لا تتجلى الأمراض المنقولة جنسياً بأعراض صريحة دوماً، إذ من الممكن الإصابة بعدوى من أشخاص يبدون بصحة جيدة وقد لا يعرفون حتى أنهم مصابون بأحد الأمراض المنقولة جنسياً.
من المهم توضيح أن الأمراض المنقولة جنسياً لا تقتصر فقط على الأمراض التي تصيب جهازي التكاثر الأنثوي والذكري، إذ يُصنف التهاب الكبد "ب" على أنه أحد أهم هذه الأمراض وأخطرها إضافةً إلى الفيروس الحليمي البشري وغيره. كما أن هذه الأمراض لا تنتقل فقط عبر الاتصال الجنسي، فمن الممكن أن تنتقل من الأمهات إلى أجنتهن أثناء الحمل أو خلال نقل الدم أو عن طريق الإبر المشتركة وحتّى في عيادة طبيب الأسنان عند استخدام أدوات غير مُعقمة بالشكل الصحيح. بمعنى آخر تنتقل الجراثيم والفيروسات والطفيليات خلال أي شكل من أشكال الاتصال الذي يتم فيه تبادل سوائل الجسم مثل اللعاب أو الدم أو السائل المنوي.
اقرأ أيضاً: انفوجرافيك: تقرير منظمة الصحة العالمية عن الأمراض المنقولة جنسياً
كيف تتجلى أعراض الأمراض المنقولة جنسياً؟
في الوقت الذي تبقى فيه بعض الأمراض المنقولة جنسياً كامنة وغير عرضية لسنوات، يتظاهر بعضها الآخر بمجموعة من العلامات والأعراض الموجهة للإصابة بعد بضعة أيام من التعرض. من الضروري الخضوع لإجراء فحوص شاملة للأمراض لتجنب الإصابة بالعدوى، وحتّى لا تسوء هذه الأمراض مسببةً مضاعفات تؤثر على الخصوبة. توجهنا الأعراض التالية نحو وجود إصابة بأحد الأمراض المنقولة جنسياً:
- تقرحات أو نتوءات على الأعضاء التناسلية أو المستقيم أو على الأغشية المخاطية الفموية الفم.
- تبول مؤلم أو حارق.
- تعدد مرات التبول والشعور بعدم الإفراغ التام بعد الانتهاء من التبول.
- مفرزات من القضيب.
- مفرزات مهبلية غير طبيعية ذات رائحة كريهة.
- ألم أثناء الجماع.
- نزوف مهبلية خارج أوقات الدورة الطمثية.
- تورم الغدد اللمفاوية أعلى الفخذين.
- آلام بطنية وعدم الشعور بالراحة في منطقة الحوض والبطن.
- ارتفاع درجة الحرارة.
- طفح جلدي على الجذع أو اليدين أو القدمين.
اقرأ أيضاً: كل ما تودّين معرفته عن التهاب المهبل
السيلان البني والإفرنجي وغيره من الأمراض المنقولة جنسياً
الأمراض المنقولة جنسياً ناجمة إمّا عن الجراثيم مثل الكلاميديا والسيلان البني، أو الفيروسات مثل الإيدز والثآليل التناسلية والهربس التناسلي وفيروسات التهاب الكبد "ب"، أو الطفيليات مثل المُشعرات المهبلية. نستعرض معاً أشيع الأمراض المنقولة جنسياً.
الكلاميديا
أشيع الأمراض المنقولة جنسياً عند الذكور والإناث خاصةً من تتراوح أعمارهم بين 10-25 سنة، غالباً ما تكون غير عرضية إلّا أنها تتجلى بعسر تبول ومفرزات قيحية مخاطية من القضيب والمهبل ونزوف مهبلية بين الطموث. يمكن أن تسبب الكلاميديا ضرراً دائماً في الجهاز التناسلي إن لم تعالج بشكل تام ما يتسبب في حدوث العقم. تُعالج الكلاميديا بالصادات الحيوية واسعة الطيف مثل "أزيثرومايسين" و"دوكسي سايكلين".
السيلان البني
العامل المسبب هو "النيسيريا البنية"، وهي جراثيم تصيب مخاطية عنق الرحم والإحليل عند الذكور بالإضافة إلى مخاطية الفم والحلق والعينين والمستقيم. يتظاهر السيلان البني بعسر تبول وإلحاح وتعدد البيلات (البول) بالإضافة إلى مفرزات قيحية كريهة الرائحة، والتي تظهر بعد 10 أيام من التعرض الأولي للجراثيم أو قد يستغرق الأمر سنوات لكي تصبح الأعراض صريحة. يُعالج السيلان البني بالصادات الحيوية مثل "سفترياكسون" أو "سيفيكسيم" و"دوكسي سايكلين".
المشعرات المهبلية
يتسبب طفيلي مجهري أحادي الخلية بحدوث داء المشعرات المهبلية، يصيب هذا الطفيلي المخاطية المهبلية عند الإناث والمسالك البولية عند الذكور. تتجلى الأعراض عادةً خلال 28 يوماً من التعرض وتتراوح شدة الأعراض بين التهيج الخفيف إلى التهاب الحاد. نستدل على الإصابة بالمشعرات المهبلية عن طريق وجود مفرزات مهبلية رغوية رمادية وحكة تهيجية شديدة في المنطقة التناسلية، أمّا بالنسبة للعلاج فهو "ميترونيدازول" و"تينيدازول" ومن المهم معالجة الشريك حتّى إن لم يتظاهر بأية أعراض.
اقرأ أيضاً: جرعة واحدة من لقاح فيروس الورم الحليمي البشري يمكن أن تحمي من سرطان عنق الرحم
الإيدز
مرض مزمن يهدد الحياة بإضعافه الجهاز المناعي، سببه فيروس عوز المناعة البشرية. يسبب الإيدز أعراضاً تحاكي الإنفلونزا وذلك بعد 2-6 أسابيع من التماس الأولي مع الفيروس. تشمل أعراضه كل من الحمى ونقص الوزن والتعرق الليلي وتضخم العقد اللمفاوية والإصابة بالإنتانات الانتهازية. يُعالج الإيدز بالأدوية المُضادة للفيروسات التي تكبح نشاط الفيروس ولكنها لا تقتله.
الهربس التناسلي البسيط
الهربس التناسلي هو مرض شديد العدوى ناجم عن فيروسات الهربس نمط 1 أو 2 والتي تدخل الجسم من خلال شقوق صغيرة في الجلد أو الأغشية المخاطية. لا يعرف معظم المصابين بفيروس الهربس البسيط أنهم مصابون به إذ لا توجد علامات أو أعراض واضحة وصريحة للإصابة به. تأتي الأعراض على شكل نوب وتكون النوبة الأولى هي الأسوأ بشكل عام. تتصف النوب بظهور مفاجئ لبثور وحويصلات حمراء صغيرة حاكة وقروح في المناطق التناسلية والشرجية، مع حدوث ألم أو حكة حول المنطقة التناسلية والأرداف والوجه الداخلي للفخذين. يُعالج الهربس البسيط بمضادات الفيروسات مثل "أسايكلوفير".
الفيروس الحليمي البشري والثآليل التناسلية
واحد من أشيع الأمراض المنقولة جنسياً، إلّا أنه يحمل خطورة إضافية عن باقي الأمراض كونه يعرض الإناث لخطر الإصابة بسرطان عنق الرحم. يسبب هذا الفيروس ظهور مجموعة من ثآليل التي تكون على شكل انتفاخات صغيرة بلون الجلد أو تكون رمادية اللون، والتي تظهر في المنطقة التناسلية. لا تسبب هذه الثآليل أي أعراض إلّا إذا توضعت في البطانة المهبلية أو عند مدخل المهبل معيقةً الجماع بذلك. لا تُعالج هذه الثآليل إلا إذا كانت مزعجة بشكل مستمر، عن طريق تطبيق الخل المركز أو الكي الحراري أو عبر الاستئصال بالليزر.
التهاب الكبد "ب"
هو عدوى فيروسية تصيب الكبد، تعتبر فيروسات التهاب الكبد "ب" و"ج" أخطر الالتهابات الكبدية. قد يبقى الشخص حاملاً للفيروس ولا يتظاهر بأي أعراض، وبالمقابل يتظاهر المرضى العرضيون بإعياء وفقدان شهية وشعور غير مريح في القسم الأيمن من البطن، كما ترتفع درجة الحرارة ويصبح لون البول داكناً. علاج التهاب الكبد "ب" معقد ويتطلب الإحالة لأخصائي بالأمراض الهضمية نظراً لإزمانه وصعوبة علاجه.
الإفرنجي أو مرض الزهري
عدوى بجراثيم اللولبيات الشاحبة، التي تدخل جسم الإنسان عن طريق الجروح والقروح الجلدية التناسلية. قد تنحصر الإصابة بالجلد أو الأغشية المخاطية التناسلية، وقد تتطور في بعض الحالات لتصيب القلب والجهاز العصبي، عندئذٍ يُسمى بـ "الإفرنجي العصبي".
تظهر علامات مرض الإفرنجي وأعراضه على ثلاث مراحل، أولية وثانوية وثالثية. في المرحلة الأولية، تتواجد فقط قرحة صغيرة غير مؤلمة في موقع دخول اللولبية الشاحبة. تظهر الأعراض السريرية في المرحلة الثانوية مع تقدم المرض لتشمل تقرحات حمراء أو بنية في كامل الجلد بما في ذلك راحتي اليدين والأخمصين. كما يحدث ارتفاع في درجة الحرارة وتضخم في العقد اللمفاوية.
تنتشر بكتيريا اللولبيات الشاحبة بدون علاج، الأمر الذي يؤدي إلى تلف الأعضاء الداخلية، حيث يؤثر الإفرنجي على الجهاز العصبي بالدرجة الأولى ليتظاهر في المراحل المتقدمة بمجموعة من الأعراض المميزة مثل الصداع والتبدلات السلوكية واضطرابات الحركة. يُعالج الإفرنجي عادةً بالصادات الحيوية مثل البنسيلينات أو "سفترياكسون".
اقرأ أيضاً: كيف ينتقل فيروس الإيدز عبر سوائل الجسم؟
من هم المعرضون للإصابة بالأمراض المنقولة جنسياً؟
يعتبر أي شخص نشط جنسياً معرضاً للإصابة بطيف الأمراض هذه، كما توجد مجموعة من العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة:
- الأعمار الشابة: ممن تتراوح أعمارهم بين 15-24 سنة.
- عدم استخدام وسائل الحماية: يقلل استخدام الواقي الذكري بالشكل الصحيح من فرص الإصابة بالعدوى بشكل كبير.
- تعدد الشركاء الجنسيين: تزداد المخاطر بازدياد عدد الشركاء الجنسيين.
- تاريخ من الإصابة بالأمراض المنقولة جنسياً: تزيد الإصابة المسبقة بأحد الأمراض المنقولة جنسياً لمرض آخر منقول جنسياً بالتفشي.
- استخدام أدوية الحقن: والتي ترفع من احتمال الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد "ب" و"ج".
آثار ومضاعفات الأمراض المنقولة جنسياً على المدى الطويل
نظراً لعدم تظاهر العديد من الأشخاص في المراحل المبكرة من الأمراض المنقولة جنسياً بأي أعراض، قد يتم اكتشاف الإصابة بأحد الأمراض المنقولة جنسياً لأول مرة أثناء البحث في أسباب العقم. نذكر ما يلي من المضاعفات المحتملة للأمراض المنقولة جنسياً وغير المُعَالجة:
- آلام بطنية وحوضية مستمرة.
- العقم.
- التهاب الملتحمة العينية.
- التهاب المفاصل.
- الإصابة بالداء الحوضي الالتهابي ما يؤدي إلى حدوث التصاقات بطنية، والتي بدورها تنقص من الخصوبة.
- الإصابة بأمراض الصمامات القلبية.
- الإصابة ببعض أنواع السرطان: مثل سرطان عنق الرحم وسرطان المستقيم.
اقرأ أيضاً: السفر إلى الفضاء ينشّط فيروس الهربس الكامن داخل الجسم
كيف تقي نفسك من الإصابة بالأمراض المنقولة جنسياً؟
هناك عدة طرق لتجنب وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المنقولة جنسياً، نذكر منها:
- الالتزام بالتطعيم: يعتبر أخذ اللقاحات قبل البدء بأي نشاط جنسي أمر بالغ الأهمية، وعلى الرغم من عدم توفر لقاحات تشمل جميع الأمراض المنقولة جنسياً إلا أن لقاحات التهاب الكبد "ب" و"أ" متوفرة، إضافةً إلى اللقاح ضد الفيروس الحليمي البشري.
- استخدام وسائل الحماية: تقلل الواقيات الذكرية المصنوعة من "اللاتكس" من خطر التعرض لمعظم الأمراض المنقولة جنسياً.
- ختان الذكور: يساعد الختان في تقليل خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية بنسبة تصل إلى 60%. كما يساعد الختان أيضاً في منع انتقال الفيروس الحليمي البشري التناسلي والهربس التناسلي البسيط.
- المعالجة التامة للأمراض المنقولة جنسياً: تزيد الأمراض غير المُعالجة بالشكل التام من خطر الإصابة بأمراض منقولة جنسياً أخرى، وذلك لأن العدوى يمكن أن تحفز الاستجابة المناعية في منطقة الأعضاء التناسلية مسببةً تقرحات والتي تعتبر حاجزاً ضعيفاً أمام الجراثيم والفيروسات.
- الخضوع للاختبارات التشخيصية قبل البدء بأي نشاط جنسي: حفاظاً على صحتك وصحة شريكك.