تعتبر العلاقة الزوجية أحد جوانب الحياة التي تتبدل عند حدوث الحمل، حيث يخشى الأزواج إيذاء الجنين أو الحامل وهذا طبيعي، فمن المعروف أن الحمل مرحلة حساسة للغاية وقد تتطلب إجراء بعض التعديلات حول نمط حياة الحامل. حيث تُنصح الأمهات الحوامل بتجنب حمل الأشياء الثقيلة أو القيام بالتمارين الرياضية العنيفة، وحتّى يُفضل أن يتجنبن الركض باعتباره يحمل خطر السقوط.
وكنتيجة للتبدلات الهرمونية التي تحدث أثناء الحمل، تتبدل وتتفاوت الرغبة الجنسية عند بعض الحوامل بين الازدياد والنقصان، حيث تتثبط عند البعض وتزداد عند أخريات وخاصةً لأنها تساعدهم في تجاوز بعض صعوبات الحمل خاصة عند التعامل مع الغثيان والقيء والتعب الشديد خلال الثُلث الأول من الحمل، ولكن يبقى عامل الأمان موضع قلق لديهن. فهل من الآمن ممارسة العلاقة الزوجية أم يفضل الامتناع عنها؟
ماذا يحدث للجنين عند ممارسة العلاقة الزوجية؟
طوال فترة الحمل، يعيش الجنين داخل الرحم في كيس وهو يسبح ضمن سائل يحيط به يُسمى "السائل السلوي"، ولذلك يخشى الآباء أذية الكيس الذي يحيط بالجنين أثناء ممارسة العلاقة الزوجية.
تقول "دينا سلاشي" وهي أستاذة في طب التوليد وأمراض النساء في جامعة نورث ويسترن الأميركية: "ممارسة العلاقة الزوجية أثناء الحمل آمنة للغاية بالنسبة لمعظم الإناث اللاتي يعانين من حالات حمل غير معقدة ومنخفضة الخطورة". وأضافت أن الرحم يكون أكثر ليونة وأكثر قدرة على الحركة أثناء الحمل، كما أن الجنين يتمتع بحماية فائقة بواسطة السائل الأمنيوسي في الرحم وكذلك بواسطة عضلات الرحم القوية نفسها، ولذلك لا خوف على الجنين من حدوث أي أذيات ما دامت الأم الحامل لا تعاني من مخاطر حدوث الولادة المبكرة أو مشكلات المشيمة.
اقرأ أيضاً: هل كثرة نوم الحامل تضر الجنين؟
علمياً، هل يوجد وقت آمن لممارسة العلاقة الزوجية أثناء الحمل؟
من الآمن ممارسة العلاقة الزوجية طوال فترة الحمل وحتى خلال الأسابيع الأولى منه، والوقت الآمن هو الوقت الذي يرغب فيه كلا الطرفين ممارسة العلاقة مع غياب عوامل الخطورة.
مع وجود خصوصية معينة خلال الثُلث الثالث من الحمل وهو تجنب الاستلقاء بشكل كامل على الظهر، وذلك لأن الرحم المتنامي يضغط على الأوعية الرئيسية عند الاستلقاء ما يسبب ضغطاً وألماً في الحوض، كما يرافق ذلك حدوث انخفاض في ضغط الدم الخفيف وتسرع القلب، ما يؤدي إلى حدوث الدوار وقد يصل الأمر إلى الغياب عن الوعي.
فوائد ممارسة العلاقة الزوجية أثناء الحمل
تترافق ممارسة العلاقة الزوجية مع تحرر مجموعة من الهرمونات المهدئة والمحسّنة للمزاج وهي "الإندورفينات"، ما يقلل من حدوث التوتر والقلق ويُخفّض الضغط ويزيد من تدفق الدم من القلب والأوعية الدموية، ما يؤدي إلى تحسين تروية المشيمة وأعضاء جسم الحامل، ما ينعكس إيجاباً على صحة الجنين. كما تُحسّن ممارسة العلاقة الزوجية من الصحة الجسدية للحامل، إذ تساعد في حرق السعرات الحرارية وتعزز الترابط بين الشريكين.
اقرأ أيضاً: هل تضر المشروبات الغازية بصحة الحامل؟
كما تطال فوائد ممارسة العلاقة الزوجية الجهاز المناعي أيضاً، إذ تعزز من إفراز الغلوبولين المناعي (IgA)، والذي بدوره يقوي المناعة ضد نزلات البرد والالتهابات الأخرى.
متى يجب الامتناع عن ممارسة العلاقة الزوجية أثناء الحمل؟
من جهة أخرى، تنطوي ممارسة العلاقة الزوجية أثناء الحمل على بعض المخاطر مثل حدوث الإجهاض والولادة المبكرة في الحالات التالية:
- مشكلات عنق الرحم: التي تزيد من احتمالية الإجهاض أو الدخول في المخاض المبكر مثل اتساع فوهة عنق الرحم أو عدم ثباتها.
- الحمل التوأمي.
- المشيمة المنزاحة: في الحالة الطبيعية تتركز المشيمة بعيداً ولا تلاصق فوهة عنق الرحم، إلا أنه في بعض الحالات مثل المشيمة المنزاحة، تُغطي المشيمة فوهة عنق الرحم كلياً أو جزئياً، ما يزيد من خطر انفكاك المشيمة والدخول في مخاض باكر.
- قصور عنق الرحم: حيث تبدأ فوهته بالانفتاح قبل أوان الولادة.
- تاريخ من حدوث الولادات المبكرة.
- حدوث نزيف مهبلي غزير غير مفسر.
- تسرب للسائل الأمينوسي.
- تمزق الأغشية السلوية: ما يضع الحامل في دائرة خطورة تطوير إنتان.
- إصابة الشريك بأحد الأمراض المنقولة جنسياً.
اقرأ أيضاً: هل يضر الفلفل الحامل في شهور الحمل الأولى؟
هل يؤثر عدم ممارسة العلاقة الزوجية سلباً على الحمل؟
على الرغم من فوائد ممارسة العلاقة الزوجية في تقليل التوتر وخفض ضغط الدم وتعزيز الترابط بين الشريكين، فإن الامتناع عنها لن يؤثر سلباً إن كان ذلك يحقق رغبة الطرفين. إذ يمكن للحامل أن تحصل على نفس الفوائد من خلال القيام بأنشطة تفضّلها أكثر من القيام بنزهة أو التسوق أو الالتقاء بأصدقائها أو تناول وجبتها المفضّلة.