دراسة: الملونات الصناعية قد تسبب سرطان القولون والمستقيم

4 دقائق
سرطان القولون والمستقيم
حقوق الصورة: موكارون/ أنسبلاش.

منذ أوائل التسعينيات، ازدادت حالات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم المبكر بين الشباب دون سن 50 عاماً في جميع أنحاء العالم. ومن المتوقع أن تزداد معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 90% و124% على التوالي بحلول عام 2030. 

أحد الأسباب المشكوك في أنها وراء ازدياد معدلات الإصابة هو الاستهلاك العالمي المتزايد لنظام غذائي غربي يتكون بشكل أساسي من اللحوم الحمراء والمعالجة والسكر المضاف والحبوب المكررة. يتكون 60% من النظام الغذائي الأميركي القياسي، والذي يُعرف اختصاراً باسم «SAD»، من أطعمة فائقة المعالجة مثل الحلويات الصناعية المخبوزة والمشروبات الغازية واللحوم المصنعة، ويرتبط هذا النظام بزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.

أحد جوانب الأطعمة فائقة المعالجة التي أشعر بالقلق حيالها هو ألوانها، حيث تظهر هذه الخاصية جلياً في العديد من الأطعمة اللذيذة والحلويات الموجودة خلال إجازات نهاية العام. في الحقيقة، العديد من الألوان التي تظهر في الحلوى والكعك وحتى صلصة التوت البري واللحوم المشوية ما هي إلا ألوان صبغاتٍ صناعية، وهناك بعض الأدلة على أن صبغات الطعام الاصطناعية قد تسبب السرطان في الجسم.

بصفتي مدير مركز أبحاث سرطان القولون في جامعة ساوث كارولينا، كنت أدرس تأثيرات صبغات الطعام الاصطناعية على تطور سرطان القولون والمستقيم. على الرغم من أن البحث حول مخاطر الإصابة بالسرطان جراء استهلاك الأصبغة الصناعية ما يزال في بدايته، إلا أنني أعتقد أن عليك التفكير مرتين قبل أن تتناول الحلوى الغنية بهذه الأصبغة في موسم الأعياد هذا.

اقرأ أيضاً: قتل الخلايا السرطانية باستخدام بكتيريا غازية متفجّرة

ما هي الصبغات الغذائية الاصطناعية؟

تستخدم صناعة المواد الغذائية الأصباغ الاصطناعية لأنها تجعل مظهر الطعام يبدو أفضل. تم إنشاء ألوان الطعام الأولى من قطران الفحم في أواخر القرن التاسع عشر. اليوم، تُصنع غالباً من مادة كيميائية مشتقة من البترول تسمى النفثالين للوصول إلى منتج نهائي يسمى صبغة الآزو.

يفضل مصنعو المواد الغذائية الأصباغ الاصطناعية على الأصباغ الطبيعية، مثل صبغة الشمندر (البنجر)، لأنها أقل تكلفة وتضفي لوناً أغنى وتدوم لفترة أطول. لقد طور المصنعون المئات من أصباغ الطعام الاصطناعية خلال القرن الماضي، لكن معظمها سامة. لقد اعتمدت إدارة الغذاء والدواء الأميركية تسعاً منها فقط، بينما اعتمد الاتحاد الأوروبي عدداً أقل منها. بدأ مصنعو المواد الغذائية في الولايات المتحدة في استخدام الألوان الاصطناعية لتوحيد ألوان منتجاتهم كاستراتيجية تسويقية.

ما الذي يسبب سرطان القولون والمستقيم؟

يعد تلف الحمض النووي السبب الرئيسي لسرطان القولون والمستقيم. عندما يحدث تلف في الحمض النووي في الجينات المسببة للسرطان، فإنه يمكن أن يؤدي إلى طفرة تخبر الخلية أن تنقسم بشكل لا يمكن السيطرة عليه وتتحول بالتالي إلى خلية سرطانية.

المحرك الآخر لسرطان القولون والمستقيم هو الالتهاب. يحدث الالتهاب عندما يرسل الجهاز المناعي خلايا التهابية لبدء معالجة الضرر أو تحييد العوامل الممرضة. عندما يستمر هذا الالتهاب لمدة طويلة، فإنه يمكن أن يضر بالخلايا السليمة عن طريق إطلاق جزيئات تسمى الجذور الحرة يمكن أن تلحق الضرر بالحمض النووي للخلايا. وهناك نوع آخر من الجزيئات يسمى السيتوكينات يمكن أن يطيل الالتهاب وتحفّز زيادة انقسام الخلايا وتطور السرطان في القناة الهضمية عندما لا يكون هناك أي إصابة ليتم علاجها.

يمكن أن تؤدي العادات الغذائية السيئة على المدى الطويل إلى التهاب منخفض الدرجة لا ينتج عنه أعراض ملحوظة على الرغم من أن الجزيئات الالتهابية تستمر في إتلاف الخلايا السليمة.

اقرأ أيضاً: النظام الغذائي السيئ يمكن أن يزيد من خطر إصابتك بالسرطان

الأصباغ الغذائية الاصطناعية والسرطان

على الرغم من عدم تصنيف إدارة الغذاء والدواء الأميركية أي من الألوان الغذائية الاصطناعية المعتمدة كمواد مسرطنة، إلا أن الأبحاث المتوفرة حالياً تشير إلى مخاطر صحية محتملة أعتبرها أنا والآخرون مصدر قلق.

على سبيل المثال، يمكن للبكتيريا الموجودة في الأمعاء أن تفكك الأصباغ الاصطناعية إلى جزيئات تُعرف بأنها تسبب السرطان. هناك حاجة إلى مزيد من البحث حول كيفية تفاعل الميكروبيوم مع الصبغات الصناعية ومخاطر تسبب ذلك بالسرطان.

لقد أظهرت الدراسات أن الأصباغ الغذائية الاصطناعية يمكن أن ترتبط بالحمض النووي والبروتينات داخل الخلايا. وهناك أيضاً بعض الأدلة على أن الأصباغ الاصطناعية يمكن أن تحفز آلية الجسم الالتهابية. قد تشكل كلتا الآليتين مشكلة بالنسبة لصحة القولون والمستقيم.

وقد وُجد أن للأصباغ الغذائية الاصطناعية دور في إتلاف الحمض النووي في القوارض، وقد دُعمت هذه النتائج ببيانات فريقي البحثي غير المنشورة حتى الآن، والتي تُظهر أن صبغات «ألورا الحمراء» (Allura Red) و«أحمر 40» (Red 40) و«صبغة التارترازين» (Tartrazine) و«أصفر 5» (Yellow 5)، يمكن أن تتسبب في تلف الحمض النووي في خلايا سرطان القولون مع زيادة الجرعات وطول التعرض في بيئةٍ مختبرية مُراقبة. سيكون علينا تكرار نتائجنا في نماذج حيوانية وبشرية قبل أن نتمكن من القول إن هذه الأصباغ تسببت بشكل مباشر في تلف الحمض النووي.

أخيراً، قد تكون الملونات الاصطناعية مصدر قلق خاص بالنسبة للأطفال. من المعروف أن الأطفال أكثر عرضة للسموم البيئية لأن أجسامهم لا تزال في طور النمو. أعتقد أنا وآخرون أن هذا القلق قد يمتد إلى الأصباغ الغذائية الاصطناعية نظراً لاستخدامها الواسع في أغذية الأطفال. لقد وجدت دراسة أجريت عام 2016 أن أكثر من 40% من المنتجات الغذائية التي يتم بيعها للأطفال في أحد المتاجر الكبرى في ولاية كارولينا الشمالية تحتوي على ملوناتٍ صناعية. نوصي بإجراء المزيد من الأبحاث للتحقق من كيفية تأثير التعرض المتكرر لأصباغ الطعام الاصطناعية على الأطفال.

تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم

لن يسبب تناول القليل من الحلوى والأطعمة الشهية خلال موسم العطلات القادم سرطان القولون والمستقيم بالتأكيد. لكن الاعتماد على نظامٍ غذائي غني بالأطعمة الحاوية على الملونات الصناعية على المدى الطويل قد يؤدي إلى ذلك. بعلى لرغم من أن هناك حاجة إلى المزيد من البحث حول الصلة بين الملونات الصناعية والسرطان، إلا أن هناك خطوات قائمة على الأدلة يمكنك اتباعها الآن لتقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.

من الخطوات التي يمكنك البدء بها إجراء فحص للتحري عن سرطان القولون، وزيادة نشاطك البدني، وأخيراً، اتباع نظام غذائي صحي يحتوي على المزيد من المنتجات والحبوب الكاملة وكميةٍ أقل من الكحول واللحوم الحمراء والمعالجة. على الرغم من أن ذلك سيمنعك من تناول الأطعمة الشهية الغنية بالأصبغة الصناعية خلال العطلات، لكن أمعاءك ستشكرك كثيراً على المدى الطويل.

المحتوى محمي