المكونات «غير النشطة» في أدويتك قد لا تكون آمنة تماماً

4 دقائق
ادوية, عقاقير

هناك العديد من المكونات غير الدوائية في الأدوية التي نتناولها عادة، وأغلبها لا يُذكر على لصاقة علبة الأدوية. تأتي هذه المكونات غير النشطة، والتي تُجمع مع المادة الدوائية الفعالة، من مختلف أنحاء العالم قبل أن تصل إلى أقراصك، وهي ليست آمنة وصحية دائماً.

في وقت سابق من هذا العام، أقر الكونجرس الأميركي قانون المساعدة والإغاثة والأمن الاقتصادي الخاص بظروف جائحة فيروس كورونا، والذي يلزم الشركات المصنعة إبلاغ إدارة الغذاء والدواء عن النقص الحقيقي أو المحتمل في الأدوية. في الوقت الحالي، يُطلب من الشركات المصنعة الإبلاغ عن التغييرات في نسبة المادة الدوائية الفعالة في منتجاتها أيضاً، أي المادة التي تنتج الفائدة العلاجية المرجوة.

لكن قانون الكونجرس لا يشمل المكونات «غير النشطة» التي تشكل الجزء الأكبر من الدواء النهائي (السواغات). كما أنه لا يشمل المواد اللازمة لتغليف وتوزيع المنتجات الطبية، مثل القوارير والحاويات الأخرى ومواد التعبئة والملصقات. في الواقع، يعمل القانون على تحسين تدفق المعلومات والتنبيه إلى احتمال حدوث نقصٍ في الأدوية، وبالتالي دعم المنظمين -مثل إدارة الغذاء والدواء- في تحمل مسؤولياتهم، لكنه لا يزيد من الشفافية لمستهلكي الأدوية.

يقول الكاتب: «بصفتي صيدلياً وباحثاً مهتماً بدراسات جودة الدواء، فإني أعتقد أن المرضى والأطباء سيستفيدون من الحصول على مزيد من المعلومات حول جميع المكونات الداخلة في تركيب الأدوية. ولكن كي نستطيع تحقيق ذلك، هناك حاجة إلى تدابير إضافية لزيادة الشفافية حول جميع مكونات الأدوية، بما في ذلك المكونات غير النشطة».

المكونات «غير النشطة»

قد نعتقد أن السواغات آمنة من أي ضرر لأننا نصفها بالمركبات «غير نشطة»، لكن الأدلة تشير إلى خلاف ذلك. بين عامي 2015 و 2019، أبلغت إدارة الغذاء والدواء من قبل أخصائيو الرعاية الصحية والمرضى والمصنعون عن حوالي 2500 حالة حدثت فيها آثارٍ سلبية للمكونات غير النشطة.

تُكتب بيانات السواغات (المكونات غير النشطة) المستخدمة على علبة الدواء، أو في النشرة الداخلية للأدوية سواء تلك التي تحتاج وصفة طبية لصرفها، أو غيرها. لكن قد يكون من الصعب أحياناً العثور على هذه المعلومات. علاوة على ذلك، يُضطر المرضى أحياناً لاستبدال الدواء الموصوف لهم بدواءٍ آخر يحمل اسماً تجارياً مغايراً، أو قد يقوم الصيدلي نفسه بإعطاء المريض نفس الدواء ولكن من شركة أخرى. وفي هذه الحالة، تبقى المادة الدوائية الفعالة هي نفسها، ولكن قد تختلف السواغات المستخدمة، إلا أن هذه الاختلافات ولو كانت طفيفة يمكن أن تؤثر على سلامة المريض. على سبيل المثال، قد يكون لدى المريض حساسية تجاه السواغ المستخدم في دواءٍ من مصنّع مختلف.

السواغات هي مواد مهمة وتخدم مجموعة متنوعة من الوظائف. فهي تعمل بمثابة مواد مالئة وتساعد الجسم على امتصاص الدواء، وإضافة نكهة أو لون إلى الأدوية. في الواقع، توجد بعض السواغات غالباً في المنتجات الغذائية، مثل اللاكتوز وزيت الفول السوداني والنشا. في الولايات المتحدة، توافق إدارة الغذاء والدواء على السواغ المستخدم كجزء من عملية مراجعة الدواء النهائية؛ حيث تصنفها الإدارة بأنها آمنة. ومع ذلك، لا تزال الصورة الكاملة لتأثيرها السريري غير واضحة.

فقد وجدت الأبحاث من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومستشفى بريجهام؛ أن 92.8% من الأدوية التي يتم تناولها عن طريق الفم تحتوي على مادة واحدة على الأقل من مسببات الحساسية المحتملة. يعد هذا مصدر قلقٍ بالنسبة للأفراد المعروفين بحساسيتهم وعدم تحملهم لهذه المواد. في بحثي الحديث الذي تناولت فيه سلامة السواغات المستخدمة في المستحضرات الدوائية الحيوية، والتي تتكون من جزيئات معقدة كبيرة تُعطى للمريض عن طريق الحقن غالباً، اكتشفت وجود ارتباطٍ بين هذه السواغات وعدة حالاتٍ من ردّ الفعل السلبي في موقع الحقن، وردود فعلٍ تحسسية شديدة، وارتفاع سكر الدم، وأحياناً حدوث فشلٍ كلوي حاد.

بالرغم من وجود بعض الأدلة تشير إلى مسؤولية السواغات عن هذه التفاعلات الدوائية، لم تذكر الملصقات أو النشرات الدوائية المرفقة بهذه الأدوية عن جميع السواغات المضافة إلى تلك الأدوية الحيوية في حوالي نصف العينة الأدوية المدروسة. في الواقع، وجدت دراستنا أن 44.4% من ملصقات المستحضرات الدوائية الحيوية لا تسرد تركيز السواغات الأعلى نسبة فيها، وينطبق ذلك على جميع أنواع الأدوية الموصوفة الأخرى أيضاً.

للأسف، يؤثر هذا النقص في المعلومات على المرضى كثيراً، خصوصاً من يعانون من أمراضٍ تفرض عليهم تجنّب تناول أغذية محددة، مثل الغلوتين أو اللاكتوز، أو من يعانون من السكري، نظراً لأن كمية النشاء أو اللاكتوز أو الجلوكوز وغيرها من السواغات يمكن أن تكون ضارةً بالنسبة لهم.

توسيع الشفافية إلى مصادر الأدوية ومكوناتها

يُطلب من مصنعي المواد الغذائية أن تحتوي ملصقات عبوات الطعام على اسم الشركة المصنعة وعنوانها ورقم هاتفها، وقائمة مفصلة عن المكونات الداخلة في صنعها. هذه المعلومات تتيح للمستهلكين الاتصال بالمصنعين مباشرة للاستعلام عن مصدر مكونات المنتج، وإخطار الشركة بأي تفاعلات سلبية محتملة للمكونات. كما توفر هذه البيانات المتعلقة بمصدر الأطعمة معلومات مهمة لمسؤولي الصحة العامة لتنبيه الناس في حال تبين وجود احتمالٍ لتلوث أحد مكوناتها.

لكن هذه الحال لا تنطبق على الأدوية بالرغم من أن بيانات مصدر مكونات الدواء لا تقلّ أهمية عن بيانات الأغذية، وربما تكون أكثر أهمية أيضاً.

فرض قانون السلامة والابتكار الذي أصدرته إدارة الغذاء والدواء لعام 2012 على مصنعي الأدوية تقديم معلوماتٍ حول موردي السواغات، بما في ذلك الأسماء والعناوين ومعلومات الاتصال. ومع ذلك، ونظراً لأن هذه المعلومات تعتبر «ملكية» للشركة المصنعة، فلا يُكشف عنها للعامة. بالرغم من أن هذا القانون كان خطوة إيجابية نحو المزيد من الشفافية حول سلسلة التوريد، لكنه أخفق في إيصال بياناتٍ قد تكون على درجةٍ كبيرة من الأهمية المرضى ومتخصصي الرعاية الصحية.

سياسات الشفافية المقترحة لتحسين سلامة المرضى

في ورقة بحثية تدرس المخاطر المرتبطة بالسواغات، قدمت أنا والمؤلف المشارك 3 توصيات رئيسية لتحسين سلامة المرضى:

أولاً: يجب أن يشمل فرض الإبلاغ عن مكونات الأدوية ليشمل السواغات.

ثانياً: يجب أن يتمتع الأطباء والمرضى بسهولة الوصول إلى تلك المعلومات، بما في ذلك الكميات والآثار الجانبية السلبية المحتملة، ويجب أيضاً تزويد المرضى بمعلومات حول كيفية الإبلاغ بشكلٍ تفصيلي ودقيق عن الأحداث الضائرة المتعلقة بالسواغات.

ثالثاً: يجب على الهيئات التنظيمية تقديم إرشادات للإبلاغ عن السواغات، مما يتيح المزيد من الشفافية حول استخدام السواغات ومصدر التوريد.

المحتوى محمي