يقول المثل الشعبي: "البرد سبب كل علّة"، وبالفعل يبذل السكان في المدن والأرياف جهداً مضاعفاً في الشتاء البارد للوقاية من الأمراض؛ من خلال التدفئة وتناول الحساء والمشروبات الساخنة، فهل البرد بالفعل هو سبب الأمراض أم ثمة عوامل أخرى مرتبطة بزيادة الإصابة بالأمراض في الشتاء؟
اقرأ أيضاً: هل يساعد حساء الدجاج فعلاً على الشفاء من نزلات البرد؟
هل يمكن أن يؤدي الطقس البارد إلى الإصابة بالمرض وفقاً للعلم؟
لا يؤدي الطقس البارد وحده إلى الإصابة بالمرض، لكنه قد يزيد احتمال الإصابة بالمرض من خلال عدة طرق، أبرزها ما يلي:
تنشيط بعض الفيروسات والبكتيريا في الشتاء
يمكن للفيروسات التي تسبب نزلات البرد والإنفلونزا أن تبقى فاعلة خارج الجسم مدة أطول في الطقس البارد والجاف في الشتاء بالترافق مع قلة وجود أشعة الشمس فوق البنفسجية التي تعمل مطهراً طبيعياً يقضي على البكتيريا والفيروسات في الجو وعلى الأسطح، ما يزيد احتمال التعرض للعدوى.
ضعف المناعة في الجو البارد
يسبب الطقس البارد والجاف في فصل الشتاء ضعفاً في عمل الجهاز المناعي لمحاربة الفيروسات، فاستنشاق الهواء البارد والجاف خلال أشهر الشتاء يمكن أن يؤثر في المخاط والأهداب التي تبطن الأنف والحلق، ما يجعلها أقل كفاءة في القضاء على الميكروبات التي تنتشر بالجو.
الحاجة للدفء وإغلاق النوافذ
توفر التهوية الجيدة للغرف نوعاً من الفلترة للهواء وتمنع تراكم البكتيريا في جو الغرفة، لكن الحاجة إلى التدفئة في الشتاء تتطلب إغلاق النوافذ وتقليل التهوية في الغرف، ما يسبب زيادة في احتمال استنشاق الهواء الملوث بالفيروسات والبكتيريا المسببة للأمراض.
اقرأ أيضاً: ما تأثير البرد في احتمال الإصابة بحالات العدوى التنفسية؟
ما هي "العلل" التي تزداد في البرد؟
يمكن أن يسبب البرد العلل أو الأمراض غير المُعدية التالية:
- زيادة خطر التعرض للإصابات: بسبب الانزلاق نتيجة تبلل الشوارع بالأمطار أو تراكم الثلج على الطرقات.
- الإصابة بالاضطراب العاطفي الموسمي: هو نوع من الاكتئاب الذي قد يحدث في أثناء تغير الفصول، وعادة ما يعزى إلى نقص ضوء النهار.
- القلق من مغادرة المنزل: وذلك بسبب الطقس العاصف، ما قد يزيد الشعور بالعزلة لدى كبار السن خصوصاً.
- جفاف البشرة: قد يؤثر انخفاض درجات الحرارة في البشرة من خلال جفاف الجلد وتقشيره. إضافة إلى أن التغير في درجة الحرارة والرطوبة يجعل الأشخاص المصابين بأمراض جلدية مزمنة، مثل الصدفية والأكزيما، أكثر عرضة للإصابة بالطفح الجلدي.
- الأمراض التنفسية: من الممكن أن يسبب الشتاء تفاقم الربو والسعال وضيق التنفس وزيادة إنتاج المخاط وآلام العضلات.
- آلام المفاصل: يسهم برد الشتاء في تفاقم آلام المفاصل الناجمة عن التهاب المفاصل، ومن الممكن أن يكون السبب هو انخفاض الضغط الجوي الذي يسبب زيادة في الضغط بالمفصل، ما قد يؤدي إلى التورم والتصلب والألم.
اقرأ أيضاً: هل يتسبب الجو البارد في الإصابة بنزلة برد؟
كيف يمكن الوقاية من أمراض الطقس البارد؟
يمكن تحسين قدرة الجسم على مقاومة الأمراض في الطقس البارد من خلال ما يلي:
- الحصول على التطعيم: يساعد أخذ لقاح الأمراض الموسمية في البرد -مثل لقاح الإنفلونزا- على الوقاية من الإصابة بالمرض.
- الحفاظ على دفء الجسم: تسهم تدفئة الجسم في تعزيز عمل الجهاز المناعي وجهاز الدوران، يمكن استخدام المكيف أو المدفأة في داخل المنزل أو ارتداء ملابس سميكة.
- ممارسة النشاط البدني: يساعد المشي وممارسة النشاط البدني على تدفئة الجسم وتنشيط الجهاز المناعي وتحسين الدوران، لذا يفضل التحرك كل ساعة تقريباً.
- غسل اليدين بانتظام: وذلك لتفادي الإصابة بالأمراض التي تنتقل عن طريق التماس من خلال منع انتشار الجراثيم والفيروسات.
- التغذية الجيدة: يجب التأكد من تناول الطعام الكافي والمغذي وخاصةً في فصل الشتاء، لأن نقص الوزن المفرط وسوء التغذية يجعلان من الصعب على الجسم أن يحافظ على دفئه ويقلل قدرته على مقاومة العدوى.
- الإقلاع عن التدخين: يُضعف التدخين جهاز المناعة، ما يقلل قدرته على محاربة الأمراض.
- تعزيز مدخول الجسم من فيتامين سي: يعزز فيتامين سي عمل خلايا الدم البيضاء المناعية وقدرة الجسم على مقاومة العدوى. علماً أن الكمية اليومية الموصى بها من فيتامين سي هي 75 ميليغراماً يومياً للنساء و90 ميليغراماً للرجال.
- الابتعاد عن مسببات العدوى: من خلال تجنّب الأماكن المزدحمة أو المغلقة، وارتداء كمامة للوقاية من العدوى، وتجنب الاحتكاك مع المصابين بالأمراض التنفسية والأغراض التي تخصهم.
كيف يتأقلم الجسم مع الطقس البارد؟
عندما تنخفض درجات الحرارة في الشتاء أو عند الجلوس في غرفة يعمل بها المكيف لتبريد الجو على نحو مفرط، يتكيف الجسم لحماية أعضائه الحيوية والحفاظ على حرارة الجسم بدرجة ثابتة هي 37 درجة مئوية لضمان فاعلية الوظائف الحيوية في الجسم والتفاعلات الكيميائية الحيوية به، فالجسم مصمم للحفاظ على درجة حرارة أساسية يعمل بها، وعند تغير حرارة البيئة المحيطة، يستخدم الجسم مجموعة آليات لتنظيم درجة الحرارة الداخلية.
إحدى الآليات التي يستخدمها الجسم للتكيف مع البرودة وضبط الحرارة، هي تقليل تدفق الدم إلى البشرة للحفاظ على الدوران والحرارة في داخل الجسم، ويمكن للعضلات إنتاج الحرارة عن طريق الارتعاش، كما تفرز الغدة الدرقية هرمونات لزيادة التمثيل الغذائي وحرق الدهون.
يسبب الطقس البارد والجاف جفافاً في المخاط الأنفي الذي يعد من وسائل الدفاع الأولى للجسم ضد الأمراض، حيث تلتصق عادةً البكتيريا والفيروسات الضارة بالمخاط الذي يحتوي على مركبات مضادة للبكتيريا والفيروسات، لمنعها من الدخول إلى الجسم وإحداث المرض، وعند التعرض للهواء البارد والجاف، يصبح نسيج بطانة الأنف ملتهباً ومتهيجاً، فيُنتج المزيد من المخاط، ما يؤدي إلى احتقان الأنف، ومن الممكن أن يتسرب المخاط الزائد إلى الحلق ويهيّجه، ما يسبب السعال.
اقرأ أيضاً: علاج نزلات البرد قد يكون داخل خلايانا
يشارك الأستاذ والاستشاري في التغذية السريرية وطب نمط الحياة، الدكتور السعودي عبد العزيز العثمان، مجموعة من النصائح الصحية للوقاية من أمراض الشتاء مثل تناول فيتامين سي من خلال الفاكهة الحمضية بدل المكملات، وذلك عبر حسابه على منصة إكس.
تكثر هذه الأيام أمراض الجهاز التنفسي مثل الزكام والكحة والإنفلونزا ، وايضا النزلات المعوية. هذه أمراض موسمية مرتبطة بتغير المواسم وليس بالبرد فقط . من فوائدها تعزيز المناعة لفترة الشتاء ، وتكثر عند الاطفال وكبار السن والمصابين بالامراض المزمنة بالذات كسل الغدة.
ماذا نعمل؟… شاهد على إكس— د/ عبدالعزيز العثمان (@amothman) September 16, 2024