هل التفاوت في معدل ضربات قلبك حالة طبيعية؟

4 دقيقة
كل ما يجب عليك معرفته حول تغاير معدل ضربات القلب
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Microgen
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يبلغ معدّل ضربات القلب اليومي 100 ألف نبضة تقريباً، ويُعتبر هذا المعدّل مؤشراً حيوياً أساسياً إلى النشاط القلبي الوعائي. ومع ذلك، فإن نبض القلب ليس مضبوطاً بدقة كالساعات، وليس من الضروري أن يكون كذلك.

كعالم في الفيزيولوجيا القلبية الوعائية؛ أقوم بقياس معدّل ضربات القلب في كل تجربة أجريها إلى جانب طلابي تقريباً. أحياناً، نستخدم في هذه التجارب جهازاً يحمل اسم جهاز تخطيط كهربائية القلب كالذي تراه عادة في عيادة طبية؛ والذي يحتوي على أقطاب كهربائية تُستخدم لقياس الإشارات الكهربائية بين نقطتين من الجسم. وفي بعض الأحيان، نستخدم جهازاً يحمل اسم حزام الصدر المراقب كالذي يُستخدم في الصالات الرياضية؛ والذي يتحسس ضربات القلب بناءً على النشاط الكهربائي أيضاً.

اقرأ أيضاً: كيف تستدل على وجود أمراض القلب الوراثية في عائلتك؟ وما دور الاستشارة الوراثية في التشخيص؟

مع ازدياد رواج الأجهزة القابلة للارتداء، لم يعد قياس ضربات القلب حكراً على الباحثين وأطباء القلب. من المحتمل أنك تراقب معدّل ضربات قلبك بنفسك طيلة النهار باستخدام جهاز تعقّب اللياقة البدنية الذي ترتديه على معصمك. يستخدم هذا الجهاز القابل للارتداء ضوءاً أخضر اللون لتحسس تدفق الدم تحت الجلد وقياس معدّل ضربات القلب.

سنستعرض في هذا المقال المعلومات المتعلقة بالصحة والتي يمكنك استنتاجها من معدل ضربات القلب والقياسات الحيوية الأخرى.

ضخ الدم إلى المناطق الضرورية

تتمثّل وظيفة القلب الرئيسية في الانقباض وتوليد الضغط الذي يساعد على ضخ الدم إلى الرئتين لتتم أكسجته، ثم إلى باقي أنحاء الجسم لإيصال الأكسجين والمغذّيات الأخرى. يعبر معدّل ضربات القلب عن سرعة نبض القلب ببساطة، وأحياناً يُطلق على هذا المعدل اسم معدّل النبض، ويُعبّر عنه عادة بعدد النبضات في الدقيقة. يمكنك قياس معدّل ضربات القلب بنفسك من خلال تحسس نبضك بإصبعك في الجزء الداخلي من المعصم أو خلف الفك السفلي.

عندما يطلب جسمك المزيد من الأكسجين، كما يحدث خلال ممارسة التمارين الرياضية، يزداد معدّل ضربات القلب مع ازدياد الحِمل المطبق على جسمك.

على الرغم من أن الكثير من الأشخاص يراقبون معدل ضربات القلب في أثناء الإجهاد، فإن معدّل ضربات القلب في أثناء الراحة يمكن أن يوفّر معلومات قيّمة أيضاً. يؤثر جزآ الجهاز العصبي اللاإرادي، وهما الجهاز الودي ونظير الودي، في معدل ضربات القلب عند الراحة. يساعد الجهاز العصبي الودي على تنظيم استجابة الجسم للإجهاد، فكلما ازداد النشاط الذي تقوم به، ازداد معدّل ضربات القلب ما يحضّر الجسم للدخول في استجابة الكر أو الفر (Fight or Flight).

اقرأ أيضاً: ما مدى خطورة التهاب عضلة القلب؟ وما حقيقة ارتباطه بلقاحات الرنا المرسال؟

ويُعتبر الجهاز العصبي نظير الودي مسؤولاً عن الحفاظ على سلاسة عمل العديد من الوظائف الجسدية في أثناء الراحة. يعمل الجهاز العصبي نظير الودي على إبطاء القلب ليصل معدّل ضرباته إلى قيم الراحة التي تتراوح بين 60 – 100 نبضة في الدقيقة بالنسبة للبالغين الأصحاء، وذلك باستخدام العصب المبهم الذي يمتد من الدماغ إلى البطن. إذا لم يعمل الجهاز العصبي نظير الودي على التخفيف من إشارات الجهاز العصبي الودي، سيصل معدّل ضربات القلب إلى 100 نبضة في الدقيقة تقريباً.

ويشير انخفاض معدل ضربات القلب عند الراحة إلى أن القلب يعمل بكفاءة وأن نشاط الجهاز العصبي نظير الودي مرتفع. عند الراحة، يثبّط الجهاز العصبي المركزي نشاط الجهاز العصبي الودي، ويؤدي ذلك إلى توفير الطاقة وتجنّب الإجهاد غير الضروري للجسم.

What you should know about heart rate variability–a biometric most fitness trackers measure
يبيّن هذا الرسم البياني لمعدل ضربات القلب الاختلافات الطفيفة في التباعد بين القمم التي تمثل دقّات القلب. يتزاك نات (YitzhakNat) عن طريق ويكيميديا كومنز (Wikimedia Commons) سي سي بي واي – إس أيه (CC BY-SA)

الزمن بين النبضات

تتمثّل إحدى الطرائق المحددة لفهم توازن أثر الجهاز العصبي في معدل ضربات القلب في الاطلاع على ظاهرة تحمل اسم تغاير معدّل ضربات القلب، وهو التفاوت الطفيف بين توقيت نبضات القلب. حتى لو بلغ معدّل ضربات قلبك 60 نبضة في الدقيقة، فلا يعني ذلك أن قلبك ينبض مرة واحدة بالضبط كل ثانية.

يُعتبر انخفاض تغاير معدل نبضات القلب مؤشراً على أن جسمك يتعرّض لدرجة أعلى من الإجهاد، وأن توازن الجهاز العصبي اللاإرادي ينزاح تجاه ازدياد نشاط الجهاز العصبي الودي. أما ازدياد التغاير، فهو يشير إلى أن جسمك في حالة استرخاء أكبر، وأن الجهاز العصبي نظير الودي يتمتّع بنشاط أكبر.

اهتم العلماء لفترة تقرب من 30 عاماً بطرائق قياس تغاير معدل ضربات القلب وتفسيره، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بتوازن الجهاز العصبي اللاإرادي.

استفاد الأطباء سريرياً من ظاهرة تغاير معدّل ضربات القلب لأول مرة عند علاج المرضى بعد إصابتهم بالأحداث القلبية؛ لكن الباحثين الآن يأخذون بعين الاعتبار الطريقة التي يمكن استخدام هذا المؤشر فيها لتفسير بعض النتائج الصحية لدى المصابين بالاضطرابات القلبية واضطرابات الغدد الصماء والاضطرابات النفسية.

اقرأ أيضاً: ما الذي يجب تجنبه قبل إجراء التحاليل الطبية؟

ومؤخراً، درس الباحثون طريقة استخدام تغاير معدل ضربات القلب في التدريبات الرياضية والتنبؤ بالحالات الطبية.

يقيس العديد من أجهزة اللياقة القابلة للارتداء تغاير معدل ضربات القلب، إما كمقياس مستقل أو من خلال استخدامه في حساب درجات جاهزية الجسم أو تعافيه. يتتبع رياضيو التحمّل الآن تغاير معدل ضربات القلب كطريقة لمراقبة حالتهم الفيزيولوجية العامة.

وقد بدأ الباحثون أيضاً في مقارنة موثوقية الأجهزة التجارية القابلة للارتداء ودقّتها في قياس تغاير معدل ضربات القلب والذي يختلف من جهاز لآخر. يستخدم العديد من هذه الأجهزة الأضواء الملونة أو الحساسات البصرية، لقياس معدل النبض والمتغيرات الأخرى من خلال تثبيتها على المعصم أو أحد الأصابع. ولسوء الحظ، تعتمد دقة هذه الأجهزة على طبيعة الجلد ولون البشرة. من الضروري أن تأخذ الشركات المصنعة لهذه الأجهزة تنوّع الجماعات البشرية بعين الاعتبار عند تصميم منتجاتها واختبارها والتحقق من كفاءتها لمعالجة التباينات الصحية العرقية المحتملة.

تغيير تغاير معدّل ضربات القلب بالشكل السليم

يُعتبر الإجهاد أحد أكبر العوامل تأثيراً في تغاير معدل ضربات القلب؛ إذ إنه يرتبط بانخفاض هذا التغاير إلى جانب زيادة نشاط الجهاز العصبي الودي. يمكن أن يؤدي كل من التدخلات التي تهدف إلى التقليل من الإجهاد والارتجاع الحيوي وزيادة اللياقة البدنية إلى زيادة تغاير معدل ضربات القلب. تذكّر أن ازدياد هذا المؤشر هو أمر إيجابي. وبشكل عام، يعتمد تغاير معدل ضربات القلب على مجموعة من العوامل الفيزيولوجية والنفسية والبيئية وعوامل تتعلق بنمط الحياة، بالإضافة إلى العوامل الوراثية غير القابلة للتعديل.

تُعتبر أهم طريقة لأخذ تغاير معدل ضربات القلب بعين الاعتبار كمقياس هي دراسة أنماط البيانات. هل هناك تغيرات في تغاير معدل ضربات القلب بأي تجاه؟ قم بتتبّع هذه التغيرات بالإضافة إلى العوامل الصحية الأخرى مثل اللياقة البدنية والمزاج والإصابة بالأمراض والنوم ومدخول الطعام من النظام الغذائي لمعرفة ما إذا كان يمكنك استخلاص أي استنتاجات تتعلق بتعديل نمط حياتك.

اقرأ أيضاً: كيف يعزز النوم الجيد صحة القلب؟

بشكل عام، يمكن أن تفيدك الإجراءات التي قد تتخذها لتخفيض معدل ضربات القلب عند الراحة في تحسين تغاير معدل ضربات القلب، وتشمل هذه تحسين اللياقة القلبية الوعائية والحفاظ على وزن جسم صحي وتقليل الإجهاد والحصول على قدر كافٍ من النوم.

من المهم أن تتذكر أن تغاير معدل ضربات القلب هو تفاوت طبيعي وصحي طفيف جداً في توقيت ضربات القلب، وهو يساوي بضع ميلي ثوانٍ بين النبضة والأخرى. قد تشير التغيّرات الأكبر في نَظم القلب أو الطريقة التي ينقبض بها، والمعروفة باسم عدم انتظام ضربات القلب، إلى حالات أكثر خطورة تتطلب الحصول على الرعاية الطبية.