يواجه بعض الأفراد اصفراراً يزداد تدريجياً ويشمل كلاً من باطني قدميهم وراحتي يديهم، ما يجعلهم قلقين نوعاً ما حول السبب وراء حدوث ذلك وظهوره. عادةً ما يُعزى هذا الاصفرار إلى خمسة أسباب طبية منها؛ ارتفاع بيتا كاروتين الدم أو قصور الغدة الدرقية أو القصور الكبدي أو الفشل الكلوي أو داء السكري، لكن ما الآلية التي تتسبب بها هذه الحالات الصحية باصفرار راحتي اليدين وباطني القدمين؟
داء السكري واصفرار راحتي اليدين وباطني القدمين
ينتشر اصفرار راحتي اليدين وباطن القدمين عند مرضى السكري بنسبة 10%، ويعود حدوثه إلى ضعف استقلاب الكاروتين في الكبد، إلّا أن الإجابة عن التساؤل وراء عدم قدرة الكبد على الاستقلاب بالشكل الطبيعي ما زالت مبهمة وغير واضحة بعد.
تنصُّ إحدى الفرضيات على أن ارتفاع مستوى سكر الدم هو الذي يُضعف قدرة الكبد على تحويل الكاروتين إلى فيتامين A، بينما تنصُّ أخرى على أن بعض البروتينات –مثل الكولاجين الجلدي- يخضع لإضافة جزيء غلوكوز، ما يُعطي الجلد لوناً أصفر.
أمّا سبب ظهور اللون الأصفر على راحتي اليدين وباطني القدمين، أولاً فبسيط، ويعود إلى وفرة الغدد العرقية في الراحتين وباطني القدمين. عاملٌ آخر مؤثر هو قلة عدد الخلايا الصباغية فيها، بالإضافة إلى وجود طبقة سميكة متقرنة بشكلٍ نسبي من الجلد، ما يؤدي إلى تراكم أقصى قدرٍ من الكاروتين في تلك القطاعات الجلدية.
يُعالج اصفرار راحتي اليدين وباطني القدمين الناجم عن داء السكري بضبط سكر الدم لتخفيف العبء على الكبد، والسماح لاستقلابه بالعودة إلى الطبيعي.
اقرأ أيضاً: كيف تتم العناية بالقدمين عند مرضى السكري؟
كيف يتسبب كلٌّ من القصور الكلوي والقصور الكبدي باصفرار راحتي اليدين وباطني القدمين؟
يعود التغير في لون بشرة الجلد في القصور الكلوي إلى ارتفاع نسبة السموم في الجسم، ففي القصور الكلوي تتراجع وظيفة الكلية وتفشل عندئذٍ في طرح السموم خارج الجسم، ما يؤدي إلى تراكمها في مجرى الدم.
ولا يلاحظ الاصفرار في راحتي اليدين وباطني القدمين فحسب عند حدوث القصور الكلوي، إذ قد يلاحظ لون رمادي أو شاحب، كما قد يُصبح لون بعض مناطق الجلد داكناً. ويُعالج هذا التباين اللوني الناجم عن القصور الكلوي بالخضوع لجلسة تحالّ كلوي لطرح السموم المتراكمة في الجسم.
أمّا بالنسبة لاصفرار راحتي اليدين وباطني القدمين الناجم عن القصور الكبدي فيعود إلى ارتفاع نسبة بيليروبين الدم، إذ تضطرب وظيفة الكبد لأسباب متباينة منها المؤقت كالتهاب الكبد A، ومنها المزمن مثل التهاب الكبد B، ومنها ما هو ناجم عن التسمم الكحولي أو التسمم بأحد الأدوية أو أمراض الدم الانحلالية، وعندئذ لا يستطيع الكبد التخلص من البيليروبين بصورة صحية.
يُعالَج اصفرار راحتي اليدين وباطني القدمين الناجم عن القصور الكبدي بشكلٍ رئيسي بعلاج السبب وراء حدوث القصور الكبدي، ويمكن في أثناء ذلك إعطاء الأدوية التي تساعد على طرح البيلروبين وتجنب استهلاك الكحول أو تناول الأدوية التي تُطرح عن طريق الكبد لأنها تزيد من الحالة سوءاً.
اقرأ أيضاً: متى يصبح السرطان مهدداً للحياة؟
ارتفاع كاروتين الدم وقصور الغدة الدرقية مرتبطان بحدوث اصفرار راحتي اليدين وباطني القدمين
يُطرح الكاروتين بشكلٍ رئيسي عن طريق الغدد الدهنية، كما يُطرح مع العرق، الأمر الذي يفسّر ظهور الاصفرار أولاً على راحتي اليدين وباطني القدمين لغناها بالغدد العرقية. يرتفع كاروتين الدم إمّا نتيجة ضعف طرحه كما في داء السكري والأمراض التي تضعف وظيفة الكبد، كما يزداد عند الإفراط في تناول الأغذية الغنية بالكاروتين مثل الجزر واليقطين والحمضيات وغيرها من الخضروات خضراء أو صفراء اللون، أو المكملات الغذائية التي تتضمن الكاروتين. ويتلخص علاجه بالامتناع عن الحصول على الكاروتين من مصادره الطبيعية أو من المكملات الغذائية.
اقرأ أيضاً: ما الأعراض الأولية لقصور الغدة الدرقية؟
من جهةٍ أخرى، يظهر اصفرار راحتي اليدين وباطني القدمين في قصور الغدة الدرقية نتيجة شحوب الجلد لتراكم كلٍّ من عديدات السكاريد المخاطية الجلدية والكاروتين في طبقات الجلد السطحية، وما يجعله واضحاً هو جفاف الجلد المرافق لقصور الغدة الدرقية. ويزول هذا الاصفرار بعلاج قصور الغدة الدرقية وبإعطاء الأدوية التي تنشط عمل الغدة –مثل التيروكسين- ما يقلل من جفاف الجلد ويقلل من تراكم الكاروتين ضمن طبقات الجلد السطحية.