بعد أسابيع من تناول الطعام وملء الجسد بالمأكولات والمشروبات، لا يوجد شيء مثير للاهتمام مثل التخلص من سموم الجسم بمساعدة وسائل بسيطة. على سبيل المثال؛ الفحم المسخّن أو المعالج لزيادة قدرته على جذب المواد السامة. كذلك العصائر -المشروبات- الخضراء (هي أي نوع من العصير المصنوع من الخضراوات ذات اللون الأخضر)، والشاي العشبي (أي المصنوع من الأعشاب والتوابل أو النباتات الأخرى وليس من نبتة الشاي المعروفة)، أو خل التفاح. بحسب الكثير من مواقع الإنترنت؛ فإن كل ما تحتاجه هو اتّباع طرق سريعة لإزالة السموم.
الصناعات المتعلّقة بطرق التخلص من سموم الجسم أصبحت شائعة، وأرباحها غزيرة، لكن تطهير الأجسام من السموم ليست فكرةً جديدةً على الإطلاق. استُخدم ضمن الطب الأيروفيدي (وهو أحد أقدم أشكال الطب التقليدي، والمصطلح مشتق من كلمة الأيورفيدا؛ وتعني «علم الحياة» في اللغة الهندية) نهجاً خماسي الخطوات لإزالة السموم منذ القرن الثاني قبل الميلاد. يتضمّن هذا النهج الحقن الشرجية الموصوفة طبياً، التقيؤ المحفّز عن طريق الأدوية. لكن اليوم في عام 2021؛ بتنا نمتلك فهماً أفضل بكثير لطرق التخلص من سموم الجسم.
إزالة السموم
عبارة «إزالة السموم» واضحة؛ وهي تعني وجود سموم في الجسم يجب التخلّص منها. لكن ليس من الواضح ما هي طبيعة هذه المواد السامة. وليس خاطئاً القول أن جسم الإنسان يحتوي بالفعل على جزيئات ضارّة يمكن أن تتسبب بالسرطان وتلف الأعضاء، ومشاكل في القدرة على الإنجاب، وحتّى الموت. الحقيقة هي أن جسم الإنسان يتخلّص بكفاءة من هذه المواد الكيميائيّة، لأنّه جهاز إزالة سموم متخصص بحد ذاته.
تقول «كاثرن زيراتسكي»؛ أخصائية تغذية مرخّصة تعمل في عيادات «مايو كلينك»: «إذا كانت أعضاءك الداخلية (الكبد، الكلى، الرئة) سليمةً وبصحة جيدة، فسيتمتّع جسدك بالتوازن الذي يحتاجه». في هذه الحالة؛ سيكون استخدام آليات التخلّص من السموم لا حاجة لها. إضافةً إلى ذلك؛ لا توجد أية أدلّة تبيّن أن المواد المزيلة للسموم تزيل السموم بالفعل من الجسم.
أساليب إزالة السموم
على الرغم من أن أساليب إزالة السموم ليست فعّالةً على الأرجح، إلّا أن معظمها ليس مضرّاً بشكلٍ مباشر. مع ذلك، لهذه الطرق بعض المخاطر. وفقاً لزيراتسكي؛ فإن تناول العصائر الخضراء وحدها لبضعة أيام لا يمثّل حميةً متوازنة، لكنه على الأرجح لن يؤذي جسمك. مع ذلك، كل حالة تختلف عن الأخرى. في عام 2019 أصيبت امرأة بحالة كلويّة مرضيّة شديدة بعد اتّباع حمية تعتمد على العصائر الخضراء؛ بسبب خضوعها لعملية تعديل مسار المعدة، واستخدامها للمضادات الحيوية سابقاً. لذلك، إذا قررت أن تطبّق طرق إزالة السموم من جسدك بالفعل؛ فاستشر طبيبك أولاً، ولا تتوقّع أية نتائج سريعة. بعد مرور أيام من الصيام والتبوّل كثيراً، ستشعر على الأرجح بالإعياء والانزعاج.
هناك أيضاً أدلّة تشير إلى أن الطرق التقليديّة في إزالة السموم تضر بالصحة العقليّة. في دراسة أُنجزت في دولة المجر؛ أجرى الباحثون مقابلات مع الأشخاص المقيمين في معسكرات تعتمد على العصائر المطهرة؛ التي تُستخدم لإزالة السموم من الجسم (وهي إحدى أنواع المنتجعات الصحية). وجد الباحثون أن إزالة السموم هي السبب الأوّل لتناول «العصائر المطهرة»؛ والتي ترافقت عادةً مع تعاطي الأدوية المليّنة.
تداخلت الأسباب التي دفعت المشاركين لإزالة السموم عادةً مع وجود مؤشّرات للإصابة بـ «اضطراب عملية التطهير» أو «اضطراب هوس الغذاء الصحّي». هذا الاضطراب يتّسم بالهوس بتناول الأطعمة الصحيّة. إذاً، فالمخاطر التي تتعلّق بالصحة العقلية طويلة الأمد يمكن أن تكون أكبر من أي مخاطر نفسية مباشرة.
تقول زيراتسكي: «في أغلب الحالات، عندما يقول الأشخاص أنّهم يسعون لإزالة السموم من أجسامهم، فما أسمعه في الحقيقة هو أنّهم يريدون استعادة صحتهم». تضيف أيضاً: «يمكنك تحقيق ذلك من خلال التغذية السليمة»، جلسات التطهير وغيرها من أساليب إزالة السموم ليست خياراً يستحق الاستثمار.
لذا، إذا أردت أن تجدد شبابك وتتخلّص من الشعور بالنّعاس، فلن تضطر لشراء أنواع الشاي أو الصبغات الطبيّة (وهي مستخلصات نباتيّة أو حيوانيّة تُحلّ في الكحول الإيثيلي، وتُستخدم لعلاج مختلف الحالات). جرّب النصائح التالية بدلاً من ذلك لتحافظ على صحة أعضائك التي تزيل السموم الموجودة في جسمك:
احصل على قدرٍ كافٍ من النوم
أولاً: لا تنم أقل من 7 ساعات يومياً خلال الليل. بيّنت الأبحاث أن الدماغ يخضع لعمليّة إزالة سمومٍ طبيعيّة خلال ساعات النّوم ليلاً؛ مما يزيل النواتج الضّارة للتفاعلات. على سبيل المثال؛ «لويحات الأميلويد» المسببة لألزهايمر التي تُنتَج خلال النهار بسبب عمليات النقل العصبي، لكن هذه العملية لا تتم إلا إذا نمت 7 ساعات كاملة.
دون الحصول على مقدارٍ كافٍ من النوم، سيصبح دماغك أبطأ في معالجة المعلومات. كما أن تقليل عدد ساعات النوم ساعةً واحدةً فقط يمكن أن يتسبّب باضطراب الأيض، وزيادة خطر الإصابة بمقدّمات السكري. قلّة الراحة بشكلٍ عام ترتبط بأمراض مثل السمنة وفرط التوتّر، ويبدو أنّها تضر بالجهاز المناعي، وتخفض متوسّط العمر المتوقّع.
اشرب الكثير من الماء
شرب الماء حاسم في الشعور بالارتواء، والحفاظ على تدفّق السوائل في الجسم. يضمن الماء كفاءة عمل الرئتين والكلى والكبد. تُنتج كل العمليات الجسمية نوعاً من الفضلات. لذا فإن وجود كميّات كافية من الماء هو أمر حاسم للحفاظ على تفتّح الأوعية الدموية، وإيصال هذه الفضلات إلى الكبد للتخلّص منها. في الكلى، يجب وجود كمية كافية من الماء حتى تُزال الشوارد الزائدة والسكريات والفضلات من الدم إلى الكلى؛ لتخرج من الجسم في النهاية مع البول.
إذا كنت لا تتناول كمية كافية من الماء في اليوم، ستحاول الكلى توفير الماء عن طريق زيادة تركيز البول. وعلى المدى القريب، فإن زيادة تراكيز الفضلات في البول يعني أن الجسم سيفقد كميةً أقلّ من الماء. لكن على المدى البعيد؛ فهذا يزيد من خطر تشكّل الحصى الكلوية، والإصابة بالعدوات في المسالك البوليّة.
ما يثير السخرية هو أن بعض أساليب إزالة السموم؛ مثل تطهير القولون -التي يمكن أن تتسبّب بالتشنجات والتقيّؤ والإسهال-، يمكن أن يكون لها مفعول عكسي لترطيب الجسم. التخلّص من السوائل عن طريق التبوّل أو التغوّط المفرطَين يجعل عمل الكلى والكبد أصعب. لذا تأكّد من أنك تحصل على قدرٍ كاف من النوم والارتواء، وأنفق مالك على أمور أنفع من الطرق التقليدية لإزالة السموم.
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً