القهوة مشروب شائع يعتمد عليه الكثير من الناس لبدء يومهم للشعور بالنشاط والحيوية. لكن لا تزال الأبحاث حول الفوائد والمخاطر الصحية للقهوة محل جدل واسع ويمكن أن تكون مربكة إلى حد كبير. يمكن للقهوة أن تدب الحياة في أوصالنا سريعاً بعد الاستيقاظ لمواجهة يوم جديد، ويمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالخرف، بل ربما تزيد من متوسط العمر المتوقع، وفقاً لبعض الأبحاث. لكن الإفراط في شرب القهوة يمكن أن يسبب آثاراً جانبية غير مرغوبة، مثل الصداع وآلام المعدة وارتفاع معدل ضربات القلب وغير ذلك.
قد يكون مفتاح التخفيف من آثار القهوة على صحتنا هو إضافة الحليب إليها: وفقاً لدراسة نُشرت في 30 يناير/ كانون الثاني في مجلة الكيمياء الزراعية والغذائية، فإن إضافة الحليب إلى القهوة قد يكون له تأثير مضاد للالتهابات.
تحدث الالتهابات عندما تدخل الجسم مواد غريبة أو بكتيريا أو فيروسات، ما يُضطر الجسم لإطلاق خلايا التهابية للدفاع عن نفسه، ويمكن أن تحدث أيضاً بسبب إجهاد العضلات والأوتار بعد التمارين القاسية. أما الالتهابات المزمنة فترتبط بأمراض مثل ألزهايمر والتهاب المفاصل الروماتويدي، ويمكن أن تسبب الألم والحمى وتلف المفاصل.
البوليفينولات مع الأحماض الأمينية
في دراسة جديدة، قام فريق من الباحثين من جامعة كوبنهاغن في الدنمارك بدراسة كيفية تفاعل البوليفينولات، وهي مضادات أكسدة، عندما تقترن مع الأحماض الأمينية التي تُعد اللبنات الأساسية للبروتينات.
توجد البوليفينولات بشكل طبيعي في العديد من الأطعمة مثل الفواكه والخضار والشاي والقهوة والبيرة، وعلى الرغم من ذلك لا يزال العلماء يجهلون الكثير عن خصائص هذه المواد.
اقرأ أيضاً: 6 فوائد صحية لمزج الأفوكادو مع الحليب
تقول المؤلفة المشاركة للدراسة من قسم علوم الأغذية بجامعة كوبنهاغن، ماريان نيسن لوند، إن الدراسة تُظهر أنه عندما يتفاعل البوليفينول مع الأحماض الأمينية، فإنه يصبح أكثر فاعلية في تقليل الالتهاب في الخلايا المناعية. وبناء على هذه النتائج، فإن مزيج القهوة والحليب يمكن أن يكون له أيضاً تأثير إيجابي على الالتهابات لدى البشر. وتقول نيسن إن الخطوة التالية تتمثل في إجراء مزيد من الدراسات حول هذا الأمر على الحيوانات، ثم نأمل أن نتلقى تمويلاً لإجراء دراسات مستفيضة حول التأثيرات على البشر.
الجمع بين القهوة والحليب: تأثيرات مضادة للالتهابات
لدراسة التأثير المضاد للالتهابات الذي يحدث عندما يتم الجمع بين البوليفينول والبروتينات، قام الفريق بإنشاء التهاب اصطناعي وطبقوه على الخلايا المناعية. تلقت مجموعة واحدة من الخلايا المناعية جرعات مختلفة من مزيج من البوليفينول والأحماض الأمينية، ومجموعة أخرى تلقت فقط البوليفينول بالجرعات نفسها، بينما لم تتلقَ مجموعة التحكم أي جرعات.
وجد الباحثون أن مجموعة الخلايا المناعية التي عُوملت بمزيج البوليفينول والأحماض الأمينية كانت أكثر فاعلية في تقليل الالتهاب بمقدار الضعف مقارنة بالخلايا التي تلقت البوليفينول فقط.
يقول المؤلف المشارك للدراسة من قسم الطب البيطري وعلوم الحيوان بالجامعة، أندرو ويليامز، في بيان: "من المثير للاهتمام ملاحظة التأثير المضاد للالتهابات في تجارب الخلايا التي أجريناها، ما زاد من اهتمامنا بفهم الآثار الصحية للبوليفينول والأحماض الأمينية بمزيد من التفصيل. ستكون خطوتنا التالية دراسة تأثيرات هذه المواد في النماذج الحيوانية لاكتساب رؤى أعمق لفوائدها الصحية".
لقد كشفت الأبحاث السابقة أن البوليفينول يرتبط بالبروتينات الموجودة في منتجات اللحوم والحليب والبيرة. لكن لوند اختبرت في دراسة جديدة منفصلة ما إذا كانت الجزيئات ترتبط أيضاً ببعضها البعض في مشروب القهوة مع الحليب،
اقرأ أيضاً: كيف يمكن للمصابين بحساسية اللاكتوز الاستمتاع بفوائد الحليب ومنتجاته؟
وتقول نيسين لوند إن نتائج دراستها تظهر أن التفاعل بين البوليفينول والبروتينات يحدث أيضاً في بعض مشروبات القهوة مع الحليب التي درسناها، وفي الواقع، يحدث هذا التفاعل بسرعة كبيرة بحيث تمت ملاحظته في جميع الأطعمة التي تمت دراستها حتى الآن تقريباً.
لا تزال هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث حول فوائد البوليفينولات، وتتمثل خطوة الفريق التالية في معرفة كيفية إضافة الكميات المناسبة من البوليفينولات إلى الطعام للحصول على أفضل النتائج.
تقول نيسين لوند أخيراً: "نظراً لعدم قدرة البشر على امتصاص البوليفينول بشكلٍ فعّال، يحاول العديد من الباحثين تغليف هذه المادة في هياكل بروتينية لتحسين امتصاصها في الجسم، وبالتالي تعزيز التأثيرات المضادة للالتهابات".