ملخص: في حين ينصبُّ التركيز في شهر التوعية بسرطان الثدي (أكتوبر) على الأورام الخبيثة، فإن الوعي بأورام الثدي الحميدة لا يقل أهمية. أمراض الثدي الحميدة هي حالات غير سرطانية يمكن أن تظهر على شكل كتل أو أكياس، وتشمل 3 أنواع هي: أولاً، الآفات غير التكاثرية مثل أكياس الثدي والثدي الليفي الكيسي، التي قد تسبب ألماً في الثدي لكنها غالباً ما تختفي من تلقاء نفسها. ثانياً، الآفات التكاثرية دون خلل في النمو مثل الأورام الليفية الغدية، وهي كتل صلبة لا تزيد عادةً خطر الإصابة بالسرطان ولكنها قد تحتاج إلى الإزالة إذا نمت بشكلٍ كبير، والورم الحليمي القنوي هو نمو حميد يحدث داخل قنوات الحليب في الثدي، ويتميز بإفرازات من الحلمة وكتلة صغيرة بالقرب من الحلمة أو خلفها. ثالثاً، الآفات التكاثرية مع خلل التنسج وتتضمن زيادة غير طبيعية في خلايا أنسجة الثدي. تزيد مثل هذه الآفات من خطر الإصابة بسرطان الثدي مستقبلاً ولا بُدّ من إزالتها، ومنها فرط التنسج المعتاد (النموذجي)، وفرط التنسج القنوي غير النمطي.
منذ عام 1985، حددت الجمعية الأميركية للسرطان (American Cancer Society) شهر أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، شهر التوعية بسرطان الثدي، بهدف تثقيف النساء حول أهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي. وفي حين ينصبُّ معظم التركيز على الأورام الخبيثة، فمن الأهمية بمكان أيضاً الحذر واتخاذ الاحتياطات مما يُعرف بالأورام الحميدة في الثدي؛ إذ على الرغم من أنها غير سرطانية، فإن بعض أمراض الثدي الحميدة تتطلب عناية طبية خاصة، وقد تزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي في المستقبل. فما هي أكثر أورام الثدي الحميدة شيوعاً؟ وما هي طرق علاجها؟
اقرأ أيضاً: هل تُعدّ أمراض الثدي الحميدة مؤشراً للإصابة بسرطان الثدي؟
ما هي أمراض الثدي الحميدة؟
أمراض الثدي الحميدة هي مجموعة متنوعة من الحالات غير السرطانية التي تؤثّر في أنسجة الثدي. يمكن أن تظهر هذه الحالات على شكل آفات ملموسة (كتل أو أكياس)، أو تغييرات أخرى في الثدي تظهر خلال الفحص البدني، أو تشوهات يكشفها التصوير.
وفقاً للمراجعة المنشورة في المجلة الدولية لصحة المرأة (International Journal of Women's Health)، يمكن تصنيف الأورام الحميدة عادة إلى ثلاث فئات:
1. الآفات غير التكاثرية
لا تزيد الآفات غير التكاثرية عدد الخلايا في أنسجة الثدي؛ ومن الأمثلة عنها التغيرات الكيسية الليفية، وتشمل:
أكياس الثدي
هي أكياس مملوءة بالسوائل داخل الثدي، وتمثّل نحو 25% من حالات كتل الثدي. غالباً ما تشعر المرأة بالكيس لدى اللمس بيدها، حيث يبدو على شكل كتلة مستديرة متحركة قد تكون مؤلمة عند لمسها. يمكن أن تتطور في أي عمر لكنها تُصيب النساء غالباً في سن ما بين 35-50.
قد تكون الأكياس ناجمة عن انسداد الغدد الثديية، أو بسبب انكماش النسيج الغدي المنتج للحليب بحيث يصبح السائل محاصراً. عموماً، يعتقد الأطباء أنها نتيجة التقلبات الهرمونية الطبيعية، إذ لا تتطور هذه الكيسات بعد انقطاع الطمث، حيث تنخفض مستويات هرمون الاستروجين.
العلاج: غالباً ما تزول هذه الكتل من تلقاء نفسها، لكن يمكن علاجها بتصريف السائل بإبرة، إذ بمجرّد إزالة محتويات الكيس ينكمش وينفجر. في حال تكرار ظهور الأكياس قد تحتاج إلى إزالتها بعمل جراحي.
الثدي الليفي الكيسي
وهي عبارة عن تغيرات في أنسجة الثدي تسبب ملمساً خيطياً، ويمكن أن تسبب كتلاً أو ألماً، ولكنها لا تنطوي على زيادة في عدد الخلايا. كانت تعتبر سابقاً حالة مرضية، إلّا أنه وفقاً للأطباء من الطبيعي وجود ثدي كيسي ليفي. عادة ما تكون مرتبطة بالدورة الشهرية، ويتغير حجم هذه العقيدات الليفية في الثدي خلال دورة الحيض. قد يرافقها تسرّب إفرازات خضراء أو بنية داكنة غير دموية من الحلمة، حتى دون ضغط أو عصر، بالإضافة إلى ألم عام في الثدي أو لدى لمسه.
العلاج: لا تتطلب هذه الحالة علاجاً، لكن قد تحتاج المرأة إلى إدارة الأعراض باستخدام بعض المسكنات المتاحة دون وصفة طبية، مثل الإيبوبروفين أو نابروكسين الصوديوم، كما قد يكون من المساعد ارتداء حمالة صدر داعمة، وتجنب الأنشطة التي تتطلب احتكاكاً جسدياً أو تسبب إصابة الثديين.
2. الآفات التكاثرية دون خلل في النمو
تزيد هذه الآفات عدد الخلايا ولكن الخلايا تبدو طبيعية، مثل:
الأورام الليفية الغدية
تُعدّ الأورام الليفية الغدية أكثر أنواع الكتل الحميدة في الثدي شيوعاً، وهي عبارة عن كتل صلبة غير مملوءة بالسوائل، وغير سرطانية في الثدي. لا تسبب ألماً في الحالة العادية، وتتحرك بحرية في الثدي. تُصيب النساء في العشرينيات والثلاثينيات من العمر، ويزداد ظهورها لدى من يتناولن الدواء الهرموني بعد انقطاع الطمث.
يوجد نوعان للورم الليفي الغدي:
- ورم ليفي غدي بسيط تتشابه خلاياه كافة، ولا يزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي.
- ورم ليفي غدي معقد يضم خلايا ذات خصائص مختلفة، لذا قد يسبب زيادة طفيفة في خطر الإصابة بسرطان الثدي مستقبلاً.
العلاج: لا تتطلب الأورام الليفية الغدية عادة علاجاً، لكن نظراً إلى أن بعضها قد يكبر إلى أضعاف حجمه مع الحمل والرضاعة، فقد يقترح الطبيب المختص إزالتها.
الورم الحليمي القنوي في الثدي
الورم الحليمي نمو حميد يتكوّن داخل قنوات الحليب في الثدي وينطوي على تكاثر الخلايا الظهارية، لكنه دون أي خلل في النمو. غالباً ما توصف هذه الأورام بأنها تشبه الثآليل ويمكن أن تسبب إفرازات من الحلمة، وهو أحد الأعراض الرئيسية التي تؤدي إلى اكتشافها، بالإضافة إلى الأعراض مثل وجود كتلة صغيرة خلف الحلمة أو بجانبها، قد تكون مؤلمة في بعض الأحيان.
العلاج: يتوقف العلاج على حجم الأورام الحليمية وأعراضها. لكن غالباً ما يوصي الأطباء بإزالتها لأنها ترتبط بأعراض أكثر خطورة في الثدي. ومن طرق إزالة الأورام الحليمية المتبعة:
- الاستئصال بالتفريغ أو اختصاراً (VAE): وفيه تُشفط الآفة بإبرة صغيرة موصولة بجهاز شفط.
- خزعة استئصالية للثدي (استئصال الورم): إجراء جراحي لاستئصال الآفة وحافة من الأنسجة السليمة لضمان عدم بقاء أي خلايا غير طبيعية.
- استئصال الثدي: في حالات أكثر تطوراً قد يكون استئصال الثدي بأكمله ضرورياً لتجنب الإصابة بسرطان الثدي.
الندبات الشعاعية
الندبات الشعاعية هي آفات على شكل نجمة قد تبدو مثل السرطان في تصوير الثدي بالأشعة السينية ولكنها حميدة. إنها نادرة وغير شائعة لدى النساء دون سن الأربعين. هي في الواقع ليست ندبة حقيقية وإنما تشوه في الأنسجة يبدو تحت المجهر على شكل نمو يشبه الندبة.
لا تسبب مثل هذه الندبات عادةً أي أعراض، ولكنها مهمة لأنها مرتبطة بزيادة طفيفة في خطر إصابة المرأة بسرطان الثدي.
العلاج: غالباً ما يقترح الطبيب إزالة الندبة الشعاعية بالجراحة، لكن في حالات خاصة قد يفضّل مراقبتها بالتصوير لمراقبة أي تغيرات مثيرة للقلق.
3.آفات تكاثرية مع خلل تنسج
يتضمن زيادة غير طبيعية في عدد الخلايا في أنسجة الثدي، بحيث تبدو هذه الخلايا مختلفة عن الخلايا الطبيعية تحت المجهر. ثمة نوعان رئيسيان لفرط التنسج:
فرط التنسج الاعتيادي (النموذجي)
يحدث فرط التنسج الاعتيادي في البطانة الداخلية لقناة الثدي، أو في الفصيصات، وهي غدد تنتج الحليب في الثدي. تكون فيه الخلايا غير طبيعية لكنها منتظمة. تزيد مثل هذه الخلايا احتمال إصابة النساء بسرطان الثدي بمقدار الضعف مقارنةً بالنساء غير المصابات.
فرط تنسج القناة غير النمطي
يحدث فرط تنسج القناة غير النمطي عندما تنمو خلايا غير طبيعية وغير منتظمة أو متضخمة ضمن بطانة قنوات الحليب في الثدي، نتيجة تغيرات في حمضها النووي. لا تُعدّ هذه الخلايا سرطانية، لكن يمكن القول إن فرط التنسج غير النمطي هو سرطان الثدي في مرحلة مبكرة، أو إنه الخطوات الأولى لتحوّل الخلايا السليمة إلى خلايا سرطانية؛ حيث يرفع وجوده خطر الإصابة بسرطان الثدي على طول الحياة إلى 30%.
عامة لا تترافق مثل هذه الحالة بأعراض، لكن بعض النساء قد يعانين كتلاً أو ألماً أو إفرازات. وللتأكد من الإصابة يمكن للطبيب الكشف عن الإصابة من خلال خزعة الثدي.
العلاج: بعد تحليل الخزعة وتشخيص الإصابة، ينبغي إزالة الأنسجة المصابة بفرط التنسج غير النمطي والمحيطة بها. ومع ذلك، إن مجرد وجود إصابة سابقة يزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي مستقبلاً، ما يستدعي إجراء فحوص دورية للكشف المبكر عن أي تطور.