بيّنت دراسة منشورة في دورية جاما نيتورك (JAMA Network) في يناير/كانون الثاني عام 2024، أن الأشخاص الذين تتطلب مِهنهم جلوساً مطولاً معرضون لخطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 34%، وخطر الوفاة الناجمة عن الأسباب جميعها بنسبة 16%، أعلى من أولئك الذين يعملون غير جالسين. لكن مهلاً وقبل أن تتشاءم، فثمة ما يمكنك فعله للحفاظ على صحتك ولياقتك البدنية حتى لو كان عملك يتطلب الجلوس وقتاً طويلاً. وإليك كيف.
اقرأ أيضاً: 5 رياضات منزلية غير شائعة تعزز اللياقة
ما مخاطر الجلوس المطول على الصحة؟
جسم الإنسان مصمم ليعمل واقفاً لا جالساً، فالقلب والأوعية الدموية وجهاز الهضم وغيرها من الأعضاء تعمل بفاعلية أكبر في حالة الوقوف وليس في أثناء الجلوس؛ بالتالي فإن الجلوس المطول لا بُدّ وأن يسبب العديد من المشكلات الصحية؛ مثل: السمنة، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع مستوى السكر في الدم، وزيادة كتلة الدهون في الجسم حول الخصر، وارتفاع مستويات الكوليسترول الضار، بالإضافة إلى أن الجلوس المفرط فترات طويلة يفاقم خطر الإصابة بدوالي الساقين، وتجلط الأوردة العميقة، وآلام الرقبة والكتفين، والقلق والاكتئاب، ويفاقم خطر الوفاة الناجمة عن الأمراض القلبية الوعائية والسرطان.
اقرأ أيضاً: أفضل 6 تطبيقات لتمارين الرياضة المنزلية
هل يمكن التخفيف من الأثر السلبي الناجم عن الجلوس المطول؟
نعم، ذلك ممكن تماماً؛ إذ إن أي زيادة في عدد الخطوات اليومية حتى في الحد الأدنى تقلل المخاطر الصحية الناجمة عن الجلوس المطول. فوفقاً لدراسة منشورة في الدورية البريطانية للطب الرياضي (British Journal of Sports Medicine) في مارس/آذار عام 2024، فإن أيّ قدر من الخطوات اليومية يزيد على 2200 خطوة يرتبط بانخفاض معدل الوفاة ومخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية الناجمة عن الجلوس، وذلك بغض النظر عن الوقت الذي يقضيه الشخص جالساً.
أمّا في حال أردت تقليل خطر الوفاة الناجم عن وقت الجلوس المطول (10.5 ساعة) إلى الحد الأدنى، فعليك أن تمشي نحو 9,000 إلى 10,000 خطوة يومياً.
اقرأ أيضاً: تمارين رياضية سهلة لإذابة الدهون بسرعة
كما توصلت دراسة أخرى منشورة في دورية بي إم جي (BMJ) في مارس/آذار عام 2024 إلى أن مستويات النشاط البدني في أوقات الفراغ تقلل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، بما في ذلك المستويات التي تُعدُّ منخفضة أو غير كافية وفقاً للإرشادات الدولية؛ إذ توصي منظمة الصحة العالمية البالغين عموماً بممارسة 150-300 دقيقة من النشاط البدني الهوائي المتوسط الشدة أسبوعياً، أو 75-150 دقيقة من النشاط البدني الهوائي العالي الشدة أسبوعياً.
وقد وجدت هذه الدراسة أن المستوى المعتدل من النشاط البدني يقلل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة تتراوح بين 27-29% مقارنة بعدم ممارسة أي نشاط بدني على الإطلاق، في حين أن النشاط البدني الذي يُعدُّ أقل من ذلك ما زال يقلل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 18%.
اقرأ أيضاً: 5 تمارين رياضية تخلصك من ألم الظهر
نصائح بسيطة وفعّالة للحفاظ على اللياقة البدنية في حال تطلب العمل جلوساً مطولاً
في الواقع، لا يوجد حل سحري للحفاظ على لياقتك دون أن تزيد نشاطك البدني، لكن الأمر الإيجابي أنه حتى المستويات المنخفضة من النشاط البدني مدة تتراوح بين 15 و30 دقيقة من النشاط البدني يومياً، تستطيع التخفيف من المخاطر المرتبطة بالجلوس المطول إلى حد كبير، بل والوصول إلى مستوى المخاطر نفسه عند الأفراد الذين لا يجلسون في أثناء العمل، هذا ما توصلت إليه الدراسة المذكورة في المقدمة.
عموماً، إليك بعض النصائح التي ستساعدك في الحفاظ على لياقتك وصحتك عند العمل المكتبي المطول:
- خذ استراحة قصيرة للوقوف والتحرك والتمدد كل نصف ساعة، أو ابتكر طرق للمشي في أثناء عملك كل حين.
- استخدم الدرج بدل المصعد.
- تجول في مكان العمل والتحدث مع زملائك بدلاً من مراسلتهم عبر البريد الالكتروني.
- خذ استراحة الغداء بعيداً عن مكتبك، أو مكان جلوسك عند العمل، واذهب في نزهة قصيرة في الخارج إن استطعت.
- أجرِ الاجتماعات مع الزملاء وأنت تسير، بدلاً من الجلوس في قاعة المؤتمرات، أو تمشَّ خلال الاجتماعات التي تجرى عبر الانترنت.
- قف عندما تقرأ رسائل البريد الإلكتروني أو التقارير.
- اجلس بوضعية صحية، فالجلوس بطريقة خاطئة قد يجهد العضلات والمفاصل، ويسبب التعب وآلام الظهر والرقبة، كما قد يجعل التمارين الرياضية والأنشطة اليومية غير مريحة تماماً. من المهم أن يبقى جذعك ورأسك ورقبتك في وضع مستقيم، ادعم ظهرك بوسادة، وتجنب التراخي أو الميل إلى الأمام.
- مارِس بعض تمارين التمدد المكتبية البسيطة، ستجد بعض الإرشادات عن طرق التمدد في هذا المقال.
- جرّب استخدام مكتب عمل قابل للتعديل يسمح بالتبديل بين وضعية الجلوس والوقوف طوال اليوم.
- امشِ إلى العمل إن كان ذلك ممكناً بدل ركوب السيارة، أو على الأقل اركن السيارة بعيداً عن مكان العمل وسر بقية الطريق، والأمر كذلك بالنسبة للحافلة، فانزل منها قبل مسافة من العمل وامشِ ما استطعت.
- مارس نشاطاً بدنياً بعد العمل (أو قبله)، مثل المشي أو ممارسة اليوغا أو المشاركة في دروس اللياقة البدنية، أو التسجيل بالنادي الرياضي (والالتزام بالذهاب)، المهم أن تمارس الرياضة بانتظام.
- مارِس الهوايات أو الأنشطة خارج العمل التي تعزز النشاط البدني، مثل الرياضة أو الرقص أو المشي لمسافات طويلة أو البستنة.
- قف عندما تشاهد التلفاز وتمشَّ عندما تتحدث عبر الهاتف.
- من المهم أن تتبع نظاماً غذائياً صحياً ومتوازناً، وأن تشرب ما يكفي من الماء.