كيف يؤثر الإجهاد المزمن على اللياقة البدنية؟

كيف يؤثر الإجهاد المزمن على اللياقة البدنية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ valiantsin suprunovich
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يمكن النظر إلى موضوع تنظيم الإجهاد والرياضة من منظورين مختلفين؛ فمن وجهة نظر الرياضة، يمكن محاربة الإجهاد وتنظيمه بالحفاظ على النشاط البدني، أما من وجهة نظر الإجهاد المزمن، فإن اللياقة البدنية لم تعد من الأهداف الرئيسية في الحياة اليومية. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: إلى أي مدى يمكن استخدام النشاط البدني لإدارة الإجهاد؟ وهل يمكن للإجهاد المزمن أن يعيق اللياقة البدنية؟

ما هو الإجهاد؟

الإجهاد هو رد فعل الجسم على ما يفترض أنه تهديد أو خطر؛ إذ يدخل الجسم في حالة تأهب واستعداد تُعرف باستجابة الكر والفر. هذه الاستجابة بحد ذاتها صحية ومفيدة للجسم عندما تكون قصيرة المدى، كما يمكنها أن تساعد في تعلم مهارات جديدة وإدارة المشاعر والتغلب على التحديات والمواقف الصعبة. في الواقع، ساعد رد الفعل هذا في اليقظة الجسدية لأسلافنا لمواجهة المخاطر، ومكنهم من الاستمرار والبقاء.

ولكن عندما يستمر الإجهاد لفترات طويلة، كما يحدث عندما يتعرض الإنسان لفقدان شخص أو لضغط العمل المتواصل، أو للصراع الأسري، أو للمشكلات المالية أو الصحية، قد تؤدي الآثار طويلة المدى للاستجابة للإجهاد إلى مشاكل صحية كبيرة.

اقرأ أيضاً: انفوجرافيك: دليلك للتعرف إلى التوتر المزمن

ماذا يحدث في الجسم عند الإجهاد؟

الجهاز العصبي المركزي هو المسؤول عن تفعيل استجابة الكر والفر، حيث يحث الوطاء الغدد الكظرية على إفراز هرموني التوتر الأدرينالين والكورتيزول. تُحدث هذه الهرمونات مجموعة من التأثيرات في الجسم، ومنها:

  • تسارع ضربات القلب لضخه الدم إلى الأعضاء التي تحتاجه.
  • تحويل الأوكسجين إلى العضلات لتتمكن من اتخاذ رد الفعل.
  • إنتاج الكبد سكراً إضافياً لمنح الجسم دفعة من الطاقة.

بزوال الخطر أو التهديد، يخبر الوطاء جميع الأنظمة لتعود إلى طبيعتها. لكن في الإجهاد المزمن، تستمر استجابة الأعضاء، مسببة عدداً من المشاكل الصحية أشارت لها الدراسة المنشورة في دورية المجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة (International Journal of Environmental Research and Public Health) مثل:

  • ارتفاع ضغط الدم.
  • أمراض القلب.
  • السكري.
  • الربو.
  • مشاكل في الجهاز الهضمي.
  • آلام عضلية.
  • ضعف جهاز المناعة.
  • الصداع.
  • القلق.
  • الاكتئاب.

اقرأ أيضاً: ما أعراض متلازمة التعب المزمن وكيف تتعامل معها؟

العلاقة بين النشاط البدني والإجهاد

يمكن للنشاط البدني أن يخفف من الضغوط والإجهاد، لأنه يحفز إنتاج هرمون الأندروفين، وهو هرمون يمنح الشعور بالسعادة والراحة ويحارب القلق والتوتر.

في المقابل، قد يكون للإجهاد المزمن تأثيراً معاكساً على اللياقة البدنية، إذ وجدت الدراسة المنشورة في دورية الطب الرياضي (Sports Medicine) أن الإجهاد المزمن يضعف النشاط البدني.

كيف يقلل الإجهاد المزمن من النشاط البدني؟

يؤثر الإجهاد المزمن على اللياقة البدنية بعدة طرق، ومنها:

  • يؤدي الإجهاد المزمن إلى شد العضلات وتوترها لفترات طويلة من الزمن، ما قد ينتج عنه الصداع والتوتر العضلي المزمن في منطقة الكتفين والرقبة والرأس. كما تم ربط آلام العضلات والعظام في أسفل الظهر والأطراف العلوية بالإجهاد، وخاصة ضغوط العمل.
  • يقلل الإجهاد التركيز عند ممارسة الرياضة، ما يجعلك أكثر عرضة للإصابات أو الأخطاء.
  • يجعل الإجهاد المتكرر أو المزمن قلبك يعمل بجد لفترة طويلة جداً، أي عندما تمارس الرياضة خلال الإجهاد المزمن، تزداد مخاطر إصابتك بسكتة دماغية أو نوبة قلبية.
  • يمكن أن يزيد الإجهاد المزمن من خطر الإصابة بالالتهابات والعدوى والأمراض المزمنة، بسبب ضعف جهاز المناعة، ما يؤثر على مستوى اللياقة.
  • يحد من وقت التعافي ونمو العضلات، إذ بعد كل عملية تمرين للعضلات، سواء كانت تمارين رفع الأثقال أو تمارين الكارديو، تتعرض الألياف العضلية للتمزق، وتحتاج لفترة راحة لتعيد بناء نفسها من جديد. لكن في حالات الإجهاد المزمن، تحتاج العضلات فترة أطول لتتمكن من إعادة ترميم نفسها بشكل جديد، كما أن الإجهاد المزمن يسبب اضطرابات النوم. في الليل، وأثناء مرحلة النوم العميق، يعيد الجسم شحن نفسه، إذ يتباطأ عمل الدماغ بينما يعمل الكبد والبنكرياس على تخليص الجسم من السموم وإعادة توازن الهرمونات، بما في ذلك تقليل تركيز هرمون التوتر الكورتيزول. لكن في حالات الإجهاد المزمن، يصبح من الصعب على الجسم أن يصل إلى هذه المرحلة من النوم، ما يعيق عملية التعافي واستعادة الجسم لطاقته.
  • يسبب الإجهاد المزمن زيادة الوزن لأنه يقود إلى سلوكيات غير صحية، مثل الأكل العاطفي للأغذية ذات السعرات الحرارية العالية التي تفتقر للعناصر الغذائية الأساسية، أو التدخين واستهلاك المشروبات الغازية أو القهوة المفرط. تسبب هذه السلوكيات زيادة في الوزن ونسبة الدهون في الجسم، وبالتالي انخفاض اللياقة البدنية.

اقرأ أيضاً: تجنب الإجهاد في عملك قبل أن يقضي عليك

كيف تتخلص من الإجهاد المزمن؟

من المهم إدارة الإجهاد من أجل الحفاظ على اللياقة البدنية. تتضمن رحلة الشفاء من الإجهاد المزمن ثلاث مراحل علاجية، وهي:

  • العلاج النفسي: للتخلص من الأسباب الجذرية للإجهاد، ويتضمن:
    • العلاج السلوكي المعرفي.
    • التنويم المغناطيسي.
    • العلاج التكاملي.
    • العلاج بالروائح والتدليك.
  • الأدوية: اعتماداً على أعراض الإجهاد المزمن، قد يصف الطبيب مضادات للقلق والاكتئاب وبعض المكملات الغذائية.
  • تغيير نمط الحياة: يمكن لاتباع أسلوب حياة صحي أن يخفف من أعراض الإجهاد ويعالجه، وتتضمن:
    • التأمل.
    • تناول غذاء صحي للحفاظ على مستويات مستقرة لسكر الدم.
    • تجنب الأغذية الضارة.
    • ممارسة نشاطات اجتماعية، أو هوايات مثل الرسم والقراءة أو الكتابة.
    • التمرن، مثل المشي أو ركوب الدراجة، لأنه يحفز إطلاق الأندروفين الذي يحسن المزاج العام ويمنح الطاقة.
    • ممارسات اليقظة: مثل التأمل واليوغا لأنها تنظم معدل ضربات القلب، وتحسن أكسجة الدم.

 اقرأ أيضاً: هل اليوغا مفيدة حقاً لصحتنا النفسية والجسدية؟