تستوطن جلدنا ملايين البكتيريا والعوامل الممرضة، إلا أنها لا تُسبب الأمراض نظراً لكون الجلد حاجزاً منيعاً ولأنه مهما كثُرت أعدادها فإنها تبقى محافظة على توازن يُلغي تأثيرها المرضي. وفي بعض الأحيان يمكن أن تدخل العوامل الممرضة عن طريق جرح في الجلد أو قد يختل توازن العوامل الممرضة وتستوطن الجلد بمستعمراتها مؤدياً ذلك إلى ظهور الأمراض.
هذا تماماً ما يحدث عند الإصابة بالقوباء، وهي أحد الأمراض الجلدية الناجمة عن إنتان الطبقات السطحية للجلد نتيجة الإصابة ببكتيريا العنقوديات المذهبة أو المكورات العنقودية، كما تتسبب المكورات العقدية في حدوث القوباء. وعلى الرغم من أن القوباء أكثر شيوعاً بين الأطفال، فإن البالغين ليسوا محصنين ضد الإصابة وقد يطولهم هذا الإنتان أيضاً، وبشكلٍ عام تحدث الإصابة بشكلٍ أكثر شيوعاً خلال فصل الصيف مقارنة بالفصول الأكثر برودة.
اقرأ أيضاً: بالصور: تعرّف إلى الأنماط الستة للصدفية
أنواع القوباء
تمر القوباء بثلاث مراحل، وفي نهاية كل مرحلة تترسخ ملامح أحد أنماط القوباء الثلاثة وهي:
1. القوباء غير الفقاعية
تعتبر المرحلة الأولى والشكل الأقل شدة من القوباء، كما أنها النوع الأكثر شيوعاً لحسن الحظ، وفيها يحمر الجلد كما يتقرح ويصبح حاكاً بشدة وتنتفخ الغدد تحت الجلد، ومع الوقت تتشكل قشور ذات لون ذهبي تُعرف بـ "قشور العسل" وتتركز حول مكان الاحمرار والتقرح.
يتميز هذا النوع من القوباء بأنه يُشفى دون ترك أي ندبات، وعلى الرغم من وجود بعض القلق حول التقرحات فيما إذا كانت تترك آثاراً على المدى الطويل، لكن لحسن الحظ قروح الشكل غير الفقاعي من القوباء سطحية لهذا السبب لا تترك أي ندبات.
2. القوباء الفقاعية
هذا النمط من القوباء أقل شيوعاً من سابقه، ويعتبر أكثر شيوعاً عند الرضع وحديثي الولادة مقارنة بالأطفال الأكبر سناً، إذ إن 90% من الحالات تُصيب الأطفال دون السنتين.
في القوباء الفقاعية لا يحمر الجلد كما يحدث في القوباء غير الفقاعية، وتتشكل بثور كبيرة مملوءة بسائل رائق يزداد حجمها لتعطي مظهر الفقاعات ذات السطح المتوتر. وبعد عدة أيام من ظهورها، يتعرج سطح الفقاعات وتنفتح على سطح الجلد ومن ثم يجف السائل الذي كان بداخلها تاركاً وراءه قشوراً ذهبية اللون.
3. الأكتيما
يتطور شكلا القوباء الفقاعية وغير الفقاعية غير المُعالَجين إلى الأكتيما، وهو النوع الأكثر خطورة بينها لأنه يتوغل في عمق البشرة. تتميز الأكتيما بوجود بثور مؤلمة تغطي الجلد مع وجود احمرار طفيف حولها، بعد ذلك تنفتح البثور وتخلف وراءها قشوراً صفراء سميكة وتقرحات عميقة، كما تميل الحواف المحيطة بالتقرحات لأن تكتسب لوناً أرجوانياً.
اقرأ أيضاً: كيف يتم التمييز بين الثؤلول والزائدة الجلدية والشامة؟ وهل من السليم إزالة أي منها في المنزل؟
هل القوباء معدية؟
القوباء إنتان شديد العدوى، حيث ينتقل العامل الممرض بمجرد ملامسة الجلد أو ملامسة القروح أو سائل الفقاعات أو إفرازات أنف الشخص المصاب، كما تنتقل القوباء عن طريق مشاركة الأغراض الشخصية مثل المناشف أو الملابس مع شخص مصاب. من جهة أخرى، يؤدي الضعف المناعي والإصابة بالأمراض دوراً في زيادة خطر الإصابة بالقوباء. فمن هم الأكثر تأثراً؟
الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالقوباء
لا يمكن لاستيطان العامل الممرض سطح الجلد أن يكون عامل خطر حاسماً، ولو كان ذلك صحيحاً لكنا جميعاً مصابين بالقوباء. من جهة أخرى، إذا اختل التوازن بين العوامل الممرضة وزادت نسبتها عن الحد الطبيعي، فيمكن عندئذ أن يكون الشخص عرضة أكبر للإصابة. ومن عوامل الخطر الأخرى التي ترفع فرص الإصابة بالقوباء:
- الإصابة بالتهاب الجلد التأتبي أو الأكزيما.
- داء السكري.
- أمراض الكبد.
- الإصابة بالإيدز.
- غسيل الكليتين.
- تعاطي المخدرات.
- تقرحات الجلد كما يحدث عند الإصابة بالجرب.
- الضعف المناعي.
- إهمال النظافة الشخصية.
ما المضاعفات الصحية للقوباء؟
إلى جانب الأكتيما، يؤدي إهمال علاج القوباء إلى إصابات أعمق وخاصة إذا كان العامل المسبب هو المكورات العنقودية، حيث تشيع المضاعفات بشكلٍ أكبر عند الإصابة بهذا العامل الممرض. ومن أبرز المضاعفات الصحية للإصابة بالقوباء نذكر:
- التهاب النسيج الخلوي وهو إنتان الطبقات الأعمق للجلد.
- التهاب الأوعية اللمفاوية نتيجة لوصول العامل الممرض للجهاز اللمفاوي.
- إنتان الدم.
- التهاب الكبيبات الكلوية إذ تتأثر الوظيفة الكلوية عندما يصل العامل الممرض إلى الجهاز الترشيحي للجهاز الكلوي، ما ينجم عنه ضعف في الوظيفة الكلوية، وقد يصل الأمر إلى حدوث قصور كلوي حاد.
- الحمى الرثوية والتي تحدث نتيجة الإصابة بالمكورات العقدية وفيها تتأثر صحة كل من القلب والمفاصل والجلد والدماغ.
اقرأ أيضاً: هل يضر معقم اليدين ميكروبيوم الجلد؟
الوقاية من الإصابة بالقوباء
يساعد اتخاذ تدابير بسيطة على تقليل الإصابة بإنتان المكورات العنقودية والعقدية وبالتالي الوقاية من حدوث القوباء، وأهم هذه الخطوات نذكر:
- غسل اليدين بالماء والصابون عند العودة إلى المنزل ومباشرةً بعد ملامسة شخص تشك بإصابته بالقوباء.
- عدم مشاركة الأغراض الشخصية مثل المناشف أو مصفف الشعر مع الآخرين.
- التخلص من مناديل المصابين بحذر؛ إذ يتواجد العامل الممرض في المفرزات الأنفية.
- غسل المناشف وأغطية السرير في حال استُخدمت من قِبل أشخاص يشك بإصابتهم.
- اتباع قواعد النظافة العامة كالعطس في منديل أو في ثنية الذراع وليس في يديك للمساعدة في الحد من نشر البكتيريا.