ما هي الأسباب المحتملة للصداع الصباحي؟ وكيف تتجنبه؟

5 دقيقة
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: إيناس غانم.

يمكن لألم الصداع، سواء كان ألماً حاداً أم نبضات خفيفة، أن يعكر صفو مزاجك في ثوان قليلة. فإذا كان الصداع مع اللحظات وحتى الساعات الأولى لاستيقاظك فإنه كفيل بأن يُفسد يومك بأكمله، ويؤثر في نشاطك وتركيزك على مدار اليوم. قد يعود مثل هذا الصداع الصباحي إلى ما هو أكثر من وسادة نوم غير ملائمة، وإلى مشكلات تحتاج إلى اهتمام. فما هي الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى هذا النوع من الصداع؟ هل هي عاداتنا اليومية؟ أم ثمة مخاطر صحية تتوارى خلفه؟

انقطاع النفس الانسدادي النومي

انقطاع النفس الانسدادي النومي هو أحد اضطرابات النوم، والسبب الأكثر شيوعاً للإصابة بصداع الصباح. يحدث في هذا الاضطراب انسداد مجاري الهواء جزئياً بالأنسجة المرتخية في الفم والحلق، فيتوقف التنفس نحو 10 ثوانٍ، قبل أن يبدي النائم رد فعل ويعاود التنفس مرة أخرى. تتكرر الحالة ما بين 5-15 مرة في الساعة لدى مَن يعاني انقطاع النفس الانسدادي النومي الخفيف، بينما قد تصل إلى 30 مرة لدى مَن يعاني انقطاع النفس المعتدل في أثناء النوم، وإلى أكثر من ذلك لدى الذين يعانون انقطاع النفس الانسدادي النومي.

يؤدي انقطاع النفس الانسدادي إلى انخفاض مستويات الأوكسجين واضطراب النوم، ويعد الصداع الصباحي أحد أعراضه الأكثر شيوعاً، حيث أفاد نحو 29% من المشاركين في الدراسة التي نشرتها دورية علوم الدماغ (Brain Sciences)، والذين يعانون انقطاع النفس الانسدادي، بأنهم عانوا الصداع الصباحي، وحتى النوع الخفيف منه.

للتخفيف من حدة الصداع الصباحي الناتج عن انقطاع النفس الانسدادي، يمكن استخدام جهاز الضغط الهوائي الإيجابي المستمر (CPAP) في أثناء النوم، وهو قناع لضخ الهواء يساعد في إبقاء مجاري الهواء مفتوحة؛ فيعالج انقطاع النفس الانسدادي، والشخير الذي يسببه، ويخفف الصداع الصباحي.

اقرأ أيضاً: ما هو انقطاع النفس النومي؟ وما هي أساليب التعايش معه؟

صرير الأسنان

صرير الأسنان هو نوع من اضطراب الحركة المرتبط بالنوم، يتضمن الضغط على الأسنان وطحنها. غالباً ما يحدث في أثناء النوم نتيجة عدم انتظام شكل الفك أو اضطراب في المفصل الصدغي الفكي (TMJ) في الفك أو التوتر أو القلق أو تعاطي الكحول.

يسبب صرير الأسنان الصداع في الصباح، وتآكل الأسنان على المدى الطويل بالإضافة إلى تلف اللثة وألم الأذن غير المبرر واضطراب نمط النوم.

يتضمن العلاج ارتداء واقٍ للفم ليلاً، ومسكنات لتخفيف الألم، والعلاج السلوكي لإدارة القلق والتوتر.

توتر العضلات

قد تؤدي أوضاع النوم السيئة، أو استخدام وسائد غير صحية، إلى الضغط على عضلات الرقبة والكتفين وتوترها. إن مهمة الوسائد هي توفير الدعم للرقبة والعمود الفقري، بحيث تحافظ على وضع الرقبة والكتف على نحو مماثل لوضعيتهما في أثناء الوقوف، أي أن تكون الرقبة على استقامة الظهر. لكن الوسادة اللينة لا تدعمهما بما يكفي. في المقابل، تخلق الوسادة الصلبة زاوية غير طبيعية أو غير مريحة بين الرقبة والعمود الفقري. والنتيجة هي ترجمة هذه المشكلة إلى ألم في الرأس يُدعى الألم العنقي أو الألم المحوّل. 

أشارت دراسة منشورة في دورية آفاق في علم الأعصاب (Frontiers in Neurology) إلى أن أفضل الوسائد لتحسين جودة النوم وتخفيف الألم تتميز بما يلي:

  • مصنوعة من مادة اللاتكس.
  • ذات تصميم محيطي له جوانب أعلى مع منتصف سفلي مسطح.
  • ارتفاعها ما بين 7-11 سنتيمتراً.

الأدوية

يحدث الصداع الناجم عن الإفراط في تناول الأدوية (Medication-overuse headache)، أو اختصاراً (MOH)، والمعروف باسم الصداع المرتد، عند استخدام أدوية تسكين الآلام على نحو متكرر لعلاج الصداع، مثل الصداع النصفي أو الصداع الناتج عن التوتر. غالباً ما تحدث نوبات الصداع هذه يومياً في الصباح الباكر، وتميل إلى التحسن مؤقتاً مع أدوية تسكين الآلام، لكنها تعود مع زوال تأثير الدواء. يترافق هذا الصداع أيضاً مع غثيان وأرق وصعوبة التركيز ومشاكل الذاكرة.

ومن الأدوية التي تسبب الصداع المرتد صباحاً:

  • المسكنات البسيطة؛ مثل الأسبرين والأسيتامينوفين ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية (الإيبوبروفين والنابروكسين والإندوميثاسين)، وذلك عند استخدامها نحو 15 يوماً أو أكثر في الشهر الواحد.
  • مسكنات الألم المركبة والمتاحة دون وصفة طبية، والتي تحتوي على مزيج من الكافيين والأسبرين والأسيتامينوفين أو البوتالبيتال، لدى تناولها مدة 10 أيام أو أكثر شهرياً.
  • التريبتانات والإرغوتامينات؛ وهما فئتان من الأدوية المستخدمة لعلاح الصداع النصفي. تسببان الصداع المرتد لدى استخدامهما مدة عشرة أيام أو أكثر في الشهر.
  • المواد الأفيونية؛ مثل الأوكسيكودون والترامادول والبوتورفانول والمورفين والكودايين والهيدروكودون، وغيرها من المواد التي تسبب انخفاض ضغط الدم الانتصابي عند استخدامها مدة 10 أيام أو أكثر في الشهر.
  • الإفراط في استهلاك الكافيين يسبب الصداع المرتد عندما يزيد مدخوله على 200 ميليغرام يومياً.

اقرأ أيضاً: هل النوم إلى جانب الهاتف المحمول يسبب ضرراً صحياً؟

للتخلّص من الصداع الصباحي الناجم عن الإفراط في تناول الأدوية، قد يوصي الطبيب بالحد من الأدوية أو إيقافها، وهو ما يترافق غالباً مع أعراض مثل العصبية والغثيان والتململ والأرق. يمكن أن تستمر هذه الأعراض ما بين 10 أيام حتى عدة أسابيع. قد يصف الطبيب لك خلالها ما يخفف أعراض الامتناع عن الأدوية، والذي يُعرف بـ العلاج الانتقالي، ويشمل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أو الكورتيكوستيرويدات أو حاصرات العصب.

اضطرابات النوم

يمكن لكثرة النوم أو قلته أن تسبب صداع الصباح كما يلي:

الإفراط في النوم

قد يؤدي الإفراط في النوم إلى الصداع الصباحي عند الاستيقاظ، لأنه يؤثر في دورة النوم والاستيقاظ. 

يتحكم في دورة النوم والاستيقاظ هرمون السيروتونين، حيث ترتفع مستوياته في الصباح مع اقتراب موعد الاستيقاظ وفقاً لدورة النوم الطبيعية، ما يمثل إشارة للمخ لإيقاظ الجسم. بعد تلقي الجسم إشارة الاستيقاظ، سيُطالب باحتياجاته من الغذاء والماء لاستعادة نشاط الأعصاب والدماغ وحركة الدم، لكن إذا تابعت النوم بعد تلقي الجسم الإشارة، فإنه سيُصاب بالجفاف ويعاني فقدان العناصر الغذائية. وإذا استمرت هذه الحالة فترة طويلة، ستُصاب بالصداع.

الأرق

عادةً، يمنح النوم في أثناء الليل بعض الراحة للقلب، حيث ينخفض ضغط الدم بنسبة 10%، فإذا حدث أي شكل من أشكال الأرق مثل عدم القدرة على النوم، أو الاستيقاظ المتكرر بسبب الضوضاء أو مكالمة هاتفية أو التوتر والمخاوف النفسية، فقد يتعطل انخفاض ضغط الدم. والنتيجة مرة أخرى هي صداع الصباح.

يختلف عدد ساعات النوم التي يحتاجها الفرد باختلاف عدة عوامل، مثل العمر والنشاط البدني والحالة الذهنية. عموماً، يوصي الأطباء بالحصول على نحو 7-9 ساعات نوم للفرد البالغ.

اقرأ أيضاً: ما هو الصداع العنقودي؟ وما هي أسبابه وطرق علاجه والوقاية منه؟

اضطرابات الصداع

وفقاً للجمعية الدولية للصداع (The International Headache Society)، يوجد نحو 150 نوعاً من الصداع، ومن بين هذه الأنواع تتكرر نوبات الصداع الصباحي في أنواع الصداع التالية:

  • الصداع النصفي: من أكثر أنواع الصداع شيوعاً، ويتأثر بالمنبهات مثل الإضاءة القوية، ويحدث غالباً في الصباح الباكر، حيث تبدأ مستويات الأدرينالين بالارتفاع تدريجياً؛ وفقاً للدورة الطبيعية لهرمونات الجسم، وتنخفض ​​القدرة على تخفيف الألم الداخلي في الجسم، ما يؤدي إلى نوبات الصداع النصفي. لا يوجد علاج للصداع النصفي، ولكن يمكن لبعض الأدوية أن تخفف حدة النوبات، مثل التريبتانات.
  • صداع التوتر: يمكن أن يحدث الصداع الناتج عن التوتر في الصباح بسبب توتر العضلات والإجهاد الذي يتراكم في الرقبة والكتفين في أثناء النوم. 
  • الصداع العنقودي: يحدث الصداع العنقودي في نوبات تستمر ما بين 15 دقيقة إلى 3 ساعات، وتتكرر كل يوم في الموعد ذاته، والذي غالباً ما يكون مع ساعات الفجر الأولى. يُصيب هذا النوع من الصداع جانباً واحداً من الرأس، وقد يسبب إدماع العينين وتدلي الجفون، واحتقان الأنف. لكن أكثر ما يُميّزه هو الألم الشديد الذي يتسبب به، والذي قد يوقظ الفرد من نومه. تتوفر عدة علاجات يمكنها إيقاف هجمات الصداع العنقودي أو التخفيف من حدتها، والتي ينبغي اللجوء إليها بعد استشارة الطبيب.
  • الصداع النومي: يُعرف أيضاً بـ "صداع المنبه". هو نوع نادر من الصداع يحدث عادة في أثناء النوم بين الساعة 1 و3 صباحاً، ويمكن أن يستمر بين 15 دقيقة إلى 4 ساعات. غالباً ما يكون الألم خفيفاً إلى متوسط الشدة، ويوصف بأنه نابض، وقد يوقظ الفرد في الوقت نفسه كل ليلة، ويشيع بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 50 عاماً، وخاصة النساء. السبب الدقيق غير معروف، لكنه قد يكون مرتبطاً بدورات النوم. قد يقترح الطبيب لعلاجه الأسبرين أو أدوية الصداع النصفي مثل فروفاتريبتان وسوماتريبتان أو بريدنيزون. 

المحتوى محمي