هل ترتبط الإصابة بالدودة الشريطية بحدوث السرطان؟

هل ترتبط الإصابة بالدودة الشريطية بحدوث السرطان؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Rattiya Thongdumhyu
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يُسمى الإنتان بالدودة الشريطية بـ “داء الشريطيات”، وهو إنتان طفيلي يحدث نتيجة تناول الإنسان اللحوم المصابة غير المطهية بشكل جيد، وتوجد أنواع مختلفة من الدودة الشريطية منها البقرية والخنزيرية والشريطية الآسيوية.

فعندما تصل الدودة الشريطية إلى جسم الإنسان، تلتصق بالأمعاء الدقيقة لتبدأ مرحلة نموها والتي تتحول فيها إلى ديدان شريطية بالغة، وتستغرق هذه العملية ما يعادل شهرين، ومن ثم تنتج الديدان الشريطية البالغة “البروجلوتيدات” وهي البيوض المسؤولة عن نقل العدوى والتي تخرج مع البراز.

اقرأ أيضاً: كل ما تحتاج إلى معرفته عن عدوى الديدان الشريطية

كيف تصل الدودة الشريطية إلى جسم الإنسان؟

تعيش بيوض وكيسات الدودة الشريطية في البيئة لأشهر أو سنوات، وإذا أكلت البقرة -باعتبارها الوسيط المضيف- العشب المُلوث بالبيوض والكيسات، فإنها ستكمل دورة نموها في أمعاء البقرة متحولةً إلى يرقات ناضجة، تنتقل بعد ذلك إلى مجرى الدم وتستقر في العضلات مشكلةً غلافاً واقياً حولها والذي يُسمى كيس اليرقات.

يصاب الإنسان بالدودة الشريطية عندما يأكل لحوم البقر غير المطبوخة جيداً، إذ يتطور كيس اليرقات إلى دودة شريطية بالغة والتي بدورها تلتصق بجدار الأمعاء الدقيقة لتتغذى وتنتج بيوضها.

يجب التنويه لنقطة مهمة وهي أن الديدان الشريطية تلتصق بجدار الأمعاء، إلا أن كيسات اليرقات يمكن أن تنتقل لأي عضو آخر مؤثرةً على الطريقة التي يعمل بها هذا العضو. وغالباً ما تستقر الكيسات اليرقية في الدماغ أو في الحبل الشوكي وفي حالات نادرة تصيب القلب والرئتين، وبذلك نجد أن لإنتان الدودة الشريطية أعراضاً متنوعة تتفاوت باختلاف مكان الإصابة.

أعراض الإصابة بالدودة الشريطية

تعتمد أعراض الإنتان بالدودة الشريطية على مكان تركز الإنتان في الجسم، فعلى سبيل المثال تتلخص الأعراض التي تحدث عند إصابة الأمعاء بما يلي:

  • الشكوى من آلام معدية.
  • الغثيان والقيء.
  • ضعف الشهية.
  • الإسهال.
  • فقدان الوزن. 
  • تراكم الغازات في البطن.

اقرأ أيضاً: طرائق طبيعية لتنقية الجهاز الهضمي وتخليصه من السموم

من جهة أخرى، تتفاوت الأعراض في حال أصابت الديدان الشريطية أو كيساتها الناضجة الدماغ أو العمود الفقري، ومن أبرز الأعراض عندئذ:

  • الشكوى من الصداع.
  • حدوث نوبات اختلاجية.
  • الدوار.
  • آلام عصبية في العمود الفقري أو الأطراف.
  • ضعف العضلات وينجم عنه ضعف في التنسيق.
  • ملاحظة وجود تغييرات في نمط التفكير والسلوك عند المُصابين.

مضاعفات الإصابة بالدودة الشريطية

عادةً لا تسبب عدوى الدودة الشريطية أي مضاعفات مُهددة للحياة، وتتضمن المضاعفات التي قد تحدثها ما يلي:

  • فقر دم: تسبب العدوى طويلة الأمد بالديدان الشريطية عدم إنتاج الجسم ما يكفي من خلايا الدم الحمراء السليمة، كما أن الديدان الشريطية تمنع الجسم من الحصول على ما يكفي من فيتامين B12 والذي يسبب بدوره فقر دم كبير الخلايا.
  • انسداد قنوات الأعضاء: يمكن لجزء من الدودة الشريطية أن يسد القناة التي تربط عضواً هضمياً بالأمعاء ما يؤثر بدوره على عملية الهضم ويسبب آلاماً شديدة، حيث قد يصل طول الدودة إلى 25 متراً، فهي قادرة حتى على أن تسد الأمعاء الدقيقة بشكل تام.
  • رد فعل تحسسي: تتمزق الكيسات اليرقية ويتفاعل الجهاز المناعي مع ذلك، ما يحمل خطر حدوث النوب التحسسية الشديدة والتي تتجلى أعراضها بصعوبة التنفس وانخفاض ضغط الدم.
  • التهاب السحايا: تسبب الكيسات اليرقية عندما تستقر في الدماغ التهاباً فيه وبالأغشية السحائية، كما تتسبب بتراكم السوائل في الدماغ ما ينجم عنه استسقاء دماغي.

وحديثاً تم تسليط الضوء على ارتباط الإصابة بداء الشريطيات وتطور نوع من أنواع السرطان عند المُضعفين مناعياً، فكيف تم اكتشاف ذلك والتوصل لهذه النتائج؟

هل ترتبط الإصابة بالديدان الشريطية بحدوث بعض أنواع السرطان؟

كشف باحثون من مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) عن وجود صلة بين الدودة الشريطية والإصابة بالسرطان لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وترأس البحث الطبيب “بيتر أولسون” خبير الدودة الشريطية، وذلك بدراسة حالة لذكر يبلغ من العمر 41 سنة مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية، والذي جاء بشكوى تعب مزمن وارتفاع في درجة الحرارة وسعال ونقصان في الوزن، وقد توفي بعد 72 ساعة من قدومه بالشكوى.

ترتبط سمة “العدوى الذاتية” بإنتان الدودة الشريطية، وهي تعني استمرار الإصابة لسنوات ما يؤدي إلى ازدياد عدد الديدان في الجسم بشكل كبير، وتظهر هذه السمة بشكل كبير لدى الأفراد المُضعفين مناعياً؛ إذ يعتقد الخبراء أن ضعف الجهاز المناعي المزمن يسمح للديدان بالانتشار خارج الأمعاء الدقيقة، كما حدث مع المريض.

اقرأ أيضاً: لماذا يختلف الجهاز المناعي لدى الأطفال عن نظيره لدى البالغين؟

حيث وجد الأطباء بيوض الدودة الشريطية القزمية في براز المريض، وأجروا فحوصاً مخبرية وشعاعية شاملة تضمنت تصوير صدره وأظهرت وجود تنشؤات، أي نمو خلايا بشكل غير طبيعي في الرئة والعقد اللمفاوية.

وأظهر فحص خلايا هذه التنشؤات أنها ذات شكل وسلوك شبيه بالسرطان فكانت تنمو بسرعة على نحو غير طبيعي وبشكل غير منتظم، كما ازداد قطر العقد اللمفاوية للمريض ليصبح 5 سنتيمترات على مدار 4 أشهر.

وبالوقت نفسه لم تكن الخلايا بشرية المنشأ، فكانت الخلايا أصغر من الخلايا البشرية بمعدل 10 مرات، ولاحظ الباحثون أن الخلايا تندمج مع بعضها وهو أمر نادر بالنسبة للخلايا السرطانية البشرية، كما كشف التحليل الجزيئي للخلايا وجود الحمض النووي DNA الذي يعود للدودة الشريطية القزمية، ما يشير إلى أن السرطان نشأ في ظل إنتان الدودة الشريطية.

اقرأ أيضاً: لفرص شفاء أفضل: تعرف على المؤشرات المبكرة للإصابة بالسرطان

علاج الإنتان بالديدان الشريطية

لا يحتاج بعض المصابين إلى تلقي العلاج، فقد يتخلص الجسم من الدودة الشريطية من تلقاء نفسه، إذ إن بعض المصابين ممن لا تظهر عليهم أعراض المرض قد يصابون ويتخلصون من الإنتان دون أن يدروا حتّى، إلا أنه من المهم الالتزام بتوجيهات الوقاية لتجنب انتقال العدوى مرة أخرى.

يُعالج داء الشريطيات دوائياً بالدرجة الأولى، والخط العلاجي الدوائي الأول هو “برازيكوانتيل”، والذي تكفي جرعة واحدة للقضاء على الدودة الشريطية، كما يعتبر “النيكلوساميد” بديلاً عنه. ومن جهة أخرى، يمكن استخدام “ألبيندازول” الذي يعطى لمدة ثلاثة أيام فقط.

كما يتضمن العلاج جمع براز 3 أيام بعد شهر و3 أشهر من العلاج للبحث عن بيوض الدودة الشريطية وللتأكد من القضاء على الإنتان بشكل تام.

الوقاية من حدوث الإنتان بالدودة الشريطية

تساعدنا مجموعة بسيطة من الخطوات في تقليل الإصابة بالديدان الشريطية أو كيساتها اليرقية، نذكر أهمها:

  • غسل اليدين بالماء والصابون لمدة 20 ثانية على الأقل، خاصةً بعد استخدام المرحاض وقبل تناول الطعام.
  • غسل الفاكهة والخضروات قبل تناولها أو تقشيرها.
  • غسل أدوات المطبخ والأواني بعد ملامستها للحوم النيئة أو الفواكه والخضروات غير المغسولة.

اقرأ أيضاً: ما الأكلات الممنوعة لمرضى الأميبا؟

  • الامتناع عن تناول اللحوم والأسماك النيئة أو غير المطبوخة جيداً، والحرص على استخدام مقياس حرارة اللحوم للتأكد من طهي اللحم لدرجة كافية لقتل أكياس اليرقات، وهذه الدرجة تبلغ 63 درجة مئوية على الأقل.
  • تجميد اللحوم لفترة لا تقل عن 7 أيام، حيث تساعد هذه الخطوة في قتل أكياس اليرقات، والدرجة المُثلى للقيام بذلك هي الدرجة المئوية 20 تحت الصفر.