ما مدى خطورة التهاب عضلة القلب؟ وما حقيقة ارتباطه بلقاحات الرنا المرسال؟

4 دقائق
التهاب عضلة القلب
حقوق الصورة: جيسي أوريكو/ أنسبلاش.

على مدار الأسبوعين الماضيين، أخذت إدارة الغذاء والدواء ومركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إصدار الموافقة على لقاح شركة «فايزر» لمرض كوفيد-19 للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 11 عاماً بعين الاعتبار. أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية ترخيصاً للاستخدام الطارئ للقاح المخصص للأطفال، والذي أعقبه سريعاً تأييد من مركز السيطرة على الأمراض.

خلال الاجتماعات التي استمرت أياماً، طُرحت الأسئلة المتعلقة بحالات التهاب القلب بعد تلقّي اللقاح كأسئلة أساسية. وبحسب معظم الروايات، أدى الإبلاغ عن تلك المناقشات إلى قلق الآباء بشأن الآثار الجانبية للقاح. لكن مدى خطورة هذا التأثير الجانبي للقاح لا يزال غير واضح تماماً، ووفقاً لبعض الخبراء، قد لا يكون مدعاة للقلق على الإطلاق.

التهاب عضلة القلب ولقاحات كوفيد-19

في الوقت الحالي، أوقفت إدارة الغذاء والدواء الأميركية عملية الموافقة على منح لقاح شركة «موديرنا» للمراهقين حتى تنتهي من مراجعة البيانات الواردة من البلدان الأوروبية المتعلّقة بمخاطر الإصابة بالالتهاب في عضلة القلب أو حوله بعد تلقّي هذا اللقاح. يسمى هذا الالتهاب التهاب عضلة القلب أو التهاب التامور، حسب مكان حدوثه.

إنه أمر نادر الحدوث: حتى في المجموعة الأكثر عرضة للخطر، وهم المراهقون الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 18 عاماً، فإنه يحدث كنتيجة لـ 70 من أصل مليون عملية تلقيح، وذلك وفقاً لبيانات مركز السيطرة على الأمراض الأميركي. لكن وفقاً للاتحاد الأوروبي، من المرجح أن يتسبب لقاح موديرنا بهذا الالتهاب لدى المراهقين. لم تعد العديد من الدول الاسكندنافية تقدم هذا اللقاح لمن هم دون سن الـ 30.

تُظهر بيانات مركز السيطرة على الأمراض التي نتجت عن دراسة الملايين من عمليات التلقيح أن الالتهاب، عند حدوثه، يزول في غضون أيام دون أي عواقب وخيمة. ويتفق خبراء الأمراض المعدية وأطباء الأطفال على نطاق واسع على أن مخاطر مرض كوفيد-19، وذلك يشمل متلازمة التهابية تصيب كافة الجسم واسمها «إم آي إس-سي»، هي أكبر بكثير.

تعتقد «سارة لونغ»، خبيرة أمراض الأطفال المعدية في كلية الطب في جامعة «دريكسيل» وعضوة اللجنة الاستشارية للتلقيح في مركز السيطرة على الأمراض، أن التهاب القلب بعد اللقاح قد يكون مختلفاً عن التهاب عضلة القلب الذي يظهر أثناء الإصابة بكوفيد-19، أو الذي يظهر نتيجة  لسبب آخر. تفيد لونغ بأن هذه الحالة مختلفة جداً وأقل حدة من التهاب عضلة القلب النموذجي، وأن منحها نفس الاسم تسبب في قلق لا داعي له بشأنها.

«دعنا لا نطلق على هذه الحالة اسم التهاب عضلة القلب»

هذا ما تقوله سارا لونغ، خبيرة الأمراض المعدية للأطفال في كلية الطب في جامعة دريكسيل. إن التهاب عضلة القلب ليس مرضاً بحد ذاته مثل الإنفلونزا. إنه أشبه بالالتهاب الرئوي، والذي يمكن أن تسببه الفيروسات أو البكتيريا.

تقول لونغ إن الحالات المتعلقة بتلقّي اللقاح مختلفة تماماً وأقل خطورة بكثير من التهاب عضلة القلب النموذجي. كما تقول أن المرض النموذجي يمكن أن يكون شديداً لدرجة أنها تفضل علاج العديد من الأشخاص المصابين بالتهاب عضلة القلب المرتبط بتلقّي اللقاح بدلاً من علاج حالة واحدة من التهاب عضلة القلب الفيروسي. تقول لونغ: «لا أمانع بأن أعالج مريضاً مصاباً بالتهاب عضلة القلب المرتبط باللقاح كل يوم مقابل علاج من يعاني من التهاب عضلة القلب الفيروسي».

اقرأ أيضاً: أشهر الأسئلة والأجوبة حول التعامل مع الأطفال الذين لم يتلقوا لقاح كورونا

أنواع التهاب عضلة القلب

تنظر لونغ لالتهاب عضلة القلب على أنه مقسوم لـ 3 فئات مختلفة. النوع الأول هو «التهاب عضلة القلب النموذجي» كما كان موجوداً قبل كوفيد-19، والذي يصيب أقل بقليل من طفل واحد من بين كل 100000 طفل، وهو أكثر شيوعاً عند المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 18 عاماً.

وفقاً للونغ، يمكن أن تنتج هذه الحالة من مجموعة متنوعة من العوامل، ومنها فرط الاستجابة المناعية للفيروس، وفي بعض الحالات، يمكن أن تصبح خطيرة. تقول لونغ: «إنها متلازمة نموذجية ليس من الجيد الإصابة بها. إذ أن المرضى يستغرقون وقتاً طويلاً للتحسّن. والبعض منهم لا يتحسن أبداً. هناك وفيات تنتج عن هذه الحالة، ويضطر بعض المرضى لإجراء عملية زرع القلب».

النوع الثاني هو التهاب عضلة القلب الذي ينتج عن مرض كوفيد-19 نفسه. عادة ما يظهر هذا الالتهاب كجزء من الحالة الالتهابية إم آي إس-سي سابقة الذكر، والتي تظهر بعد أسابيع من الإصابة بعدوى كوفيد-19 الحادة. يبدو أنه هذه الحالة ترتبط باستجابة مناعية مفرطة النشاط، وأنها تسبب التهاباً خطيراً في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك القلب. عانى البالغون المصابون بأمراض القلب أيضاً من مضاعفات خطيرة بسبب كوفيد-19.

النوع الثالث هو الالتهاب المرتبط بتلقّي اللقاح. تقول لونغ إنه من خلال تجربتها في رؤية المرضى ومراجعة الحالات كمحررة في دورية علمية، فإن هذه الحالة تظهر عند الأطفال الذين يعانون من أعراض مرتبطة بتلقّي اللقاح بشكل مختلف تماماً. تقول لونغ: «الأعراض الأكثر انتشاراً هي بدايات ألم الصدر الحادة. وهذا أمر غريب».

اقرأ أيضاً: يمكن لفيروس كورونا إيذاء القلب: إليك ما يحتاج الرياضيون معرفته

التهاب التامور: هو الوصف الوصف الصحيح للحالة المرتبطة بلقاح كوفيد-19

يبدو أن هذه الأعراض غير العادية ناتجة عن أن الالتهاب المرتبط باللقاح لا يتركز في عضلة القلب، بل يتركّز في البطانة المحيطة بالقلب، التامور. تحتوي البطانة، على عكس عضلة القلب، على مستشعرات للألم. ولكن بينما يبدو التهاب بطانة القلب مقلقاً، تشير لونغ إلى أن الجراحين يزيلون كلياً هذه البطانة في بعض الأحيان أثناء جراحة القلب، والمرضى يظلون يتمتّعون بصحة قلبية جيدة دونها. هذه البطانة ليست ضرورية لصحة القلب.

لذلك قد يأتي طفل مصاب بالتهاب عضلة القلب "النموذجي" إلى المستشفى ولا يكون يعاني من ألم في الصدر، ولكنه يتنفس بسرعة بسبب وجود خلل في القلب. أما الأطفال الذين يظهرون الأعراض المرتبطة باللقاح يعانون من ألم في الصدر، ولكن، وفقاً للونغ، «مخططات صدى القلب الخاصة بهم، والتي تقيس الوظيفة القلبية، تكون طبيعية دائماً تقريباً».

تعتقد لونغ أنه يجب علينا تسمية الآثار الجانبية للقاح «التهاب التامور» أو «التهاب محيط القلب»، وذلك للتأكيد على حقيقة أنه يحدث في بطانة القلب. تقول لونغ: «أتذكر بعض المناقشات المبكرة حول هذا الأمر، ظللت أقول للناس من فضلكم دعونا لا نسمي هذا التهاب عضلة القلب».

تقول لونغ: «إذا بحث الآباء عن التهاب عضلة القلب على الإنترنت، فسيكونون مستائين جداً». لكن ألم الصدر المرتبط بالتهاب التامور أقل خطورة بكثير. لم يؤكد مركز السيطرة على الأمراض أي حالة وفاة ناتجة عن هذه الحالة.

هذا لا يعني أن الجميع يعتقد أن الحالتين مختلفتان تماماً. في مراجعة عامة عن التهاب القلب المرتبط باللقاح نُشرت هذا الصيف، أظهر حوالي 60% من المرضى بعض التغيير في نشاط القلب، مما يشير إلى تأثر عضلة القلب نفسها.

لكن البيانات التي قدمها «ماثيو أوستر»، وهو عالم من مركز السيطرة على الأمراض في وقت سابق من هذا الأسبوع تدعم الاختلافات بين الحالتين. في حالات التهاب عضلة القلب النموذجي، لا يسترجع حوالي 30% من المرضى وظائف القلب الطبيعية بعد شهر. في حالات إم آي إس-سي، عادت وظيفة القلب لدى غالبية المرضى إلى طبيعتها في غضون 10 أيام. بينما في حالة الالتهاب المرتبط باللقاح، تعافت عضلة القلب لدى جميع المرضى خلال 5 أيام.

تفيد لونغ بأن إصابة الأطفال بآلام في الصدر ليس أمراً يجب تجاهله بالتأكيد. إذ تقول : «لكننا الآن عرفنا أن هذه الحالات مختلفة، ولها علامات مختلفة. لم يمت أحد بسبب التهاب التامور، بينما يموت الأطفال بسبب فيروس كورونا. لذلك بالطبع، فإن نسبة الفائدة والمخاطر تبين أن تلقّي اللقاحات هو الخيار الأفضل».

المحتوى محمي