، ينمو الفول فيها جيداً. تقول لوفغروف: "نستخدم البقوليات المزروعة محلياً أو البقوليات المجففة" (فقط 55% من الأطعمة التي يأكلها البريطانيون تتم زراعتها محلياً، أما الباقي فيتم استيراده). وتضيف: "تُبذل جهود كبيرة لزراعة المحاصيل في المملكة المتحدة بهدف تقليل تكلفة شحن الأغذية وخفض بصمتها الكربونية".
اقرأ أيضاً: مواد سامة طبيعية في أطعمتنا: أين توجد وكيف نتخلص منها؟
تلقت المجموعة البحثية تمويلاً من الحكومة البريطانية بلغ 2 مليون جنيه إسترليني لتطوير منتج "الفول في الخبز المحمص" خلال الأشهر القليلة القادمة، ويقود المشروع تحالف كبير مكون من 25 باحثاً من جامعة ريدينغ بالإضافة إلى بعض تجار التجزئة والمزارعين وصانعي السياسات.
سيمر المشروع بعدة مراحل؛ سيقوم الباحثون في البداية بالإشراف على زراعة الفول ثم إنتاج دقيق الفول منه، وبعد ذلك سيختبرون منتجهم ويستطلعون آراء المستهلكين حوله. وتقول لوفغروف إن الفريق يأمل أن يكون منتج "الفول في الخبز المحمص" متاحاً للعامة في المتاجر بحلول عام 2026.