النظام الغذائي السيئ يمكن أن يزيد من خطر إصابتك بالسرطان

6 دقائق
التسمم الغذائي النظام الغذائي السيئ
shutterstock.com/ TORWAISTUDIO

بغض النظر عن مدى رغبتنا في تصديق أن «شاي إزالة السموم» أو «التوت الفائق» سيقينا من الإصابة بالسرطان، فإن الحقيقة ليست كذلك. يمكن لأي شخص أن يصاب بالسرطان بغض النظر عن نمط الحياة الذي يتبعه؛ ولكن تناول الأطعمة الصحية وممارسة الرياضة بانتظام أفضل طريقة لتقليل احتمال الإصابة.

اقرأ أيضاً: ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان بين الشباب إليك الطريقة التي تقلل خطر إصابتك

لكن هذه الحقيقة ليست مُرضيةً، أليس كذلك؟ «الأكل الصحي» فكرة غامضة قد تبدو مرتبطةً بشكلٍ ما بالسرطان، بينما فإن تناول مضادات الأكسدة التي يُفترض أنها تزيل الجذور الحرة يبدو وكأنه ذو تأثير مباشر أكثر. مع ذلك، فإن الحقيقة هي أن اتباع نظام غذائي سيئ يتسبب بالسرطان بنفس المعدل الذي يتسبب به تناول الكحول، كما أن عدداً أكبر من حالات السرطان ترتبط بزيادة وزن الجسم الذي ينتج عن اتباع هذا النظام الغذائي السيئ.

اقرأ أيضاً: هل يؤثر وزنك على عمرك؟ الإجابة ليست سهلة

تقريباً؛ يمكن الوقاية من حالتين من كل 5 حالات إصابة بالسرطان في أميركا عن طريق تعديل عوامل الخطر من النظام الغذائي السيئ - بدءاً من استهلاك الكحول إلى الخمول البدني، وبالطبع تدخين السجائر. تقابل هذه النسبة ما يزيد عن 659,000 حالة سنوياً؛ ومن بين هذه الحالات، قدّرت دراسة جديدة نُشرت في دورية «جاي أن سي آي كانسر سبيكتروم»، أن أكثر من 80 ألف حالة (على الأقل في عام 2015) تُعزى إلى اتباع نظام غذائي دون المستوى الأمثل.

اقرأ أيضاً: ما هي المخاطر المرتبطة بتناول المشروبات الكحولية؟

إذاً ماذا يعني ذلك في الواقع؟ كيف يؤثر النظام الغذائي السيئ على مخاطر الإصابة بالسرطان؟ سنقوم بشرح ذلك من أجلك.

حالات السرطان الناتجة عن تردّي النظام الغذائي
سرطان القولون والمستقيم آخذ في الازدياد، خاصةً في الأجيال الشابة. مخطط معلومات بياني لسارة تشودوش.

 

كيف تؤثّر الأطعمة المختلفة على خطر إصابتي بالسرطان؟

تركّز معظم الشروح للربط بين النظام الغذائي والسرطان على 7 مجموعات غذائية رئيسية: الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة واللحوم المُعالَجة واللحوم الحمراء ومنتجات الحليب والمشروبات المحلاة بالسكر (علم السكر معقد، لأن الفواكه تحتوي أيضاً على الكثير من السكر، لذلك يركز الباحثون على المشروبات المحلاة لأنها مضرة بشكل لا لُبس فيه). معظم الأميركيين -في الواقع معظم الناس حول العالم- لا يأكلون الكمية المناسبة من أي من هذه الأنواع من الطعام. نحن نستهلك الكثير من السكر واللحوم الحمراء أو المعالَجة ولا نتناول ما يكفي من الفاكهة أو الخضار أو الحبوب الكاملة أو منتجات الحليب.

اقرأ أيضاً: كيف تتجنب زيادة الوزن حتى مع تناولك للحلوى؟

بعض هذه المجموعات الغذائية لها تأثير مباشر للغاية على صحتنا. على سبيل المثال: الألياف الموجودة في الفاكهة والخضار والحبوب الكاملة تُغذّي ميكروبيوم الأمعاء الصحّي. تحتوي اللحوم المعالَجة واللحوم الحمراء على جزيئات مختلفة تزيد احتمال التسرطن؛ لكن الأطعمة الأخرى -مثل السكر- تسبب السرطان بطريقة أقل مباشرةً، فهي تجعلنا نكتسب الوزن. يمكن للأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أن يتمتعوا بصحة جيدة؛ ولكن وسطياً تزيد السمنة من المخاطر الصحية - ومنها خطر الإصابة بالسرطان.

اقرأ أيضاً: هل التوقف عن تناول اللحوم الحمراء صحيٌّ فعلاً؟ 

لا تؤثّر كل الأطعمة على خطر الإصابة بالسرطان بنفس الطريقة
السمنة والصحة الجيدة يمكن أن يتقاطعا؛ لكن زيادة الوزن لها تأثير رغم ذلك. مخطط معلومات بياني لسارة تشودوش.

إليك المزيد من التفاصيل المعمقة حول كيفية تأثير هذه الأطعمة على مخاطر الإصابة بالسرطان عند البشر. مصدر هذه المعلومات كلها هو «تقرير الصندوق العالمي لأبحاث السرطان» المعمّق عن النظام الغذائي والسرطان.

الحبوب الكاملة

لا تحتوي الحبوب المعالَجة -مثل تلك الموجودة في الدقيق الأبيض- على نواة الحبوب الكاملة، والحبوب الكاملة هي التي تحتوي على جميع المغذيات. تحتوي أجزاء النخالة والبذار على مغذّيات مثل فيتامين «هـ» والنحاس والزنك والسيلينيوم، بالإضافة إلى اللغنين والإستروجين النباتي اللذان يعتقد الباحثون أنهما قد يمتلكان خصائصَ مضادة للسرطان. كما أن هذه الأجزاء مليئة بالألياف؛ والتي تغذي بكتيريا الأمعاء الصحية، وتتخمّر متحوّلة إلى أحماض دهنية قصيرة السلسلة قد تساعد في الوقاية من السرطان، وتحرك محتويات الأمعاء (مما قد يقلل من فرص تلامس إحدى المركّبات المسببة للطفرات في برازك مع خلايا الأمعاء).

اقرأ أيضاً: إلى أي مدى يجب أن نقلق من المواد المسرطنة؟

كل هذه العوامل تساهم في صحة القولون وقلة التهابه. نسمع الكثير عن العلاقة بين الالتهابات والسرطان، وتكمن الفكرة في أن ردود الفعل الالتهابية تهدف إلى قتل الغزاة المحتملين مثل البكتيريا، لأن جسمك بشكل عام يصاب بالتهاب كاستجابة لتهديد جسدي. على سبيل المثال: من غير المرجّح أن يصاب جرح في يدك بعدوىً ما لأن جسمك ينتج موادَ كيميائيةً تحفز حدوث الطفرات في مسببات الأمراض المحتملة مثل البكتيريا؛ لكن هذه المواد الكيميائية نفسها تدمر خلاياك. هذه ليست مشكلةً طالما كانت على نطاق ضيّق؛ ولكن الالتهاب المزمن يعزز خطر السرطان في النهاية.

تميل الأنظمة الغذائية التي تحتوي على نسبة منخفضة من الحبوب الكاملة إلى زيادة خطر الالتهابات وتؤدي إلى تردّي صحة الأمعاء بشكل عام، وهذا هو سبب ارتباطها بسرطان القولون والمستقيم بشكل رئيسي.

منتجات الحليب

قد تكون معتاداً على النظر لمنتجات الحليب على أنها سيئة بسبب انتشار فكرة أن الدهون مضرّة لعقود. الدهون ليست مضرةً تماماً، وعلى الرغم من أن منتجات الحليب غنية بالسعرات الحرارية؛ إلا أن هناك الكثير من الخيارات التي تحتوي على نسبة منخفضة من الدهون، والتي تُعتبر صحية جداً. أولاً: تحتوي منتجات الحليب على نسبة عالية من الكالسيوم؛ وهو معدن تشير الأبحاث إلى أنه يمكن أن يقي القولون (على الرغم من أن .

يبدو أن كل هذه العوامل تساعد في حماية خلايا القولون من أن تصبح مسرطنة.

هناك عيب واحد محتمَل لمنتجات الحليب (بصرف النظر عن الدهون المشبعة)؛ وهو أن نسبة الكالسيوم العالية قد تترافق مع زيادة طفيفة في خطر الإصابة بسرطان البروستات. ارتبط استهلاك المزيد من الحليب بارتفاع طفيف في مستويات عامل النمو المسمى «آي جي أف-1»؛ والذي يرتبط بدوره بزيادة خطر الإصابة بسرطان البروستات، ولهذا السبب لا يُروّج لمنتجات الحليب على أنها مضادة للسرطان كلياً. من ناحية أخرى؛ يبدو أن الكالسيوم له بعض التأثيرات الوقائية نتيجةً لمساهمته في ضبط مستويات فيتامين «د». يبدو أن خطر الإصابة بسرطان الثدي ينخفض مع زيادة تناول الكالسيوم لهذا السبب.

الحمية المتوازنة هي الحمية الأفضل. مخطط معلومات بياني لسارة تشودوش.

اللحوم الحمراء واللحوم المعالَجة

ترتبط التأثيرات المُسرطنة لهذه اللحوم إلى حد كبير بثلاث أنواع من الجزيئات: الأمينات الحلقية غير المتجانسة، والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات، ومركبات الـ أن-نيتروزو. يتشكّل أول اثنين في اللحوم الحمراء والمُعالجة أثناء الطهي بدرجة حرارة عالية، بينما يُنتج القولون المركب الثالث عند تعرّضه لمستويات عالية من حديد الهيم (وهو ما يعطي اللحوم الحمراء لونها). تحتوي اللحوم المعالَجة أيضاً على النترات والنتريت، وكلاهما قد يساهمان في تكوين الـ أن-نيتروزو.

تساهم هذه الجزيئات في زيادة خطر الإصابة بالسرطان في أعضاء متعددة من الجسم؛ ومنها القولون والمعدة والبنكرياس، وذلك عن طريق التسبب مباشرة في حدوث طفرات في الخلايا يمكن أن تتراكم بمرور الوقت.

الفواكه والخضار

بالإضافة إلى جميع الفوائد المذكورة أعلاه للألياف؛ تحتوي الفواكه والخضروات أيضاً على كميات كبيرة من المغذّيات والمواد الكيميائية النباتية التي تشير الأبحاث إلى أنها مضادة للأورام. يشمل ذلك كل شيء من الكاروتينات إلى الفلافونويدات إلى فيتامينات «أ» و «ج» و «هـ». تفيد أغلب هذه المركبات العناصر المختلفة في الجهاز الهضمي - من الفم إلى المعدة إلى القولون؛ لكنها تساعد أيضاً في الوقاية من سرطانات مثل سرطان الثدي والرئة والمثانة، على الأرجح من خلال نفس الآليات.

المشروبات المحلّاة بالسكّر

على عكس بقية هذه العوامل الغذائية، فلا يحتوي السكر على أية خصائص مباشرة مسببة للسرطان أو واقية منه. بدلاً من ذلك، فإنه يساهم في مخاطر السرطان من خلال تعزيز زيادة الوزن، وعلى الرغم من وجود العديد من الطرق لتحسين الصحة إذا كنت تعاني من زيادة الوزن أو السمنة (يمكن أن تساعد التمارين المنتظمة في تغيير معدل الاستقلاب ليصبح صحيّاً للقلب حتى لو لم تفقد الوزن!)؛ إلا أن الدهون تساهم في الإصابة بالسرطان.

إحدى الآليات التي تساهم بها هي تعزيز الالتهابات. تسبب دهون الجسم التهابات مزمنة من خلال عدة آليات؛ ومنها إنتاج المواد الكيميائية المسببة للالتهابات مباشرةً، كما أن زيادة نسبها ترتبط بزيادة مستويات الأنسولين؛ ما يمكن أن يعزز نمو الخلايا الزائد الذي يزيد من خطر الإصابة بالسرطان.

تؤثر الدهون الزائدة في الجسم أيضاً على مستويات الهرمونات، نظراً لأن الخلايا الدهنية هي مواقع تخزين مهمة للهرمونات. هذا ينطبق بشكل خاص على النساء بعد انقطاع الطمث؛ واللواتي توقفت أجسادهن عن إنتاج مستويات عالية من الإستروجينات من المبيض - وبالتالي يحصلن على الهرمونات الجنسية من دهون الجسم.

بعيداً عن النظام الغذائي السيئ: هل سيقيني اتبّاع نظام غذائي صحي من الإصابة بالسرطان؟

نعم و لا. جميع الآليات التي ناقشناها حتى الآن تقلل بالفعل من خطر الإصابة بالسرطان؛ ولكن من المهم أيضاً أن تعرف أن الكثير من المعلومات التي تعلمناها عن كيفية تأثير التغذية على الصحة تأتي من دراسات الارتباط - هذا يعني أن الباحثين ينظرون عبر مجموعة سكانية ليروا من يأكل كميات أكبر من الفاكهة مثلاً، ومن ثم يستنتجون ما إذا كان هؤلاء الأشخاص يصابون بمعدل أقل من أمراض مثل السرطان. تكمن المشكلة في أن الأشخاص الذين يتناولون الكثير من الفاكهة ربما تكون لديهم أيضاً عادات صحية أخرى؛ مثل ممارسة الرياضة بانتظام، ومن المرجح أن يكونوا في وضع اجتماعي واقتصادي أرفع يوفر لهم رعايةً صحيةً أفضل.

هذا يعني أنه من غير المحتمل أن يكون لاتباع توصية واحدة تأثير كبير على خطر إصابتك بالسرطان. يمكنك أن تكون تتناول كميةً كبيرةً من الفريز؛ ولكن إذا كنت تتناول لحم الخنزير المقدد كل يوم، فمن غير المحتمل أن يكون قولونك صحياً. وإذا كنت تتناول طعاماً صحياً للغاية، فإن تناول وجبة من لحم الخنزير المقدد مرةً واحدةً في الأسبوع لن يزيد بشكل كبير من خطر إصابتك بالسرطان. أما إذا قمت بتناول كميات إضافية من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة ومنتجات الحليب قليلة الدسم، وكميات أقل من اللحوم الحمراء أو المُعالجة والسكر، فستكون لديك فرصة أفضل للبقاء بصحة جيدة مما لو كنت تأكل بلا مبالاة. تقل احتمالية إصابتك بالسرطان إذا لم نكن تشرب الكحوليات أو تدخّن، وإذا مارست الكثير من التمارين.

اقرأ أيضاً: ما هو مقدار التمارين الرياضية التي يجب أن نمارسها حتى نحافظ على لياقتنا؟

هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً

المحتوى محمي