إن تناول الجبن وحليب الشوكولاتة كل ليلة ليس صحياً لك. آمل ألا يكون هذا مفاجأة؛ لكن ما يبدو أنه مفاجأة لكثير من الناس هو حقيقة أن الأشخاص أصحاب الوزن الزائد قد يكونون أكثر صحةً من أولئك النحيفين الخاملين.
الأشخاص النحيفون لا يريدون تصديق ذلك؛ إذ أنهم (من المحتمل) قد كانوا نحيفين دائماً، وربما سيظلّون دائماً نحيفين. هؤلاء لا يعانون من انقطاع النفس عند صعود السلالم، ويلعبون لعبة «الطبق الطائر» مع رفاقهم. هذا النوع من الأشخاص المضللين هم الذين يحبون كتابة عناوين مثل «سمين لكن صحي هي أسطورة كبيرة» لأنه كيف لنا أن نشعر بشعور جيّد تجاه أنفسنا دون أن نكون نحيفين؟
اقرأ أيضاً: في المطبخ: وصفة سهلة لتحضير أفضل كوب من الكاكاو الساخن
«سمين لكن صحي»
الجدال المتعلّق بفكرة «سمين لكن صحي» هو جدال محتدم منذ سنوات، وهو بالتأكيد لم ينتهِ بعد. مع ذلك، فهناك الكثير من الأبحاث الجارية حوله، وهي تقول حتى الآن أن الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن يمكن أن يتمتعوا بصحة أفضل من الأشخاص النحيفين الذين لا يمارسون الرياضة. هذا لا يعني أن كل شخص لديه دهون زائدة ويمارس الرياضة هو في حالة أفضل من أي شخص كسول لا يمارس التمارين الرياضية أبداً. حتى لو وضعنا جانباً العوامل الوراثية التي تساعد في تحديد حالتنا الصحية، فهناك الكثير من الأشخاص الذين لا يمارسون الرياضة ولكنهم مع ذلك في حالة بدنية مثالية - تماماً مثل وجود أشخاص بدينين يتمتّعون بعلامات صحية ممتازة ولا يصابون بمشاكل في القلب؛ مثل الكثير من الأمور في عالم الطب، فهذا الموضوع ليس موضوع كل شيء أو لا شيء.
لذلك عندما تنشر الوسائل الإعلامية قصصاً مبنيةً على أبحاث غير منشورة قُدّمت في المؤتمرات مثلاً، فإنها تتجاهل إلى حدٍ كبير مجموعة الأدلة المتعلقة بالموضوع. أظهرت سنوات من البحث العلمي مراراً وتكراراً أنه في حين أن زيادة الدهون في الجسم ليست حالة مفضلة، إلا أن ممارسة الرياضة لها تأثيرات إيجابية بغض النظر عن الوزن. وأحياناً تكون هذه التأثيرات كبيرةً بما يكفي لتعويض الآثار السلبية لزيادة الوزن.
ممارسة التمارين الرياضية تحسّن الصحة: هذا أمر محسوم
بيّنت إحدى الدراسات من عام 2011 أن «شريحةً كبيرة من السكان الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة ليسوا عرضةً لخطر أكبر للوفاة المبكرة»، وأظهرت دراسة أخرى من عام 2011 أن اتباع نظام غذائي متنوّع وممارسة التمارين الرياضية بشكلٍ معتدل قد غيرت الطريقة التي تؤدي بها أجسام المرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة وظائفها، وأن «هذه التكيفات الناجمة عن نمط الحياة تحدث بشكل مستقل عن التغيرات في وزن الجسم أو مستوى دهون الجسم».
ثم في عام 2014، نُشرت دراسة وجدت أن «النشاط البدني له تأثير وقائي على المؤشرات الحيوية لدى الأفراد العاديين، والذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة، وأن الأفراد النشيطين الذين يعانون من زيادة الوزن (وليس السمنة) لديهم نفس مستوى الصحة القلبية الوعائية مقارنةً بالأفراد غير النشيطين ذوي الوزن الطبيعي». أظهرت دراسة واسعة أخرى نُشرت في عام 2015 أن «الأفراد غير النشيطين فقط كانوا معرضين بشكلٍ كبير لخطر الوفاة لجميع الأسباب بغض النظر عن زيادة الوزن أو السمنة». وأيضاً، توصّلت دراسة أخرى من عام 2015 إلى أن «الأفراد الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة والذين يتمتعون بلياقة بدنية أو النشيطين يميلون إلى أن يتمتّعوا بمعدلات مراضة ووفيات منخفضة، وفي بعض الحالات أقل؛ وذلك مقارنةً بالأفراد ذوي الوزن الطبيعي الذين لا يتمتّعون بلياقة بدنية أو غير النشيطين».
نعم، الوزن الزائد يمكن أن يكون مضرّاً
لم تنحز كل دراسة إلى نفس الفكرة؛ إذ استنتجت الطبيعي؛ ولكن وجدت دراسات أخرى أيضاً أنه يمكن أن يكون وزنك زائداً وأن يكون لديك خلايا دهنية تشبه تلك الموجودة عند شخص نحيف.
يبدو أن ازدياد نسبة الدهون في البطن ضار بشكلٍ خاص. الأشخاص ذوو محيط الخصر الكبير يعانون من معدلات وفيات أعلى بكثير من نظرائهم النحيفين، على الرغم من أن هذا يبقى صحيحاً حتى لو كان مؤشر كتلة الجسم يصنّفك بين الأشخاص غير المصابين بالسمنة.
اقرأ أيضاً: قد يرتبط تراكم دهون البطن بزيادة مخاطر الوفاة المبكر
يمكن أن يكون وزنك زائداً لكن صحتك جيدة حتى لو لم تكن هذه الحالة مثاليةً
السؤال هنا ليس ما إذا كان وزنك طبيعياً وممارسة الرياضة وتناول الطعام الصحي أفضل بالنسبة لك بشكلٍ عام من أن يكون وزنك زائداً وتمارس الرياضة وتتناول الطعام الصحي. بشكل عام، سيكون الأشخاص النحيفون الذين يتمتّعون باللياقة البدنية أكثر صحيةً من الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة والذين يتمتعون بلياقة بدنية جيدة. هذا ليس موضوع جدال «سمين ولكن صحي».
السؤال الأكثر صلةً بالموضوع هو ما إذا كان بإمكانك تحسين صحّتك فقط من خلال ممارسة الرياضة وتناول الطعام بشكل صحي، حتى لو لم تنجح في تخفيف وزنك. الجواب على ذلك هو نعم. هل هذا الكلام ينطبق في كل الحالات؟ بالطبع لا. الإحصاءات في الغالب لا تعني شيئاً بالنسبة للفرد الواحد؛ ولكن إذا كان وزنك أكبر قليلاً (أو كثيراً) مما تريد، وكنت تشعر بالإحباط بسبب صعوبة التخلص من الوزن الزائد، فيمكنك بالتأكيد أن تشعر بالراحة نتيجةً لحقيقة أن صحة جسمك تتحسن بغض النظر عن شكلك. يمكن أن يكون تخفيف الوزن أمراً جيداً، لكن التمتّع بصحة جيدة هو دائماً أمر رائع.
اقرأ أيضاً: هل تناول المزيد من الدهون يضر صحتنا؟
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً