قبل اتباع نظام الكيتو: تعرّف كيف يتأثر جسدك بهذا النظام الغذائي

5 دقائق
قبل اتباع نظام الكيتو
shutterstock.com/ nadianb

يُروّج لنظام الكيتو بأنه نظام غذائي ممتع بشكلٍ عجيب؛ إذ يمكّنك من تناول الكمية التي تريدها من الدهون؛ ولكن يجب أن تتوقف عن تناول الكربوهيدرات. لم يكن الهدف الأساسي لهذا النظام الغذائي الكيتوني (المعروف أيضاً باسم حمية «كيتو») أن يكون ممتعاً؛ بل كان من المفترض أن يعالج الصرع الشديد، وباعتباره علاجاً طبياً؛ كان يُفترض أن يُطبّق فقط تحت إشراف خبراء التغذية والأطباء المدربين.

ضمن هذا النظام؛ سيكون باستطاعة المحترفين مراقبة المرضى بحثاً عن مشاكلَ محتملة، والتأكد من أن نظامهم الغذائي كان في الواقع يبقيهم في حالة «الكيتوزية»؛ وهي حالة استقلابية يستبدل فيها الجسم الغلوكوز بالأجسام الكيتونية كمصدر للطاقة؛ والتي مصدرها دهون الجسم. يحتاج هؤلاء الخبراء إلى هذه المعايير لأن البقاء في الحالة الكيتوزية الحقيقية يمثل تحدياً استثنائياً للبالغين.

لماذا يُستخدم نظام الكيتو لعلاج الصرع؟

تقول «تيريسا فَنغ»؛ أستاذة التغذية في جامعة «سيمونز»: «ليس من السهل إدخال جسم بالغ إلى حالة الكيتوزية»، وتضيف: «لهذا السبب يتم استخدام نظام كيتو الغذائي كعلاج للصرع عند الأطفال أو الرضع، لأن تطبيقه في هذه الحالة يكون أسهل». توضح فَنغ أن الأطفال يكبرون بسرعةٍ أكبر، لذا فإن استهلاكهم للطعام كمصدر للطاقة يختلف عن نظيره عند الكبار.

الباحثون غير متأكدين تماماً من هذه الاختلافات؛ لكن فَنغ تقول إنه من الصعب للغاية إدخال البالغين في حالة الكيتوزية العميقة (والتي تكون أعمق على الأرجح من تلك التي يهدف إليها شخص يحاول تطبيق نظام كيتو كحمية فقط)، لدرجة أن خبراء التغذية لا يحاولون حتى استخدامها كعلاج في أغلب الحالات. حالياً؛ الأطفال هم من يخضعون لهذا العلاج في المقام الأول.

يرجع ذلك جزئياً إلى أن المرضى بحاجة إلى أن يكونوا في حالة الكيتوزية العميقة للتأثير فعلاً على الصرع؛ ولكن بدون إرشاد أخصائي التغذية، يكون الدخول في الحالة الكيتوزية أمراً صعباً. ليس من الواضح تماماً السبب الذي يجعل حالة الكيتوزية تساعد في علاج الصرع؛ ولكن يبدو أن لها علاقةً باستخدام الدماغ للأجسام الكيتونية بدلاً من الغلوكوز؛ وهو أمر يحدث فقط عندما يكون الجسم في حالة تدعى «وضع الجوع الشديد» (من المهم أن نلاحظ هنا أن «وضع الجوع الشديد» لا يشير إلى مدى شعورك بالجوع).

العناصر الغذائية في نظام الكيتو

Beans, Legumes, Food, Meatless, Healthy, Vegan

تقول «أندريا جيانكولي»؛ اختصاصية واستشارية التغذية المقيمة في ولاية كاليفورنيا: «ليس من السهل الالتزام بحمية كيتو؛ إنها ليست نظاماً غذائياً مستساغاً». الحصول على 80-90% من السعرات الحرارية من الدهون (وهو ما تتطلّبه هذه الحمية عموماً) هو في الواقع أمر صعب.

الكربوهيدرات

ينطوي نظام الكيتو على تناول الكثير من الأطعمة الغنية غير المتنوعة؛ مثل اللحوم الدهنية ومرق اللحم. يُسمح لك فقط بتناول 10 إلى 15 غراماً من الكربوهيدرات يومياً، وعلى الرغم من أن العديد من أخصائيي الحميات يزيدون ذلك إلى 20 أو 30 غراماً؛ إلا أن ذلك يقابل فقط تناول موزة واحدة. يمكن لتناول تفاحة واحدة أيضاً توفير أكثر من الكمية الأخيرة من الكربوهيدرات اعتماداً على حجمها (على الرغم من أن وجود الألياف في التفاح يعني أن العديد من أخصائيي الحميات لا يحسبون هذه الكربوهيدرات في مدخولهم اليومي)، ومن المرجّح أيضاً أن توفّر شريحتان من الخبز هذه المتطلبات من الكربوهيدرات.

البروتين

المشكلة الحقيقية لا تكمن في تجاوز الحد المطلوب من الكربوهيدرات؛ بل تكمن في مدخول البروتين. يحدّ نظام كيتو العلاجي من تناول البروتين، تقول جيانكولي: «إذا كنت تتناول كميةً كبيرةً من البروتين، فجسمك يفكك هذا البروتين إلى كربوهيدرات». تفيد جيانكولي أيضاً أن الجسم يكون في حالة من الحرمان أثناء تطبيق حمية كيتو، وبدون تناول كمية مناسبة من الكربوهيدرات من الحبوب والفواكه، سيبدأ جسمك في تفكيك الأحماض الأمينية في البروتينات لإنتاج الغلوكوز.

على الرغم من أن الغلوكوز يبدو وكأنه سكر مخيف؛ لكنه المصدر الأساسي لطاقة الجسم. تناول كمية مفرطة من الغلوكوز ليس أمراً جيداً؛ لكنك تحتاج إلى كمية مناسبة منه حتى تؤدي خلايا جسمك وظائفها بشكلٍ سليم.

الهدف من حمية كيتو هو إجبار جسمك على استنفاد الغلوكوز (أو الغليكوجين؛ كما يدعى بشكله المخزّن في الجسم)، لذلك سيتعيّن على جسمك استخدام دهون الجسم كمصدر للطاقة. يستطيع الجسم صنع أجسام كيتونية من الدهون؛ والتي يمكن أن تحل محل الغلوكوز كجزيء لتخزين الطاقة إذا لزم الأمر. للقيام بذلك؛ عليك تفكيك جزيئات الدهون وبالتالي «حرقها».

هنا تكمن الفكرة: جسمك لا يريد أن ينفد من الغلوكوز، فبالنسبة لجسمك؛ عدم وجود الغلوكوز يعني الدخول في حالة الجوع الشديد، وحتى إذا كنت لا تشعر بالجوع، فإن جسمك لا يزال يفتقد إحدى العناصر الغذائية الرئيسية، وعندما تتضور جوعاً (من الناحية التغذوية)، سيبدأ جسمك في تفكيك البروتين بهدف الحصول على الكربوهيدرات. بالطبع؛ لديك بالفعل مصدر للبروتين في جسمك: عضلاتك. تقول جيانكولي: «عندما تكون في وضع الجوع الشديد، فإن جسمك يفكك العضلات»، وتضيف: «الكيتوزية هي طريقة لمحاولة الحفاظ على هذا البروتين. إنها ليست مثاليةً؛ لكنها الطريقة التي يحاول جسمك إنقاذك فيها».

إذا تناولت كميةً من البروتين تتجاوز الحد الأدنى المطلق الذي يحتاجه جسمك، فسوف يتفكك البروتين على الفور إلى كربوهيدرات؛ هذا هو السبب الذي يجعل المواقع التي تروّج لحمية كيتو تقدم غالباً إرشادات تفيد بضرورة عدم تناول كمية كبيرة من البروتين. تكمن المشكلة في أنه لا توجد إرشادات تصلح للجميع، وبدون توليف حمية كيتو بشكلٍ خاص لتناسب جسمك، سيكون من السهل تناول كمية زائدة من البروتين دون قصد.

اقرأ أيضاً: تُطال حمية الكيتو: الإفراط في اللحوم الحمراء يسبب سرطان الأمعاء

لماذا نحتاج البروتين؟

يحافظ البروتين على سلامة وظائف العضلات وتركيب الشعر والأظافر والهرمونات، ولهذا السبب يجب على مرضى الصرع تناول وجبات غذائية موصوفة من خبراء التغذية، وبدون الدخول في حالة الكيتوزية الحقيقية، يخاطر مطبّقو الحميات بتناول كمية هائلة من الدهون -ربما كمية كبيرة من الدهون المشبعة إذا كنت تأكل لحوم الحيوانات- دون الحصول على منافع حرق الدهون المترافقة مع الدخول في حالة الكيتوزية.

Fried Eggs, Bread, Ham, Tight Max, Egg, Protein, Yolk

تقول فَنغ: «الدهون هي المشكلة التي تواجه الكثير من الأشخاص الذين يتّبعون حمية كيتو. يتناول هؤلاء أي نوع من أنواع الدهون، كما تحتوي الكثير من الوصفات على الدهون المشبعة؛ مثل الزبدة». قد لا يعاني الأشخاص الذين يطبّقون الحميات؛ والذين يحرصون على التركيز على الدهون الصحية غير المشبعة مثل تلك الموجودة في الأفوكادو، من مشاكل؛ ولكن تشير فَنغ مرةً أخرى إلى أنك ستطبّق في هذه الحالة نظاماً غذائياً رتيباً إلى حدٍ ما؛ مما يؤدي إلى تناول كميات كبيرة من من الدهون المشبعة. تقول فَنغ: «بالنسبة لي كخبيرة تغذية؛ هذا مخيف جداً».

بالطبع؛ حالة الكيتوزية لها مخاطرها الخاصة. الأجسام الكيتونية المنتشرة تجعل الدم حمضياً جداً؛ مما يدفع الجسم لسحب الكالسيوم من العظام لاستخدامه كعازل. يحدث هذا أيضاً في حالة «الحُماض الكيتوني»؛ وهي عندما تصل نسبة الأجسام الكيتونية إلى مرحلة خطيرة تجعل الجسم يسحب المزيد من الكالسيوم من العظام. تشير جيانكولي إلى أن الأشخاص الذين يتّبعون الحميات لا يدخلون في وضع الجوع الشديد لدرجة تجعلهم يصابون بالحُماض الكيتوني. توجد دراسات قليلة إلى معدومة على البالغين الأصحاء الذين يتبعون نظاماً غذائياً كيتونياً غير علاجي؛ لكن الدراسات التي أًجريت على الأطفال المصابين بالصرع؛ والذين يتّبعون هذا النظام، تُظهر زيادةً في نسب إزالة المعادن من العظام ومستويات عاليةً من الكالسيوم في الدم.

اقرأ أيضاً: هل تساعدك حمية الكيتو في فقدان الوزن حقاً؟

تأثير ارتفاع نسبة الدهون في النظام الغذائي

إذا ارتفعت نسبة الدهون في نظامك الغذائي -خاصةً إذا كنت تتناول الدهون المشبعة- فقد يتسبب ذلك في ارتفاع مستويات الكوليسترول، ويساهم في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. بدون الألياف التي تحصل عليها من الحبوب الكاملة والفواكه، فمن المحتمَل أيضاً أن تصاب بالإمساك، وتعاني من مشاكلَ أخرى في الجهاز الهضمي.

بالإضافة إلى أنك بحاجة إلى الألياف للحفاظ على صحة ميكروبيوم الأمعاء؛ والتي تميل مصادرها لأن تكون من أنواع الحبوب الكاملة التي لا يمكنك تناولها أثناء تطبيق حمية كيتو، وعلى الرغم من أنه من الممكن الحصول على كمية كافية من الألياف من الخضروات ضمن نظام كيتو الغذائي؛ إلا أنه يجب عليك التحكّم بما تأكله بعناية لتحقيق ذلك.

لا تنصح جيانكولي ولا فَنغ باتّباع هذا النظام الغذائي، وكذلك الأمر بالنسبة لكل اختصاصيي الحميات التغذية الآخرين الذين قيموا حمية كيتو ضمن تصنيف غذائي حديث تابع لشركة «يو أس نيوز آند وورلد ريبورت». قال العديد منهم أنهم لديهم مخاوفَ جدّيةً بشأن أمان هذا النظام على المدى الطويل. على الرغم من أنك قد تفقد الوزن فعلاً؛ إلا أن معظم الأشخاص الذين يطبّقون هذا النظام يكتسبون الوزن مرةً أخرى (وأحياناً يكتسبون وزناً أكثر) عندما يتوقفون عن اتّباعه؛ وهو ما يفعله العديد من الأشخاص الذين يطبّقون الحميات، لأن إجراء تغييرات كبيرة في الطعام الذي تتناوله هو أمر يصعب الالتزام به لفترات طويلة من الوقت.

لذلك ربما يكون عدم الدخول في حالة الكيتوزية أمراً ليس سيئاً في نهاية المطاف، فالخيار الأفضل في النهاية هو تقليل تناول الدهون المشبعة.

اقرأ أيضاً: بين القلب والدماغ: هكذا يرى العلم نظام الكيتو الغذائي

هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً

المحتوى محمي