أصبح موسم غبار الطلع يبدأ مبكراً ويستمر لفترة أطول بسبب تغير المناخ، ويقول الخبراء إن ذلك قد يكون مشكلةً للأشخاص الذين يعانون من الحساسية. إذ وجدت الأبحاث التي أُجريت في ألمانيا ونُشرت هذا الأسبوع في دورية «فرونتيرز إن أليرجي» أن بعض أنواع حبوب اللقاح تبدأ مواسمها قبل يومين في كل عام على مدى 30 عاماً.
انزياح في جدول المواعيد الموسمية
تعد هذه الورقة البحثية الأحدث في سلسلة طويلة من الأبحاث التي تشير إلى أن موسم حبوب اللقاح يطول، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن موسم حبوب اللقاح في الولايات المتحدة وكندا قد تم تمديده لمدة تصل إلى 20 يوماً في الثلاثين عاماً الماضية.
كان يبدأ موسم حبوب اللقاح الربيعي في مارس/آذار، والآن نكتشف أنه يبدأ في منتصف فبراير/شباط، ويمكن أن يستمر حتى مايو/أيار. فغالباً ما أصبح يستمر موسم الربيع، الذي تغلب عليه حبوب لقاح الأشجار لفترةٍ أطول. وقال الباحثون أنه من الممكن أن يستمر حتى أوائل يونيو/حزيران.
وفقاً للباحثين، كان موسم العشب أو موسم الصيف يبدأ في مايو/أيار، والآن نراه يبدأ في أبريل/نيسان، وكان ينتهي في وقت ما في أغسطس/آب، وأصبحنا نرى أنه ينتهي في أوائل سبتمبر/أيلول. أما موسم الخريف، الذي تطغى عليه في الغالب الحشائش والعفن في الهواء الطلق، كان يبدأ في الغالب في أغسطس/آب، ويستمر حتى أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، والآن نرى أنه أصبح يبدأ في أغسطس/آب ولكنه يتجه نحو منتصف ديسمبر/كانون الثاني.
تنتشر حبوب اللقاح من النباتات المزهرة والأعشاب والأشجار. ثم تنتشر المواد المسببة للحساسية عبر الهواء مسببةً مشاكل لمن يعانون من الحساسية. ووفقاً للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، فإن ما يصل إلى 60 مليون شخص في الولايات المتحدة يعانون من التهاب الأنف التحسسي، والذي يشار إليه أيضاً باسم «حمى القش»، كل عام.
ومن المحتمل أن يؤدي تغير المناخ إلى تحولات في أنماط هطول الأمطار، والمزيد من الأيام الخالية من الصقيع، ودرجات حرارة هواء موسمية أكثر دفئاً، والمزيد من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
يمكن أن تؤثر هذه التغييرات في مواعيد بدء وانتهاء موسم حبوب اللقاح ومدة استمراره كل عام على صحتنا وحساسيتنا لحبوب اللقاح، وكم حبوب اللقاح التي نتعرض لها، وخطر تعرضنا لأعراض الحساسية.
تأثيرات حبوب اللقاح
يمكن أن يؤدي التعرض لحبوب اللقاح إلى مجموعة متنوعة من ردود الفعل التحسسية. فعندما نتنفس حبوب اللقاح، تتعرف عليها أجسامنا المضادة إذا كان الجسم يعاني من الحساسية، وستؤدي هذه الأجسام المضادة إلى تحفيز الخلايا في أجسامنا على إطلاق الوسطاء الكيميائية، مما يؤدي إلى الالتهاب. وأكثر هذه الوسطاء شيوعاً هو «الهيستامين»؛ والذي يؤدي إلى ظهور أعراض الحكة، والعيون الدامعة، وسيلان الأنف، والعُطاس، والسعال الذي يعاني منها الناس.
وأضاف الباحثون أنه يجب على الناس طلب المساعدة الطبية كلما شعروا أن أعراض حساسيتهم تؤثر بشدة على نوعية حياتهم أو إذا لم يستجيبوا للعلاج المعتاد؛ مثل مضادات الهيستامين التي لا تستلزم وصفة طبية، أو رذاذ الستيرويد الأنفي الذي لا يستلزم وصفة طبية كذلك.
لذا، فإنّ أي عرض من أعراض الحساسية يجب أن يؤخذ على محمل الجد. ويمكن أن يكون الأمر منهكاً للغاية بل وخطيراً، خاصة إذا كان الناس يعانون من نوبات الربو نتيجةً لذلك.
كيف يمكن التقليل من الحساسية؟
أولئك الذين يعانون من الحساسية لديهم بعض الخيارات لتجنب الأعراض أو مكافحتها؛ مثل التجنب، والأدوية، والعلاج المناعي. لكن معظم الباحثين يؤيدون التجنب بالمقام الأول؛ فإذا كان بإمكانك تجنب مسببات الحساسية، فأنت في الواقع تقلل من رد الفعل الالتهابي حتى من البداية.
إن معرفة مسببات الحساسية التي تسبب ظهور الأعراض لدى الشخص أمرٌ مفيد حتى يتمكن من محاولة تجنبها. كما أن مراقبة كمية التعرض اليومي لحبوب اللقاح مفيد أيضاً. عندما تكون أعداد حبوب اللقاح عالية، يمكنك تقليل التعرض لها عن طريق إغلاق النوافذ أو التقليل من وقتك في الخارج أو الاستحمام بعد التواجد في الهواء الطلق.
لكن هناك خيارات أخرى لمن يعانون من أعراض الحساسية؛ مثل بخاخات الأنف الستيرويدية، وبخاخات الأنف المضادة للهستامين، وغسول الأنف بمحلول ملحي، ومضادات الهيستامين الفموية، ومزيلات الاحتقان الفموية. هناك أيضاً أدوية توصف طبياً يمكن استخدامها. ومن المفيد بدء تناول هذه الأدوية قبل بدء الموسم.
كما يقول الباحثون إنه خلال فترة انتشار فيروس كورونا، كان استخدام القناع يعني أن بعض الأشخاص يعانون من أعراض حساسية حبوب اللقاح بشكلٍ أقل مما كانوا عليه من قبل. إذ أن الأقنعة التي تحتوي على مستويات ترشيح يمكنها التقاط الجزيئات الصغيرة مثل حبوب اللقاح يمكن أن تساعد في منع استنشاق حبوب اللقاح. فما عليك إلا التأكد من أن قناعك نظيف.
آثار امتداد موسم الحساسية لفترةٍ أطول
في كل عام، تتجاوز التكاليف الطبية المرتبطة بحساسية حبوب اللقاح 3 مليارات دولار أميركي، وقد تعني مواسم حبوب اللقاح الأطول حاجة المزيد من الأشخاص إلى طلب الرعاية الطبية بشأن الحساسية.
تركيزات حبوب اللقاح المرتفعة ومواسم حبوب اللقاح الأطول يمكن أن تجعلك أكثر حساسية لمسببات الحساسية. هذا يمكن أن يؤدي إلى حدوث نوبات الربو لدى الأفراد المصابين بالربو ويقلل من إنتاجية العمل والإنجاز الدراسي، ذلك وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض.
يقول الباحثون كذلك إن إطالة مواسم الحساسية قد لا تعني فقط أن تظهر أعراض الحساسة لفترات أطول لدى لأشخاص، بل قد تتطلب أيضاً تغييرات في جداول العلاج.
هناك علاجات متاحة يمكن أن تساعد في منع الأعراض. تعمل هذه العلاجات بشكلٍ أفضل إذا بدأت قبل أسابيع قليلة من ظهور أعراض حساسية حبوب اللقاح الموسمية.
إذا كانت هذه الدراسة صحيحة، ليس فقط في ألمانيا ولكن في مختلف المناطق حول العالم، فقد يحتاج الناس إلى بدء علاج الحساسية من حبوب لقاح الأشجار قبل بضعة أسابيع بمرور الوقت مقارنةً بالوقت الذي بدأوا فيه حالياً.