إن كنت طبيباً أنهيت دراستك للطب، أو من محبي قراءة الكتب الطبية، فلا بد أن تستوقفك الجملة التالية "يشيع التهاب المرارة عند الإناث البيض الشقراوات أكثر من غيرهن" لغرابتها، وقد يبدو للحظة أن التهاب أحد الأعضاء انتقائي، إلا أن هذا بالطبع ليس السبب، فكيف تفسره الدراسات؟
ما أمراض المرارة وما عوامل الخطر المُرتبطة بها؟
المرارة هي أحد أعضاء السبيل الهضمي، وهي جارة الكبد تُشاركه في تشكيل الصفراء التي تهضم المواد الدسمة وطرحها. وعموماً، تشيع أمراض المرارة بدرجة كبيرة، ويشكل التهاب المرارة الناجم عن الحصيات والأورام الحميدة معظمها، ويُسبب تشكل الحصيات ضمن الجوف المراري أعراضاً مزعجة تتراوح بين الغثيان والقيء التالي لتناول الأطعمة الدسمة والألم البطني، وتسبب تراجع الشهية. وقد يسيطر الألم ويكون مبرحاً في حال انزلقت إحدى الحصيات وأغلقت قناة المرارة، عندئذ يتظاهر المريض بأعراض القولنج المراري.
اقرأ أيضاً: حمى وعسر الهضم: دليلك إلى أعراض وعلاج التهاب البنكرياس
أما بالنسبة لعوامل الخطر التي تزيد خطر الإصابة بأمراض المرارة، فتشمل زيادة الوزن والبدانة الحشوية ونمط الغذاء الفقير بالألياف والغني بالدسم والكوليسترول والبروتين الحيواني واستهلاك الكحول المفرط والتدخين، ولكن لا يُعرف الكثير عن الدور المحتمل لاختلافات الجنس والعرق.
لذلك كان الهدف من الدراسة التي نُشرت في المكتبة الوطنية للعلوم الطبية هو تقييم هذا الدور، وترأستها الطبيبة جين فيغيريدو، مديرة أبحاث صحة المجتمع والسكان وأستاذة مساعدة في الطب في معهد صموئيل أوشين للسرطان الشامل في مركز سيدارز سيناي الطبي في ولاية كاليفورنيا الأميركية.
دراسة تبحث عن سبب شيوع أمراض المرارة عند الإناث
قبل البدء بالدراسة المتعددة الأعراق هذه، طُرح استبيان شارك فيه أكثر من 215 ألفاً من الأميركيين ذوي الأصل الإفريقي والأوروبيين واليابانيين وسكان هاواي الأصليين ممن تتراوح سنهم بين 45-74 عاماً، وذلك لدراسة الارتباط بين العرق والإصابة بأمراض المرارة بعد تصنيف الأفراد ذوي العوامل المتعلقة بالنظام الغذائي ومؤشر كتلة الجسم المتطابقة كيلا تؤثر العوامل البيئية على صحة النتائج.
اقرأ أيضاً: متى ترتفع الإنزيمات الكبدية وهل يعتبر ارتفاعها خطيراً دائماً؟
وبعد متابعة المرضى مدة 10 سنوات، شُخّص ما يُقارب 13 ألفاً منهم بأمراض المرارة، وكانت معظم الحالات تنطوي على تشكل الحصيات المرارية. وعند فحص المرضى بعد 10 سنوات، كان متوسط سن تشخيص أمراض المرارة لديهم 73 عاماً، وكانت نسبة الإناث المُصابات 57.9% مقارنة بالذكور 42.1%.
أما بالنسبة للعرق، فكانت نسبة إصابة أصحاب البشرة البيضاء (81%) وسطياً مقارنة بالأميركيين الأفارقة (19%)، وكانت حصة الأوروبيين الإسبان الأعلى بين كل أعراق البشرة البيضاء.
كيف يفسر الجنس والعرق هذه النتائج؟
في هذه الدراسة سُلط الضوء على أن الفروق بين الجنسين كانت قد انخفضت مع التقدم بالسن، الأمر الذي يوجه بقوة إلى أن التفاوت بين الجنسين يُعزى إلى عوامل هرمونية كالهرمونات الجنسية، وتشير النتائج إلى أن هرمون الأستروجين هو العامل الأقوى الذي تتوجه إليه أصابع الاتهام، إذ كانت الإناث الشابات ذوات المستويات الطبيعية من هرمون الأستروجين في خطر أكبر للإصابة من الإناث الأكبر سناً.
ومع ذلك، لُوحظت زيادة طفيفة في خطر الإصابة بأمراض المرارة عند الإناث اللاتي دخلن في سن اليأس ممن يستخدمن موانع الحمل الفموية والأدوية الهرمونية، الأمر الذي يؤكد التوجه لأهمية الدور الذي يؤديه هرمون الأستروجين.
اقرأ أيضاً: لماذا يُصاب البعض بفقر الدم المنجلي وما أحدث العلاجات التي توصل إليها العلم؟
من جهة أخرى، لم تكن الأدلة التي تشير إلى شيوع أمراض المرارة عند الإناث الإسبانيات قوية كتلك التي تُفسر التباين بين الجنسين، إذ لم تحلل الدراسة العامل الجيني، ما يدفع لطرح مجموعة من النظريات أبرزها جين يحمي ذوي البشرة الداكنة من الإصابة، أو تأثر الحمض النووي لدى البيض بالعامل البيئي الناجم عن نمط الحياة الذي يتبعونه.