يُعد شرب الكثير من الماء والمحافظة على رطوبة الجسم طريقة جيدة لتحقيق قرار العام الجديد للعيش بأسلوب حياة أكثر صحة. وفقاً لمركز كليفلاند كلينك (Cleveland Clinic)، يعد الماء ضرورياً لأداء وظائف متعددة في جسمك، بما في ذلك عملية الهضم، وإنتاج الهرمونات والنواقل العصبية، وتوصيل الأوكسجين، إذ يتكون جسم الإنسان البالغ من %60 تقريباً من الماء.
الماء والوصول إلى الشيخوخة الصحية
وفقاً لدراسة نُشرت يوم الاثنين في مجلة إي بايوميديسين (eBioMedicine)، يمكن أن يساعد الماء أيضاً في الوصول إلى الشيخوخة الصحية. كشف البحث الذي أجرته معاهد الصحة الوطنية إن آي إتش (NIH)، أن الأشخاص البالغين الذين يشربون كميات جيدة من الماء يعانون عدداً أقل من الحالات المرضية المزمنة (كأمراض القلب، وأمراض الرئة، وغيرها)، ويكونون أقل عرضةً لخطر الوفاة مبكراً، كما يتمتعون بصحة أفضل بشكلٍ عام.
اقرأ أيضاً: 9 فوائد صحية توضح لماذا يجب أن نشرب الماء بشكل دائم
كما تناولت الدراسة البيانات الصحية التي تم جمعها من 11255 شخصاً بالغاً على مدى 30 عاماً، ودرست العلاقة بين مستويات الصوديوم في الدم والمؤشرات الصحية الأخرى. عادةً، تزداد مستويات الصوديوم في الدم عندما تنخفض كمية السوائل في الجسم.
قام الباحثون بتقييم المعلومات المشتركة خلال خمس زيارات طبية لكل مشارك، أول زيارتين عندما كان المرضى في الخمسينيات من العمر والزيارات الثلاث الأخيرة عندما كان عمرهم بين 70 و90 عاماً. تم استبعاد الأشخاص البالغين ممّن كانت لديهم مستويات عالية من الصوديوم في الدم عند الفحص الأوّلي، أو أولئك الذين يعانون حالات مرضية يمكن أن تؤثر على مستويات الصوديوم في الدم، مثل السمنة، للسماح بإجراء مقارنة أفضل لمعرفة العلاقة بين شرب الماء والحالة الصحية.
الشيخوخة البيولوجية ومستويات الصوديوم في الدم
بعد ذلك، قام الفريق بتقييم العلاقة بين مستويات الصوديوم في الدم والشيخوخة البيولوجية، باستخدام 15 علامة صحية، ومنها ضغط الدم الانقباضي وسكر الدم والكوليسترول. وقد تم تعديل الدراسة أيضاً وفقاً للعوامل الديموغرافية والصحية، ومنها العمر والعرق والجنس البيولوجي وحالة التدخين وارتفاع ضغط الدم.
كشفت النتائج أن البالغين الذين لديهم مستوى أعلى من الطبيعي من الصوديوم في الدم لديهم فرصة أكبر بنسبة 10 إلى 15% ليكونوا أكبر سناً من عمرهم الزمني من الناحية البيولوجية، مقارنة بالمشاركين الذين كانت مستويات الصوديوم لديهم في مستوياتها الطبيعية. بالإضافة إلى ذلك، فإن المشاركين المعرّضين لخطر الشيخوخة بشكل أسرع، هم أيضاً أكثر عرضةً بنسبة 64% للإصابة بأمراض مزمنة مثل السكتة الدماغية، وقصور القلب، والرجفان الأذيني، وأمراض الرئة المزمنة، وأمراض الشرايين المحيطية، والخرَف، والسكري.
ووفقاً للباحثين، لم تكن لدى الدراسة معلومات عن كمية الماء التي شربها المشاركون، ولم تثبت وجود تأثير سببي لذلك.
قالت مؤلفة الدراسة، ناتاليا دميترييفا، الباحثة في مختبر معاهد الصحة الوطنية إن آي إتش (NIH) للطب التجديدي للقلب والأوعية الدموية في المعهد القومي للقلب والرئة والدم إن إتش إل بي آي (NHLBI) في بيان صحفي: "تشير النتائج إلى أن شرب كمية مناسبة من الماء قد يبطئ الشيخوخة ويضمن حياة خالية من الأمراض".
تتوسع هذه الدراسة الجديدة في البحث الذي نشره هذا الفريق من العلماء في مارس/ آذار 2022، الذي ربط ارتفاع مستوى الصوديوم في الدم بزيادة خطر الإصابة بقصور القلب. حيث استخدمت كلتا الدراستين أيضاً بيانات من دراسة مخاطر تصلب الشرايين في المجتمعات (ARIC).
يقول الأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة هارفارد، وأخصائي الأوبئة المساعد في مستشفى بريغهام آند ويمنز (Brigham and Women’s Hospital ) في بوسطن، هاوارد سيسو، الذي لم يشارك في الدراسة، لشبكة سي إن إن: "تضيف هذه الدراسة دليلاً قائماً على الملاحظة يعزّز الفوائد المحتملة بعيدة المدى لرطوبة الجسم على الحالة الصحية على المدى البعيد، بما في ذلك الوفيات". ويضيف: "كان من الجيد الجمع بين تعريفهم للترطيب، استناداً إلى مستويات الصوديوم في الدم فقط، وبيانات كمية السوائل في الجسم المأخوذة من دراسة مخاطر تصلُّب الشرايين في المجتمعات (ARIC)".
اقرأ أيضاً: هل تعد إضافة الأملاح إلى مياه الشرب ممارسة جيدة للصحة؟
أهمية ترطيب الجسم
تقترح الأكاديميات الوطنية للطب أن معظم النساء يستهلكن نحو 6 إلى 9 أكواب من السوائل يومياً، فيما يشرب الرجال من 8 إلى 12 كوباً. وفقاً للباحثين، فإن هناك بعض الطرق لاستهلاك المزيد من السوائل بالإضافة إلى شرب الماء، ومنها: شرب العصير أو تناول الفواكه والخضروات التي تحتوي على نسبة عالية من الماء.
تقول دميترييفا: "يمكن أن يكون لهذا تأثير كبير على المستوى العالمي، إذ إن انخفاض نسبة الماء في الجسم هو العامل الأكثر شيوعاً الذي يؤدي إلى زيادة مستوى الصوديوم في الدم، ما يفسّر النتائج التي تشير إلى أن الحفاظ على رطوبة الجسم بشكل جيد قد يبطئ عملية الشيخوخة ويمنع أو يؤخر الأمراض المزمنة".