متى يكون تناول المكملات الغذائية مفيداً ومتى يكون مضراً؟

4 دقيقة
متى يكون تناول المكملات الغذائية مفيداً ومتى يكون مضراً؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Aria Armoko

قد تكون من الأشخاص الذي يفضّلون تناول أحد مكملات الفيتامينات المتعددة بغرض تحسين الصحة وزيادة الطاقة والوقاية من الأمراض. وبينما تظن أنك بذلك تتخذ خياراً جيداً، وتتبع نمط حياة صحياً، قد تعرض نفسك إلى مخاطر صحية مختلفة عند تناول هذه المكملات دون حاجة طبية أو إشراف طبيب. في الحقيقة، لست وحدك، فالكثير من الأشخاص يتناولون مكملات الفيتامينات المتعددة يومياً لتعزيز الصحة والوقاية من الأمراض المزمنة، فمثلاً، يتناول نحو ثُلث البالغين وربع الأطفال والمراهقين في الولايات المتحدة هذه المكملات، على الرغم من عدم وضوح فوائدها الصحية.

علاوة على ذلك، تظهر الأدلة أن هذه المكملات قد لا تقي من الأمراض، أو تقلل خطر الوفاة، أو تطيل متوسط العمر المتوقع، خاصة للأفراد الأصحاء. فعلى العكس، تشير دراسة حديثة إلى أن تناول هذه المكملات قد يزيد خطر الوفاة. في هذا المقال نتناول نتائج هذه الدراسة والفوائد المحتملة والأضرار من تناول مكملات الفيتامينات المتعددة، وتوصيات قبل تناولها.

اقرأ أيضاً: هل من المفيد حقاً تناول المكملات الغذائية؟

تناول الأصحاء مكملات الفيتامينات المتعددة لا يطيل العمر وقد يزيد خطر الوفاة

حلل باحثون من المعهد الوطني للسرطان التابع للمعاهد الوطنية للصحة (NIH) في الولايات المتحدة الأميركية، بيانات نحو 400,000 مشارك أميركي بالغ، كان جميعهم بصحة جيدة، وليس لديهم تاريخ مرضي بالإصابة بالسرطان أو الأمراض المزمنة، وتمت متابعتهم أكثر من 20 عاماً.

أظهرت نتائج الدراسة المنشورة في دورية جاما نيتوورك المفتوحة JAMA Network Open، أن تناول مكملات الفيتامينات المتعددة لم يقلل خطر الوفاة بصفة عامة، سواء لدى البالغين الأصحاء، أو بالنسبة لحالات مزمنة محددة مثل السرطان أو أمراض القلب.

لاحظ الباحثون أن متناولي مكملات الفيتامينات المتعددة كانوا أكثر ميلاً لتناول مكملات فردية أخرى، ولديهم مؤشر كتلة جسم BMI أقل، ويتبعون أنظمة غذائية أفضل. تشير هذه النتائج إلى أن متناولي مكملات الفيتامينات المتعددة قد يكونون أكثر وعياً بالصحة. ومع ذلك، كانوا أكثر عرضة للوفاة بنسبة 4%، مقارنة بغيرهم ممن لم يتناولوا هذه المكملات. لم يجد الباحثون ما يثبت تأثير تناول هذه المكملات في طول العمر، لكن أفادوا بأنها قد تعزز بعض جوانب الصحة مثل الشيخوخة الصحية وبالأخص تحسين الوظيفة الإدراكية لدى كبار السن.

يوضّح الباحثون أن هذه الدراسة مبنية على المشاهدة، ولا يمكنها تحديد العلاقة السببية، وقد تؤثّر عوامل مثل الحصول على الرعاية الصحية في النتائج. كذلك، لم تتمكن الدراسة من تحديد العلاقة الزمنية بين استخدام مكملات الفيتامينات المتعددة وخطر الوفاة، أو معرفة كيفية تغير هذا الخطر بمرور الوقت، أو تأثيره الإجمالي في حياة الشخص. كما أن الدراسة شملت فقط البالغين الأصحاء في مناطق جغرافية محددة، ما يصعب إمكانية تعميم النتائج على فئات أخرى. وأكد الباحثون أهمية تقييم تأثير تناول مكملات الفيتامينات المتعددة في أشخاص من مجموعات سكانية مختلفة، خاصة أولئك الذين يعانون نقص التغذية.

اقرأ أيضاً: أهم 3 أفكار تسويقية خاطئة يريدك قطاع المكملات الغذائية تصديقها

مخاطر تناول مكملات الفيتامينات المتعددة

تتوافق نتائج هذه الدراسة مع مخرجات كثير من الأبحاث السابقة والتوصيات التي تشير إلى أن تناول الأشخاص الأصحاء مكملات الفيتامينات والمعادن المتعددة لا يساعد على الوقاية من الأمراض المزمنة، ولا يقلل خطر أمراض القلب أو الأورام الخبيثة. على الجانب الآخر، كشفت ورقة بحثية نشرتها دورية جاما، أن الإفراط في تناول هذه المكملات يمكن أن يزيد خطر الوفاة، والإصابة بالسرطان، وحدوث نزيف في الدماغ، كما أن بعض المكملات الغذائية التي تؤخذ بغرض إنقاص الوزن ليست فعّالة ضد السمنة، وغالباً ما يباع بعضها بطريقة غير قانونية، ويمكن أن تُغش بمواد محظورة، ما يزيد خطورتها.

لذلك، حذّر استشاري طب الأسرة، صالح بن سيف الهنائي، من تناول المكملات الغذائية دون سبب طبي مبرر، مثل نقص الفيتامينات والمعادن. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تخفّض أحماض أوميغا 3 الدهنية نسبة الدهون الثلاثية. ومع ذلك، يشير الهنائي إلى أن مكملات زيت السمك، التي تُعدُّ مصدراً مهماً لأحماض أوميغا 3، قد تزيد مخاطر مشكلات القلب مثل عدم انتظام ضربات القلب، وكذلك السكتة الدماغية. لذلك، ينصح بالحصول على الفيتامينات والمعادن وأوميغا 3 من مصادرها الطبيعية.


اقرأ أيضاً: هل مكملات زيت السمك مفيدة حقاً؟

مكملات الفيتامينات المتعددة مفيدة لفئات معينة

أكدت رئيسة قسم الطب الوقائي في مستشفى بريغهام وأستاذة الطب في جامعة هارفارد، جو آن مانسون JoAnn Manson، أن مكملات الفيتامينات لا يمكن أن تحل محل النظام الغذائي الصحي والمتوازن.

وللحفاظ على الصحة وتعزيز طول العمر، يُوصى بالتركيز على تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية مثل المكسرات والبذور، والبقوليات، والحبوب الكاملة، والفواكه، والخضروات ذات الأوراق الداكنة، واتباع أنظمة غذائية صحية مثل حمية البحر الأبيض المتوسط، أو حمية المنطقة الزرقاء، حيث تركّز هذه الأنظمة على الأطعمة الكاملة والغنية بالألياف والبوليفينول، الذي يتميز بخصائص مضادة للأكسدة وتقليل الالتهابات، إلى جانب المكونات النشطة الأخرى التي يمكن أن تمنع تطور الأمراض المزمنة، وتحافظ على الصحة العامة، مع مراعاة اتباع نمط حياة نشط  لتعزيز الصحة.

لكن بحسب المبادئ التوجيهية الغذائية للأميركيين للأعوام من 2020-2025، لا يحصل معظم البالغين على ما يكفي من العناصر الغذائية الضرورية للحفاظ على وظائف الجسم الطبيعية والشيخوخة الصحية. قد يرجع ذلك إلى صعوبة حصول الأشخاص على المنتجات الطازجة أو الأطعمة الكاملة عالية الجودة، أو قد يعاني بعض الأشخاص ضعف الشهية، أو لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية عبر النظام الغذائي فقط.

اقرأ أيضاً: مكمل الألياف: الحل البسيط لتحسين وظائف الدماغ في 3 أشهر

وعلى الرغم من أن مكملات الفيتامينات المتعددة قد لا يتم استخدامها في الوقاية من الأمراض، أو تطيل العمر أو قد يفيد تناولها هؤلاء الأفراد، فمن الممكن أن تقلل مكملات هذه الفيتامينات نقص المغذيات الضرورية أو تمنعها، خاصة عند الأشخاص الذين لا يستوفون المتطلبات الغذائية اليومية الموصى بها، أو الأشخاص الذين يعانون اضطرابات الجهاز الهضمي مثل متلازمة القولون المتهيج أو داء السيلياك أو مرضى فقر الدم والسكري، وكذلك النساء بعد انقطاع الطمث وكبار السن فوق 50 عاماً.

المحتوى محمي