وفقاً للمعتقد الراسخ، يحتاج الجسم إلى اللحوم والحليب من أجل بناء العضلات وتعزيز الأداء الرياضي. من ناحية أخرى، يتحول بعض الرياضيين إلى النظام الغذائي النباتي لأن الوزن الخفيف يعد ميزة، مثل لاعبة التنس فينوس ويليامز (Venus Williams) أو نجم الفورمولا وان لويس هاميلتون (Lewis Hamilton).
لكن هل يمكن حقاً للنظام الغذائي النباتي أن يوفّر ما يكفي من العناصر الغذائية والطاقة لأداء الرياضيين؟
فوائد النظام الغذائي النباتي للصحة
وفقاً لجمعية النباتيين (Vegan Society)، فإن النظام النباتي هو فلسفة وأسلوب حياة قائم على الاستبعاد قدر المستطاع للحيوانات سواء في الغذاء أو الملابس أو أي غرض آخر. وعليه فإن النظام الغذائي النباتي يعتمد على مقاطعة اللحوم ومنتجات الألبان والبيض، أو حتى المشتقات الحيوانية مثل العسل والجيلاتين.
وفقاً لمراجعة نُشرت في مجلة جمعية الحمية الأميركية (Journal of the American Dietetic Association)، يرتبط النظام الغذائي النباتي بالفوائد الصحية التالية:
- انخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب، بسبب انخفاض مستويات الكوليسترول الضار.
- تراجع احتمالات الإصابة بارتفاع ضغط الدم.
- انخفاض مؤشر كتلة الجسم، وخطر الإصابة بالسكري من النوع 2، مقارنة بمن يتناول اللحوم.
- انخفاض معدلات الإصابة بالسرطان والأمراض المزمنة.
لكن هذه الفوائد الصحية تشترط نظاماً غذائياً نباتياً مخططاً. على سبيل المثال، النظام الغذائي المكون من الصودا والمعجنات هو نظام غذائي نباتي إلّا أنه غير صحي، إذ لا بُدّ من أن يكون غنياً بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة، ومن الضروري استبدال الدهون المشبّعة والمتحولة بالدهون الجيدة، مثل تلك الموجودة في الزيتون والأفوكادو والمكسرات.
اقرأ أيضاً: هل النظام الغذائي النباتي أفضل للصحة؟
هل النظام الغذائي النباتي آمن؟
النظام الغذائي النباتي ذو فوائد صحية عالية مقارنة بالنظام الغذائي الذي تدخل فيه اللحوم، إلّا أنه يرتبط ببعض المخاطر مثل نقص بعض الفيتامينات والمعادن وأحماض أوميغا-3 الدهنية.
ومع ذلك تذكر أنك إذا تناولت الكثير من السعرات الحرارية، حتى من الأطعمة المغذية وقليلة الدهون والنباتية، ستعاني من الوزن الزائد. لذا من المهم أن تحافظ على التوازن بين العناصر الغذائية والكميات المتناولة منها.
اقرأ أيضاً: الأنظمة الغذائية النباتية ليست صحية دائماً
فوائد النظام الغذائي النباتي للرياضيين
نظراً لطبيعة النظام النباتي المقيدة في الأكل، تكون مساعدته للرياضيين في الحفاظ على لياقتهم وأدائهم البدني موضع شك.
لتحديد مدى ملاءمة النظام الغذائي النباتي للرياضيين، بحث بعض العلماء في مزاياه بالنسبة للرياضيين، ونشروا نتائج دراستهم في دورية العناصر الغذائية (Nutrients)، وتوصلوا إلى:
- قد يعاني بعض الرياضيين، مثل راكبي الدراجات الذين يمارسون رياضات التحمل، من خطر الإصابة بأمراض القلب بسبب ترسب اللويحات في شرايين القلب. إلّا أن النظام الغذائي النباتي يحافظ على قوة قلب الرياضي، من خلال عكس حركة اللويحات وخفض ضغط الدم والكوليسترول والوزن.
- يمكن للحوم أن ترفع مستويات الكوليسترول وتسبب الالتهاب، ما يؤدي إلى تراجع الأداء الرياضي وصعوبة شفاء العضلات. في المقابل، أثبت الباحثون أن النظام الغذائي النباتي له دور مضاد للالتهاب.
- يزيد النظام الغذائي النباتي من كميات الأوكسجين الواردة إلى العضلات، ويحسّن الأداء الرياضي لأنه أقل محتوى بالدهون المشبّعة وخالٍ من الكوليسترول، ما يقلل من لزوجة الدم وسماكته. بينما قد تضعف الوجبات الغنية بالدهون مرونة الشرايين لعدة ساعات، يمكن للأغذية النباتية أن تؤدي إلى تحسين مرونة الشرايين وقطرها.
- تحتوي الأغذية النباتية، مقارنة باللحوم، على مضادات الأكسدة بنسبة كبيرة، وهي تعمل على تحييد الجذور الحرة. يمكن للجذور الحرة إجهاد العضلات وإضعاف الأداء الرياضي.
- يمكن أن تزيد من القدرة الهوائية للجسم بسبب غنى الأغذية النباتية بالألياف وقلة محتواها بالدهون، أي تحسن كفاءة استخدام الأوكسجين لتغذية العضلات. في هذا السياق، أشارت دراسة نُشرت في دورية العناصر الغذائية (Nutrients)، إلى أن الرياضيين الذين يتبعون نظاماً غذائياً نباتياً يزيدون من السعة القصوى للأوكسجين (VO2 max) التي يمكن استخدامها أثناء ممارسة التمارين الرياضية، ما يزيد من القدرة على التحمل.
اقرأ أيضاً: ما النظام الغذائي الصحي والجيد بالنسبة للرياضيين؟
خرافات خاطئة حول النظام الغذائي النباتي للرياضيين
تتعرض ملاءمة النظام الغذائي النباتي للرياضيين للانتقاد نتيجة لعدد من الخرافات حول صحة الأغذية النباتية، مثل:
- سوء التغذية: يعتقد البعض أن الأغذية النباتية تفتقر العديد من العناصر الغذائية، وتسبب سوء التغذية. ومع ذلك، أفادت دراسة نُشرت في دورية مراجعات في التغذية (Nutrition Reviews)، بأن الأنظمة الغذائية النباتية تميلُ لأن تكون أغنى من غيرها من حيث الجودة والقيمة الغذائية.
- نقص البروتين: يحتاج الرياضيون إلى البروتين لبناء العضلات وتقويتها والذي غالباً ما يكون مصدره حيوانياً، لذا يشك البعض في قدرة النظام الغذائي النباتي على تزويدهم بالبروتين. لكن يمكن للمكسرات والبقوليات والبذور والعديد من أنواع الحبوب وحتى بعض الخضروات مثل البروكلي والهليون أن توفّر البروتين الكافي والمماثل لبروتين البيض واللحوم.
- مستويات الطاقة: الصورة النمطية للنباتي ترتبط بهيئة شخص نحيل وخامل ومرهق في معظم الأوقات. في حين أن هذه الصورة قد تكون صحيحة في حالة خاصة، مثل الإصابة بنقص فيتامين ب 12 واليود، واللذين غالباً ما يتواجدان في الأغذية الحيوانية، إلّا أن النظام الغذائي النباتي المتوازن الذي يحتوي على جميع العناصر الغذائية سيحافظ على مستويات طاقة عالية.
- التعافي: التعافي هو العملية التي تعيد فيها العضلات بناء نفسها بعد ما أصابها من تمزق خلال التمرين، بحيث تصبح أكبر وأقوى. عادة ما تحتاج هذه المرحلة إلى يومين من الراحة، إلّا أنها قد تصبح أسرع مع تناول الأغذية النباتية، بسبب ارتفاع محتواها من مضادات الالتهاب. بالإضافة إلى أنه يمكن لمضادات الأكسدة أن تقلل الإحساس بالحرقة في العضلات.
كيف يمكن للرياضي اتباع النظام النباتي؟
إذاً، يمكن للنظام الغذائي النباتي أن يكون مناسباً وداعماً للرياضيين، لكن ذلك يشترط تنظيمه والتخطيط له من حيث محتواه من العناصر الغذائية الأساسية والصغرى، بما في ذلك:
الحديد
يحتاج الرياضيون إلى كميات أكبر من الحديد لنقل الأوكسجين في الدم، وهو ما يمكن الحصول عليه من بعض المصادر النباتية مثل الخضر الورقية والبقوليات والحبوب المدعمة.
الكالسيوم
الكالسيوم ضروري لصحة العظام ووظائف العضلات، وللحصول عليه يمكن للرياضي النباتي تناول الخضر الورقية والتوفر والحليب النباتي والحبوب المدعمة.
فيتامين ب 12
يؤدي فيتامين ب 12 دوراً مهماً في الجسم؛ من تنظيم وظيفة الأعصاب إلى إنتاج خلايا الدم الحمراء وغيرها. يمكن للنباتيين الحصول على ب 12 من الأغذية المدعمة والمكملات الغذائية.
الكربوهيدرات
تشكّل الكربوهيدرات الوقود الأساسي للجسم، والذي يمنح الرياضيين القدرة على التحمل ويحسّن الأداء. عموماً، تختلف احتياجات الرياضيين من السعرات الحرارية باختلاف نوع الرياضة ووزن الجسم. من أفضل مصادر الكربوهيدرات للرياضيين الأرز البني والكينوا والبطاطا الحلوة والشوفان والموز والخبز المنبت والفواكه المجففة والمعكرونة المصنوعة من الحبوب الكاملة.
البروتين
الوظيفة الأساسية للبروتين بالنسبة للرياضيين هي بناء أنسجة العضلات وتقويتها، حيث تعد المصادر النباتية التي تترافق بالكربوهيدرات المعقدة أفضل من الحيوانية التي غالباً ما تترافق مع الدهون غير الصحية. تتراوح احتياجات الرياضيين للبروتين بين 1.2-1.7 غرام لكل كيلوغرام من وزن الجسم يومياً.
تشمل مصادر البروتين النباتية الفاصولياء والمكسرات ومنتجات فول الصويا مثل التوفر والبرغر النباتي.
الدهون
عادة لا ينصح الرياضيون بالوجبات الغذائية الحيوانية الغنية بالدهون المشبّعة أو المتحولة، إلّا أن الدهون النباتية مثل الزيتون والأفوكادو والمكسرات والبذور الغنية بالدهون الأحادية وغير المشبّعة تعد مفيدة للجسم، وينصح بتضمينها ضمن الوجبات النباتية.
اقرأ أيضاً: كيف تزيد اعتماد نظامك الغذائي على النباتات تدريجياً؟
إذا كنت مهتماً بالتغذية النباتية، فمن الأفضل أن تبدأ ببطء وتدريجياً. ربما يمكنك البدء بيوم أو يومين خاليين من اللحوم في الأسبوع. يُتيح لك ذلك التعود عليها ببطء وإعطاء جسمك الوقت للتكيُّف مع النظام الغذائي الجديد. لكن تذكر، من المهم أن تتبع نظاماً غذائياً نباتياً متوازناً، وليس فقط أن تتخلى عن اللحوم.