الفِرَق البريّة والبحرية والجويّة في الجيش الأميركي تُقدّس تمرين بوربي، وممارسو تمارين حمل الأثقال وممارسي رياضة السباقات الإسبارطيّة يقومون به مئات المرّات، وحتى عضو قاعة المشاهير «جيري رايس» يشمله في كل تدريباته.
العديد من الأشخاص غير العلماء يمدحون تمرين بوربي (وهو تمرين سُمّي نسبةً لعالم النفس الأميركي «رويال أتش. بوربي» صُمّم لقياس المرونة والتنسيق)؛ وهو مزيج من الحركات يُنفَّذ بسرعة ظهر أولاً في اختبارات اللياقة الخاصّة بالجيش الأميركي في أربعينيّات القرن الماضي. يقول البعض أنه أفضل تمرين لكامل الجسم يمكن أن تقوم به لزيادة قوة الجزء العلوي من الجسم، وتحسين القدرة على التحمّل والتخلّص من الدهون (يُزعَم أنه سيجعلك تحرق 200-300 سعرة حرارية خلال نصف ساعة من التعرّق)؛ ولكن...
هل تدعم الأبحاث هذه الادّعاءات حول تمرين بوربي؟
وفقاً لـ «ستيف بينجلي»؛ وهو عالم في فيزيولوجيا التمارين والمؤسس المشارك لمركز «سينتري سترينث آند كونديشونينغ» في مدينة سيدني، أستراليا؛ لا توجد الكثير من الدراسات التي تقارن تمرين بوربي مع الأشكال الأخرى من التمارين عالية الشدّة. أُجريت تجارب تبحث في العدد الوسطي للمرات التي يستطيع الرياضيون إجراء هذا التمرين فيها، وفي الفرق بينه وبين تمرين «حبال المعارك» في رفع معدّلات الاستقلاب. خلافاً لذلك؛ الأدلّة حول فعالية تمرين بوربي قليلة. يقول بينجلي: «حالياً؛ نحن نقوم بهذا التمرين لأنّه صعب ويبدو أنّه يفعّل العديد من العضلات، لا أكثر».
وفقاً لبينجلي؛ عدم وجود شكل محدد لهذا التمرين هو أمر يجعل دراسته أصعب؛ إذ مر هذا التمرين بالعديد من التعديلات في العقود الثمانية المنصرمة؛ ومن ضمنها تعديلات تلغي حركة تمرين الضغط (المرحلة الثالثة منه) أو تجعله أصعب عن طريق إضافة حركة «قفزة سوبرمان» له. ومع أن هذه التعديلات تجعل التمرين أكثر جاذبيةً لمهووسي اللياقة؛ إلّا أنّها تؤدّي إلى مختلف النتائج المحتملة.
مع ذلك؛ ينجلي هو مؤيد كبير لهذا التمرين؛ إذ يقول: «إذا مارست تمرين بوربي مراراً وتكراراً، فإنه سيحسّن قدرتك على الحركة، ومرونتك وصحّتك القلبية وقوّة الجزء السفلي من جسمك،» ويضيف: «كل هذا يتم باستخدام الحد الأدنى من المعدّات والمكان والإرشادات».
ما الذي يجعل تمرين بوربي فعّالاً بهذا الشكل المُعذّب؟
يحاول بينجلي الإجابة على هذا السؤال منذ أكثر من 4 سنوات. في 2019، قاد بينجلي دراسة قارنت بين الحد الأعلى لامتصاص الأكسجين والتّعب العضلي الناتجين عن تمرينين صُمّما بعناية لفريق الملاكمة الأولمبي الأسترالي. بعد إخضاع 24 مشارك في مجموعة من اختبارات غُرف الأوزان، استنتج الباحثون أن تمرين بوربي يتطلّب مجهوداً أكبر مقارنةً بتمرين «الجري جيئة وذهاباً» (وهو تمرين شائع بين المدرّبين الرياضيين)، كما أنّه أدّى إلى ضعف مقدار التعب العضلي في الجزء العلوي من الجسم.
كل هذا لا يعني أن تمرين بوربي هو تمرين سحري. تقول «كورليس فينغرز»؛ مديرة مركز «التقوية والتنسيق» في جامعة «بيثون-كووك مان» في مدينة «دايتونا بيتش» في ولاية فلوريدا: «بالنسبة للشخص العادي الذي يريد تخفيف الوزن، فتمرين بوربي مفيد بالفعل»، مع حوالي 3 سنوات من الخبرة في الميدان، درّبت فينغرز رياضيين ضمن أكثر 20 رياضة، ولم تجد لحد الآن تمريناً شاملاً واحداً يناسب الكل.
تقول فينغرز: «إذا كنت أدرّب طالباً جامعياً يحاول تحسين لياقته بعد إصابة عضلية، فسأدفعه للسباحة لأنّها أقل عنفاً، ولن أجعله يقوم بتمرين بوربي لـ 20 دقيقة أو تمرين بلانك لدقيقتين» (ذكرت فينغرز أيضاً أنّها نصحت بإجراء تمرين بوربي خلال التدريبات الافتراضية ضمن جائحة كوفيد-19).
تمارين رياضية أخرى
«يتّبع جيديون أكاند» -مدرّب في منصّة «آي فِت» وبطل مسابقة «شيكاغو غولدن غلوف» للملاكمة- مقاربةً حذرةً أيضاً مع ممارسة تمرين بوربي. بالنّسبة إلى مرتاد النادّي الرياضي الاعتيادي، فقد يكون هذا التمرين هو الطريقة المثلى لتفعيل أكثر من جزء من الجسم في وقت قصير؛ ولكن يجب أن يكون هناك مجال معروف للإصابات ومستويات محددة للخبرة. يقول أكاند: «إذا لم يكن جسمك قادراً على تحمّل الصدمة الناتجة عن ضرب الأرض بسبب القفزة مثلاً، فستنفعك حركة «اليرقة» (وهو تمرين يبدأ بثني الجسم حتّى تلامس الأصابع الأرض ثم تحريك الذراعين للأمام على الأرض لحد الوصول إلى وضعية تمرين الضغط)، ويضيف: «يمكن أن ينفعك أيضاً استبدال القفزة بتمرين «الرّكبة العالية» أو تمرين متسلّقي الجبال».
يفضّل أكاند شخصياً تمارين «التزلّج» كتمارين سريعة للقلب، ويقول: «الحركات الجانبية يتم تجاهلها في كثير من التدريبات، وهي تختبر توازنك بالفعل». أكاند معجب بتمرين «بلانك» أيضاً؛ ولكنه ينبه أن الأهم هو التركيز على شكل التمرين وليس القدرة على التحمّل؛ إذ يقول: «معظم الأشخاص يسيئون فهم هذا التمرين، ويعتقدون أنّهم أكثر مهارةً في تنفيذه كل ما طالت الفترة التي يستطيعون فيها الحفاظ على الوضعية»، ويضيف: «هؤلاء يخاطرون بإيذاء أنفسهم عن طريق استخدام العضلات شبه المنحرفة وزيادة الضغط على أسفل الظهر». حسب أكاند؛ يمكنك اتّخاذ الوضعية المثلى عن طريق ضغط اليدين مباشرةً على الأرض، وشد عضلات المعدة والمؤخرة، والتنفّس بانتظام؛ إذ يقول: «تنشيط كل العضلات حتى لـ 30 ثانية هو أفضل من التراخي لدقيقة».
كيفية القيام بتمرين بوربي
بالنسبة للأشخاص الذين يرغبون بالقيام بتمرين بوربي ولا يعرفون أين يبدؤون؛ ينصح أكاند بممارسة تمرين الضغط أولاً. تدرّب على الحركة في هذا التمرين واقفاً بالاستناد على حائط أو مكتب أو أريكة، مع الحفاظ على الكوعين متوجهين للداخل وشد عضلات البطن والمؤخرة، ثم جرّب نسخة معدّلة بالاستناد إلى الركب والحفاظ على استقامة الجسم وتوازنه. أضف بعض التعديلات بعد كل جولة لتزيد الفعالية وتتجنّب الإصابات.
أما بالنسبة لهؤلاء الذين يرغبون بالقيام بتمرين بوربي للحد الأقصى؛ يقترح بينجلي الالتزام بالنسخة التي تحتوي على تمرين الضغط (شاهد الفيديو أعلاه)، ويقول: «عندما تنتقل من قفزة رأسية إلى وضعية «بلانك» أفقية ثم إلى تمرين الضغط، فتغيير الوضعية والضغط يجعل جسمك يضخ المزيد من الدم. حتى ولو قمت بالحركات ببطء وحذر، فستحصل على تدريب صعب»، تأكد من قذف قدميك للخلف بعد ضبط يديك في وضعية بلانك، فوفقاً لبينجلي؛ إذا لم تفعل ذلك، فستحقق فائدة أقل وتصاب بالآلام أكثر (وخصوصاً في المعصم).
بغض النظر عن رأي الرياضيين والمدرّبين بتمرين بوربي؛ يظل بينجلي معجباً به، كمدرّب وعالم على حد سواء؛ إذ يقول: «إنه لمن الصعب إثارة حماس الأكاديميين لدراسة تمرين بوربي»، ويضيف: «ولكن يجب علينا أن نتعلّم المزيد عن المتغيّرات الأيزومترية؛ مثل طول الجذع، وإنشاء نظرة شاملة عن هذا التمرين الشهير. حتى والدتي تعرف ما هو هذا التمرين؛ هذا أمر عجيب».
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً