خرافات التغذية يمكن تشبيهها بمطاعم الوجبات السريعة، فهي حولك في كلِّ مكانٍ يصعب تجنبها، ويمكنها أن تعرقل نظامك الغذائي الصحي.
هناك العديد من الأساطير والمفاهيم الخاطئة حول الغذاء، التي يبدو أنها ترسخت في أذهان الناس واستمرت لأجيال. حسناً ليس كل ما تعلمناه عن أجدادنا خاطئاً، لكن ثمة قواعد قد عفا عليها الزمن وباتت محض خرافات لا مبرر لها. إليك أهمها.
1. الفواكه والخضروات الطازجة صحيّة أكثر من الأنواع المعلبة أو المجمدة أو المجففة
من منطلق أن كل ما هو طازج مفيد وصحي، وتخوفاً مما هو مصنع وغير طازج، فإن الاعتقاد السائد هو أن الفواكه والخضروات المجففة أو المجمدة أو المعلبة أقل فائدة من الناحية التغذوية من نظيراتها الطازجة.
لكن دراسة نُشرت في المجلة الأميركية لطب نمط الحياة (American Journal of Lifestyle Medicine)، أثبتت أن الفواكه والخضروات المجمدة والمعلبة والمجففة يمكن أن تكون مغذية تماماً مثل الطازجة.
ومع ذلك، حذّرت الدكتورة سارة بليش (Sara Bleich) من أن بعض الأنواع المعلبة أو المجمدة أو المجففة، قد تحتوي على مواد مضافة غير صحية مثل السكر المضاف بكميات كبيرة والدهون المشبّعة والصوديوم، لذا من الأفضل دائماً اختيار المنتجات المُصنّعة بعد قراءة ملصقات التغذية.
اقرأ أيضاً: دليلك الصحي لتناول ما يكفي من الفواكه والخضروات يومياً
2. الدهون كلها ضارة
منذ أن أفادت دراسة نُشرت في أواخر أربعينيات القرن الماضي في مجلة تاريخ الطب والعلوم المرتبطة (Journal of the History of Medicine and Allied Sciences) حول ارتباط الأنظمة الغذائية العالية المحتوى بالدهون بارتفاع مستويات الكوليسترول الضار، دعى خبراء الصحة والأطباء إلى اتباع نظام غذائي منخفض الدهون، للتقليل من خطر الإصابة بأمراض القلب، فانتشرت عبارة "خالٍ من الدهون" على المنتجات الغذائية.
أدّى هذا التشهير بالدهون إلى استبدال مصنّعي الأغذية السعرات الحرارية التي مصدرها الدهون بالسعرات الحرارية من الكربوهيدرات مثل الدقيق الأبيض والسكر المضاف، فازدات معدلات البدانة.
وفقاً للدكتورة فيغايا سورامبودي (Vijaya Surampudi)، ليست كل الدهون ضارة، فبينما تعد الدهون المشبّعة والمتحولة ضارة بالصحة، فإن أنواعاً أخرى منها تعد ضرورية لأداء الجسم وظائفه الحيوية، بما في ذلك:
- الدهون الأحادية غير المشبّعة: والتي غالباً ما نجدها في الزيوت النباتية مثل زيت الزيتون والأفوكادو وبعض المكسرات.
- الدهون المتعددة غير المشبّعة: والتي توجد في بذور عباد الشمس والجوز وبذور الكتان.
تساعد الدهون الصحية على تزويد الجسم بالطاقة، وإنتاج الهرمونات، ودعم وظيفة الخلية، وامتصاص بعض العناصر الغذائية. علاوة على ذلك، أثبتت الدراسة المنشورة في دورية ذا لانسيت (The Lancet) أن الأنظمة الغذائية الغنية بالدهون أكثر فاعلية في فقدان الوزن من الأنظمة الغذائية منخفضة المحتوى بالدهون.
أي أن التطرف في تناول الدهون، سواء كان باتباع نظام غذائي منخفض الدهون أو خالٍ من الدهون، قد يكون مضراً بالصحة.
اقرأ أيضاً: هل تناول المزيد من الدهون يضر صحتنا؟
3. مرضى السكري لا يمكنهم تناول الفواكه
يخلط البعض بين عصائر الفاكهة ذات المحتوى العالي من السكر ونسبة الألياف الضئيلة بقدرتها على رفع مستويات السكر في الدم، وبين الفواكه الكاملة. لكن دراسة نُشرت في المجلة الصينية لعلم الأوبئة (Chinese Journal of Epidemiology)، أظهرت أن تناول الفاكهة الكاملة الغنية بالألياف والفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة، ساعد مرضى السكري من النوع 2 على التحكم بنسبة السكر في الدم.
اقرأ أيضاً: السكر يقتل: وجهُ السكر الأشدُ مرارة!
4. البيض مضر بالصحة
يحتوي صفار البيض على نحو 134 مليغراماً من الكوليسترول، وهو مادة دهنية قد تتراكم في الشرايين، وخاصة الكوليسترول الضار (LDL)، فتسدها وتسبب الإصابة بالنوبات القلبية. ومع ذلك، يحوّل الكبد الدهون المشبّعة والمتحولة في النظام الغذائي إلى الكوليسترول، لذا فإن الدهون غير الصحية هي المسبب الرئيسي لزيادة مستويات الكوليسترول غير الصحي في الجسم، وليس بالضرورة الأغذية الغنية بالكوليسترول. عامة، توصي جمعية القلب الأميركية بتناول بيضة واحدة يومياً أو بيضتين أسبوعياً.
5. الكربوهيدرات تسبب زيادة الوزن
لطالما أُلقي باللوم على الكربوهيدرات عن كل زيادة ملحوظة في الوزن، فتجنبها الكثيرون خوفاً منهم من السمنة والسكري. لكن في الواقع تعد الكربوهيدرات أحد العناصر الغذائية الرئيسية الثلاثة (كربوهيدرات وبروتينات ودهون).
تتألف الكربوهيدرات من سكريات بسيطة مثل سكر الفاكهة والحليب وسكر المائدة المصنّع، ومن سكريات معقدة مثل النشاء والألياف.
لكل من هذه الأنواع أهميته ودوره في الجسم، والسر هنا هو تناول كمية معتدلة من الكربوهيدرات المغذية التي تحتوي على نسبة عالية من الألياف والفيتامينات والمعادن، مثل الخضروات الجذرية النشوية والحبوب والبقوليات.
ومع ذلك، يكمن الخطر الحقيقي في تناول المنتجات المُصنّعة التي تحتوي على السكريات المضافة، مثل الكعك والبسكويت والمشروبات الغازية، إذ تحتوي هذه المنتجات على كميات كبيرة من السكريات، ما يزيد من خطر الإصابة بالبدانة والأمراض المرتبطة بها.
6. مدخول السعرات الحرارية هو المحدد لفقدان الوزن
عادة ما يلجأ البعض لاتباع حميات غذائية قاسية لخلق عجز في السعرات الحرارية، بحيث يفوق ما يحرقه الجسم من سعرات كمية المتَناول منها.
على الرغم من أن لهذا العجز تأثيره على فقدان الوزن، فإنه ليس العامل الوحيد المؤثر في الوزن. على سبيل المثال، يمكن للمشكلات الهرمونية واضطرابات الغدة الدرقية والعوامل الجينية أن تجعل فقدان الوزن أكثر صعوبة.
كما أن البعض قد يركّز على عدد السعرات الحرارية، دون التفكير في جودة النظام الغذائي ومحتواه من العناصر الغذائية الأساسية والدقيقة، كأن يختار الأرز والكعك بديلاً للأفوكادو والبيض الكامل.
اقرأ أيضاً: كيف تحسب السعرات الحرارية في غذائك؟ ولماذا عليك حسابها؟
7. الملح مضر بالصحة
تتكون جزيئة ملح الطعام من شاردتين هما الصوديوم والكلور، وهما عنصران أساسيان وضروريان لوظائف رئيسية معينة في الجسم مثل تنظيم توازن السوائل في الجسم، ووظائف الأعصاب والعضلات. ومع ذلك، فإن تناول الكثير من الملح يمكن أن يؤدي إلى مشكلات صحية، مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكتة الدماغية. عامة توصي جمعية القلب الأميركية (American Heart Association) عادة بتناول أقل من 2300 مليغرام من الصوديوم (ملعقة صغيرة من الملح) يومياً.
بطبيعة الحال، يبقى الاعتدال والتنوع في النظام الغذائي هو النصيحة الأفضل للحصول على فوائده الصحية. أمّا إذا كنت تعاني من أحد الأمراض المزمنة فعليك استشارة طبيبك حول ما يجب تناوله أو الابتعاد عنه.