قد نرى إخوة في المنزل نفسه لكن أحدهم يفضّل طعاماً معيناً بينما الآخر يرفض تناوله لأنه لا يحبه، فما السبب في تفضيلنا نوعاً من الأطعمة دون الآخر؟ وهل للمركبات الكيميائية الموجودة في هذه الأطعمة دورٌ في ذلك؟
اقرأ أيضاً: 6 خرافات في التغذية عليك ألّا تصدقها
العوامل التي تؤثّر في نوع الطعام الذي نختاره ونفضّله
يمكن أن يؤثّر العديد من العوامل في سلوكياتنا الغذائية وتفضيلاتنا لها، وتشمل أبرز هذه العوامل ما يلي:
- الثقافة والمأكولات السائدة.
- الحالة الاجتماعية.
- اختيارات العائلة، فوجود فرد منها مصاب بارتفاع الضغط مثلاً قد يقيد أفراد عائلته بالأطعمة التي لا تؤثّر في صحته، فيعتاد الأفراد على طعمها ويفضّلونها على غيرها.
- الحالة الاقتصادية.
- العوامل النفسية.
وتُدعى الحالة التي يرفض بها الشخص تناول نوع أو عدة أنواع من الأطعمة بالنفور من الطعام، وهي تصفُ عدم تقبل الشخص نوعاً من أنواع الأطعمة، ويمكن أن تحدث هذه الحالة منذ ولادة الشخص أو فجأة ثم تزول أو تدوم مدى الحياة، ويمكنها أن تجعله ينفر من الأطعمة التي كان يحبها سابقاً بالإضافة إلى أخرى جديدة. تؤثّر هذه الحالة على الجميع لكنها أكثر شيوعاً بين الحوامل والأطفال، وتُعدُّ ظاهرة شائعة؛ إذ تعاني 70% من النساء الحوامل النفور من نوع طعام واحد على الأقل في أثناء الحمل.
اقرأ أيضاً: حقائق غريبة حول تأثير الطعام الحار في صحتك
لماذا يحدث نفور الطعام؟
يؤدي النفور من الطعام إلى رفض طعام معين لأن الدماغ يخبر الجسم بأن هذا الطعام غير صالح للأكل، كما أنه يسبب تفاعل الجسم بشكلٍ سلبي عند رؤية أو شم الطعام أو تناوله من خلال الشعور بالغثيان أو التقيؤ، وقد يكون السبب نفسياً أو فيزيولوجياً مثل عدم القدرة على هضم بعض المُركّبات أو التحسس منها.
اقرأ أيضاً: هل تخدم الحمية الخالية من الغلوتين والغنية بالبروتين صحتنا أمْ أنها مجرد خرافة؟
أعراض نفور تناول الطعام
تشمل أبرز أعراض النفور من تناول الطعام ما يلي:
- عدم الرغبة في تناول طعام معين.
- تسبب رائحة الطعام أو طعمه بالسعال أو القيء أو الغثيان.
وتظهر عند الأطفال أعراض أخرى مثل:
- إظهار مشاعر قوية عند تقديم طعام لا يحبه الطفل مثل البكاء أو الصراخ أو الدخول في نوبة غضب.
- رفض الأطعمة التي لها شكل أو رائحة أو قوام الأطعمة التي لا يحبونها.
- رفض طريقة تناول الطعام المشابهة لطريقة تناولهم الطعام الذي نفروا منه.
- استغراق الطفل وقتاَ أطول من المعتاد لتناول الطعام.
في الحالات الشديدة قد يُصاب الطفل أو الشخص الذي يعاني نفور تناول الطعام بأعراض مثل سوء التغذية والجفاف والصداع المتكرر.
اقرأ أيضاً: 13 غذاءً نباتياً تؤدي إلى زيادة الوزن
هل تُعدُّ المُركّبات الكيميائية للطعام سبباً لرفضها؟
نعم، يمكن أن تؤثّر المُركّبات الكيميائية للأطعمة في مدى رغبة أو نفور الشخص من تناولها، إذ قد تسبب نوعاً من الحساسية أو عسر الهضم أو التسمم لدى الشخص أو قد يرتبط تناولها بإحدى الذكريات السلبية التي تجعل الشخص يرفض تناول هذا الطعام، ومن الممكن أن بعض المركبات الكيميائية الموجودة في الأطعمة تحفّز مستقبِلات الطعم المُر بدل الطعم الحلو، إذ إن هناك 30 نوعاً من البروتينات الخلوية التي تساعد على تذوق الطعم المُر، بالإضافة إلى ذلك يؤدي الشم دوراً مهماً في مدى قبول الشخص الطعام، إذ إن هناك نحو 400 بروتين مُستقبِل للروائح المختلفة التي قد تحفّز الشهية أو تثبّطها.
وسبب تباين تفضيل أنواع معينة من الأطعمة بين الناس هو التفاوت في مدى حساسية هذه المستقبلات وطريقة تفاعلها مع المُركّبات الموجودة في الأطعمة، فمثلاً يظن البعض أن رائحة الكزبرة لذيذة وشهية بينما الآخر يرى أنها تشبه رائحة الصابون، والسبب في ذلك هو تباين وراثي بين الناس على الكروموسوم 11.
والمميز بظاهرة التذوق ورفض الأطعمة وتفضيلها هو أن إدراك المذاق عملية معقدة تترابط فيها حاسة الشم والذوق والمستقبلات الحسية المختلفة بشكلٍ معقد لتعطي تأثير النكهة التي ندركها، ومن المهم معرفة أن طعم الأغذية لا ينتج عن مُركّب واحد يدخل في تكوينها، ومعظم الأغذية التي نتناولها هي مزيج للعديد من المُركّبات التي تدركها المستقبلات الحسية المختلفة، وتجمع تأثيرها في الدماغ ليعطي انطباعاً عن نكهتها، وتختلف عملية التنسيق هذه من شخصٍ لآخر.
وإحدى الحالات المعروفة عن النفور من تناول الطعام وعدم القدرة على تناول نوع معين من الطعام هو نفور المرأة الحامل من بعض الأطعمة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، ويحدث هذا بسبب زيادة هرمون موجّهة الغدد التناسلية المشيمائية البشرية (HCG) بين النساء الحوامل خلال هذا الوقت، إذ يُعتقد أن هذه التغيرات في مستويات هذا الهرمون تؤثّر في المعالجة الحسية للتذوق.
اقرأ أيضاً: كيف يحدد حمضك النووي اتجاهك في التغذية؟ دراسة حديثة تُجيب
لا يمكن الحسم في تحديد السبب الكامن وراء تفضيل بعض الأطعمة أو النفور منها، وعلى الرغم من تأثير المُركّبات الكيميائية للأطعمة في تفضيلنا للأطعمة، فهناك العشرات والمئات من العوامل الأخرى النفسية والبيولوجية والاجتماعية التي تساعدنا على إدراك هذه المواد الكيميائية عن طريق المراكز الحسية في الدماغ، لتجميع تأثير هذه المركبات كلها وتكوين طريقة حكمنا على مذاقها.