تحمل جراحات الثدي الترميمية في طياتها أكثر من مجرد أنها جراحات تجميلية، فهذه الجراحات تعزز ثقة المريضات بأنفسهن وتجعلهن يقبلن على النشاطات المتعددة، كما أنها جراحات لا تنطوي على مخاطر إذا تمت على أيدي جراح ماهر.
ما هي جراحات SEIA وDIEP وكيف تختلف عن بعضها بعضاً؟
تعنى كل من هذه الجراحات الجلدية المتطورة والخاصة بترميم وإعادة بناء الثدي، والتي يطلق عليها مصطلحات "الشريان الشرسوفي السفلي السطحي" (SEIA) و"الوعاء الشرسوفي السفلي العميق" (DIEP) ، باستخدام أنسجة المرأة الطبيعية لإنشاء ثدي جديد بعد عملية استئصال الثدي بسبب مرض السرطان.
وتشمل هذه الجراحات حصد شريحة نسيجية حيوية من موقع مختلف من الجسد (البطن أو الظهر) مع الأوعية الدموية والدهون والجلد، وزرعها في الثدي لإعادة بنائه. بينما تتطلب الجراحة الثانية (DIEP) شقاً صغيراً في اللفافة البطنية أو غلاف الأعضاء وبالتالي تعتبر جراحة تدخلية إلى حد ما. تعد العملية الأولى (SEIA) أقل تدخلاً إذ لا تتطلب شقاً جراحياً.
اقرأ أيضاً: إنجاز نوعي قد يلغي استخدام الأدوية المثبطة للمناعة بعد زرع الأعضاء
يمكن تشبيه جراحة DIEP بعملية زرع الأعضاء. مع ذلك، تتميز هذه الجراحة بطبيعتها الذاتية، ما يعني أن الأنسجة المتبرع بها يتم حصدها من جزء مختلف من الجسد التابع لنفس المريض، ليتم بعدها تفصيل هذه الشريحة الجسدية بحسب احتياجات الجرّاح لتناسب مظهر الثدي الذي تتم إعادة بنائه. على سبيل المثال، يمكن تفصيل الأنسجة المأخوذة من بطن المريض على شكل ثدي جديد أو استخدامها لتغطية أي عيب رضحي كبير.
لإجراء الجراحة وإعادة بناء الثدي، يستخدم الجراحون شريحة من الأنسجة الكاملة والمكونة من الجلد والدهون والأوعية الدموية من أسفل البطن أو الظهر، ما يترك العضلات سليمة.
تعد جراحةDIEP العملية الأكثر تقدماً لإعادة بناء الثدي، حيث توفر للمرضى مظهراً وشعوراً طبيعياً. وتُصنّف هذه العملية كجراحة عامة، إذ تتطلب تخديراً شاملاً لجسم المريض.
اقرأ أيضاً: لا تقع ضحية للجراحات التجميلية الفاشلة
بماذا تختلف هذه العملية عن الجراحة التجميلية والسيليكون؟ ما هي فوائد هذه الجراحة والتي لا توفرها الجراحة التجميلية النموذجية؟
تتضمن الجراحة التجميلية في حد ذاتها حقن مواد غريبة في الجسم، مثل السيليكون أو مواد وأجسام أخرى تفضل العديد من النساء عدم التعايش معها. ويعد وقت التعافي من جراحة DIEP أقصر مقارنةً بالجراحات التجميلية الأخرى، إذ لا يحتاج المريض إلى ارتداء موسع الأنسجة لعدة أشهر كما تتطلب جراحة السيليكون.
تجمع جراحة DIEP بين الجراحة التجميلية والترميمية. من الخطأ القول إن جرّاحي التجميل هم مجرد خبراء تجميل. إن جميع عمليات زراعة الوجه في العالم يتم إجراؤها من قبل جراحي التجميل.
عندما يتعلق الأمر بإعادة بناء الثدي، فإن الأنسجة الذاتية هي امتداد طبيعي للجسم، وبمجرد حصدها وزرعها بحيويتها، فإنها ستبقى مدى الحياة. خطر الفشل أو التعقيدات يكاد يكون معدوماً. لا تتطلب جراحة DIEP صيانة أو استبدال مثل غرسات السيليكون. إنها سلسة وطبيعية، والأهم من ذلك أنها حيّة. في بعض الحالات، يقوم مرضى السيليكون بالإبلاغ عن مضاعفات بما في ذلك انكماش الزرع أو التمزق أو البثق أو التورم المصلي بسبب الالتئام غير السليم للجرح عقب العملية الجراحية.
اقرأ أيضاً: بدون آثار جانبية: علاج جديد لسرطان الثدي بالهرمونات الذكورية
ما هي المزايا الرئيسية لهذه الجراحة بالنسبة للنساء؟
من المعروف أن نتائج جراحة DIEP تمنح مريضات السرطان دفعة معنوية كبيرة، علماً بأنهن ينظرن إلى أثدائهن كجانب أساسي من أنوثتهن. تعيد هذه الجراحة للمرأة ما سلبه منها السرطان.
غالباً ما يكون لدى مرضى سرطان الثدي ما يكفي من الجلد والدهون في أسفل البطن والتي يمكن استخدامها لإعادة بناء ثدي واحد أو ثديين. يمكن أيضاً للنساء المصابات بحالات طبية سابقة واللواتي خضعن لجراحة البطن أن يخضعن لجراحة DIEP، ما يجعل جميع النساء تقريباً مرشحات لهذه العملية.
اقرأ أيضاً: ما هي آفاق أول عملية زرع لأذن صُممت باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد؟
كيف كانت ردود فعل المرضى في العمليات الجراحية السابقة؟
أفصحت بعض المريضات عن مستويات أعلى من الثقة والراحة بأجسادهن بعد جراحة DIEP مقارنةً بحالتهن النفسية حتى قبل تشخيصهن بسرطان الثدي.
قبل ست سنوات، قمت بإجراء جراحة DIEP للمريضة أولغا أوشاكوفا. بفضل عدم وجود صدمة عضلية جراء الجراحة، تمكنت أولغا من المضي بمسيرتها المهنية في مجال الرياضة وهي حالياً بطلة في مسابقة رفع الأثقال الأوروبية.
ترى إيلينا مالتسيفا، وهي مريضة أخرى خضعت لعملية جراحية ترميمية لثديها باستخدام غرسة من الظهر، اليوم صورتها الشخصية بشكل أكثر إيجابية مقارنةً بوقت تشخيص إصابتها بالسرطان.
اقرأ أيضاً: شفط الدهون كاد أن يقتل هذه المرأة، فما دخل الجراحة التجميلية في ذلك؟
ما هو دور الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في هذه العمليات الجراحية؟
يعمل الذكاء الاصطناعي كعامل تمكين كبير لهذا النوع من الجراحات الحديثة. تساعد التكنولوجيا في الغالب ضمن مرحلة التخطيط والتحضير للجراحة.
على الرغم من عدم استخدام أي شخص لتقنية التصوير بالرنين المغناطيسي لتخطيط جراحة DIEP من قبل، إلا أنني أستخدم بروتوكولاً مخصصاً ثلاثي الأبعاد لنمذجة جدار البطن قبل الجراحة، ما يمكنني من تصوّر وتحديد مكان الوعاء المثقب المناسب الذي سيتم استخدامه عند حصد الأنسجة. تسمح لي التكنولوجيا بتحليل تركيبة جسد المريض، وتزودني بنموذج ثلاثي الأبعاد مفصل لأوعية المريض. كل هذا يساهم في سرعة الجراحة وجودتها، ما يساعدني على تحديد المناطق الجسدية المقصودة بسهولة، وإجراء الجراحة بدقة عالية بواسطة شق بسيط، وبالكاد لمس العضلات.
كما أنني أستخدم البيانات الضخمة من التصوير المقطعي الحاسوبي لدراسة تركيبة جسد المريض قبل الجراحة.