هل يوجد مشروب يمكنه رفع ذكاء المدير حقاً؟ بداية لا يوجد مشروب أو مكمل "يرفع الذكاء" بالمعنى الحرفي، وإنما ما يمكن أن يحدث هو تحسين مؤقت في التركيز واليقظة وسرعة المعالجة الذهنية. لكن إذا كنت مديراً يتعامل يومياً مع سيل لا ينقطع من القرارات والمهام الحساسة والمواعيد الضاغطة، فقد يصبح مطلبك هو الحفاظ على صفاء الذهن وحدة التركيز. ولهذا لا يبدو غريباً أن يتحول البحث عن "دواء سريع وذكي" أو محفز إدراكي فعال إلى هاجس يرافق الكثيرين.
غالباً ما يلجأ المدراء إلى أحد خيارات ثلاثة بحثاً عن دفعة ذهنية حقيقية تتجاوز الشعور العابر بالنشاط، إما فنجان القهوة الصباحي وإما كوب من الشاي الأخضر وإما الأدوية الذكية (المنشطات الذهنية) التي تعرف أيضاً باسم "النوتروبيكس". لكن السؤال يبقى: أي من هذه الخيارات يمنحك بالفعل دعماً إدراكياً موثوقاً عندما تحتاج إليه؟ إليك ما يقوله العلم.
القهوة: المنبه الأكثر شيوعاً
تعد القهوة المشروب العالمي الأول وأكثر المنبهات الطبيعية شيوعاً، وهذا بفضل محتواها من مادة الكافيين. فالكافيين في حد ذاته محفز عصبي قوي، ويصنف ضمن "النوتروبيكس"، ويكمن تأثيره الأساسي في دوره بوصفه مناهضاً لمستقبلات الأدينوزين.
الأدينوزين هو ناقل عصبي يتراكم تدريجياً في الدماغ أثناء ساعات الاستيقاظ، كلما زاد تركيزه سبب الإحساس بالنعاس والتعب لأنه يبطئ نشاط الخلايا العصبية ويشجع على النوم، ويمكن اعتباره بمثابة مؤشر للتعب، يخبر الدماغ بأن الوقت قد حان للراحة. لكن بسبب تشابه تركيبه مع الكافيين، فإن الكافيين يرتبط بمستقبلات الأدينوزين ويمنعه من إرسال إشارات التعب.
علاوة على ذلك، يقلل تناول القهوة نشاط شبكة الوضع الافتراضي (DMN) في الدماغ، وهي شبكة عصبية مرتبطة بالشرود والتفكير الداخلي، في الوقت نفسه الذي يرفع فيه من الترابط بين الشبكات المسؤولة عن التحكم التنفيذي ومعالجة المعلومات البصرية.
بالنسبة للمدير، تترجم هذه التأثيرات إلى فوائد فورية ملحوظة:
- زيادة اليقظة والانتباه.
- تحسين سرعة رد الفعل.
- جودة في التخطيط وقوة الذاكرة العاملة.
ومع ذلك، قد يسبب الإفراط الزائد في تناول الكافيين آثاراً سلبية، بما فيها القلق والتململ واضطرابات النوم، كما قد يؤدي الكبح المستمر لشبكة الوضع الافتراضي إلى الحد من لحظات الإبداع والتفكير التأملي التي يحتاج إليها المدير في أحيان كثيرة.
عموماً، توصي إدارة الغذاء والدواء الأميركية بالحد من استهلاك الكافيين إلى أقل من 400 مليغرام يومياً، أي ما يعادل 4 - 5 فناجين قهوة متوسطة الحجم.
اقرأ أيضاً: أبرز الفوائد لشرب القهوة يومياً
الشاي الأخضر: صفاء ذهني وتوازن هادئ
إذا كانت القهوة تثير لديك العصبية أو تفسد نومك، فقد يكون الشاي الأخضر خياراً ألطف وأكثر استقراراً، ودون آثار جانبية مزعجة.
يحتوي الشاي الأخضر على الكافيين ولكن بنسبة أقل من القهوة، بالإضافة إلى الحمض الأميني "إل-ثيانين". يعزز هذا الحمض إنتاج موجات ألفا الدماغية، التي ترتبط بحالة صفاء ذهني واسترخاء يقظ، وهو المزيج المثالي للمهام الإبداعية أو التحليلية.
في بحث نشرته دورية علم الأدوية النفسية، شارك 12 شاباً سليماً في تجربة علمية، تناولوا خلالها مشروبين مختلفين، أحدهما يحتوي على مستخلص الشاي الأخضر والآخر لا يحتوي عليه، بينما خضعوا لتصوير دماغي دون أن يعرفوا أي مشروب تناولوه.
كشف التصوير أن مستخلص الشاي الأخضر يعزز التواصل بين القشرة الجدارية والجبهية، وهما منطقتان مرتبطتان بالذاكرة العاملة. ينعكس هذا التحسن في التواصل العصبي على المدراء كما يلي:
- أداء أفضل للمهمات الذهنية.
- تركيز طويل الأمد.
- قدرة أعلى على معالجة المعلومات تحت الضغط.
- انخفاض الشعور بالضغط النفسي ما يساعد على اتخاذ قرارات متزنة.
اقرأ أيضاً: هل يحتوي الشاي الأخضر على الكافيين؟
"المنشطات الذهنية" أو مكملات النوتروبيكس
يمتد مصطلح النوتروبيكس ليشمل طيفاً واسعاً من المواد؛ من النباتات التقليدية والمكملات العشبية إلى الأحماض الأمينية والمركبات الاصطناعية. الهدف منها هو تحسين الوظائف الإدراكية مثل الذاكرة والتركيز والإبداع والانتباه من خلال التأثير في النواقل العصبية أو تدفق الدم إلى الدماغ أو نشاط الخلايا العصبية.
تتباين الدراسات حول تأثير هذه المواد، إذ بينما يدعم البعض فاعليتها، خاصة في حالات طبية معينة، يشكك البعض الآخر في فائدتها للأشخاص الأصحاء. كما تختلف التأثيرات من شخص لآخر وفقاً للجرعة ونوع المادة والحالة الصحية. وهي تشمل عموماً:
- النوتروبيكس الدوائية: مثل "مودافينيل" أو "أديرال" المخصصة لحالات طبية مثل اضطراب فرط الحركة أو النوم القهري، لكن استخدامها من قبل الأصحاء يحمل مخاطر تتعلق بالإدمان والقلق والسلوك الاندفاعي.
- المكملات الطبيعية: مثل الكرياتين الذي قد يدعم الذاكرة قصيرة المدى، والجنكو بيلوبا التي يعتقد أنها تحسن تدفق الدم للدماغ، بالإضافة إلى أحماض أوميغا-3 الضرورية لبنية الدماغ ومعالجة المعلومات.
- مركبات صناعية: مثل بيراسيتام و"راسيتمز"، وهي مصممة لتعزيز الإدراك لكن الأدلة العلمية حولها متباينة.
بعض النوتروبيكس يمكن أن تساعد المدراء والمهنيين على تحسين التركيز والانتباه والتحكم السلوكي والمرونة المعرفية. مع ذلك، تختلف فاعليتها بين الأنواع، كما ينبغي الحذر من الآثار الجانبية مثل الأرق والقلق وارتفاع ضغط الدم والاعتماد النفسي خاصة مع الأدوية المنشطة.
اقرأ أيضاً: ما هي المكملات الغذائية التي يحتاجها المدراء؟
القهوة أم الشاي الأخضر أم مكملات النوتروبيكس: أيها يرفع ذكاء المدير حقاً؟
إذا، تختلف المشروبات الثلاثة في فوائدها، إذ بينما تتفوق القهوة في تقديم يقظة حادة وسريعة تسعفك في اللحظات التي تتطلب استجابة فورية، يوفر الشاي الأخضر مزيجاً متوازناً من الانتباه والاسترخاء، ويعد خياراً مثالياً للمهام التي تتطلب صفاءً ذهنياً وذاكرة قوية واستمرارية. أما المكملات الذكية (النوتروبيكس)، فيستدعي استخدامها الحذر والاستعانة بمشورة المختصين. عموماً، يمكن الجمع بين هذه الخيارات وفقاً لاحتياجاتك كما يلي:
- القهوة ليقظة سريعة وتقليل الإحساس بالتعب، لكن تأثيرها قصير المدى، وقد يسبب قلقاً أو أرقاً عند الإفراط.
- الشاي الأخضر للدخول في حالة تركيز هادئ ومستقر بعيداً عن القلق والتوتر الذي قد تسببه القهوة.
- مكملات النوتروبيكس، فقط تحت إشراف طبي.