ما هي الأمراض التي تنقلها الطيور المهاجرة؟ وكيف تتجنبها؟

3 دقيقة
تساعد الملابس الفضفاضة ذات الأكمام الطويلة وطاردات الحشرات على الوقاية من لدغات القراد.

يمكن أن تحمل الطيور المهاجرة بعض المتسللين الخطرين خلال رحلاتها الطويلة، القراد. قد تحمل هذه العنكبوتيات الماصة للدماء مسببات أمراض خطيرة مثل تلك التي تتسبب بداء لايم وداء الأنابلازما وعدوى فيروس بواسان. وفقاً لمكتشفات حديثة، من المحتمل أن القراد الذي ينتقل مع الطيور أصبح ينتشر بسهولة أكبر ويعيش في مناطق جديدة بسبب التغير المناخي. وصف الباحثون النتائج في دراسة جديدة نشرتها مجلة آفاق في علم الأحياء الدقيقة الخلوي والعدوى الخلوية (Frontiers in Cellular and Infection Microbiology) بتاريخ 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

قال عالم الأحياء في جامعة جنوب مسيسيبي والمؤلف المشارك للدراسة، شاهد كريم، في بيان صحفي: "من المحتمل أن تنقل أنواع القراد الاستوائية أمراضاً جديدة إذا أصبحت الظروف ملائمة لدرجة تتيح لها ترسيخ نفسها في المناطق التي لم تنتشر فيها من قبل".

رفاق سفر غير مرغوب فيهم

القراد هو واحد من أكثر نواقل الأمراض فعالية في العالم؛ إذ إنه قادر على نقل الأمراض التي تنتشر عادة في البرية فقط، مثل داء لايم، للبشر والحيوانات الأليفة. يلدغ القراد أيضاً الطيور ويتشبث بها، خصوصاً الطيور المهاجرة التي تقطع آلاف الكيلومترات في هجراتها، ما يتيح له قطع مسافات هائلة.

يتيح الارتفاع في درجات الحرارة العالمية الناجم عن التغير المناخي لبعض أنواع القراد العيش بصفتها أنواعاً غازية. قد يحدث ذلك بسرعة عالية جداً، فعلى سبيل المثال، رصد العلماء قراد العشب (Haemaphysalis longicornis) في ولاية نيوجيرسي الأميركية أول مرة عام 2017، وانتشر الآن إلى 14 ولاية أخرى.

قالت عالمة الأحياء في جامعة جورجيا الجنوبية والمؤلفة المشاركة للدراسة، لورينزا بياتي، في بيان صحفي: "يتغير التوزيع الجغرافي للعديد من أنواع القراد بسرعة كبيرة. بالنسبة لبعض أنواع القراد الغريبة المهاجرة، قد يؤدي الاحتباس الحراري إلى خلق ظروف في وجهات الهجرة الشمالية تشبه الظروف السائدة في النطاقات الطبيعية لهذه الكائنات. وإذا كانت الظروف المناخية أكثر دفئاً في منطقة تحتوي على مضيفين فقاريين مناسبين لمراحل حياة القراد جميعها، فسيزداد احتمال استقرار القراد في هذه المنطقة".

اقرأ أيضاً: كيف تحتال الطيور الطفيلية على الطيور المضيفة وتجبرها على تربية صغارها؟

مراقبة الطيور

نظر فريق الدراسة الجديدة في انتشار القراد بفعل الطيور المهاجرة؛ إذ إنه حضّر شبكات في 6 مواقع تتوقف فيها الطيور عادة للراحة على طول خليج المكسيك الشمالي. ثبّت الباحثون شريط تعريف مرقّماً على كل طائر، ثم قاسوا السمات الشكلية للطيور وفحصوا حالتها الصحية وبحثوا عن القراد في أجسامها. حفظ الباحثون القراد الذي عثروا عليه لتحليل حمضه النووي لاحقاً بهدف تحديد النوع ومسببات الأمراض التي يحملها.

بعد ذلك، قسّم الباحثون الطيور إلى 3 مجموعات، الطيور المقيمة والطيور التي تهاجر مسافات قصيرة والطيور التي تهاجر مسافات طويلة، ثم رسموا خريطة للتوزيع الجغرافي لكل نوع من أنواعها لتحديد المناطق المحتمل أنها التقطت فيها القراد. سلّطت هذه الخرائط الضوء على المسافات التي يقطعها القراد محمولاً على أجسام الطيور. وصلت مسافة الانتشار الوسطية إلى 5 آلاف كيلومتر، لكن اتضح أن عدد القراد كان منخفضاً للغاية. فحص الباحثون نحو 15 ألف طائر (ونحو ألفين منها أكثر من مرة)، لكنهم لم يعثروا إلا على 421 قرادة فقط من 164 طائراً. على الرغم من أن الباحثين حددوا 18 نوعاً مختلفاً من القراد، انتمت نسبة 81% من القراد الذي عثروا عليه إلى 4 أنواع فقط. حملت الطيور التي تهاجر مسافات قصيرة عدداً أكبر من القراد مقارنة بالطيور التي تهاجر مسافات طويلة، وانتمى العديد من القراد المرصود إلى الأنواع الاستوائية الجديدة غير المستقرة في الولايات المتحدة.

تحت المجهر الضوئي

حلل الباحثون بعد ذلك البكتيريا التي يحملها القراد، ولاحظوا أن النوع الأكثر شيوعاً هو بكتيريا الفرنسيسيلة (Francisella). تساعد هذه البكتيريا المتعايشة داخلياً القراد على أداء وظائفه، ويمكن أن يتسبب بعض أنواعها بمرض يحمل اسم "التولاريميا" (tularemia). يرتبط ارتفاع نسب الفرنسيسيلة في القراد بانخفاض نسب جنسين آخرين من البكتيريا، وهما الريكتسية (Rickettsia) والبروبونية (Cutibacterium).

كانت أنواع بكتيريا الريكتسية ثاني أكثر الأنواع شيوعاً بين القراد الذي عثر عليه الباحثون. تتسبب هذه البكتيريا بالحمى أو الطفح الجلدي، ويعتمد ذلك على النوع. قد يشير ذلك إلى وجود علاقة تعايش بين الريكتسية والقراد، وهو مكتشف جديد. يتطلب مص دماء الطيور المهاجرة عبر مسافات طويلة كمية كبيرة من الطاقة، التي يستهلكها القراد ليبقى متشبثاً بالطيور.

من المحتمل أن أنواع الريكتسية تساعد القراد على التكيف مع فقدان الطاقة في أثناء الهجرة. يتسبب بعض أنواع الريكتسية بالأمراض للإنسان، مثل الحمى المبقّعة. مع ذلك، لا يعلم العلماء بعد إن كان من المرجح أن تنقل الأنواع الغازية من القراد هذه الأمراض إلى البشر.

اقرأ أيضاً: الطيور الآكلة للفواكه تؤدي دوراً بالغ الأهمية في استصلاح الغابات الاستوائية

وفقاً لفريق الدراسة الجديدة، ثمة حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث للتوصل إلى فهم أعمق لمدى تأثير انتشار القراد بفعل الطيور. قد ينظر العلماء من خلال الدراسات المستقبلية في إمكانية أن تؤدي الطيور دور مكامن من خلال نقل الأمراض التي ينقلها القراد حتى عندما لا تتطفل عليها هذه الكائنات.

قال كريم: "لن ينقل القراد مسببات الأمراض الجديدة فقط إلى الولايات المتحدة، ولكن إذا تمكّن من ترسيخ نفسه فيها، فإنه قد يصبح ناقلاً لمسببات الأمراض الموجودة بالفعل في البلاد أو يحافظ على بقاء مسببات الأمراض في جماعات الأحياء البرية، التي يمكن أن تصبح مصادر للعدوى بالنتيجة".

أفضل الطرق لحماية نفسك من الأمراض التي ينقلها القراد هي ارتداء الملابس ذات الأكمام الطويلة عند الخروج، واستخدام طاردات الحشرات العالية الجودة، والتحقق من وجود القراد بعد قضاء الوقت خارج المنزل أو في المناطق الموبوءة بهذه الكائنات.

المحتوى محمي