لماذا يكتسب بعض الأشخاص الوزن خلال شهر رمضان؟

4 دقيقة
لماذا يكتسب بعض الأشخاص الوزن خلال شهر رمضان؟
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: مهدي أفشكو.

يستعد آلاف المسلمين حول العالم لصيام الشهر الفضيل، ومنهم من قد يعتقد أنه على وشك فقدان بعض الوزن الزائد؛ ففي نهاية المطاف، أليس من المفترض أن يؤدي الامتناع عن الطعام عدة ساعات يومياً إلى إنقاص الوزن؟ في الواقع ليس هذا حال الجميع، إذ يكتسب البعض في نهاية الشهر بضعة كيلوغرامات موزعة ما بين البطن والأرداف وغيرها، فما سبب زيادة الوزن في رمضان؟

كيف يؤثّر الصيام في الجسم؟

خلال رمضان، ينتقل الجسم يومياً بين نافذة الصيام ونافذة الإفطار، فيخضع الجسم ما بينهما لتغيرات في مستويات التمثيل الغذائي والهرمونات على عدة مراحل:

  • مرحلة التغذية: بعد تناول وجبة السحور وخلال أول 3-4 ساعات من الصيام، يهضم الجسم العناصر الغذائية من الطعام ويمتصها، فترتفع مستويات السكر في الدم، ويفرز الجسم كميات أكبر من الإنسولين، لينظّم نقل الغلوكوز إلى الخلايا، ويخزّن الفائض منه في الكبد والعضلات على شكل غليكوجين.
  • مرحلة الصيام المبكر: خلال هذه المرحلة تتراجع تدريجياً مستويات الغلوكوز والإنسولين في الدم، فيتحول الجسم نحو الغليكوجين للحصول على طاقته، وقد تستمر حتى 18 ساعة.
  • مرحلة الصيام: بعد استنفاد مخزون الجسم من الغليكوجين، يتحول نحو تحطيم الدهون والبروتينات للحصول على الطاقة. تُسمَّى هذه العملية بالكيتوزية (Ketosis)، وتبدأ بعد نحو 18 ساعة وقد تستمر حتى يومين في حالات الصيام المتقطع الذي قد يستمر أكثر من 24 ساعة، ينتج عنها أجسام كيتونية، وهو مواد تتكون من تحلل الدهون، ما ينتج عنه فقدان الوزن. وقد تترافق بالتعب ورائحة الفم الكريهة وزيادة مستويات الأجسام الكيتونية في الدم أو البول.

اقرأ أيضاً: كيف تحافظ على وتيرة خسارة وزنك في رمضان؟

أسباب زيادة الوزن في رمضان

أجرت الباحثة بلقيس عابد محمد باخطمة (Balkees Abed Bakhotmah)، في جامعة الملك عبدالعزيز في السعودية، دراسة شملت استطلاع 173 أسرة سعودية للتعرف على أنماط استهلاكهم خلال شهر رمضان، وما يرتبط بها من زيادة في الوزن. أفاد نحو ثلثي المشاركين في الدراسة التي نُشِرت في مجلة التغذية (Nutrition Journal)، بزيادة في الوزن في نهاية رمضان. ولدى تحديد الأسباب وفقاً لسلوكياتهم، تبين ما يلي:

  • اتباع 40% من المشاركين نمطاً غذائياً غنياً بالدهون والكربوهيدرات.
  • تراجع النشاط البدني وممارسة التمارين الرياضية  لدى31 % من المشاركين.
  • زيادة استهلاك الغذاء لدى نحو 14.5%.

اقرأ أيضاً: كيف أحافظ على وزني في رمضان؟

إذاً، يمكن تلخيص أهم أسباب زيادة الوزن خلال شهر رمضان في:

الإفراط في الأكل

التفسير الأساسي لزيادة الوزن في رمضان، وفي أي وقتٍ آخر، هو الخلل في ميزان السعرات الحرارية، إذ وفقاً لمعادلة الوزن، يمكن أن يتغير الوزن كما يلي:

  • ثبات الوزن في حال تساوي مدخول السعرات الحرارية مع ما يستهلكه الجسم.
  • نقصان الوزن إذا قل مدخول السعرات الحرارية خلال الفترة ما بين الإفطار والسحور، عما يحرقه الجسم أو يستهلكه خلال نافذة الصيام.
  • زيادة الوزن إذا زاد مدخول السعرات الحرارية خلال فترة السماح بتناول الطعام عن استهلاك الجسم خلال نافذة الصيام، وهي حالة تُعرف بالفائض السُعري (Caloric Surplus).

فمن الشائع بعد يوم صيام طويل أن يميل البعض إلى الإفراط في تناول الطعام على وجبتي الإفطار والسحور وفي أثناء فترة السماح، ما قد يؤدي إلى استهلاك سعرات حرارية أكثر مما فُقِدت خلال الصيام، وهو ما قد يُعزى أيضاً إلى هرمون الجوع (الغريلين).

المهمة الأساسية لهرمون الغريلين هي تحفيز الشهية لتناول الطعام وتعزيز تخزين الدهون، ويُنظم إفرازه عن طريق تناول الطعام، أي تفرزه المعدة وفقاً لروتين وجباتنا، حيث ترتفع مستويات الهرمون في الدم قبل تناول الطعام.

عند الصيام، تزداد مستويات الغريلين في الدم وفقاً لوجبتي الفطور والسحور، لذا قد يطلب البعض المزيد من الطعام ويشعر بجوع متواصل خلال فترة تناول الطعام المسائية، بينما يقل إفراز الهرمون خلال النهار وفي أثناء الصيام، بعد أن اعتاد الجسم على تخطي الوجبات.

اقرأ أيضاً: لزيادة الوزن في رمضان: اتبع الطريقة الصحيحة

الخيارات الغذائية غير الصحية

يمتاز شهر رمضان بأنه وقت الاجتماعات العائلية ودعوات الإفطار والسحور، حيث تتنوع الأصناف بما لذّ وطاب. في الواقع يُعدُّ المطبخ العربي أحد أكثر المطابخ تنوعاً وتفنناً، إلّا أنه أيضاً يُعدُّ من أغناها بالسعرات الحرارية. على سبيل المثال، يشير أطباء مؤسسة حمد الطبية، إلى أنه ينبغي تجنب الأطعمة التالية خلال شهر رمضان:

  • الأطعمة المقلية والدسمة الغنية بالدهون المشبعة، مثل البطاطس المقلية والسمبوسة.
  • الأطعمة المالحة الغنية بالصوديوم مثل المخللات.
  • الأطعمة الغنية بالسكريات المكررة، مثل الحلويات، لأنها تحتوي على كميات كبيرة من السعرات الحرارية، والتي تزوّد الجسم بالطاقة فورياً ولكن على المدى القصير.

اقرأ أيضاً: بهذه الطريقة يمكنك إنزال الوزن في رمضان

قلة النشاط البدني

مع ما يصيبنا من تراجع في مستويات الطاقة في الجسم خلال الصيام، قد لا يجد البعض القدرة أو الحافز على ممارسة التمارين الرياضية ولا النشاطات البدنية. لكن قلة النشاط البدني تقلل من معدل التمثيل الغذائي؛ أي تتراجع عملية حرق السعرات الحرارية، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة في الوزن عندما لا يحرق الجسم ما يكفي لتحقيق معادلة خسارة الوزن.

من الأمثلة التي قد توضّح تأثير النشاط البدني في زيادة الوزن النظام الغذائي الذي اتبعه السباح الأميركي "مايكل فيليبس" في أولمبياد 2008، حيث تضمن 12 ألف سعرة حرارية في اليوم، بينما تصل احتياجات الرجل البالغ إلى 2000 سعرة حرارية. ومع ذلك حافظ فيليبس على رشاقته وتمكن من إحراز 8 ميداليات ذهبية. 

اقرأ أيضاً: الرياضة في رمضان: كيف يحافظ الصائمون على لياقتهم؟

مدة الصيام

بالنسبة لبعض الأفراد قد لا تكفي مدة صيام تقل عن 18 ساعة لوصول الجسم إلى الحالة الكيتوزية، والتي يتحول فيها الجسم عن مخازن الغليكوجين إلى مخازن الدهون في الجسم، ما يوقف عملية فقدان الوزن في رمضان.

اضطراب النوم

توصي منظمة النوم الوطنية الأميركية (Sleep Foundation) بالحصول على 7 ساعات من النوم المتواصل يومياً للبالغين، إلّا أن التغيير في روتين الحياة اليومي في رمضان، من حيث الاستيقاظ مبكراً لوجبة السحور، والنوم بمعدة ممتلئة، يترافق مع تعطيل أنماط النوم الطبيعية واضطراب الساعة البيولوجية، فلا يحصل الجسم على قسطه الكافي من النوم.

لكن المشكلة لا تقف عند هذا الحد، إذ ربطت دراسة نُشِرت في مجلة جاما للطب الباطني (JAMA Internal Medicine) بين عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم، وارتفاع مؤشر كتلة الجسم (BMI). 

بينما وجدت مراجعة أجراها باحثون من كلية كينجز في لندن، ونُشِرت في المجلة الأوروبية للتغذية السريرية (European Journal of Clinical Nutrition)، أن الحرمان من النوم يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام، وزيادة استهلاك السعرات الحرارية في اليوم التالي إلى نحو 385 سعرة حرارية إضافية، مقارنة بمَن نام مدة 7-12 ساعة.

المحتوى محمي